وليد توفيق في حوار مميز : ذكائي اكتشفه عبدالحليم حافظ!
وليد توفيق مطرب صدح بصوته الدافيء جنبات العالم،دخل قلوب محبيه من بداياته، يمتاز وليد توفيق بالإضافة إلى موهبته بالغناء بموهبة متميزة في التلحين بدليل نجاح الأغاني التي لحنها لنفسه مثل: وحدك حبيبي وانزل يا جميل عالساحة، عشقك عذاب.
يذكر أن كثيراً من أغاني وليد توفيق حصدت نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير وتركت علامة مميزة في تاريخه الفني، وفي وجدان وذاكرة الجمهور. شارك في العديد من الأفلام السينمائية الناجحة، منها : سمك بلا حسك مع دريد لحام، قمر الليل مع ليلى علوي، أنا والعذاب وهواك مع صابرين، وداعاً للعزوبية، ساعي البريد، إلا أن أنجحها كان فيلم من يطفئ النار مع فريد شوقي وآثار الحكيم ورغدة، التقينا به، و دار هذا الحوار :
بدايةً .. أستاذ وليد، كيف كانت بدايتك الفنية وهل لك أن تحدثنا عن أبرز المواقف التي مرت بك في هذه البداية؟
أما عن بدايتي الفنية فقد نشأت في أسرة من عائلات طرابلس بلبنان, يغلب عليها الطابع المحافظ, ولم أكن بمنأى عن حب الفن وتذوقه, ولكن لم أستطع أن أخوض هذا المجال في البداية خوفاً من أمي التي كنت أحذر من غضبها لن أبالغ إن قلت بأنني أحذر منها أكثر من حذري من والدي، وفي أحد البرامج التلفزيونية وهو برنامج ستوديو الفن, حيث كانت تشاهده والدتي دائماً, لأن هذا البرنامج استضاف أجمل الأصوات العربية, وبعد أن قمت بتسجيله وجاء موعد بثه حاولت أن أغلق التلفاز حتى لا تشاهدني الوالدة, ولكنها أصرت على المشاهدة, وإذ بمقدم البرنامج يقدمني كصوت واعد وفنان جديد, فتفاجأت الوالدة بذلك , ولم تصدق أنه ابنها, وكأني مجرد شبيه لوليد توفيق, ولما تأكدت من أن ابنها هو الشخص المعني كانت ردة فعلها بشكل مفاجئ : بسم الله الرحمن الرحيم، دمعت عين الوالدة- رحمها الله- التي افتقدتها من سنة تقريباً , وكانت دموعها دموع فرح ودموع حزن في نفس الوقت, فقد كانت تريدني أن أكون طياراً أو طبيباً أو مهندساً, لأن الفن في تلك الأيام (ما يأكل عيش) ولكنها ولله الحمد رأت ابنها فيما بعد فناناً له اسمه ومكانته.
ما هو سر حبك للسعودية ؟
ارتباطي قوي بالمملكة منذ زمن, لأن والدي رحمه الله ممن يسكن هذه الأرض وقد جاور رسول الله عليه الصلاة والسلام, وعندما وافته المنية دفن بمكة المكرمة, وكذلك عمي رحمه الله عندما تردت حالته الصحية طلب منا أن ننقله إلى الرياض وأن يدفن فيها, فكان له ذلك, حيث ووري جثمانه ثرى الرياض وستظل أمنيتي أيضاً أن أدفن بجانب والدي في مهبط الوحي مكة, هذا من جهة ومن جهة أخرى تربطني صداقات قوية بأصحاب السمو الملكي الأمراء في هذا البلد, والعديد من الفنانين والإعلاميين ورجال الأعمال, وأكن لهم كل حب وتقدير, كما أجد منهم حسن التواصل والتعامل وروح الأخوة، وكذلك علاقتي القوية بالشعب السعودي الذي كان وما زال يتابعني في كل أعمالي الفنية.
كيف ترى الفن حالياً وما يقدم للمشاهد على الشاشات العربية؟
أود أن أذكر أن هناك فرقاً شاسعاً فيما كنت أشاهده في بداياتي الفنية, وما أشاهده حالياً، حيث كانت الرقابة الإعلامية والرقابة المنزلية في ذلك الوقت مشددة في كل ما يطرح وكل ما يقدم للمشاهد, فكان هناك انتقاء جيد لما يراه ويستمع إليه المتلقي, أما الآن فقد اتسع مفهوم هذه الرقابة وأصبحت مرنة, فأصبحنا نشاهد أعمالاً قد لا تليق بالمتلقي, ومع ذلك تقدم له بشكل متكرر, وهذا هو الفرق الأساسي بين الماضي القريب والحاضر العجيب.
حدثنا عن زيارتك الحالية للسعودية؟
قدمت للملكة أولاً لأداء العمرة ومن ثم زيارة قبر والدي رحمه الله، وقمت أيضاً بزيارة المشروع العالمي (السلام عليك أيها النبي) والذي أسسه الدكتور ناصر مسفر الزهراني ومجموعة من الدعاة الأفاضل, فوجدته مشروعا عالمياً يقوم بتعريف الناس عن الرسول الحق عليه الصلاة والسلام, وكيف كانت دعوته للسلام والأمن وحفظ الحقوق ومحاسن الأخلاق، بعد ذلك قمت بزيارة هرم الأغنية السعودية وكاتب نشيدها الوطني الشاعر القدير إبراهيم خفاجي، كما كنت ضيفاً في البرنامج التلفزيوني ( جواز سفر ) والذي يقدمه الصحفي المخضرم علي فقندش، ومما أسعدني وفاجأني بعد تصوير الحلقة هو تواجد العديد من الفنانين السعوديين الذين رحبوا بتواجدي, وكان منهم: فنان العرب محمد عبده وملك العود الفنان عبادي الجوهر, كما فوجئت أيضاً بوجود الفنان المصري القدير حسن حسني, فكان تجمعاً فنياً مميزاً, تشرفت فيه بكل الحضور من الأصدقاء الفنانين والزملاء الإعلاميين، كما التقيت أيضاً بأبناء رفيق عمري الراحل الكبير طلال مداح- رحمه الله- وتذكرت بهم أجمل أيام حياتي معه والأعمال التي جمعتنا سوياً, حيث غنيت له ( عيني يا سهرانة) وغنى لي من ألحاني ( السعودية يا حبي أنا ), كما التقيت الفنان الجميل والصديق العزيز علي عبد الكريم وهو صديق وزميل لي منذ زمن بعيد وقامة فنية مميزة.
ما هو جديد وليد توفيق الفني الذي يعد به جمهوره ؟
انتهيت من تسجيل العديد من الأغاني التي ستصدر في ألبوم باسم (أغاني أحببتها), وكذلك فقد ارتبطت حالياً بإقامة العديد من الحفلات في الدوحة وأمريكا وأقوم بتجهيزها الآن، أيضاً لا يفوتني أن أذكر أن هناك تعاوناً سيكون قريباً بيني وبين الشاعر القدير إبراهيم خفاجي وفنان العرب محمد عبده وعبادي الجوهر.
نود أن نعرف رأيك في الجائزة الوطنية للإعلاميين في السعودية بعد أن قمت بزيارة مقر الجائزة في جدة؟
تتربع المملكة على مكانة متميزة في الإعلام العربي والعالمي، حيث هيأت لهذه الصناعة الأرضية المناسبة التي تضمن لها التألق والتقدم ومسايرة ركب الحضارة والتغير الذي يشهده العالم، وتوظيف ذلك للتعبير عن سياستها وتعزيز علاقتها مع مختلف الدول، حيث حظيت بالتقدير والاحترام على المستويات الإقليمية والعربية والعالمية، فهي لاعب رئيس في نشر السلام ونبذ الصراعات والاختلافات, والحرص على التعاون وبناء روح الألفة والمحبة، إضافة إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رجل السلام الأول, ومؤسس مشروع الحوار واحترام ثقافات الشعوب.
أين وليد من المسرح ؟
أنا من عشاق المسرح ولكن طبيعتي لا تتلاءم معه، فلا أستطيع تكرار الحوار والأغنيات كل ليلة على مدى عام على الأقل، وهذا سبب رفضي تقديم عملٍ مسرحي منذ بداية مشواري الغنائي، ولكني من عشاق السينما, وهي الشاشة الساحرة التي تُخلِد أعمال المطرب في آذان وأعيُن الجمهور على مدار الأعوام, ومهما تغيب عن الساحة تُفكِّر المستمع بي.
ماذا تقول لجمهورك العربي والسعودي خاصة ؟
حقيقة أنا هنا سعيد بينكم وبين جمهوري في السعودية, الذين أفرح بهم كفرحتهم بي, وأقول لهم وللجمهور العربي أنتم في عيون وليد توفيق, ودائماً أفكر في كل ما يرضي ذائقتكم ويليق بأسماعكم, أتمنى لكم كل التوفيق ولكم مني الحب كما بادلتموني به.
في إحدى جوائزك التي حصلت عليها أهديتها لروح الموسيقار الراحل بليغ حمدي، حدثنا عن السبب، و هل هناك علاقة تربطك به؟
لأن له أفضالاً كثيرة عليَّ، حيث تعلّمت منه الكثير، وتوجيهاته لي كانت الحافز في سرعة صعودي للنجومية، وفي منزل بليغ حمدي رأيت وجلست مع كبار نجوم الغناء العربي، والذين كنت أسمع عنهم، وأكثر شخصية تمنّيت أن أراها عبد الحليم حافظ ،حتى حدث هذا في عام 1974..حيث رأيت صورته عندما وصلت مطار القاهرة, وتحتها عنوان أغنيته «نبتدي منين الحكاية»،فانبهرت بعبد الحليم حافظ قبل أن أراه، وعندما دخل وجدت جميع الحضور رجالاً ونساءً يقِفون لاستقباله, كأنه زعيم، وعندما دخل قام بالمصافحة والحديث مع كلِّ شخص على حِدة، وعندما وصل عندي قال: كيف أهل لبنان ؟ فأجبت الحمد لله ،وبعدها عزف عليَّ العود وغنى مقطوعة من أغنية «أي دمعة حزن لا»..لدرجة أنني بكيت من إحساسه المرهف بالكلمات، والذي أبهرني حقاً جلوس جميع الحضور من الرجال والنساء على الأرض حوله , وهو جالس على كرسي وفجأة قال لي :سمِّعني حاجة ..وكنتُ أجيد العزف على العود بمهارة، ولم أكن واثقاً من إمكانياتي كمطرب، وعزفت أغنيتي «قمر الليل يا قمري «..وإذا به يقول: لا غنّي ..فغنّيت أغنيتي التي لم تكن معروفة في مصر، وبعدها وجدته يقول: أنت ذكي جداً ،لأنك لم تُغنِّ لأي مطرب معروف ولا حتى أنا، وبعدها أخذني معه إلى أحد الفنادق الكبرى, وكنا يومياً نجلس سوياً ساعتين على الأقل لكي أتعلم منه.
هل أنت راضِ عن أعمالك السابقة؟
أرى في بعض أعمالي اختلافاً عن الآخرين، منها ما كنت أراه أنه لم يكن بالمستوى المطلوب, وكانوا يؤكدون لي أنها أعمالٌ جيدة, وأن وجهة نظري ليست في مكانها الصحيح، ومع الوقت اكتشفت أنني كنت على صواب، فتلك الأعمال لم تحقق النجاح المرجو منها، لذلك لم أعد أعتمد على آرائهم, بل أتبع حدسي في اختيار أعمالي, ولو أستغرَق هذا سنوات.
كلمة أخيرة..
يسعدني أن تجرون معي هذا الحوار, في مجلة سعودية مثل «ليالينا» لها تميزها ووجودها بين المجلات العربية.