برز اسم الشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني بين أهم الشعراء المجددين في الساحة الشعرية الإماراتية، فقد تمتع بخيال خصب وملكة شعرية مميزة وأنتج لنا أجمل القصائد العذبة التي لامست قلوب كل من قرأها، وبجانب حبه للشعر فقد اهتم أيضًا بالتراث الشعبي الإماراتي والمسرح، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو أحمد راشد ثاني؟
هو شاعر وكاتب وباحث تراثي إماراتي ولد في عام 1963 في حي المديفي في مدينة خورفكان الساحلية في إمارة الشارقة ويعد من أهم وأشهر الشعراء المجددين في الإمارات وأبرز الكتاب المهتمين بالتراث الإماراتي.
امتلك الشاعر رؤية نقدية لكل شيء حوله وقد عكس هذا الأمر على كتاباته ومؤلفاته النثرية والشعرية، وكانت له العديد من التجارب المسرحية، كما أصدر أشعارًا بالفصحى واللهجة المحلية.
اهتم ثاني بجمع التراث الشفهي في الإمارات ودونه في كتب ومخطوطات، كما اهتم بتوثيق الشعر وحياة أشهر الشعراء في الإمارات والمنطقة العربية، واهتم بدراسة الأسلوب واللغة لهؤلاء الشعراء.
طوال مسيرته الأدبية أصدر الشاعر ما يصل إلى 18 كتابًا بين الشعر والمسرح والدراسات التراثية، وأصدر عددًا من المجموعات الشعرية، فضلًا عن مؤلفات أخرى حكى في بعضها قصص ومواقف عاشها في حياته.
نشأته وحياته
ولد أحمد راشد ثاني في مدينة خورفكان الساحلية، وهي المدينة التي أثرت على نشأته وكانت لها دور مهم في بروز ملكة الشعر لديه. عمل والده في البحر، وقد كان يهدي له كتبًا عن التراث وهو ما أثر بشكل كبير على ميله للتراث الشعبي والثقافة.
نشأ ثاني في منطقة فريج ملتبس، وهي منطقة كان والداه وبعض الجيران هم أول سكانه، وكانت منطقة بسيطة تضم مرعى ومصلى العيد ومقبرة والمقيظ.
ثاني هو الطفل الوحيد، وقد ذكر أن والدته أنجبت طفلًا قبله وطفلًا بعده ولكنها توفيا لذا قررت عندم الإنجاب مرة أخرى وإلى الأبد.
بدأ أحمد كتابة الشعر في السبعينيات تحت رعاية ودعم من الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط، والذي كان يعمل حينها في إمارة الشارقة، وقد كتب الشعر الفصيح والقصيدة النثرية واهتم بجمع التراث وتدوينه، ونشرت قصائده في الصحف والمجلات الإماراتية والعربية.
قصائد أحمد راشد ثاني
نظر الشاعر الإماراتي أحمد راشد ثاني إلى الشعر كونها تجربة جديدة وترجمة لحياة ذات نكهة ورائحة مميزة، وقد نقل لنا حياة البحر والطبيعة التي نشأ فيها إلى أشعاره وامتلك موهبة شعرية إبداعية وخيالًا خصبًا وملكة شعرية عالية.
صدر للشاعر 8 مجموعات شعرية، وكانت مجموعته الشعرية الأولى وهي "سبع قصائد من أحمد راشد ثاني إلى أمه التي لا تعرفه" وهو ديوان باللهجة العامية.
كما أصدر مجموعة شعرية بعنوان "دم الشمعة" عام 1991، و"يأتي الليل ويأخذني"، و"هنا اللذة"، و"ها يداي فارغتان"، و"الغيوم في البيت"، و"جلوس الصباح على البحر"، أما مجموعته الشعرية الأخيرة كانت "الفراشة ماء مجفف".
ومن قصائده المميزة قصيدة "لسان البئر المقطوع"، ويقول فيها:
أنتَ أنا الذي لم يعبرْ
الذي ظل غريقاً في الطوفان
الذي ظل أنينا، وظلاً
على شفةِ البحر؟
أنت الذي لم يتكور كصخرةٍ
لم يُنلْ كقِطاف السرقةِ
لم يقفْ كحائطِ المنتهى
لم يحتطْ كبئرٍ في جحرٍ
لم يُحول النجمةَ إلى مخدّةٍ
ولا النبعَ إلى صنبورٍ
لم يرحلْ
من قصائده أيضًا قصيدة "أي موجة" ويقول فيها:
يصفونَ لي الصحراءَ
وينسونَ حبةَ رمل
في موجةٍ مازالت تركضُ
على البحرِ
يصفونَ خطواتي الكثيرة
على شاطئ البحر
بينما لا يعرف البحر
في أي موجة غَرِقْت
ومن قصائده باللهجة العامية قصيدة من ديوانه الأول يقول فيها:
قوم يَحْمَدْ
قوم باكحل عيونك
باللي ما كحلت به حدّ
قوم
باغني لك للماقَطْ غنيته
غناتي انت
كبدي
يوم تتلف
منّي الكبد
كتب أحمد راشد ثاني
أصدر أحمد راشد ثاني ما يثل إلى 17 كتابًا بين مجموعات شعرية ودوواين ومسرحيات ودراسات تراثية، وقد اهتم بالتراث والأدب وأصدر عددًا من الحكايات الشعبية جمعها في كتاب بعنوان "حصاة الصبر" وقد صدر عام 2002، وهو أول كتاب له في الحكايات الشعبية.
في العام التالي صدر له كتاب آخر عن الحكايات الشعبية بعنوان "دردميس" وضم الكتاب 8 حكايات، ثم في عام 2004 أصدر كتابه الثالث عن الحكاايت الشعبية اسمه "إلا جمل حمدان في الظل بارك" واحتوى الكتاب على 24 حكاية.
له أيضًا مؤلفات أخرى في المسرح والسيرة الذاتية، ومنها مسرحية "الأرض بتتكلم أوردو"، و"على الباب موجة"، و"رحلة إلى الصير"، و"جزائر حبيبتي: عن أيام في مدينة الجزائر"، و"ابن ظاهر: بحث توثيقي في سيرته الشعبية"، كما صدرت له رواية وحيدة وهي "عوشانة".
أحمد راشد ثاني واهتمامه بالتراث الشعبي
كان الشاعر والباحث الإماراتي أحمد راشد ثاني أحمد الباحثين المهتمين بالثقافة الشعبية واكثر نشاطًا وإنتاجًا أدبيًا كذلك، فقد ترك العديد من الكتب والمطبوعات والمخطوطات التي تحدث فيها عن الحكايات الشعبية والتراث الشعبي.
كانت هذه الكتب في البداية دراسات نشرها في الصحف والمجلات المحلية، وقد اهتم بشكل كبيرة بالثقافة وسلط الضوء عليها.
اهتم ثاني في كتاباته عن التراث بمصطلحات شعبية منها "السالفة" وتعيني الحكاية ومرادفاتها كذلك، كما اهتم بالشعر النبطي في الإمارات وبحث عن بداياته.
جهود أحمد راشد ثاني في مجال الشعر الشعبي انقسمت إلى ثلاثة مجالات رئيسية، الجانب الأول يركز على توثيق حياة الشعراء، ومن بينهم الماجدي بن ظاهر يأتي في مقدمة الشعراء الموثقين.
أما الجانب الثاني يركز على توثيق القصيدة النبطية، محاولاً فهم تاريخ نشأتها وتطورها، وكيف وصلت إلى مستوى كامل من حيث الأداة والأسلوب واللغة والموسيقا. والجانب الثالث، فهو تحقيق الشعر الشعبي، حيث قام بتحقيق نصوص شعر الماجدي بن ظاهر ومقارنتها بين الروايات المختلفة، سواء كانت مروية أو مخطوطة أو مطبوعة.
سبب وفاة أحمد راشد ثاني
توفي الشاعر أحمد راشد ثاني في 20 فبراير عام 2012 في مستشفى خليفة بعد صراع مع المرض عن عمر 50 عامًا، وقد توفي بسبب أزمة قلبية ألمت به بشكل مفاجئ ودفن في مسقط رأسه خورفكان.
في عام 2013 تم الاحتفال بالذكرى السنوية لوفاته وتم إطلاق موقع إلكتروني يحمل اسمه وتضمن الموقع معلومات عن حياته وسيرته الإبداعية ومقتطفات من مؤلفاته وكتبه وشهادات الأدباء عنه قبل وفاته وبعدها.
بعد وفاته نعاه كبار الشعراء في الإمارات والخليج والوطن العربي ومنهم الشاعر عبد الله السبب وخالد الظحناني، وأحمد المطروشي، والباحث الجزائري عياس يحياوي والفنان السوداني علي الجاب، والفنان محمد المزروعي، والشاعر إبرهيم محمد إبراهيم وشعراء آخرين.
كما نعى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الشاعر الراحل وأصدروا بيانًا لنعيه عبروا فيه عن أسفهم وحزنهم على وفاة الشاعر واعتبروا وفاته خسارة للإمارات والوسط الفني والثقافي في البلاد.