يعد الشاعر السوداني أحمد محمد صالح من رواد القصيدة الوطنية في السودان، فقد نظم العديد من القصائد الوطنية والقومية وأهمها النشيد الوطني السوداني، كما أنه يعد سياسي بارز شارك في مجلس السيادة السوداني عند استقلال السودان، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية والمهنية وحياته.
نبذة عن الشاعر أحمد محمد صالح
هو شاعر وسياسي سوداني بارز ولد في أم درمان عام 1898 ويعد من أهم شعراء القصيدة الوطنية وهو مؤلف النشيد الوطني السوداني.
برز اسم الشاعر في الوسط السياسي السوداني، حيث كان من ضمن أعضاء مجلس السيادة السوداني بعد الاستقلال في منتصف الخمسينيات وسافر إلى العديد من البلدان من أجل القيام بمهامه الدبلوماسية.
نجح صالح في كتابة الشعر باللغتين العربية والإنجليزية، وله ديوان شعري طبع في الخرطوم بعد وفاته في نهاية التسعينيات، وقد عمل خلال مسيرته المهنية في التدريس.
نشأته وتعليمه
ولد الشاعر أحمد محمد صالح في ولاية أم درمان في السودان، وقد تعلم في مدارسها حتى الحلة الثانوية، ثم التحق بكلية غردون التذكارية، والتي عرفت لاحقًا باسم جامعة الخرطوم ، عام 1941.
أحب صالح الشعر منذ صغره، وقد كان نهمًا في قراءة الشعر باللغتين العربية والإنجليزية، كما كان يحب حفظ القصائد بهاتين اللغتين، كما كان خطيبًا مفوهًا وكان قادر على إلقاء الخطب باللغتين العربية والإنجليزية. وطد صالح علاقاته بالشعراء والأدباء في بلده وفي مصر.
مسيرته المهنية
بدأ الشاعر أحمد محمد صالح مسيرته المهنية بعد التخرج من الكلة، حيث عمل في مهنة التدريس لعدة سنوات حتى ترقى وأصبح ناظر المدرسة ولم يتجاوز عمره حينها 30 عامًا.
عمل صالح كذلك موظفًا في وزارة المعارف، وزارة التربية والتعليم حاليًا، وشغل عدة مناصب وتدرج في الوظئاف الإدارية حتى شغل منصب نائب مدير المعارف. عمل صالح كذلك في مهنة التدريس في كلية غوردون التذكارية في الخرطوم.
مسيرته السياسية
بدأ الشاعر أحمد محمد صالح مسيرته السياسية عند استقلال السودان في عام 1958، حيث تم اختياره عضوًا في مجلس السيادة الذي تم تشكيله ليقوم بمهام رئيس الدولة في السودان حتى انتخاب رئيس للبلاد.
كان صالح وطنيًا وقوميًا عرف بغيرته وحبه بلاده ورفضه للاستعمار خلال الحكم الثنائي للسودان، وقد كان صداميًا مع الإدارة البريطانية والكثير من قرارتها، ومنها أنه رفض الانصياع إلى أوامر تقضي بارتداء المعلمين الجبة والقفطان بدلًا من الزي الأفرنجي.
برز اسم صالح في المجال السياسي بسبب قصائده الوطنية، فقد كان يكتب القصائد الوطنية الحماسية التي يدافع فيها عن بلاده ويتغنى بحبها.
ديوان الشاعر أحمد محمد صالح
صدر للشاعر أحمد محمد صالح ديواني شعري اسمه "مع الأحرار" بعد وفاته بعدة سنوات، حيث طبع الديوان لأول مرة عام 1998 من قبل الهيئة القومية للثقافة والإعلام في السودان، وقد تميزت قصائد هذا الديوان بالرصانة وقوة التعبير.
حصل صالح على إشادات كبيرة من الشعراء في عصره، ومنهم الشاعر السوداني عبد الله محمد عمر البنا الذي وصف بأنه "أشعر سعراء السودان" كما حصل علىل لقب "الأستاذ الشاعر" نظرًا لقصائده الرائعة.
كان صالح من الداعين إلى القصيدةا لكلاسيكية، وقد ظهر ذلك جليًا في قصائده، حيث حافظ في أشعاره على أصول العروض الخليلي ولم يخرج عن نظم القصيدة الكلاسيكية وساعده على ذلك إجادته للغة العربية وفصاحته فيها.
قصائد الشاعر أحمد محمد صالح
ومن قصائده الشهيرة قصيدة "فينوس" والتي نشرت في جريدة النيل. كتب صالح هذه القصيدة في جلسة واحدة في لحظة انفعال لأنه لم يكن من ضمن المدعوين لحضور ليلة الاحتفاء بالأديب المصري علي الجارم.
كتب صالح قصيدة فينوس جارى فيها القصيدة النونية لعلي الجرام على نفس البحر والقافية واجاد فيها، ومن أبياتها يقول:
أخلفت يا حسناء وعدى وجفوتنى و منعت رفدى
فينوس يا رمز الجمال ومتعة الأيام عندى
لما جلوك على الملا وتخيروا الخطاب بعدى
هرعوا إليـــك جماعة وبقيت مثل السيف وحدى
استنجز الوعـــد النسيم وأسأل الركبان جهدى
يا من رأى حسناء تخـطر فى ثياب اللازورد
لو كان زندى واريا لتهيّبوا كفى و زندى
أو كان لى ذهب المعز لأحسنوا صلتى وودى
لمــا تنـكر ودهـــم جازيتهم صدا بصد
هذى اليراعة فى يدى لو شئت كانت ذات حد
لو شئت سالت علقما سماً يرى عند التحدى
فــإذا رضيت فإنـهـا شهد مصفى أي شهد
لى من بيانى صارم وكتائب العزمات جندى
حسناء ليس أبوك بالرجل البخيل المستبد
حجبوا سناك و ما دروا أن الكواكب ذات وقد
من قصائده الناجحة أيضًا قصيدة "توأم الروح" وهي قصيدة غزلية يقول فيها:
توأم الروح ما عدل أخلف الوعد والأمل
كم تجنى على المحب وكم خان كم مطل
هي أحلى من الزلال وأشهى من العسل
كلما شمت بارقا قلت مولاي قد أهل
وكفاني القليل إن لم يكن وابلا فطل
تأليف النشيد الوطني السوداني
اشتهر الشاعر السوداني أحمد محمد صالح بقصائده الوطنية وأشعاره، وقد صدر له ديوان "مع الأحرار" ومن أشهر قصائده في هذا الديوان قصيدة "نحن جند الله جند الوطني" والتي تم اختيارها نشيدًا لقوة دفاع السودان، الذي أصبح نواة الجيش السوداني حاليًا.
أختيرت الأبيات الأربع الأولى من النشيد لتصبح النص الشعري لموسيقى السلام الجمهوري السوداني بعد الاستقلال، وقد قدم ألحان هذه الأبيات الموسيقار السوداني أحمد مرجان، وأصبحت فيما بعد النشيد الوطني السوداني، ومن أبيات النشيد:
نحن جند الله جند الوطن
إن دعا داعي الفداء لم نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى ثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علماً بين الأمم
يا بني السودان هذا رمزكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم
وقد تم اختيار هذه الأبيات نشيدًا وطنيًا للسودان، بينما باقي القصيدة لم يتم اعتمادها رسميًا في النشيد الوطني، ويقول فيها:
نحن أسود الغاب أبناء الحروب
لا نهاب الموت أو نخشى الخطوب
نحفظ السودان في هذي القلوب
نفتديه من شمال أو جنوب
بالكفاح المُرُّ والعزم المتين
وقلوب من حديد لا تلين
نهزم الشرَّ ونجلي الغاصبين
كنسورٍ الجوِّ أو أُسْد العرين
ندفعُ الرّدَى
نصدُّ من عدا
نردُّ من ظلم
ونحمي العلم
وقد حصل النشيد الوطني السوداني على جائزة أفضل لحن للأناشيد الوطنية عام 2004 وفقًا للجمعية العالمية للموسيقى.