هيومن رايتس ووتش توثق اعتداءات جنسية على اللاجئين في مصر
"أقفل أحد الرجال على ابنتي البالغة من العمر ست سنوات وابني البالغ من العمر عامين في غرفة المعيشة، بينما احتجزني الآخر في غرفة النوم. كان معه سكين وهددني قائلا "إذا بكيت، سأعطي هذا سكين لصديقي وسيقتل أطفالك، ثم قام باغتصابي. بعد أن غادرا، جاء أطفالي إلى غرفة النوم، وبكينا جميعا بحرقة".
قصة سارة *، نشرتها هيومن رايتس ووتش في آخر تقاريرها الصادر بتاريخ 24 نوفمبر / تشرين الثاني. هي لاجئة سودانية تبلغ من العمر 32 عامًا، واحدة من ست نساء من طالبات اللجوء أو اللاجئات، تعرضن لاعتداءات جنسية واغتصابات بين عامي 2016 و 2022، حسب ما يحكينه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
حادث اغتصاب سارة وقع في الثامن من فبراير/شباط 2022، حسب ما تحكيه لـ هيومن رايتس ووتش، بعد خروجها مع طفليها في المساء، للتبضع في إحدى ضواحي القاهرة حيث تعيش. كما تحكي أنها تعرضت لاعتداء جنسي أول في ديسمبر/كانون الأول 2016.
"لا يمكنني تقديم بلاغ"
تقول سارة إنها عندما عادت إلى شقتها، وجدت رجلين، تعتقد أنهما من السودان حسب لهجتهما"، سارا خلفها ودفعاها وأطفالها إلى الشقة ثم أغلقا الباب. بعد يومين، قررت سارة إبلاغ الشرطة بالحادثة. لكن لدى وصولها إلى مركز الشرطة "أوقفني موظف عند البوابة الأمامية للمركز، سألني إذا كان لدي أسماء أو عناوين الرجلين، وهو ما لم أتوفر عليه، فقال لي "لا يمكنك التبليغ إذا"، وبذلك لم يسمح لي حتى بالدخول إلى مركز الشرطة".
نتيجة هذه الحادثة، أصيبت ابنة سارة "بسلس البول"، وتسألها دائما منذ حدوثها "ماما هل سيعودون مرة أخرى؟".
عندما كانت سارة حاملاً بابنتها في عام 2016 ، تعرضت لاعتداء جنسي، كان المعتدي رجلا مصريا يجلس في الحافلة بجوارها في القاهرة. تتذكر سارة قائلة "كنت حاملاً في هذا الوقت، وبدأ رجل مصري يجلس بجواري يلامس جسدي. طلبت منه أن يرفع يديه عني، لكنه أظهر لي بعض النقود للسماح لي بذلك، صرخت في وجهه وتوقفت الحافلة، وألقى معظم الركاب باللوم علي، قائلين إنني لست امرأة محترمة".
ضحية احتجزت لمدة ثلاثة أيام
مُنعت سعاد* أيضا من التبليغ ضد مغتصبيها، إنها طالبة لجوء تبلغ من العمر 53 عامًا، لم تتمكن من تقديم شكوى لأنها لم تكن تعرف أسماء وعناوين مغتصبيها.
في يونيو/حزيران 2021، كانت سعاد في منزل عروس لتقوم بنقش يديها بالحناء هي وباقي أفراد أسرتها. قضت ي منزلهم حوالي 12 ساعة، مؤكدة أن "كل شيء مر على ما يرام". حصلت سعاد على أجرها من الأسرة، ثم تطوع شاب من العائلة لإيصالها إلى منزلها.
تقول سعاد إنها غفت في السيارة، وعندما استيقظت وجدت نفسها في قبو أحد مواقع البناء "عارية تمامًا ويديّ ورجليّ مقيدتان وفمي مغلق بشريط لاصق". لم تجد الرجل الذي كان سيوصلها إلى منزلها بين المختطفين، لكن ثلاثة شبان مصريين، هم من احتجزوها في القبو لمدة ثلاثة أيام، وقاموا بتخديرها لتسهيل اغتصابها.
"لمدة ثلاثة أيام، أعطوني الماء والتمر والشاي فقط. وكلما شربت الشاي، كنت أنام لفترة طويلة، وخلال هذا الوقت كانوا يغتصبونني. عندما استعدت وعيي، سألتهم باكية "لماذا تفعلون هذا؟ وقالوا "سوف نطلق سراحك بعد أسبوعين عندما تحملين. أخبرتهم أنني لن أصبح حاملاً في عمري هذا، فقالوا "إذن دعينا نستمتع بلون البشرة الأسود هذا"، كما قاموا بإطفاء السجائر في عدة أجزاء من جسدي".
جاء رجل مسن إلى المكان الذي كانت سعاد محتجزة فيه، وقام بضرب الشباب وشتمهم، ثم أعطاهم مفاتيح سيارته وطلب منهم أن يطلقوا سراحها في مكان بعيد، وهددهم أنه سيتصل بالشرطة. تحت تهديد هذا الرجل الذي يقربهم ربما، قام الشباب الثلاثة برمي سعاد في مكان لم تعرفه، وأخذوا كل نقودها وهاتفها المحمول.
أغمي عليها في الشارع و "لم تستطع التحدث على الإطلاق"، لكن بعدما نقلها المارة إلى مركز الشرطة، أخبرها أحد الضباط أن "مجموعة من الشباب خدعوك وسرقوا ما تمتلكين، لن يفعلوا شيئا آخر. لقد حدث الأمر الآن، شكواك لن تغير ما جرى".
بعد يومين، كانت سعاد ما تزال في حالة صحية حرجة، إذ كانت تنزف كثيراً، وحاولت رفع بلاغ في مركز شرطة آخر. قيل لها هناك "أنت تحاولين فقط الحصول على تقرير واستعماله للسفر إلى أوروبا [في إشارة إلى خطط إعادة توطين اللاجئين التي تسهلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين]، والحصول على أموال من المفوضية".
حوادث متعددة
تروي أمل*، وهي لاجئة سودانية أخرى تبلغ من العمر 29 عامًا، تجربة حدثت لها وصديقتها في أغسطس/آب 2017. ركبت أمل وصديقتها سيارة نقل عام مع ثلاثة ركاب مصريين وسائق، باتجاه مدينة قريبة من القاهرة. في الطريق، لاحظت هي وصديقتها أنهم يسلكون طريقًا مختلفًا عن المؤدي لوجهتهما. عندما سألوا السائق "قام أحد الركاب بإظهار سكين وطلب من صديقتي أن تصمت، وأبرز آخر صادماً كهربائياً وهددني أيضاً".
قام الرجال باغتصب أمل وصديقتها ثم تركوهما في منطقة نائية. تقول "ظللنا نسير على أقدامنا إلى أن وجدنا طريقًا رئيسيًا. كانت ملابسنا ممزقة وحالتنا مزرية". وتؤكد المتحدثة أنها وصديقتها حاولتا إيقاف سيارات طلباً للنجدة، لكن الكثير من السائقين مروا دون توقف لمساعدتهما. "إلى أن توقف رجل بعد وقت طويل وقادنا إلى أقرب محطة مواصلات. كان الجميع في الشارع ينظرون إلينا ويسألون :ماذا حدث لكما؟".
دخلت أمل وحدها للإبلاغ عن الحادث، لأن صديقتها كانت تخشى اكتشاف زوجها للأمر. لكن في مركز الشرطة، تحكي أمل أن ضابط الشرطة بدوره بدأ يلمس جسدها ويسأل "كيف اعتدوا عليك؟ أريد أن أرى كيف حدث هذا". لتغادر أمل المحطة دون تقديم أي بلاغ.
قبل عام من هذا الحادث، تقول أمل أنه في يوليو / تموز 2016 تعرضت للاغتصاب الجماعي من قبل المهربين الذين جلبوها إلى البلاد رفقة زوجها.
اعتداء جنسي في قسم الشرطة
لاجئتان يمنيتان، إحداهما متحول جنسي والأخرى فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً، أبلغتا عن اعتداء جنسي كذلك نشر في تقرير هيومن رايتس ووتش. إيمان* حكت للمنظمة أنها تعرضت للمضايقة من قبل رجال مصريين في طريقها لشراء البقالة في يناير/كانون الثاني 2022.
"اقتربوا مني تحرشوا بي لفظياً، واضطررت للبقاء في المتجر مدة طويلة إلى أن غادروا. في الطريق، ظهر هؤلاء الرجال مرة أخرى في سيارة وطلبوا مني ركوبها. هددوني بسكين، واقتادوني إلى منطقة نائية. حاولت المقاومة ولكن لم أستطع لقد اغتصبوني جميعاً ثم ألقوا بي في الشارع".
وقالت إيمان لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تفكر في الإبلاغ عن تلك الحادثة لأنها قضت بالفعل عقوبة بالسجن بتهم "أخلاقية" مرتبطة بهويتها الجندرية. خلال تلك الفترة، في عام 2020 ، تحكي أنها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل ضابط شرطة في القاهرة.
تحكي إيمان في تقرير هيومن رايتس ووتش أن ضابط شرطة "جاء إلى الزنزانة التي كنت محتجزة فيها وطلب من جميع النزلاء الخروج إلى الممر باستثنائي، طلب مني بعد ذلك خلع قميصي، وبدأ في النظر إلى ثديي، ثم بدأ يلمسني، بعد ذلك، تظاهر أنني كنت أتحرش به وبدأ يضربني على وجهي حتى نزفت من أنفي".
حامل بعمر 11 سنة
آخر الحوادث التي كتبت عنها هيومن رايتس ووتش هي حادثة فاطمة *، التي كانت تبلغ من العمر 11 عامًا فقط في عام 2020 عندما تعرضت للاغتصاب حسب ما تحكيه. فاطمة طالبة لجوء يمنية، اعتدى عليها سائق توك توك مصري خلال ذهابها لشراء البقالة.
"عادت فاطمة تبكي وكان وجهها أحمر" تتذكر والدتها أنها سألتها عما حدث، فقالت إن السائق المصري أخذها إلى منطقة نائية وطلب منها خلع سروالها.
بعد شهر تحكي والدتها أنها اكتشفت انقطاع دورتها الشهرية. تقول "لقد صدمت لأني ظننت أنها لا تزال عذراء، لذلك طلبت مساعدة طبيب جار. فحص ابنتي وأخبرني أنها حامل. أخذتها إلى أكثر من طبيب لإجراء إجهاض، لكن الجميع رفضوا".
في النهاية، تمكنت والدة فاطمة من الحصول على حبوب أنهت عبرهم حمل ابنتها القاصر، لكن بعد الإجهاض "مرضت فاطمة كثيراً، لم تكن مدركة لما يحدث". واضطرت والدتها أن توضح لها كل شيء.
"العنف الجنسي المتفشي"
تتهم هيومن رايتس ووتش السلطات المصرية "بالفشل في حماية اللاجئين وطالبي اللجوء من العنف الجنسي المتفشي". وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "لا يقتصر الأمر فقط على عدم حماية النساء والفتيات اللاجئات في مصر المعرضات لخطر العنف الجنسي، ولكن يبدو أن السلطات لا تهتم أيضا بالتحقيق في حوادث الاغتصاب وعرض المغتصبين إلى العدالة".
في عام 2017، خلص تحقيق أجرته مؤسسة طومسون رويترز إلى أن القاهرة، حيث يعيش أكثر من ثلث اللاجئين في مصر، "كانت أخطر مدن العالم على النساء". يرتفع هناك معدل الجريمة بشكل أكبر في الأحياء الفقيرة، حيث يعيش العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء.
وفقًا لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى غاية أغسطس/آب 2022، تم تسجيل أكثر من 288 ألف لاجئ وطالب لجوء في مصر. وخلال عام 2021، قالت المفوضية إنها تلقت أكثر من 2300 طلب نجدة بسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي لأكثر من 2300 لاجئ مسجل. في عام 2019، أكدت المفوضية أن الاغتصاب هو الشكل الأكثر شيوعًا للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الاجتماع ، وأن الأشخاص القادمين من إفريقيا هم الأكثر عرضة له.
* أسماء الضحايا في تقرير هيومن رايتس ووتش مستعارة، لأجل حماية هويتهن
مهاجر نيوز