أحمد راتب الممثل من طراز خاص، وواحد من أكثر الممثلين براعة في الأدوار الكوميدية والهذلية اللاذعة التي تنتقد المجتمع وتواجهه بحقائقه بطريقة ساخرة، شارك في العديد من الأعمال الفنية الخالدة وجسد أدوارًا وشخصيات لا تزال حية حتى الآن.
أحمد كمال الدين راتب العقيلي حسنين واسمه الفني أحمد راتب ولد في 22 يناير عام 1949 في محافظة القاهرة، وهو ممثل كوميدي مصري. بدأ أحمد راتب التمثيل في سن مبكرة في أثناء دراسته في المدرسة، حيث كان مشاركًا دائمًا في مسرحة المدرسة.
درس راتب في كلية الهندسة، ولكنه رسب في السنة الثالثة فيها، فقرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية لدراسة التمثيل، حيث كان يمثل في مسرح الجامعة في كلية الهندسة. بعد حصوله على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1974 بدأ التمثيل في التلفزيون، كما عمل بمسرح الطليعة والسينما، وكانت أدواره كوميدية في البداية ومن ثم نوع بين الكوميديا والدراما.
زوجة أحمد راتب هي سيدة من خارج الوسط الفني اسمها فيرا يوسف، ولديه منها 3 بنات، وهن لمياء، ولبنى ولميس.
كان أحمد راتب محبًا للفن بشكل كبير، ويدين بالفضل لعمله في المسرح للفنان "جورج سيدهم" الذي شاهده على التلفزيون فأعجب به دون أن يعرف اسمه، وظل يجري بروفات كثيرة حتى أسند عليه أول أدواره.
كانت سماته الجسدية هي ما تحدد نوع الأدوار التي تسند إليه، فوجه النحيف ونظراته الكبيرة كانت سببًا في إسناد أدوار تتماشى مع شكله، ولعل أهم أدواره شخصية "سامح عبد الشكور" في مسرحية "سك على بناتك" أمام الفنان فؤاد المهندس.
وكذلك قدم شخصية "رامي البرشومي" الطالب المجد في مسلسل "هند والدكتور نعمان" وعلى الرغم من بساطة هذه الأدوار إلا أنها علقت في أذهان المشاهدين.
أما دوره في فيلم "يا رب ولد" وشخصية "عيسوي" الفنان البوهيمي حيث جسد الشخصية بشكل مبتكر وكوميدي ساخر، وقد ساعدته ملامحه وشكله على أن يقدم الدور بشكل جيد وصادق.
لم تقتصر أعمال الفنان أحمد راتب فقط على الكوميدي وإنما كانت النقلة النوعية بالنسبة له هو تمثيل الدراما، حيث ظلت أدواره في البداية جانبية ولكنه مضحكة وتبرز بسبب براعته والكاريزما التي يمتكلها.
وبعدها جاءت له الفرصة في تمثيل أعمال درامية تمكن من خلالها من إظهار براعته وتميز كممثل محترف ليس فقط في الكوميديا. فدوره في مسلسل "غوايش" بشخصية مجاور وهي شخص شرير تحب إشعال الفتنة بين الأخوة ويمكنها أن تقتل لتحقيق مصالحها.
وقد تمكن من تجسيد هذه الشخصية بكل جوانبها وأظهر جانبًا جديدًا منه كممثل، وساعده أيضًا ملامحه الحادة وعيناه الجاحظتان وشاربه أن يقدم دور الشرير ببراعة. وكان هذا الدور هو فاتحة خير له في تنوع أدوار، حيث بدأ المخرجون يرون فنانًا شاملًا، وليس فقط كوميديان ظريف أمام الكاميرات فقدم العديد من الأعمال المتنوعة بين السينما والتلفزيون.
قدم أحمد راتب أكثر من 130 فيلمًا سينمائيًا، ولعل أشهرهم فيلم ليل وخونة، وفيلم جريمة إلا ربع، وفيلم عمارة يعقوبيان، وعلى باب الوزير، ومطب صناعي، وأنا مش معاهم، ورحلة المشاغبين، وغيرها.
أما المسلسلات فقد شارك في أكثر من 100 مسلسل تلفزيوني وإذاعي، وأشهرهم مسلسل الأب الروحي وهو آخر أعماله الفنية قبل وفاته، ومسلسل مع سبق الإصرار، ومسلسل سكة الهلالي، ومسلسل بابة الحلواني، وأبرياء في المصيدة، وغيرها من الأعمال الفنية المميزة.
أما المسرحيات فقد شارك في 20 مسرحية، وأشهرهم مسرحية سك على بناتك مع الفنان فؤاد المهندس، ومسرحية عفوًا يا هانم، ومسرحية ابنتي الجمية، ومسرحة الواد ضبش عامل لبش وغيرها من المسرحيات. وشارك أيضًا في برامج السيت كوم، حيث قدم 8 أعمال فنية، ومنها مسلسل راجل وست ستات التي ظهر فيها كضيف شرف، ومسلسل شريف ونص، ومسلسل زيزو، وغيرها.
يعد دور "محمد القصبجي" في مسلسل "أم كلثوم" واحد من أهم الأدوار التي قام به في تاريخه الفني، حيث حصل على العديد من التكريمات تقديرًا لأدائه العبقري في المسلسل.
ويقول راتب عن هذا الدور إنه بدأ يجمع كل المعلومات عن الشخصية، كما استمع إلى كل الأغاني التي قام بتلحينها ودقق كثيرًا في كل تفصيلة في حياته حتى يتمكن من تجسيد هذه الشخصية ببراعة.
كما بحث عن موديلات النظارات التي كان يرتديها وسرح شعره بنفس الطريقة حتى تبرز عظام رأسه كما يبدو القصبجي تمامًا، كذلك كان يسأل عن طريقة جلوسه في المسرح لكي يقلده تمامًا.
قدم أحمد راتب العديد من الأعمال الفنية الهامة مع الفنان عادل إمام، ومعظمها أعمال مؤثرة واجتماعية وتمكن من تقديم أدوار مبدعة برزت فيه موهبته وذكاؤه في اختيار الأدوار التي تناسبه.
ولعل أهم الشخصيات التي جسدها مع عادل إمام شخصية "شلبي" في فيلم الإرهاب والكباب، حيث جسد دور شخصية الصعيدي الذي يعمل ماسحاً للأحذية في مجمع التحرير.
وفي الفيلم يقدم شلبي المساعدة لعادل إمام، حيث يمسك سلاحه الذي جاء به من الصعيد هاربًا من القصاص بالثأر منه في جريمة قتل. أما في فيلم المنسي قدم شخصية فرغلي عامل التحويلة في محطة السكك الحديد، فعلى الرغم من أن دوره في الفيلم في مشهدين فقط يحذر فيه البطل من التأخر عليه في نوبته والآخر في نهاية الفيلم ولكن أبدع فيهما.
أما في فيلم "طيور الظلام" جسد شخصية محسن الذي ساعد "فتحي" الذي يقوم به عادل إمام في الحملة الانتخابية، وكان دورًا هامًا أيضًا في مسيرته. وبعدها توالت الأدوار التي يقوم بها مع الفنان عادل إمام، ومنها فيلم اللعب مع الكبار والسفارة في العمارة، والتجربة الدانماركية، وفيلم يعقوبيان.
قبل وفاته شارك في العديد من الأعمال المميزة، وكانت آخر أعماله الفنية في مسلسل "الخروج" في دور أب ضابط متقاعد نتيجة لتعرضه للإصابة.
وقبل وفاته عانى أحمد راتب من مياه على الرئة، ومات بسبب خطأ طبي، حيث وصف له الطبيب دواءً ولكنه لم يخبره متى يوقف هذا الدواء فاستمر بتناوله حتى عانى من تلف الكبد وغيرها من المضاعفات التي أدت إلى وفاته. وتوفي في 14 ديسمبر عام 2016 في مدينة القاهرة عن عمر 67 عامًا، تاركًا وراءه العديد من الأعمال الفنية الخالدة.
