شاب ثري امتلك المغامرة التي جعلته ينجح في العديد من المجالات التي خاضها فعمل بالإذاعة، الهندسة، استقل طائرة وأصبح طياراً، ممثلاً، منتجاً، مؤلفاً، ومخرجاً، إنه الشاب أحمد سالم الذي عرف عنه إلى جانب نجاحه وثرائه ارتباطه بجميلات السينما المصرية، مسيرته الفنية وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية..
ولد في أبو كبير بمحافظة الشرقية، في 20 فبراير عام 1910، رغم أن سالم توفي صغيرا عن عمر يناهز 39 عاما، فتوفي في 10 سبتمبر عام 1949، إلا أنه استطاع أن يحقق الكثير من الإنجازات المهنية في تلك الفترة.
فهو طيار، كما أنه عام 1934 كان أول مذيع في الإذاعة المصرية ينطق "هنا القاهرة" وعمره 24 عاما، كما أنه عمل بالتمثيل، وأنتج وأخرج، وهو مؤسس واحد من أشهر الاستوديوهات المصرية وهو ستوديو مصر، كما أنه جمعته علاقة صداقة بالملك فاروق.
"سالم" ولد لعائلة تتمتع بالثراء، وكتبت الصحف المصرية بعض القصص عن ذلك الثراء، فأصل عائلته يعود للجزيرة العربية في نجد، والدته لم تنجب غيره وهي زكية هانم جابر.
وهو في الرابعة عشر من عمره توفي والده علي سالم وترك له ثروة تقدر بـ 350 فدانا، وكان "أحمد" شاباً مدللاً، وكان مغرم بالخيل، في عام 1926 حصل على شهادة البكالوريا من مدرسة الخديوية.
وسافر بعدها إلى لندن والتحق بجامعة أكسفورد، ثم جامعة كمبريدج العريقة، ودرس الهندسة المعمارية، وكان زميل دراسة للصحفي الشهير علي أمين.
خلال دراسته للهندسة المعمارية في لندن تعلم الطيران الشراعي، وقرر شراء طائرة وبالفعل حقق حلمه واشترى طيارة شراعية بـ 2000 جنيه إسترليني.
وقرر أن يقود طيارته الخاصة في مغامرة منه من إنجلترا إلى القاهرة، وكان ذلك في عام 1931، وبالفعل نجح في ذلك وأصبح أول طيار يعبر البحر الأبيض المتوسط بطائرته من أوروبا حتى مصر، وعمره لم يتعد الواحد وعشرين عاما.
ونتيجة لهذا الإنجاز كرمه الملك فؤاد وأهداه نيشانا ذهبيا، ولم ينته الأمر عند هذا الحد فعرض عليه دفع ثمن الطائرة، ولكن "سالم" اعتذر مؤكدا رغبته في أن تكون طائرته من أمواله الخاصة.
وفي بلدته بمحافظة الشرقية تم تمهيد مطار خاص له ليكمل رحلته بطائرته من القاهرة حتى الشرقية، وأصبح من وقتها الطيار أحمد سالم.
ومن مظاهر الثراء التي رويت عن الإذاعي والممثل هي أنه حينما استقبل الأمير فريدريك ولي عهد النمسا، الذي تجمعه به صداقة في قصره في محافظة الشرقية، مد له السجاد الأحمر على الأرض من محطة القطار حتى قصره لكي لا تطأ قدمه الأرض.
بعد أن عاد من إنجلترا عين مدير المهندسين في شركات أحمد عبود باشا، ولكن لم يتحمل العمل كموظف وترك العمل، وعين بعدها في عام 1932 مديرا للقسم العربي بالإذاعة المصرية، وهو أول مذيع بالإذاعة وصاحب الجملة الشهيرة "هنا القاهرة".
في لقاء جمعه بطلعت حرب باشا أعجب به واقترح عليه أن يترك الإذاعة لإنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وتأسيس أول ستوديو مصري خالص، فأعجب سالم بالفكرة وقدم استقالته من الإذاعة.
وبنى ستوديو مصر، وتولى إدارته فعين الفنين والإداريين به سواء مصريون أو أجانب، وقدم الاستوديو العديد من الأفلام الناجحة، ونتيجة لإعجاب طلعت باشا حرب به أسند إليه بجوار ستوديو مصر إدارة القسم الهندسي لشركات بنك مصر، وعينه أيضا مدير عام لمطبعة مصر.
في عام 1938 استقال من ستوديو مصر بعد إنتاج فيلم بعنوان لاشين اعترض القصر على نهايته وطالبوا سالم تعديل النهاية، ولكنه رفض واستقال خاصة أنه صاحب فكرة الفيلم.
بجانب أنه استقال من ستوديو مصر استقال من كل المناصب الأخرى، وقرر تأسيس شركة له، فأسس شركة إنتاج باسم نفرتيتي، وقدم أول فيلم له كان هو كاتب السيناريو والحوار وهو فيلم أجنحة الصحراء، وعرض عام 1939.
انشغل عن الإنتاج بعد فيلمه الأول بأعمال تجارية أخرى كان أشهرها عمله في تجارة السلاح.
وإلى جانب ذلك عمل ممثلا في بعض الأفلام ومن أشهرها بعد ظهوره في فيلم أجنحة الصحراء، في عام 1949 شارك في فيلم رجل المستقبل، وفي نفس العام قدم فيلم الماضي المجهول وفيلم دنيا.
وفي عام 1949 قدم فيلم ابن عنتر، فيلم البريمو، وفيلم المنتقم، وفي عام 1948 قدم فيلم حياة حائرة، شمشون الجبار، وفيلم المستقبل المجهول، وبعد وفاته عرض له فيلم دموع الفرح عام 1950.
تزوج سالم خمس مرات الزوجة الأولى كانت من خيرية البكري وكان في الثانية والعشرين من عمره بعد عودته من إنجلترا، أنجبت له ابنته الوحيدة "نهاد"، ولكن بسبب مغامراته الكثيرة أصرت خيرية على الطلاق، لنفصل عنها ويتزوج صديقتها.
ثاني زوجاته كانت من أمينة البارودي، وكانت تجمعها صداقة بزوجته الأولى وهي حفيدة الشاعر الكبير محمود سامي البارودي، وكانت أحد أشهر سيدات المجتمع في ذلك الوقت، دخلت المجال الفني لفترة ولكنها لم تستمر، وانفصلت عن سالم بعد زواج استمر عدة سنوات.
ثالث زوجاته من الفنانة تحية كاريوكا، وتحدثت بعض الصحف أن العلاقة بينهم كانت السبب في طلاقه من "أمينة"، وأحبته تحية كاريوكا بجنون وتزوجا بعد الطلاق مباشرة، وسافروا إلى فلسطين.
ولكن سريعا ما بدأت الصحف تتحدث عن علاقة حب بين سالم والفنانة أسمهان، فأصرت تحية كاريوكا على الانفصال في فلسطين رغم حبها الشديد له.
في فلسطين تعرف على أسمهان ووقع في غرامها وطلب يدها للزواج بعد طلاقه من تحية كاريوكا، وتزوجا وعادوا إلى مصر سويا، ولكن كانت هناك خلافات مستمرة بسبب تمرد أسمهان على قيود سالم.
ووصل الأمر في إحدى المرات أن عادت أسمهان في وقت متأخر ونشب خلاف بينهم وصل إلى إشهار السلاح في وجهها فسارعت صديقتها بطلب النجدة، وحينما جاءت الشرطة تبادل إطلاق النار مع الشرطة، وأصيب برصاصة وكانت حالة خطيرة وكان على مشارف الموت، وبعد إنقاذ حياته انفصل عن أسمهان، وتوفيت بعد الانفصال بعدة أشهر.
يعتبر سالم هو مكتشف الفنانة والراقصة كاميليا التي كانت تجمعها علاقة بالملك فاروق، فتعرف عليها لأول مرة في الإسكندرية، وتنبأ له بمستقبل فني كبير مع وعد بأن تكون بطلة أفلامه.
واختار لها اسم كاميليا بلاد من "ليليان كوهين"، وأتى لها بمن يعلمها التمثيل وفنون الإتيكيت، وأغدق عليها الهدايا الثمينة، ولكنه لم يتزوجها.
أما آخر زيجاته فكانت الفنانة مديحة يسري، وقع في غرام سمراء النيل بعد أن شاركها بطولة فيلم رجل المستقبل، وتزوجا في عام 1946، وقالت إنها الوحيدة التي لم يخنها لحبه الشديد لها ووصفته بأنه كان حنونا.
وأصيب بآلام مفاجئة ودخل لإجراء جراحة الزائدة الدودية، ولكن تعرض لانتكاسة نتيجة جرح الرصاصة السابقة في صدره، وتوفي عن عمر يناهز 39 عاما.
