أمينة السلمي.. الداعية التي اعتنقت الإسلام بسبب خطأ كمبيوتر

كانت الصحفية الأمريكية والداعية أمينة السلمي من أشد الأعداء للدين الإسلام، فكانت ترى أن القرآن مزيف وأن العرب متخلفون، إلا أن هذه النظرة اختلفت تمامًا حينما درست مع عدد من الطلاب العرب وأجرت معهم نقاشات دينية متحضرة وقرآن عن الإسلام ورأت أنه دين الحق فبدأت رحلتها مع الدعوة إلى الله، تعرف أكثر على حياتها الدعوية وقصة إسلامها.

من هي أمينة السلمي؟

اسمها قبل الإسلام جانيس هوف هي صحفية أمريكية وناشطة إسلامية اعتنقت الدين الإسلامي في منتصف السبعينيات وبدأت الدعوة إلى الله وإلقاء محاضرات دينية مختلفة وحققت شهرة واسعة.

منذ اعتناقها الإسلام وحتى وفاتها في عام 2010 جعلت أمينة حياتها كلها لخدمة الدين الإسلامي ودأبت حياتها في التجوال في الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي محاضرات عن الدين الإسلامي ومفاهيمه وتشحذ همم المسلمين والمسلمات للتمسك بدينهم.

لاقت السلمي إعجاباً كبيراً وعلى نطاق واسع في العالم الإسلامي، وقد رأست الاتحاد الدولي للنساء المسلمات وحققت من خلالها العديد من أهدافها.

وعن اعتناقها الدين الإسلامي تقول أمينة: "أنا سعيدة لأني مسلمة، الإسلام هو حياتي ونبضات قلبي ومصدر قوتي ويجعل حياتي في غاية الجمال والروعة، أنا لا شيء بدون الإسلام وحياتي بلا معنى إذا لم أكن تحت رعاية الله".

قصة إسلام أمينة السلمي

بدأت قصة أمينة السلمي مع الدين الإسلامي بسبب خطأ في جهاز الكمبيوتر، حيث بدأ استخدام الكمبيوتر في منتصف السبعينيات للتسجيل المسبق في التخصصات والمواد في الكلية التي كانت تدرس فيها.

سجلت أمينة في الجامعة وسافرت بعدها إلى ولاية أوكلاهوما لإدارة نشاط عملي هناك، وهذا ما جعلها تتأخر عن الجامعة لمدة 15 يومًا، ولدى عودتها اكتشفت وجود خطأ في نظام التسجيل الآلي في الجامعة.

اكتشفت أمينة أنه تم تسجيلها في مساق المسرح حيث يتعين عليها تأدية مسرحيات مع الآخرين، وبسبب نشأتها المسيحية الملتزمة خافت من فكرة الوقوف أمام الآخرين للتمثيل أمامهم، ولكنها كانت مجبرة بأخذ هذا السياق لأنها كانت متأخرة.

اشتد الأمر عليها حينما اكتشفت أنها ستدرس مع طلاب عرب ومسلمين، فكانت ترى أن الإسلام دين همجي والقرآن كذب، ولكنها شعرت حينها أن الله وضعها في هذا المكان لتدعوا زملاءها المسلمين إلى المسيحية.

بدأت أمينة في قراءة القرآن الكريم لتثبت لزملائها أنه دين خاطئ وبعد دراسة لمدة عامين للدين الإسلامي بشكل معمق وجدت ضالتها فيه واكتشفت أنه دين الحق وقررت اعتناق الدين الإسلامي في عام 1977.

تضحيات كثيرة من أجل الإسلام

لم يلقَ خبر اعتناق أمينة للإسلام قبولًا من كل أفراد عائلتها فقد عزم والدها على قتلها بالرصاص، بينما اتهمتها شقيقتها بأنها يجب أن تدخل المصحة العقلية، ففقدت علاقتها مع عائلتها وأصدقائها وخسرت عملها بعدما ارتدت الحجاب.

إلا أن التضحية الأشد كانت الانفصال عن زوجها والابتعاد عن طفليها، فقد كانت أمينة وقتها متزوجة ولديها طفلان من زوجها ولأنها مسلمة يجب عليها الطلاق من زوجها غير المسلم فكان الانفصال أمرًا لا مفر منه.

كانت أمينة ترغب في حضانة طفليها، خاصة أنهما في سن يحتاجان فيه إلى أمهم بشكل أكبر، إلا أن القاضي منحها الأب الحضانة للطفلين لأنها غيرت من دينها التقليدي وخيّرها القاضي قبل النطق بالحكم إما أن تعود عن الإسلام وتحصل على حضانة الطفلين أو تتخلى عنهما من أجل دينها، ومنحها 20 دقيقة من أجل التفكير، وتقول إنها كانت أصعب 20 دقيقة في حياتها.

قررت أمينة التخلي عن حضانة أطفالها من أجل الدين الإسلامي، وتقول عن هذه الفترة: "غادرت المحكمة وأنا أعرف أن الحياة بدون أطفالي ستكون قاسية، كان قلبي ينزف دمًا رغم أني أعرف أنني اتخذت القرار الصحيح". وتقول أمينة إنها وجدت السلوى في قراءة القرآن الكريم وخاصة آية الكرسي.

دخول عائلتها الإسلام

ورغم رفض عائلتها الشديد لاعتناقها الإسلام إلا أنها ذكرت أن معظم أفراد عائلتها دخلوا الإسلام بعد ذلك.

أول من أسلم من عائلتها كانت جدتها التي أسلمت قبل وفاتها بفترة قصيرة، ثم اعتنق والدها الإسلام، بعد أن كان يرغب في قتل ابنتها بسبب إسلامها، ثم دخلت والدتها الإسلام وبعدها أختها.

وبعد 16 عامًا من دخولها الإسلام اكتشفت أمينة أن زوجها السابق اعتنق الإسلام بعدما كان يشاهد محاضراتها وبرامجها وأرد لابنته أن تكون مثل والدتها، وقد جاء إليها معتذرًا  عما بدر منه وصفحت عنه أمينة.

زواجها مرة أخرى

بعد انفصالها عن زوجها تزوجت أمينة السلمي مرة أخرى من رجل مسلم، وأنجبت طفلًا جميلًا رغم أن الأطباء حينها ذكروا استحالة الإنجاب بالنسبة لها مرة أخرى.

مسيرتها الدعوية

تحولت أمينة السلمي من كونها واعظة مسيحية معمدانية سابقًا إلى داعية إسلامية شاركت في العديد من المحاضرات والمناقشات حول الدين الإسلامي، وقد تم اختيارها عام 2009 ضمن أكثر 500 مسلم تأثيرًا في العالم من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية الإسلامية الملكية في عمان بالأردن.

شاركت أمينة في العديد من المناقشات بصفاتها مديرة الاتحاد العالمي للنساء المسلمات وألقت محاضرات في العديد من الولايات الأمريكية للدعوة للدين الإسلامي والتعريف بالإسلام وأيضًا دروسًا دينية ودعوية للمسلمين.

شاركت السلمي في إصدار طابع العيد عام 2001 كما شاركت في إصدارات أخرى مستقبلية، وقد شاركت في إنشاء مركز تعليمي للمسلمين الجدد.

في عام 2005 ظهرت السلمي في فيلم وثائقي عن النساء المسلمات في أمريكا الشمالية بعنوان "أنا والمسجد" والفيلم صادر عن المجلس الوطني للسينما في كندا.

أمينة السلمي والحجاب

انتشرت محاضرة للسيدة أمينة السلمي على الإنترنت وهي تتحدث فيها عن الحجاب في الإسلام، وقالت إن الكثير من النساء المسلمات لا يعلمن السبب الحقيقي لارتدائهن الحجاب.

وتقول أمينة إنها إذا لم يعرف المسلمون لماذا ترتدي الحجاب كيف يمكننا أن نشرح لغير المسلمين هذا الأمر؟. وتقول أمينة أن السبب الأول لتغطية المرأة شعرها هو إخبار الجميع بأنها مسلمة.

وتقول: "نحن نرتدي الحجاب حتى يعلم الجميع أننا مسلمات نحن فخورات كوننا مسلم، وحجابي يخبر الآخرين أن المرأة التي تقف أمامك هي امرأة قوية لن تخون ولن تكذب وستكون أفضل صديقة وأفضل مرشدة وأفضل مستشارة هذه المرأة المسلمة يمكنك أن تثق فيها".

السبب الثاني هو ألا تتعرض المرأة إلى أذية، ولكنها نفت أن يكون لهذا الأمر بالاغتصاب، وإنما الحماية من الآخرين بألا يتعدوا حدودهم مع المرأة المسلمة.

وفاة أمينة السلمي

في 5 مارس عام 2010 توفيت أمينة السلمي في حادث سير أثناء عودتها من نيويورك بعد إلقاء خطاب هناك وقد توفيت مع ابنها الأصغر، وكان تبلغ من العمر 65 عامًا.

بعد وفاتها واصلت ابنتها التدريس في برنامج "خالٍ من المخدرات" التي بدأت والدتها بتدريسه لمدة 30 عامًا.