هكذا أثّر تفشي كورونا على حياة لاجئين في ألمانيا وإيطاليا
"الحياة متوقفة بشكل مؤقت، فلا دراسة ولا عمل. ولا نعرف ماذا نستطيع أن نفعل"، كهذا يعبر اللاجئ السوري محمد عن تأثير انتشار كورونا في ألمانيا على حياته.
فقد كان من المقرر أن يبدأ محمد، الذي يعيش في مدينة دورتموند بشمال غربي ألمانيا، دراسته الجامعية بعد أسبوعين، لكن المخاوف من انتشار كورونا جعلت الجامعة تؤجل الدراسة لشهر، كما يقول لـDW عربية، ويتابع: "المشكلة هي أنه ليس من الواضح ما إذا كان التأجيل مؤقتاً أم سيتم تمديده في حال انتشار الفيروس بشكل أكبر".
"كورونا أوقف عملي"
وحتى عمل محمد، كحارس أمن، "توقف بسبب إلغاء الكثير من المعارض والفعاليات خوفاً من انتشار كورونا"، كما يقول. وقد بلغ عدد الحالات المصابة بالفيروس في ألمانيا (حتى 12 آذار/ مارس) نحو 2500 حالة منها نحو 700 حالة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا التي يعيش فيها محمد.
ويعبّر العديد من اللاجئين في ألمانيا -في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي- عن تخوفهم من انتشار الفيروس. فاللاجئة السورية لورا، التي تعيش في برلين، كتبت البارحة على فيسبوك أن لديها "خوف شديد من إرسال الأولاد إلى المدرسة في هذه الظروف".
لكن ولاية برلين أعلنت اليوم الجمعة عزمها إغلاق المدارس ودور الحضانة بشكل تدريجي اعتباراً من الأسبوع المقبل. وقد قررت ولايات ألمانية أخرى أيضاً إغلاق المدارس ودور الحضانة اعتباراً من الاثنين المقبل.
إيطاليا.. "نعيش في هلع يومي"
أما في إيطاليا فالوضع أسوأ بكثير من كل الدول الأوروبية الأخرى، فقد تجاوز عدد المصابين 15 ألف شخص. ويتخوف لاجئون في إيطاليا من احتمال عدم إمكانية احتواء انتشار الفيروس، ومنهم اللاجئة السورية أم سلمى، التي تعيش في منطقة بييمونتي بشمال البلاد، وهي رابع أكثر مناطق إيطاليا تضرراً بتفشي الفيروس.
تقول أم سلمى لـDW عربية: "لا يمكن الحصول على موعد لدى الطبيب إلا بصعوبة، كما زاد الضغط على المشافي"، وتتابع: "المولات (مراكز التسوق) لاتزال مفتوحة لكن لا يسمح بدخول سوى عدد قليل من الناس بوقت واحد، خوفاً من انتشار كورونا، لكن المدارس ودور الحضانة والمطاعم المقاهي مغلقة".
وقد أثر كورونا بشكل كبير على حرية الانتقال، فحتى من لايزال يذهب إلى العمل "يجب أن تكون معه ورقة من السلطات ليستطيع التنقل بحرية"، كما تقول أم سلمى.
ويهيمن موضوع كورونا على نقاشات اللاجئين على وسائل التواصل الاجتماعي في إيطاليا أيضاً، وكتب محمد علي في إحدى مجموعات الفيسبوك: "حياتنا متوقفة في إيطاليا بسبب فيروس كورونا فلا عمل ولا دراسة ولا إمكانية للخروج من البيت". أما إبراهيم فكتب: "نعيش في هلع يومي. لا أريد شيئاً سوى الخروج من إيطاليا".
"الخوف على كبار السن"
وبالعودة إلى ألمانيا، فإن أكثر ما يقلق اللاجئ السوري محمد هو احتمال إصابة والديه وأقاربه من كبار السن بالفيروس، ويوضح: "أُمنّي النفس بأني شاب وأتمتع بصحة جيدة تمكّنني من التغلب على كورونا، لكن إصابة كبار السن بالفيروس ستكون صعبة عليهم".
ورغم أن محمد يبذل "قصارى جهده" ليقي نفسه من الإصابة بالفيروس، كما يقول، إلا أنه لايزال قلقاً، ويضيف: "لا أخرج بدون القفازات ومعقم الأيدي، كما أنني لا ألمس وجهي، ورغم ذلك لا أعرف إن كانت هذه الإجراءات كافية أم لا".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
من جانبه يرى د. مروان خوري، وهو طبيب يعمل في ولاية بافاريا الألمانية، أن "الوضع في ألمانيا أفضل بكثير من الوضع في إيطاليا"، ويضيف لـDW عربية: "ألمانيا تأخذ الإجراءات الوقائية وتتحسب لانتشار الفيروس، وموضوع إغلاق المدارس يصب في صالح منع انتشار الفيروس بسرعة".
مخيمات اللاجئين في ألمانيا تتجهز
وحتى في مخيمات اللاجئين، والكلام لخوري، "العناية الصحية متوفرة وعند وجود أي حالة مشكوك بإصابتها بالفيروس يتم الكشف عنها وعزلها مبكراً".
وقد بدأت مخيمات اللاجئين في ألمانيا باتخاذ الإجراءات الوقائية وإجراءات الاستجابة في حال وجود أي إصابة. ففي برلين تم الكشف عن أول إصابة في مخيم للاجئين، وتم عزل الشخص المصاب في المشفى، كما تم عزل 135 شخصاً آخرين من المقيمين في المخيم، كما ذكرت صحيفة مورغن بوست.
وقد أعلنت ولاية برلين عبر موقعها الإلكتروني أنه يتم تحذير اللاجئين من مخاطر الفيروس المستجد وتزويدهم بمعلومات حول كيفية الوقاية منه.
يقول د. خوري إنه يلاحظ زيادة الوعي لدى اللاجئين فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية، ويوضح: "أرى أن كثيراً من اللاجئين ينتبهون أكثر لطريقة إلقاء التحية حيث يتجنبون لمس الآخرين منعاً لانتشار الفيروس"، لكنه يرى ضرورة أن يتجنب اللاجئون التجمعات الكبيرة أيضاً لاحتواء الفيروس.
ويؤكد د.خوري أن اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة سيؤدي إلى تباطؤ انتشار الفيروس، ويضيف: "يجب أن نبتعد عن الهلع لكن الحذر ضروري جداً".
ويرجو اللاجئ السوري محمد أن يتم اكتشاف علاج للفيروس في أقرب وقت ممكن لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويقول: "أرجو أن يبقى أهالينا من الكبار في السن بخير، فطعم الموت مُرّ".
محيي الدين حسين