هل براءة الاختراع ضرورة؟
"هل حصلت على براءة اختراع Patent؟
أخبرتنا شركة ناشئة أنّ هذا السؤال غالباً ما يُطرح، وهو يُطرح في الواقع أكثر من اللزوم. إذاً، هل يستحق الأمر العناء؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
بالمختصر المفيد، نعم. فإذا حصلتَ على فكرةٍ ممتازة، وشعرتَ أنّها قد توصلك إلى مراتب أفضل في قوائم أنجح وأبرز رجال الأعمال، ستودّ أن تحميها بكلّ ما لديك.
ولكن عليك ألّا تتسرع؛ فوفقاً لصحيفة "ذا إكونوميست" The Economist، فإنّ من 40 إلى 90 في المئة من براءات الاختراع التي تمّ تقديم طلباتٍ لها لا يستغلها ملّاكها أو حتّى يشرعون إلى تسجيلها.
يعود تسجيل براءات الاختراع في القدم على ما يبدو إلى العام 1449، حين أصدر ملك إنكلترا هنري السادس براءة اختراع لرجل لتصنيع الزجاج الملون. إنّ براءة الاختراع جزءٌ أساسيٌّ من العمل لكنّها ليست الجزء الوحيد الذي يتألّف منه.
تسجيل براءة اختراع
بالنسبة إلى زياد أبو عياش صاحب شركة الأجهزة الطبية "سانولا" Sannula، كانت براءة الاختراع طريقة العمل الوحيدة المتمثلة أمامه.
وقول لـ"ومضة" إنّه "لا يجب أن تنتظر بتاتاً، لأنّه في اللحظة التي تراودك الفكرة الجديدة، يوجد في العالم أكثر من 100 شخص آخر يفكّر في الفكرة عينها. وبالتالي إذا فكّرتَ في الأمر مطولاً، سيفوتك القطار."
بالإضافة إلى ذلك، يرى عياش أنّها طريقةٌ تضمن لك سوقك، ولكنّ ذلك لا يلقى إجماعاً.
حسان صليبي من الشركة الناشئة اللبنانية "باند إندستريز" Band Industries، يرى أنّ العلامات المسجّلة أكثر منفعة بكثير، ويُخبر "ومضة" بأنّ "الأمر يعطيك مستوى جيداً من الحماية لشيٍ ذي معنى."
كانت "باند إندستريز" تعلم أين ستتركّز أكبر أسواقها، لذا بدأت في عام 2009 بعملية تقديم طلب للحصول على براءة اختراع.
هذه الأخيرة ليست مجرّد عملية إرسال مواصفات جهازك الرائع. فلبنان مثلاً لا ينتمي إلى "معاهدة التعاون بشأن البراءات" Patent Cooperation Treaty. ولو كان كذلك، لكان أمكن لـ"باند إندستريز" التي كانت تسعى إلى تأمين جهاز دوزنة الجيتار أوتوماتيكياً "رودي تيونر" RoadieTuner، أن تقدّم طلباً للحصول على براءة اختراع تحمي منتَجها لمدة ثلاث سنوات فيما تسجّل الشركة في بلدان أخرى.
وبالتالي، من أجل تقديم طلب بموجب "معاهدة التعاون بشأن البراءات"، توجّب عليهم تسجيل الشركة في كندا، واستغرق الأمر أربعة أشهر.
ويقول الشريك المؤسِّس للشركة، بسام جلغة، إنّه "عليك تقديم الطلب حيث سيعود عليك الأمر بمبالغ هامّة من المال،" مشيراً إلى ضرورة البحث عن السوق الأكبر لمنتجك. ويضيف أنّ "تقديم طلب براءة الاختراع لم يكلف كثيراً، بل ما كلّفنا كثيراً كان تسجيل الشركة."
وعندما حان وقت تقديم طلب في الولايات المتحدة، يذكر أنّهم دفعوا حوالي خمسة آلاف دولار، وفي أوروبا ما بين 8 و10 آلاف يورو؛ وهذا يشمل أتعاب المحامين.
مشكلة المقاضاة
أجل، الأمر برمّته يدور حول المال.
صحيح أنّك قد تكون حصلتَ على براءة اختراع الآن، ولكنّ ذلك لن يوقف البعض عن محاولة سرقة فكرتك. فبراءة الاختراع ما أن تصبح مسجّلة، تصبح عامّة. وهذا يعني أنّ تركيبتك السرّية أو تعليماتك لتركيب جهازك المذهل أصبحَت متوفّرةً علناً ليراها الجميع.
وفي هذا السياق، يقول جلغة إنّ "ذلك يعطينا حقّ مقاضاة من يسرق فكرتنا، ولكنّه كلّ ما في الأمر. فبما أنّنا شركة ناشئة، ليس لدينا ما يكفي من المال لمقاضاة أيّ أحد."
أمّا إذا لم يكن المال والوقت يشكّلان عائقاً أمامك، فما من أمرٍ سلبيٍّ يُذكر في ذلك كلّه، ولكنّنا نعلم جميعاً أنّ ذلك نادراً ما يحصل في حالة الشركات الناشئة.
يوافق لويس لبّس من "أسترو لابز" AstroLabs على الأمر، ويقول: "ننصح المؤسِّسين بشكلٍ عام ألّا يُنفقوا الكثير من الوقت والمال على براءات الاختراع، بما أنّ تنفيذها في نهاية المطاف هو الأمر الأهمّ لبقاء الشركة على قيد الحياة ونجاحها. ولا يجدر بالمؤسِّسين أن يفكروا في أنّ الحصول على براءة الاختراع سيحمي شركتهم الناشئة من المنافسة، فهم نادراً ما يملكون الموارد اللازمة لحماية براءاتهم إذا ما قرّرَت شركةٌ كبيرة أن تنتهك حقوقهم."
ولكنّ لبّس يعود ليضيف أنّ الشركة الناشئة إذا كانت تعمل في مجال العلوم أو التكنولوجيا الأساسية، مثل تصميم الشرائح الإلكترونية، عليها أن تسعى للحصول على براءة اختراع.
يقودنا ذلك بالتالي إلى مشكلة تقديم الناس لطلبات البراءات لمنتَجات لا يتمّ إنتاجها بعد ذلك.
بما أنّ براءات الاختراع تدوم بشكلٍ عام عشرين عاماً، يمكن أن يشكّل ذلك عائقاً أمام شخص يريد أن يصنّع الجهاز فعلاً بعد أن تكون براءة اختراع هذا الجهاز قد تسجّلت. يمكن لمالك البراءة عندئذٍ أن يقاضي كلّ من يخرج بفكرةٍ مشابهة لفكرته، حتّى وإن لم يكن مالك البراءة يسير بالفكرة قدُماً.
يرى هنا مؤسِّسو "باند إندستريز" أنّه يجب التركيز بصورة أكبر على العلامات التجارية المسجّلة trademarks.
ويقول صليبي: "لقد سجّلنا العلامة التجارية ‘رودي تيونر‘ في أسواقنا الكبرى، فأعطانا ذلك مستوىً جيداً من الحماية لشيءٍ ذي معنى."
ولكن، بالرغم من أنّ الحصول على علامة تجارية مسجّلة أسهل من غيره، إلّا أنّ العملية تتّسم بطول مدتها، إذ يمكن أن تستغرق من ستة أشهر إلى سنة.
عندما تقرر أن تخطوَ الخطوة
كلّ منا يُعتبَر مميّزاً لدى شخصٍ ما، ولكن هل تُعتبر شركتك وفكرتك مميّزتين في السوق؟
يعتمد ذلك على ما إذا كانت فكرتك جديدة ومميزة في حقلها؛ وهذا ما تطرحه أمل عبدالله، المحامية لدى مكتب "سابا آي بي" Saba IP للمحاماة المتخصّص بالملكية الفكرية، والتي تتعامل يومياً مع هذه الأسئلة. وتشرح الأمر بالقول إنّه "على الفكرة أن تكون مبتكرةً وقابلة للتطبيق من ناحية تصنيعها وغير بديهية للناس العاملين في هذا المجال، وعليها أن تُسفر عن نتيجةٍ نهائية لم تكن موجودةً من قبلها."
لذا، من الأمور التي عليك القيام بها أولاً:
• ابحث عن براءات مشابهة؛ فعلى الرغم من أنّنا جميعاً نحبّ الاعتقاد بأنّنا مميزون، غالباً ما يتبين أنّنا لسنا كذلك.
• تأكّد من أنّ فكرتك ستنجح فعلاً.
• قُم بالبحوث حول السوق التي تستهدفها: هل سيرغب المستخدمون بما تحاول بيعه؟
•ادرُس التكلفة التي سيتعين عليك تكبّدها: إذا كانت أكبر مما ينوي العملاء دفعه، سيفشل الأمر على الأرجح.
في الشرق الأوسط، الأمر المتوفر الأقرب إلى نظام مركزي للبحث عن البراءات الأخرى، هو "مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون لدول الخليج" GCC Patent Office القائم في المملكة العربية السعودية.
ولكن إذا كانت تهمك الأسواق الكبيرة، مثل الكثير من الشركات الناشئة التي تمتلك براءات اختراع، من المرجّح كثيراً ألّا تسجل براءتك في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا.
فوفقاً لعبدالله، معظم البراءات المقدّمة في المنطقة تابعة لشركات أدوية أو تكنولوجيا كبيرة.
ولمساعدتك في بحوثك والبدء بعملية تسجيل البراءة في نهاية المطاف، تنصح عبدالله بأن تحصل على وكيل ملكية فكرية IP agent.
في حين تكثر الحجج المؤيّدة وتلك المناقضة لبراءات الاختراع وللوقت الأنسب للحصول عليها، عليك معرفة ما هو الأنسب لشركتك أنت. فإذا كان من شأن البراءة أن تساعدك على المضيّ قدُماً، فقُم بالأمر.