عميدة المنتجين، وأول ممثلة شامية في السينما المصرية، كلها ألقاب حصلت عليها الفنانة آسيا داغر التي أنتجت أعظم الأفلام السينمائية ولم تكن تعرف القراءة والكتابة، وأثرت المكتبة السينمائية المصرية بأفلام خالدة منها الناصر صلاح الدين، تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها في السطور التالية.
من هي الفنانة آسيا داغر؟
اسمها الحقيقي ألماظة غصون داغر هي ممثلة ومنتجة مصرية من أصل لبنانية ولدت في 18 أبريل عام 1901 في قرية تنورين في لبنان، وبدأت مسيرتها الفنية في العشرينيات، حيث بدأت حياتها كممثلة في لبنان في الأفلام الصامتة.
تعد آسيا من أشهر المنتجين في السينما المصرية، وقد أنتجت العديد من الأفلام التي حققت نجاحًا كبيرًا، واستطاعت تكوني إمبراطورية كبيرة، ولكن هذا النجاح لم يستمر طويلًا، إذ تعرضت للإفلاس بعد إنتاج فيلمها "صلاح الدين".
تمكنت آسيا من التغلب على عدم قدرتها على القراءة والكتاب في التمثيل، فقد كانت تستعين بابنتها لكي تقرأ لها النصوص وتحفظها، ورغم أنها أمية إلا أنها برعت في مجال السينما.
زواج آسيا داغر
تزوجت آسيا في سن صغير، وكانت أمية لا تعرف القراءة والكتابة، وأنجبت بنتًا سمتها إيلين، وفي عام 1923 توفي زوجها في وقت كانت الحياة السياسية في سوريا ولبنان غير مستقرة تحت الاحتلال الفرنسي، ولم تتزوج مرة أخرى.
قررت آسيا الهجرة إلى مصر وتحديدًا إلى مدينة الإسكندرية مع ابنتها إيلين أو منى داغر، وابنة شقيقتها ماري كويني التي تزوجت المخرج أحمد جلال.
استقرت آسيا عند ابن عمها أسعد داغر الذي كان يعمل صحفيا في جريدة الأهرام، وقررت فيما بعد أن تخوض تجربة التمثيل في القاهرة لكي تنفق على نفسها وأسرتها.
ابنة آسيا داغر
ابنتها الممثلة منى داغر اشتهرت بأدوار الفتاة الشريرة في السينما، وقد أسلمت في الأربعينيات، وربت آسيا أحفادها المسلمين وهي مسيحية.
تاريخ ميلاد الفنانه آسيا داغر
ولدت الفنانة الراحلة آسيا داغر في 18 أبريل عام 1901.
وفاة آسيا داغر
توفيت آسيا داغر يوم 12 يناير عام 1986 عن عمر 85 عامًا.
هل آسيا داغر مسلمة
لا، كانت الممثلة اللبنانية آسيا داغر مسيحية الديانة.
مشوارها الفني
بعد سفر آسيا داغر إلى مصر، وبسبب عدم إلمامها بأي أعمال أو مهنة تكسب من خلالها مصاريف حياتها قررت السفر إلى القاهرة لدخول مجال التمثيل، وهناك منحتها المنتجة المصرية عزيزة أمير دورا لها في فيلم مصري صامت اسمه "ليلى" عام 1927 لتكون أول فتاة لبنانية تظهر في السينما المصرية.
وفي العام نفسه أسست شركة "لوتس لإنتاج وتوزيع الأفلام" مع ابنة شقيقتها ماري كويني في جزيرة الزمالك، وكانت الاستوديو عبارة عن فيلا في أول الزمالك، وبداخلها يتم التصوير، وفي البدروم يتم عمل مونتاج الأفلام.
على الرغم من أنها لم تكن تجيد القراءة والكتابة، ولكنها تمتع بذكاء فطري مكنها من أن تصبح رائدة في مجال الإنتاج، في الفترة التي لم تحقق نجاحًا كبيرًا كممثلة بسبب أدائها المبالغ في الأفلام الصامتة، فضلًا عن لهجتها اللبنانية الواضحة التي لم تعجب المصريين.
في بداية عملها كمنتجة كانت آسيا تعمل 20 ساعة يوميًا تقريبًا، ولم تكن تملك أموالك للإنتاج، فتعوض النقص في الممثلين من العائلة، كما كانت تجعل ابنة شقيقتها ماري كويني تقرأ لها نصوص الأفلام لأنها لا تجيد القراءة.
في عام 1929 أنتجت أول أفلامها "غادة الصحراء" وشاركت في بطولته أيضًا، وأخرجه المخرج المصري التركي وداد عرفي، وهو من كتب قصته، وشارك في البطولة عبد السلام النابلسي، وصبري فريد، وماري كويني، وهند يونس.
حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في مصر ودمشق، وأصبح أول فيلم مصري يُعرض في سوريا ولبنان، وكرمتها الحكومة السورية وحصلت على وسام الاستحقاق، كما حصلت على 100 ليرة ذهبية مع ميدالية نقشت عليها صورتها، وصُنعت في باريس.
شاركت آسيا بعد ذلك في فيلم "كوكايين"، وفي عام 1931 أنتجت ثاني أفلامها "وخز الضمير" من بطولة أحمد جلال، وماري كويني، ومنسي فهمي، وحقق الفيلم نجاحًا ملموسًا، وكرمتها الحكومة المصرية ومنحتها الجنسية المصرية عام 1933.
اشترت وزارة المعارف نسخة من الفيلم بمبلغ 160 جنيهًا لعرضه كنوع من الدعاية السياحية، حيث تم تصوير الفيلم في المتحف المصري، وأظهر الآثار المصرية في الأقصر وأسوان.
آسيا داغر وثلاثي فني نجاح
استمرت الممثلة آسيا داغر بتشكيل ثلاثي فني ناجح مع ماري كويني وأحمد جلال، وبداية هذا التعاون فيلم "عندما تحب المرأة" الذي ركز على حب المرأة وتضحياتها، وتم اختياره كأفضل فيلم مصري.
في عام 1934 أنتجت فيلم "عيون ساحرة" من إخراج أحمد جلال، وبطولتها بجانب ماري كويني، وعبد السلام النابلسي، ويوسف صالح، وهو أول فيلم خيال علمي مصري، والفيلم رقم 28 في تاريخ السينما المصرية.
كان الفيلم طفرة في فن الكتابة في هذه الفترة، حيث تكلم عن التنويم المغناطيسي، وهو سبب جدل في الأوساط الدينية حينها، لأن التنويم عبارة عن تنويم الشخص وإيقاظه كأنما يتم إحياؤه، وهو ما يتعارض مع الدين الإسلامي.
قالت آسيا إنها مسيحية ودينها لا يحرم ذلك، وتم عرض الفيلم بقرار من رئيس مجلس الوزراء المصري آنذاك عبد الفتاح باشا، وحقق الفيلم إيرادات كبيرة.
في عام 1935 أنتجت فيلم "شجرة الدر" وهو أول فيلم تاريخي مصري ناطق من إخراج وتأليف أحمد جلال، وبطولة آسيا وعبد الرحمن رشدي، ومفيدة أحمد، وماري كويني، وميخائيل عطا الله، ومختار حسين.
أنتجت بعد ذلك فيلم "بنكنوت"، و"زوجة بالنيابة" عام 1936، وفيلم "بنت الباشا" عام 1938، وفيلم "فتش عن المرأة" عام 1939، وفيلم "فتاة متمردة"، و"زليخة تحب عاشور" عام 1940.
في عام 1941 أنتجت فيلم "امرأة خطرة"، و"العريس الخامس"، وفي هذا العام انفصلت ماري كويني وأحمد جلال عن آسيا، فتعاونت مع مخرج جديد وهو المخرج هنري بركات وأنتجا سويًا فيلم "الشريد" التي كانت بداية شراكتهما، ثم فيلم "لو كنت غني"، و"المتهمة".
في عام 1944 أنتجت شركة لوتس فيلم "أما جنان"، و"القلب له واحد"، وفي عام 1945 اكتشفت آسيا داغر الفنانة صباح، وأعطتها أدوار البطولة في عدة أفلام منها "الهانم" التي ظهرت فيه فاتن حمامة وهي طفلة.
بعد فيلم "الهانم" اعتزلت آسيا التمثيل وتفرغت للإنتاج وقدمت مع المخرج هنري بركات سلسلة من الأفلام الناجحة من بطولة العديد من الفنانين منهم فاتن حمامة وكمال الشناوي وشادية وكارم محمود.
من الأفلام التي أنتجتها "العقاب"، و"معلش يا زهر"، وفيلم "ليت الشباب"، و"اليتيمين"، و"الهوا سوا"، و"أشكي لمين"، و"آمال" من إخراج يوسف معلوف وبطولة شادية ومحسن سرحان.
في عام 1952 أعلنت آسيا تعاونها مع صباح وكانت على وشك إنتاج فني من إخراج هنري بركات، ولكن احترق الفيلم في استوديو مصر، ولكنها أعادت تصويره من بطولة ليلى مراد، وفي هذه الفترة انتقلت مصر من الملكية إلى الجمهورية ولكنها صمدت أمام هذا التغير.
قدمت سلسلة من الأفلام منها "حياة أو موت" وحضر العرض الخاص بالفيلم أنور السادات الذي كان وزير الدولة، وحصلت على لقب "سيدة الإنتاج الرفيع".
في عام 1957 أنتجت فيلم "رد قلبي" للأديب يوسف السباعي وحقق الفيلم نجاحًا واسعًا في مصر والوطن العربي، وأصبح من ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصري، والفيلم كان من إخراج عز الدين ذو الفقار وشارك في بطولة شكري سرحان ومريم فخر الدين، وكان من أوائل الأفلام المصرية الملونة.
فيلم الناصر صلاح الدين
بعد نجاح تجربة الفنانة آسيا داغر في فيلم "رد قلبي" دخلت تجربة إنتاجية خطيرة بإنتاجها فيلم "الناصر صلاح الدين" وهو ثالث أفلامها التاريخية بعد "شجرة الدر"، و"أمير الانتقام".
استغرق تصوير الفيلم 5 سنوات من عام 1958 إلى عام 1963، وقم تم اختياره ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصري، وكان من أكثر الأفلام تكلفة وقتها، حيث بلغت تكلفة الإنتاج 200 ألف جنيه مصري.
كتب السيناريو والحوار يوسف السباعي، ونجيب محفوظ، وعبد الرحمن الشرقاوي، ومحمد عبد الجواد، وشارك في بطولة الفيلم أحمد مظهر، وحمدي غيث، وزكي طليمات، ومحمود المليجي، وعمر الحريري، وصلاح ذو الفقار، وتوفيق الدقن، ونادية لطفي، وليلى طاهر، وليلى فوزي وغيرهم.
أخرج الفيلم عز الدين ذو الفقار، ويوسف شاهين الذي أخرج مشاهد الحرب والمعارك في الفيلم، واستخدمت حمام السباحة والبانيو لتصوير المعاركة البحرية في الفيلم.
على الرغم من تكلفة الإنتاج الضخمة ولكن لم يحقق الفيلم إيرادات مالية كبيرة، واضطرت بسبب ذلك إلى رهن منزلها وسيارتها وبيع أثاث منزلها، ولكنها لم تندم على ذلك، وحصلت على عدد من التكريمات والجوائز.
حصلت من وزارة الثقافة على 3 آلاف جنيه مصري مساهمة متواضعة منها لتعويضها عن خسارتها في هذا الفيلم الذي فشلت هيئة السينما في التسويق له بشكل جيد، وأدى إلى إفلاس آسيا والحجز على بيتها وكل ما تملك.
حاولت آسيا أن تقوم من هذه الكبوة فأنتجت عام 1967 فيلم "اللقاء الثاني" من إخراج حسن الصيفي وبطولة أحمد مظهر وسعاد حسني، ولكن لم يحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، فتولت بعد ذلك مهمة المنتج لحساب المؤسسة العامة للسينما وقدمت 3 أفلام وهم "يوميات نائب في الأرياف"، و"أوهام الحب"، و"الشيطان والخريف" عام 1970.
بهذا الفيلم أنهت آسيا داغر تاريخها في الإنتاج الفني الذي زاد عن 20 عامًا و49 فيلمًا لتقدم أعظم الأفلام في السينما المصرية، وتصبح رائدة السينما وعميدة السينما في مصر.