أحدث ثورة في الأغنية العراقية ومجدد الموسيقى العراقية، إنه الفنان العراقي إلهام المدفعي الذي أول من أدخل الآلات الغربية على الأغنيات التراثية، واشتهر بكونه من أدخل الفرح في الأغنية العراقية التي تطغى عليها غالبًا الحزن، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
حياة إلهام المدفعي ونشأته
هو مغني وعازف عراقي ولد عام 1942 في بغداد، ودرس ف يمدرسة نجيب باشا الابتدائية في مدينة الأعظمية في العاصمة العراقية بغداد، وسكنت عائلته في شارع طه في منطقة الأعظمية.
كان الفنان إلهام هاويًا للموسيقى منذ صغره، وقد تفوق على بقية الصبية في مدرسته في الموسيقى والغناء، وقد بدأ مسيرته الفنية في عام 1967، وحقق شهرته الكبيرة في السبعينات.
نشأ المدفعي في أسرة تعشق الموسيقى، وكل من فيها رجال ونساء وأطفال يغنون، وقد تعلم العزف على الجيتار وهو في سن الثاني عشرة، وقد تأثر في الستينات بفرقة "ذي تويسترز" التي كانت من أوائل مجموعات موسيقى الأغنيات الغربية في العراق.
سافر المدفعي إلى لندن لدراسة الهندسة المعمارية أسوة بأخوته، وهناك زاد حبه أكثر للموسيقى والأغنيات الغربية، وتأثر بشكل كبير بفرقة "بيتلز" البريطانية.
عاد المدفعي إلى العراق بعدما أنهى دراسته في بريطانيا عام 1967، وقرر تشكيل فرقة موسيقية أطلق عليها اسم "13 ونص" ليبدأ مسيرته الفنية الاحترافية واستخدم الجيتار والآلات الموسيقية الغربية مثل الباس، والبيانو والطبول، وعمل على إحياء الكثير من أغنيات التراث العراقي، ولكن بتوزيع غربي مفرح.
تزوج الفنان إلهام من السيدة هالة العمري، وأنجب منها ابن واحد اسمه محمد المدفعي، وهو إعلامي يقدم برنامج "أوف رود" على إذاعة الغد في الأردن.
انتقاله للعيش في الأردن
حصل إلهام المدفعي عام 1999 على الجنسية الأردنية من الملك عبد الله الثاني بن الحسين.
غادر المدفعي العراق مرتين، المرة الأولى عام 1979، والمرة الثانية عام 1994، واستقر في الأردن، وقال عن حياته في الأردن: "صحيح أنا أعيش بالأردن ولكنني بقيت ذلك العراقي الذي يحن لبلده وكل ذكرياته".
وقد تحدث الفنان إلهام أنه حورب في نظام صدام حسين، وهو ما اضطره للهجرة خارج العراق والانتقال إلى الأردن، وقال عن هجرته للأردن: "لقد حوربت من النظام العراقي في عهد صدام، ومُنع نشر أغانيّ بالفعل، على الرغم من أن الأغنية التراثية الفولكلورية التي أقدمها هي ملك لي كمواطن عراقي، كما هي ملك لأي فرد من أفراد الشعب العراقي".
مشواره الفني
نشأ الفنان إلهام المدفعي في أسرة فنية من الطراز الفريد، فقد كانت كل أفراد أسرته تغني سواء كانوا رجالًا أو نساءً، وقد تعلم العزف على الجيتار وهو في الثانية عشرة من عمره، وخلال هذه الفترة كوّن فرقة موسيقية اسمها "الأعاصير" وأدخل الآلات الموسيقية الغربية.
سافر المدفعي إلى لندن لدراسة الهندسة، وهناك تأثر بفرق موسيقية غربية وأشهرها فرقة "بيتلز" البريطانية، وعاد إلى العراق عام 1967 وكوّن فرقة موسيقية أخرى حملت اسم "13 ونص" واستخدم فيها الجيتار الكهربائي، والطبول والبيانو والباس.
عمل المدفعي على إحياء الأغنيات التراثية العراقية ولكن بأسلوب عصري ومزج بينها وبين الموسيقى الغربية، ووضع توزيعات جديدة لهذه الأغنية بطراز غربي مفرح، وهو ما سبب صدمة للمدافعين عن الموسيقى العربية الكلاسيكية، الذين حاربوه، وطالبوا بإيقافه عند حده.
أعد المدفعي توزيع العديد من الأغنيات التراثية، ومنها "جلجل على الرمان"، و"فوق النخل"، و"مالي شغل بالسوق"، و"خطار"، و"زارع البزرنكوش"، وحققت ألبومات مبيعات ضخمة في الشرق الأوسط لمدة 3 سنوات متتالية.
حصلت ألبوماته على لقب الألبوم البلاتيني من شركة إي أم آي البريطانية، وقد تميز بأنه اختصر الأغنيات الطويلة، واختار الآلات الموسيقية المناسبة لكل أغنية، واختار طريقة تساعد على أن تجعل الأغنية في أذن المستمع أغنية فيها فرح بعيدًا عن الأحزان التي طغت على الأغنيات العراقية.
ويقول المدفعي على هذا المزج: الناس كانوا معتادين على الآلات الموسيقية الشرقية والملابس الشرقية، أما أنا فغيرت كل هذا وابتكرت أسلوباً جديداً، كنت أدافع عن الأغنية الحديثة التي بإمكاننا عرضها في كل مكان بالعالم".
ألبوماته وأغانيه
أصدر إلهام المدفعي عدد من الألبومات ومنها ألبوم "خطار" الذي أصدره عام 1999، وألبوم حفل رويال بارك" عام 2001، وألبوم "بغداد" عام 2003، وألبوم "مختارات" عام 2005، وألبوم "دشداشه" عام 2009.
حصل ألبوم "خطار" على جائزة الألبوم البلاتيني كأكثر الألبومات مبيعًا من شركة أي أم أي العالمية، وقد أهدى المدفعي الألبوم للملك عبد الله الثاني بواسطة شخص مقرب من العاهل الأردني، ولكنه تفاجئ أن الألبوم لم يصل للملك.
وفي عام 2022 أصدر الفنان إلهام مشروع فني ضخم اسمه "إلهاميات" وهو مشروع تلفزيوني يوثق من خلال الأغنية العراقية والعربية، ويهدف المشروع إلى خلق جسر للتواصل بين الأجيال المختلفة، ونقل التراث الموسيقي الهائل الذي قدمه على مدار نصف قرن.
وبجانب الألبومات أصدر إلهام العديد من الأغنيات الفردية، ومناه "حلوة يا بغدادية" وهي أغنية للفنان العراقي الراحل صلاح عبد الغفور، وقدمها في شكل جديد، أصدر كذلك أغنيات "مالي شغل بالسوق"، و"أشقر بشامة"، و"خطار عدنه الفرح" وهي أغنيات تراثية جددها وأعاد توزيعها.
أصدر أيضًا أغنيات وطنية، ومنها "يا أردن يدوم عزك"، وقد غناها للأردن من قلبه، وقال عن هذه الأغنية: "غنيتها للأردن من قلبي لأنه وطني وبلدي الذي له الكثير من الفضل علي"، كما غنى أغنية "موطني".
حفلاته
أحيا الفنان إلهام المدفعي العديد من الحفلات حول العالم، وكان أهمها حفلة غنائية في الكويت وتحديدًا في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي ضمن سلسلة حفلات تقام في مسرح المركز، وقد التقى خلالها بالجمهور الكوتيي والخليجي.
وقدم المدفعي أغنيات إهداء لروح الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، واستذكر أيضًا زميله الراحل أبو بكر سالم عبر غنائه أغنية "اسكني يا جراح" وقدم عدة أغنيات منها "البنت الشلبية"، و"بين العصر والمغرب"، و"فوق النخل"، وغيرها.
أحيا المدفعي حفلات في دول مختلفة، وغنى في أشهر قاعات العالم، منها "رويال ألبرت هول"، و"كويت إليزابيث هول" في لندن، وغنى أيضا في مسرح تريانون في باريس وفي دار الأوبرا في العديد من دول العالم.
ورغم كل هذه القاعات إلا أنه يحلم بأن يغني في مقهى "الزهاوي" في بغداد الذي يعد من أقدم مقاهي العراق وتأسس عام 1917، ويقع في شارع المتنبي وسط بغداد.