The Man Inside رحلة تطهيريّة في البحث عن الذات

يدور الحدث في هذا الفيلم الوثائقي حول جزء من حياة مخرجه كريم الغوري، جزء حاضر بقوّة في حياة "الغوري" ولكنّه مجهول المعالم والتفاصيل، فالمخرج يبحث في شخصيّة والده الذي لم يلقه يوماً، حيث ولد بعد هجران الأب لعائلته وزوجته المقيمين في باريس، وزواجه من أخرى فأخرى..

في طقسٍ تطهيريّ، يحبس الغوري نفسه وكاميرته في غرفةٍ في فندق في دولة الكويت، آخر مكانٍ معلوم تواجد فيه الأب، وليس في جعبته سوى رسائل موجّهة لإحدى شقيقاته من والدهما، ورسالة صوتيّة على كاسيت، تعود جميعها لثمانينات القرن الماضي..

يحاول "الغوري" في الفيلم فكّ طلاسم شخصيّة والده الذي كان حاضراً غائباً في حياته، يبحث عن تبريرٍ أو فهمٍ لهذه الشخصيّة ولخياراتها في الحياة..

في الفيلم، تمتزج الحكاية بتفاصيل يلتقطها المخرج في حجرته في الفندق، أدنى التفاصيل قد تكون دليلاً أو خيطاً يسعفه في فهم ماضٍ، وبشفافية عالية يسرد أفكاره وحكايته، فتتعقد التفاصيل وتتقلّب المشاعر في كلّ لحظة، لتعيش حقاً هذه الرحلة التي تخوض في السؤال مع صاحبها، وتصير جزءاً منها..

وفي نهاية المطاف لا يحمل الفيلم إجابةً ولا يتمكن من تفسير الواقع، فما كان قد كان.. وتنطوي تفاصيل هذه الحكاية التي سرّبها "الغوري" إلينا في عالم النسيان، مع دخول المستخدمة العاملة في الفندق وتنظيفها لكلّ الكمّ والفيض الكبير من المشاعر والأسئلة، تعيد الغرفة، حياديّة ورتيبة، تماماً كما كانت عليه قبل سكن هذا النزيل فيها.

The Man Inside فيلم جدير بالمشاهدة، لما يحمله من حسيّة مشهديّة عالية، يزيدها غنّىً التفاصيل الصغيرة والبسيطة التي تكتسب معنىً كبيراً في رحلة البحث عن إجابة..

من الجدير بالذكر أن المخرج "كريم الغوري" حائز على جائزة المهر الذهبي من مهرجان دبيّ عام ٢٠٠٧، عن فيلمه "صُنع في مصر".