Moondog... رؤية سينمائية جديدة وعصرية ومبدعة!

أيّة شياطين هي تلك التي سكنت رأس المخرج المصريّ "خيري بشارة" عندما قرّر إنجاز هذا الفيلم؟

المخرج، والذي عُرف بأسلوب سينمائيّ مميّز، تعرفنا عليه من خلال أفلام تعتبر علاماتٍ فارقة في السينما المصريّة والعربيّة، منها "الطوق والأسورة" و "يوم مرّ وويوم حلو"، "بشارة" اليوم، ومن خلال فيلم Moondog ينسف كلّ ما سبق، في رؤيّة سينمائيّة جديدة، أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مبدعة وعصريّة، والأهم أنّها لا تلتقي بأيٍّ من المفردات البصريّة التي اعتدناها في أفلام "بشارة" لا من قريب ولا من بعيد، فيقدّم هذه المرة ما يدهشنا لا لفرادته وحسب، بل لكونه نقطة تحوّلٍ هائلة في مسيرة مخرجٍ عريق..

مواد الفيلم ومشاهده، قام "بشارة" بتجميعها من ما صوّره خلال ١١ عاماً، بكاميراتٍ مختلفة، يضمّها معاً في باقةٍ واحدة مقدّماً مركباً جماليّاً عالي المستوى، يتميّز بروحٍ ساخرة، تدعمها الحكاية التي اختارها المخرج ليبني حوّله الفيلم، شخوصه مزيجٌ من أفراد عائلته الحقيقيين وممثلين، يقدمون ما هو أشبه بالحلم والهلوسات، عبر مزجٍ بين الواقع الحقيقيّ والقصص التي تمرّ بها عائلة المخرج عبر هذه السنوات، ولعلّ أهمها انتقالهم من مصر للعيش في الولايات المتّحدة، وبين الحكاية المفترضة وهي تحوّل المخرج "خيري بشارة" إلى كلب، ورحلة البحث عنه، يقوم بها ابنه روبرت..

المدهش في الأمر، أنّ الأحداث ومن خلال تواليها، يمكنها حتماً أن تضعك في مواجهة حقائق وقضايا شائكة، وعلى عدّة مستويات تتأرجح بين ماهو روحيّ، وما هو ماديّ، لنسبر بالمحصلة رحلةً إنسانيّة عميقة ضمن قالب ساخرٍ إلى حدا ما..

في وحدة متكاملة، يسلبك "بشارة" عالمك، فتعيش في عالمه الخاص في الولايات المتّحدة ضيفاً، يسحرك كلّ ما تراه، ويدهشك في كلّ لحظة..

إلا أنّ ما قد يؤخذ على الفيلم هو مدّته الطويلة "١٣٦ دقيقة"، في حين كان من الممكن ضغطه قليلاً فيحقّق المزيد من التأثير في وقتٍ أقصر..

لا يمكن إدراج فيلم Moondog في خانةٍ معيّنة.. فهو كوميديّ وتراجيديّ في آن.. روائيٌ وتوثيقيّ، سورياليّ وواقعي.. إنّه مزيجٌ من الأضاد والخيال والحلم والواقع والجنون..