أهمية التوجيه في تطوير المسار المهني.. الركائز الثلاث للنجاح

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: الإثنين، 30 سبتمبر 2024
أهمية التوجيه في تطوير المسار المهني.. الركائز الثلاث للنجاح

في عالم الأعمال المعاصر، حيث تتسارع وتيرة التغيير وتتزايد التحديات، يبرز التوجيه المهني كعنصر حيوي في نمو وتطور المهنيين الشباب.

وفي هذا السياق، تقدم خبيرة التطوير المهني أفشان رضوي حسين، المدير الإداري، ورئيس قسم الأمراض النادرة العالمية في Havas Health & You، عبر مقال لها على مجلة فوربس العالمية رؤية عميقة ومتكاملة حول ما تسميه "الركائز الثلاث للتطوير الوظيفي".

هذه الرؤية، المستمدة من تجربتها الشخصية الغنية وملاحظاتها الدقيقة على مدى سنوات من العمل في مجال التوجيه، تشكل إطاراً شاملاً لفهم وتطبيق أساليب التوجيه الفعال.

التعرض: بوابة الاكتشاف والنمو

تعد مرحلة التعرض الخطوة الأولى والأساسية في رحلة التطور المهني، تقول الخبيرة: "إن إتاحة الفرص للموظفين الشباب للتعرف على مختلف جوانب العمل وأقسامه المتنوعة يفتح آفاقاً جديدة أمامهم، ويوسع مداركهم بشكل لا يمكن تحقيقه من خلال الأدوار التقليدية المحدودة".

وتضيف: "هذا النهج لا يساعد فقط في اكتشاف نقاط القوة الكامنة لدى الموظف، بل يعزز أيضاً فهمه الشامل للمؤسسة ككل، مما يجعله أكثر قدرة على المساهمة بشكل فعال في تحقيق أهداف الشركة".

لتحقيق هذا التعرض الفعال، تقترح الخبيرة عدة استراتيجيات:

1. خلق فرص للتفاعل مع الفرق متعددة الوظائف: يمكن تنظيم اجتماعات دورية أو ورش عمل تجمع موظفين من مختلف الأقسام، مما يتيح للمتدربين فرصة التعرف على وجهات نظر متنوعة وفهم كيفية تكامل مختلف أجزاء المؤسسة.

2. تكليف الموظفين بمهام متنوعة لتطوير مهاراتهم: قد يشمل ذلك إشراك المتدرب في مشاريع من أقسام مختلفة، أو تكليفه بمهام تتطلب التعاون مع فرق متعددة التخصصات.

3. جمع التغذية الراجعة بانتظام لتحديد نقاط القوة: من خلال التواصل المستمر مع المشرفين والزملاء، يمكن للموجه تكوين صورة واضحة عن مواطن التميز لدى المتدرب وتوجيهه نحو المجالات التي يمكنه فيها تحقيق أقصى إمكاناته.

تروي الخبيرة تجربتها الشخصية قائلة: "في بداية مسيرتي المهنية، كان لي موجه رائع يدعى جيف، لقد أدرك شغفي للتعلم وقدرتي على استيعاب المزيد؛ مما كان يتطلبه دوري الوظيفي آنذاك، فقام بتصميم برنامج تناوب خاص لي، مكنني من التعرف على مختلف أقسام الشركة العالمية وفهم كيفية مساهمة كل وحدة في الاستراتيجية الشاملة للمؤسسة".

الخبرة: صقل المهارات وسد الفجوات

المرحلة الثانية في نموذج الركائز الثلاث تتمحور حول اكتساب الخبرة العملية وتطوير المهارات الأساسية، فمن الضروري تحديد الفجوات في المهارات وسدها قبل فوات الأوان.

تؤكد الخبيرة قائلة: "غالباً ما يكون الموجه في وضع أفضل لرؤية هذه الفجوات من المتدرب نفسه، وهنا يكمن دوره الحاسم في توجيه المتدرب نحو الفرص المناسبة لسد هذه الفجوات وتطوير مهاراته".

لتعزيز اكتساب الخبرة بشكل فعال، عليك بالنصائح التالية:

1. تحديد المهارات اللازمة للتطور: يجب على الموجه أن يكون على دراية بالمهارات المطلوبة للنجاح في المستويات الأعلى من المؤسسة، وأن يساعد المتدرب على تحديد أي نقص في هذه المهارات.

2. توفير فرص للتدريب العملي: قد يتضمن ذلك إسناد مشاريع تحد للمتدرب، أو إشراكه في مهام تتطلب استخدام المهارات التي يسعى لتطويرها.

3. تكرار المهام من زوايا مختلفة لتعميق الفهم: يمكن تكليف المتدرب بمهام مشابهة لما قام به سابقاً، ولكن في سياقات أو قطاعات مختلفة، مما يساعد على تعميق فهمه وتوسيع نطاق خبرته.

تشارك الخبيرة تجربة شخصية قيمة في هذا السياق: "بعد خمس سنوات من العمل في شركتي الأولى، قامت رئيسة قسم الاستراتيجية بمناقشتي حول أدائي، أثنت على نقاط قوتي في قيادة إطلاق منتج ناجح، لكنها أشارت بلطف إلى ضرورة تطوير مهاراتي الاستراتيجية، نصحتني بالبحث عن دور في مستوى أعلى يتيح لي تولي مسؤولية استراتيجية كاملة. كان هذا التوجيه نقطة تحول في مسيرتي المهنية".

التخصص: بلوغ القمة وتحقيق التميز

المرحلة الأخيرة والأكثر تقدماً في نموذج الركائز الثلاث تتعلق بتطوير التخصص وتحقيق التميز في مجال محدد، فبعد سنوات من الخبرة والتجربة، يصبح المهني على دراية عميقة بما يتفوق فيه وما يحفزه حقاً.

ففي هذه المرحلة، يتحول دور الموجه من مدرب مباشر إلى مستشار موثوق، يقدم النصائح الاستراتيجية حول اختيار الأدوار وإدارة التغيير في المسار المهني.

لدعم التخصص وتعزيز الخبرة العميقة، إليك الاستراتيجيات التالية:

1. البقاء كمستشار موثوق: يجب على الموجه الحفاظ على اتصال وثيق مع عمل المتدرب، وتقديم توصيات موضوعية عند الطلب، والحفاظ على سرية المحادثات أمر بالغ الأهمية لبناء الثقة.

2. تسليط الضوء على فرص تعزيز واستثمار الخبرة: يمكن للموجه أن يكون بمثابة "راعٍ" للمتدرب، يذكر اسمه في الاجتماعات المهمة، ويسلط الضوء على القيمة التي يمكن أن يضيفها للمنظمة، حتى لو كانت خارج نطاق الشركة الحالية.

تشارك الخبيرة تجربتها الشخصية في هذه المرحلة قائلة: "بعد عشر سنوات من الخبرة، اكتشفت أنني مدفوعة بالغرض، وأحتاج إلى خدمة المجتمعات المهمشة لأجد الرضا في عملي، في هذه المرحلة، تحول دور جيف كموجهي إلى تقديم المشورة حول اختيار الأدوار والتنقل في التغييرات لتعزيز خبرتي المتخصصة".

قوة التوجيه في تشكيل المستقبل المهني

في ختام حديثها، تؤكد الخبيرة على الأهمية الحاسمة للتوجيه في تطوير المسار المهني، فالعلاقة بين الموجه والمتدرب يمكن أن تكون مفيدة للطرفين بشكل عميق.

وتقول: "بالإضافة إلى الفوائد الواضحة للمؤسسة وللشبكة المهنية الشخصية، هناك شعور بالفخر والإنجاز في معرفة أنك ساهمت في مساعدة شخص آخر على اكتشاف إمكاناته الكاملة والتألق في مجاله".

وتختتم قائلة: "التوجيه ليس مجرد نقل للمعرفة أو المهارات، بل هو استثمار في مستقبل الأفراد والمؤسسات على حد سواء، من خلال اتباع نموذج الركائز الثلاث - التعرض والخبرة والتخصص - يمكننا خلق جيل جديد من القادة المهنيين القادرين على مواجهة تحديات الغد بثقة وكفاءة".

هذا النهج الشامل في التوجيه المهني لا يساعد فقط في تطوير المهارات الفردية، بل يساهم أيضاً في بناء ثقافة تنظيمية قوية تقدر التعلم المستمر والنمو الشخصي، وفي عالم العمل سريع التغير، يعد هذا النوع من الاستثمار في رأس المال البشري أمراً حيوياً لنجاح واستدامة أي مؤسسة.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة