هل هواتف الذّكاء الاصطناعي هي مستقبل الهواتف الذّكية؟
في حوارٍ مع مجلة عربية .Inc، تحدَّثَ رامي عثمان، مديرُ تطويرِ الأعمالِ لمنطقةِ الشّرق الأوسطِ وأفريقيا في شركة ميدياتك (MediaTek) التّايوانية لتصنيعِ أشباهِ الموصلاتِ، ودارين تشين، مديرُ التّخطيطِ الاستراتيجي لتكنولوجيا الذّكاء الاصطناعي في شركة أوبو (OPPO)، عن مستقبلِ الهواتفِ الذّكيةِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي والتّحدياتِ الّتي تواجهُ الشّركاتِ المُصنِّعَةَ للهواتفِ والرُّقاقاتِ الإلكترونيةِ لتلبيةِ احتياجاتِ المستهلكين المتغيِّرةِ.
مع الوعودِ الكبيرةِ التي يحملُها الذّكاءُ الاصطناعيُّ لإحداثِ ثورةٍ في مختلفِ الصناعاتِ، ليس من المستغربِ أن تعملَ شركاتُ التّكنولوجيا الاستهلاكيةُ بشكلٍ وثيقٍ مع مُصنِّعي الرقائقِ لجعلِ الذّكاءِ الاصطناعي في متناولِ المستهلكين.
يقولُ رامي عثمان، مديرُ تطويرِ الأعمالِ لمنطقةِ الشّرقِ الأوسطِ وأفريقيا في شركةِ ميدياتك: "سيكون الذّكاءُ الاصطناعي نقطةَ تحوّلٍ أكثر تأثيراً وأهميةً في الهواتفِ المحمولةِ مقارنةً بالحواسيب". ويؤكّدُ أنّه مع نموِّ سوقِ الهواتفِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي، يجبُ أن تتطوّرَ التكنولوجيا بسرعةٍ لتلبيةِ توقُّعاتِ المستهلكين.
تعتبرُ شركةُ ميدياتك (MediaTek)، المُزَوِّدَ الأكبرَ عالميّاً للرُّقاقاتِ الإلكترونيةِ للهواتفِ الذّكيةِ، رائدةً في تطويرِ الأنظمةِ على الرقاقةِ (SoC) للهواتفِ الذّكيةِ ووسائلِ التّرفيهِ المنزلي والاتصالِ وإنترنتِ الأشياءِ (IoT). إذ تسهمُ ابتكاراتُها في جعلِها قوّةً محرّكةً في عدةِ مجالاتٍ تكنولوجيةٍ رئيسةٍ، بما في ذلك تكنولوجيا الهواتفِ الذّكيةِ الفعّالةِ من حيث استهلاك الطّاقةِ، وحلولُ السّياراتِ، ومجموعةٌ واسعةٌ من المنتجاتِ المتقدّمةِ مثل الهواتفِ الذّكيةِ والأجهزةِ اللّوحيةِ والتّلفزيوناتِ الرقميّةِ وتقنيّاتِ الجيلِ الخامسِ (5G) وأجهزةِ المساعدِ الصوتيِّ (VAD) والأجهزةِ القابلةِ للارتداء.
لتلبيةِ احتياجاتِ المستهلكين المتغيِّرةِ، تعملُ ميدياتك بشكلٍ وثيقٍ مع شركاتِ الإلكترونياتِ الاستهلاكيةِ مثل أوبو (OPPO) لبناءِ تكنولوجيا تدعمُ الأجهزةَ الأكثرَ قوةً وكفاءةً.
ومع نموِّ سوقِ الهواتفِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي، تدمجُ شركاتٌ مثل أوبو الذّكاءَ الاصطناعي في هواتفِها، ويشيرُ دارين تشين، مديرُ التّخطيطِ الاستراتيجي لتكنولوجيا الذّكاءِ الاصطناعي في أوبو، إلى أنّ أكبرَ نقطةِ تحوُّلٍ في استخدامِ الذّكاءِ الاصطناعي من قبلِ المستهلكين كانت الانتشار الواسع للذّكاءِ الاصطناعي التّوليدي (Generative AI) في أواخرِ عامِ 2022.
هذا وتعدُّ الهواتفُ الذّكيةُ الوسيلةَ المثلى للوظائفِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي؛ نظراً لقدراتِها الشّاملةِ على الإدخالِ والإخراجِ وقدراتِها المتزايدةِ باستمرارٍ في مجالِ الحوسبةِ. وبالتّالي، تلعبُ الهواتفُ الذّكيةُ دوراً حاسماً في جعلِ تكنولوجيا الذّكاءِ الاصطناعي متاحةً للجميع، وسيكونُ لمُصنِّعي الهواتفِ دورٌ رئيس في هذه العمليّة.
يقول تشين: "من منظور أوبو، المرحلةُ الثالثةُ في تطوُّرِ الهواتفِ الذكيّةِ تتمثّلُ في الهواتفِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي، هذا التطوُّرُ لا يعتمدُ على تقنيةٍ واحدةٍ فقط، بل يُعتبرُ الذكاءُ الاصطناعيُّ التوليديُّ (Generative AI) دافعاً رئيساً في هذه المرحلة. يُسهِّلُ الذكاءُ الاصطناعيُّ التوليديُّ الاستفادةَ من تقنياتٍ مثل اتصالاتِ الجيلِ الخامسِ (5G) والأنظمةِ على الرّقاقةِ (SoCs)، ممّا يسمحُ للذّكاءِ الاصطناعيِّ الهجينِ بالعملِ بكفاءةٍ على الهواتفِ الذّكية".
يتفّقُ كلٌّ من عثمان وتشين على أنّ الموجةَ الأخيرةَ من الذّكاءِ الاصطناعي تشكّلُ علامةً فارقةً في تطورِ الهواتفِ الذّكيةِ خلال العقدِ الماضي. ويتوقّعُ تشين أنّه بحلولِ نهايةِ هذا العام، سيكونُ هناك 170 مليونَ هاتفٍ مدعومٍ بالذّكاءِ الاصطناعي في السّوقِ العالمية، وأنّ استراتيجيةَ أوبو هي جعلُ الهواتفِ الذّكيةِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي متاحةً للجميع عبر جميعِ خطوطِ منتجاتِها، متوقّعاً أن يصلَ عددُ مستخدمي هواتفِ أوبو المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعي إلى 50 مليونَ مستخدمٍ بحلولِ نهايةِ هذا العام.
التّحدياتُ التي تواجهُ دمجَ الذّكاءِ الاصطناعي في الهواتفِ الذّكيةِ
يشيرُ تشين إلى أن الذّكاءَ الاصطناعيَّ التوليديَّ قد غيَّرَ توقُّعاتِ المستخدمين في السّنواتِ الأخيرةِ، ولكنّ التّكنولوجيا كانت مدمجةً في الهواتفِ الذّكيةِ لسنواتٍ، مما أتاحَ للمستخدمين تنفيذَ مهامٍ أكثرَ تعقيداً. ويعتقدُ تشين أنّ تطورَ الأجهزةِ والبرامجِ سيغيّرُ تفاعلاتِ الإنسانِ مع الهواتفِ، ممّا يسمحُ للمستخدمين بتثبيتِ وكلاءِ الذّكاءِ الاصطناعي على هواتفِهم لمساعدتِهم في معالجةِ البياناتِ والتّخطيطِ واستخدامِ أدواتِ الذّكاءِ الاصطناعي في حياتِهم اليومية، ممّا سيخلقُ جيلاً جديداً من المساعدِين الشخصيِّين الأذكياء.
ويقولُ تشين: "أعتقدُ أنّه في السّنواتِ الخمسِ إلى العشرِ القادمةِ، سنرى هاتفاً ذكيّاً يعتمدُ كليّاً على الذّكاءِ الاصطناعي". ويشيرُ إلى أنّه لدعمِ التكنولوجيا المتطوّرةِ بسرعةٍ، يجبُ أن تصبحَ بنيةُ الأجهزةِ وراءَ الهواتفِ أكثرَ كفاءةً، مع تقدّمٍ كبيرٍ في الأنظمةِ على الرّقاقةِ لدعمِ الذّكاءِ الاصطناعي على الجهاز.
ويتفّقُ عثمان على أنّ الذّكاءَ الاصطناعيَّ التّوليديَّ يغيّرُ كيفيّةَ تفاعلِنا مع الأجهزةِ. ويقولُ: "لا يزالُ الجميعُ يحاولون تحديدَ حالاتِ الاستخدامِ الأساسيّة. لكنّني أعتقدُ أنّ العلامةَ الفارقةَ الرّئيسةَ في العامين الماضيين كانت تشغيلَ نماذجِ اللغةِ الكبيرةِ (LLMs) على الأجهزةِ المتطوّرةِ باستخدامِ معالجاتِ ميدياتك وشركاتٍ أخرى".
كقائدٍ في ميدياتك، الّتي تصمّمُ التكنولوجيا وراءَ الإلكترونياتِ الاستهلاكيّةِ، يدركُ عثمان تماماً تحدّياتِ دمجِ الذّكاءِ الاصطناعي في حياة المستخدمين اليوميّين. ويضيفُ: "أحدُ الأمورِ التي قد لا يدركُها المستهلكون، ولكنّنا نشعرُ بها كلاعبين في مجالِ التّكنولوجيا، هو تعقيدُ نماذجِ الذّكاءِ الاصطناعي. فهناك عددٌ كبيرٌ جداً من نماذجِ اللّغةِ الكبيرةِ (LLMs) للذّكاءِ الاصطناعي التّوليدي، ممّا يزيدُ من العبءِ على وحدةِ معالجةِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ (APU). لذا، يجبُ علينا جميعاً العملُ معًا لتوحيدِ النّماذجِ وتبسيطِها، وإلّا فقد تصبحَ الأجهزةُ مرهقة".
ويختتمُ عثمان بالقول: "علينا أن نستمرَّ في دفعِ حدودِ البحثِ والتّطويرِ للحفاظِ على الهواتفِ الذّكيةِ بنفسِ الحجمِ والشّكلِ والسّعر".