يعد الأديب والروائي المصري إدوارد الخراط واحد من أعظم الأدباء والكتاب في مصر والعالم العربي في القرن العشرين، فهو صاحب أسلوب أدبي فريد مزج بين التجريب والواقعية، ويعتبر رائد من رواد الحداثة في الأدب العربي، وعرف بإبداعه في تناول القضايا الإنسانية والثقافية، وسلط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية بعمق وثراء أدبي، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وإنجازاته.
من هو إدوارد الخراط؟
إدوارد قلته فلتس يوسف، واسم شهرته إدوارد الخراط، هو كاتب وأديب مصري ولد في 16 مارس عام 1926 في محافظة الإسكندرية لعائلة قبطية تعود أصولها من الصعيد، فوالده من أخميم في صعيد مصر، أما والدته من غرب الدلتا، وهو واحد من أبرز الكتاب والأدباء في مصر والوطن العربي.
يعتبر الخراط أحد مؤسسي تيار الحداثة في الكتابة العربية، وقد تنوعت إسهاماته الأدبية بين الرواية والقصة القصيرة والشعر، وترجما لكثير من الأعمال الأجنبية إلى العربية، كما برز في النقد الأدبي.
كان لإدوارد دور بارز في نشوء العديد من الحركات الأدبية الجديدة، منها القصة القصيدة والكتابة عبر النوعية، وقد حملت كتاباته فلسفة إبداعية فريدة من نوعها، وسلك طريقًا خاصًا به الكتابة، فقد رفض الواقعية الاجتماعية السائدة في الكتب العربية آنذاك، وركز على وصف الأرواح وما تشعر بها من خيبة ويأس.
ورغم ما قدمه الخراط من إسهامات أدبية جليلة، إلا أنه عانى من الإهمال في آخر سنوات حياته، وبعد وفاته تم تأسيس جائزة أدبية باسمه.
تعليمه ومسيرته المهنية
ولد الأديب إدوارد الخراط في مدينة الإسكندرية، وقد نشأ لأسرة صعيدية قبطية، ودرس في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، وتخرج فيها عام 1946، ثم انتقل إلى القاهرة، وهناك شغل وظائف متعددة.
اعتقل الخراط عام 1948، حيث كان ضمن المشاركين في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية، وقد اعتقل في معتقلي أبوقير والطور.
عمل الخراط خلال سنوات دراسته في مخازن البحرية البريطانية في منطقة القباري بالإسكندرية، كما عمله في البنك الأهلي بالإسكندرية، وعمل كذلك في شركة التأمين الأهلية المصرية، وقد عمل مترجمًا ومحررًا في جريدة البصير في الإسكندرية.
كان الخراط أستاذًا زائرًا في عدد من الجامعات، وقد تمت دعوته لتقديم محاضرة في كلية سانت أنطوني في جامعة أكسفورد في عام 1979.
في نهاية الخمسينات، عمل الخراط كمساعد الأمين العام لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية، كما شغل منصب الأمين العام لاتحاد الكتاب الآسيويين والأفريقيين.
مسيرته الأدبية
بدأ إدوارد الخراط مسيرته الأدبية في سن مبكرة، فقد تفاعل وشارك في الحياة الثقافية في مصر، فقد عمل خلال تواجده في الإسكندرية مترجمًا ومحررًا في صحيفة البصير، وفي القاهرة، ساهم في مجلة "غاليري 68"، والتي كانت واحدة من أبرز المجلات الأدبية في مصر في ذلك الوقت.
ساهم الخراط في إصدار مجلة "لوتس" للأدب الأفريقي والآسيوي، والتي كانت تصدرها منظمة الشعوب الأفريقية والآسيوية، التي عملها في كمساعد للأمين العام.
بدأ الخراط كتابة القصة القصيرة، بجانب الترجمات الأدبية لبعض الكتب الأجنبية إلى الإنجليزية، ولم تصدر كل ترجماته على شكل كتب حتى الآن. اشتهر الخراط خلال مسيرته الأدبية، وخاصة في العشرين عامًا الأخيرة من حياته، بغزارة الإنتاج الأدبي، فقد كان يصدر كتابين أو ثلاثة كتب في العام الواحد.
أصدر خراط أول كتاب له عام 1959، وقد كانت بدايته في النشر متأخرة مقارنة بأبناء جيله من الأدباء والمثقفين، وأول إصداراته الأدبية كانت مجموعة قصصية بعنوان "حيطان عالية"، وأتبعها بمجموعة أخرى بعنوان "ساعات الكبرياء" عام 1979.
أصدر الخراط أول رواية له عام 1979 بعنوان "رامة والتنين" وهي واحدة من أشهر أعماله الأدبية على الإطلاق، وخلال مسيرته الأدبية أصدر 16 رواية، و4 مجموعات قصصية، كما صدرت له بعض المقالات النقدية، كما صدرت له مجموعة من الدواوين الشعرية.
خلال مسيرته الأدبية، مثل إدوارد الخراط تيارًا واقعيًا جديدًا غير التيار السائد في ذلك الوقت، فقد ركز على تحليل النفس البشرية في رواياته، واهتم في كتاباته باستخدام الرموز والأساطير الإسلامية واليونانية والفرعونية، لذا فهو يعتبر وفقًا للكثير من النقاد والأدباء بأنه أحد مؤسسي تيار الحداثة في الكتابة العربية.
عمل الخراط مترجمًا للبرنامج الثقافي في إذاعة القاهرة العديد من المسرحيات الطويلة والقصيرة، كما كتب للإذاعة عدة برامج إذاعية.
كتب إدوارد خراط
أصدر إدوارد الخراط خلال مسيرته الأدبية 16 رواية، و4 مجموعات قصصية، فضلا عن المؤلفات الشعرية والنقدية والأعمال المترجمة كذلك. أولى رواياته الخراط كانت بعنوان "رامة والتنين"، و"الزمن الآخر"، و"محطة السكة الحديد"، و"أضلاع الصحراء"، و"يا بنات إسكندرية"، و"مخلوقات الأشواق الطائرة"، و"حجارة بوبيلو".
من رواياته أيضًا "اختراقات الهوى والتهلكة"، و"رقرقة الأحلام المحلية"، و"أبنية متطايرة"، و"حريق الأخيلة"، و"يقين العطش"، و"صخور السماء"، و"طريق النسر"، و"ترابها زعفران: نصوص إسكندرانية"، و"الغجرية ويوسف المخزنجي".
أما مجموعاته القصصية فهي "حيطان عالية"، و"ساعات الكبرياء"، و"اختناقات العشق والصباح"، و"أمواج الليالي"، و"مضارب الهواء"، و"مختارات قصصية".
أصدر أيضًا مجموعات شعرية، منها "تأويلات"، و"ديوان لماذا"، و"ضربتني أجنحة طائرك"، و"طغيان سطوة الطوايا"، و"صيحة وحيد القرن"، و"سبع سحابات دانتيلا السماء".
جوائز وتكريمات
حصل إدوارد الخراط على العديد من الجوائز، منها جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1999، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب في العام نفسه.
في عام 2008، فاز بجائزة ملتقى الرواية العربية الرابع بالقاهرة، كما حصل على جائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية للرواية عام 1994، وحصل على جائزة الدولة للقصة عام 1973، وجائزة الصداقة الفرنسية العربية من فرنسا عام 1991.
وفاة إدوارد الخراط
توفي الكاتب إدوارد الخراط في الأول من شهر ديسمبر عام 2015 عن عمر 89 عامًا بعد صراع مع المرض، فقد عانى من مشكلات صحية كثيرة، نقل على إثرها إلى العناية المركزة في مستشفى الأنجلو بالقاهرة.
وقد عانى الكاتب من الوحدة في آخر حياته، وعاش سنواته الأخيرة في حالة شبه من العزلة، وسط تجاهل من الدولة وتلامذته والوسط الأدبي لإسهاماته الأدبية.
جائزة إدوارد الخراط
في عام 2024، تم إطلاق الدورة الأولى من جائزة "إدوارد الخراط للإبداع الأدبي"، وقد تم إصدار الجائزة تقديرا للدور الرائد الذي قدمه الكاتب في مجال السرد الأدبي والرواية والقصة القصيرة.
خلال الدورة الأولى من الجائزة، منحت لكاتب مصري، على أن تمنح الجوائز للكتاب العرب في الدورات التالية، ويتم تقديم الجوائز في شهر ديسمبر بالتزامن مع ذكرى رحيل الكاتب إدوارد الخراط.