لم يكن الفقر يوما عيب أو مانع للطموح إذا كان لديك عقل يفكر، وقلب يؤمن.. أمانسيو أورتيغا مؤسس محلات الملابس الشهيرة زارا Zara، والرئيس السابق لمجموعة إنديتكس، خير مثال على ذلك.
Amancio Ortega الذي تركه دراسته واتجه للعمل وهو في سن الـ14 من عمره، نظرا لظروف أسرته الصعبة، استطاع بعد سنوات أن ينشئ شركة تضم تلك العائلة ويصبح أغنى بائع تجزئة في العالم، ولم يمنعه فقره أو عدم اكتمال دراسته من الوصول لحلمه.
وأمانسيو أورتيغا البالغ من العمر 87 عاما والذي يأتي ضمن قائمة الأغنى في العالم، يكره الأضواء ويعيش في أول بلدة شهدت متجره الأول، لتنمو تجارته ويزيد رصيده يوما بعد الآخر، فإلى تفاصيل إحدى قصص النجاح الملهمة..
ولد أمانسيو أورتيغا في مارس 1936، في قرية صغيرة بإسبانيا تضم أقل من 100 مواطن، وكان الأصغر بين أربعة أطفال، حصل والده على وظيفة في السكك الحديدية وانتقلوا للعيش في منزل متواضع ضمن مساكن عمال السكك الحديدية، وكانت والدته تعمل كخادمة في المنازل، ونظرا لظروفهم المادية وأنه سمع والدته ذات مرة تتوسل للحصول على قرض من أجل مصاريفه الدراسية قرر في سن الـ 14 ترك الدراسة وبدء البحث عن عمل.
كانت أول وظيفة لأمانسيو أورتيغا هي مساعد متجر في شركة محلية تسمى غالا، حيث تعلم صناعة الملابس يدويًا. ولا تزال Gala، وهي صانع قمصان تقليدي، نشطة ومفتوحة في أحد أركان وسط مدينة لاكورونيا، ذكر خوسيه مارتينيز، الذي ورث أعمال غالا من والده، أن الزوار لا يشترون أبدًا إنما يأتون لسؤاله عن صديقه الشاب أمانسيو.
عمل أمانسيو أورتيغا بجد في سن المراهقة، وكان يستمتع بركوب دراجته في جميع أنحاء المدينة، كلما كان لديه وقت فراغ كان يتجول ويفكر، إلى أن أتته فكرته التجارية الرائعة خلال إحدى هذه الجولات، وأدرك أورتيجا أنه لكسب أموال جيدة، يجب على المرء أن يمنح العملاء ما يريدون.
في سن السادسة عشرة، كان أمانسيو أورتيغا يفكر في كيفية اكتشاف رغبات العملاء المحتملة، والأهم من ذلك، تلبية هذا الطلب، في الخمسينيات من القرن الماضي، كان مجتمع غاليسيا المستقل في إسبانيا مكانًا مثاليًا لخطة عمله، فوفر وظيفة ما يشبه مشغلاً لعدد من النساء العازبات الباحثات عن عمل، الذين يمكنهم الخياطة بشكل جيد، وبدأ في تفصيل ملابس النوم والأطفال.
في عام 1963، بعد أن اكتسب عشر سنوات من الخبرة في إدارة مشغل الخياطة، أسس Amancio Ortega Gaona شركته الأولى، Confecciones GOA، SA (الأحرف الأولى من اسمه إذا كانت تُقرأ للخلف)، وكانت شركة تضم أفراد عائلته ووزع عليهم الأدوار، فكان أمانسيو مسؤولاً عن تطوير اتجاهات الموضة الجديدة، وكان أنطونيو (شقيقه) مسؤولاً عن القضايا التجارية، وجوزيفا (أخته) كانت مسؤولة عن مسك الدفاتر، وكانت روزاليا ميرا جوينيتشيا زوجته منذ عام 1966 مديرة أعماله.
![أمانسيو أورتيغا Amancio Ortega مؤسس ماركة "زارا"]()
افتتح أول متجر لـ Zara في لاكورونيا في عام 1975، وأحدث ثورة في صناعة الأزياء بالتجزئة من خلال تسريع عمليات التحول بحيث تنتقل الملابس من الفكرة إلى أرض المبيعات في غضون أسبوعين، وبفضل اهتمامه بالاستثمار في الملابس أصبح رائدًا في الموضة سريعا، وتعتمد أزياء زارا على ملابس القيمة ولكنها تُباع بأسعار يمكن للشخص العادي تحملها.
في السنوات الثماني التالية، أدى نهج Zara تجاه الموضة ونموذج أعمالها تدريجياً إلى جذب المستهلك الإسباني، أدى ذلك إلى افتتاح 9 متاجر جديدة في أكبر مدن إسبانيا.
في عام 1985، تم تأسيس Inditex كشركة قابضة، مما وضع الأسس لنظام توزيع قادر على الاستجابة لتحولات اتجاهات السوق بسرعة كبيرة، ابتكر Ortega عملية تصميم وتصنيع وتوزيع جديدة يمكن أن تقلل من المهل الزمنية وتتفاعل مع الاتجاهات الجديدة بطريقة أسرع، والتي أطلق عليها "الموضة الفورية" كان الدافع وراء ذلك هو الاستثمارات الضخمة في تكنولوجيا المعلومات واستخدام المجموعات بدلاً من المصممين الفرديين لعنصر "التصميم" الحاسم.
في العقد التالي، بدأت Zara في التوسع بقوة في الأسواق العالمية، والتي شملت البرتغال ونيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) وباريس (فرنسا) والمكسيك واليونان وبلجيكا والسويد ومالطا وقبرص والنرويج. والآن لديها 2264 متجرًا في مواقع استراتيجية في مدن رائدة عبر 96 دولة.
وتعد Inditex اليوم أكبر مجموعة أزياء في العالم تضم أكثر من 174000 موظف تدير أكثر من 7400 متجر في 202 سوقًا حول العالم بما في ذلك 49 سوقًا عبر الإنترنت، وبلغت عائدات Inditex 23.4 مليار دولار أمريكي في عام 2019.
أما العلامات التجارية الأخرى للأزياء في محفظة Inditex هي: زارا هوم، بول آند بير، ماسيمو دوتي، بيرشكا، Stradivarius، Oysho، وUterqüe.
وإذا كنت تتساءل لماذا نجحت زارا، فإن السبب الرئيسي هو هوسها بالعملاء، فمنذ اليوم الأول كان "أورتيغا" يرغب في تلبية احتياجات العملاء، بالإضافة لقدرتها على مواكبة اتجاهات الموضة المتغيرة بسرعة وعرضها في مجموعاتها مع القليل من التأخير. منذ البداية، وجدت Zara فجوة كبيرة في السوق عالجتها بشكل فعال عدد قليل من العلامات التجارية للملابس، كان هذا لمواكبة أحدث اتجاهات الموضة، ولكن عرض مجموعات الملابس التي هي مزيج من الجودة العالية ومع ذلك، وبأسعار معقولة، تراقب العلامة التجارية عن كثب كيف تتغير الموضة وتتطور كل يوم في جميع أنحاء العالم. استنادًا إلى أحدث الأساليب والاتجاهات، ويتم إنشاء تصميمات جديدة.
في عام 2019، احتلت Zara المرتبة 29 في قائمة Interbrand العالمية لاستشارات العلامات التجارية لأفضل العلامات التجارية العالمية. توجد قيمها الأساسية في أربعة مصطلحات بسيطة: الجمال والوضوح والوظيفة والاستدامة.
تبلغ ثروة الملياردير العصامي قيمة صافية تقدر بـ 79 مليار دولار اعتبارًا من أغسطس 2021 وفقًا لمجلة فوربس، وعلى الرغم من أن أمانسيو أورتيغا واحدًا من أغنى الناس في العالم، إلا أنه يعشق البساطة ويتجنب المقابلات، ويعيش في لاكورونيا، حيث افتتح زارا لأول مرة. بعد أن استقال في عام 2019 من منصب رئيس مجموعة Inditex لكنه احتفظ بملكية 59.3% من أسهمها.
ووفقا لأحدث إحصائية لثروة Amancio Ortega في العام الجاري 2023 فإنها تخطت الـ 90 مليار دولار.
طلق أمانسيو أورتيغا زوجته الأولى ميرا في عام 1997، وتزوج مرة أخرى من فلورا بيريز ماركوت في عام 2003، وأنجب منها طفلًا آخر في عام 1983، وعندما توفيت زوجته الأولى في عام 2013، ورثت ابنتهما ساندرا أورتيغا ميرا 89% من ثروة والدتها، لتصبح ثاني أكبر مساهم في Inditex وأغنى امرأة في إسبانيا
