نظرية التطور (The Theory Of Evolution)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الأحد، 05 ديسمبر 2021
مقالات ذات صلة
تشارلز داروين.. عالم التاريخ الطبيعي صاحب نظرية التطور
نظرة على الحياة الرقمية في عام 2025
لماذا لا يمل الرجل من النظر إلى النساء؟

تختلف النظريات حول أصل الإنسان ونشأته، وتتضارب النظريات العلمية والنظريات الدينية وكل شخص يفضل النظرية التي تمثله، لكن يبقى الوسط العلمي الأكثر ثقة حيث يقدم أمثلة وإثباتات تؤكد صحة النظريات التي يقدمها، لذلك سنتناول في هذا المقال "نظرية التطور" التي حظيت بشهرة واسعة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

نظرية التطور والاصطفاء الطبيعي

تقدم نظرية التطور الكثير من الدلائل التي تبين أصل الكائنات الحية، ولاتزال الدراسات مستمرة على هذه النظرية حتى يومنا هذا توضح النظرية الحديثة أن كل الكائنات الحية نشأت بشكل تدريجي من خلية واحدة، وبسبب بعض المصادفات والظروف والعوامل المناسبة من هواء ورطوبة وحرارة وغيرها؛ تكاثرت هذه الخلية لتعطي خلايا أكثر وأكثر لتتولد عنها مجموعة من الكائنات الحية المختلفة من بشر وحيوانات ونباتات.

وتعتمد النظرية بشكل رئيسي على مفهومين، أولهما هو التطور ويعني اكتساب الكائن الحي صفةً جديدةً تمكنه من النجاة في ظروف البيئة المحيطة به، والثاني هو "الاصطفاء الطبيعي" وتعني أن الكائنات نوعين، النوع الأول يملك ما يحتاجه من صفات للبقاء على قيد الحياة، والنوع الثاني هو الذي لا يمتلك هذه الصفات فيموت ويختفي من البيئة.

من هو تشارلز داروين؟

اشترك الكثير من العلماء في وضع أسس نظرية التطور لكن يعد العالم الإنكليزي "تشارلز روبرت داروين" أشهر من شارك في هذه النظرية، حيث سميت نظريته على اسمه، ولد في عام 1809م لأسرة غنية جداً، وبدأ "تشارلز داروين" مسيرته العلمية كعالم في الجيولوجيا والتاريخ الطبيعي، قام بأول دراسة له في عام 1838م وطور نظرية "الانتخاب الطبيعي" (أي أن الطبيعة تساعد على الإبقاء على الكائنات المتكيفة معها فقط)، أشهر الكتب التي نشرها داروين:

  • كتاب "أصل الأنواع"، شرح فيه نظرية التطور مع أدلة كافية على صحتها.
  • كتاب "علاقة أصل الإنسان والاختيار بالجنس"، درس فيه تطور الإنسان.
  • كتاب "التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوان".
  • كتاب "ديدان الأرض"، شرح تأثير هذه الديدان على التربة.

وكان ذلك كتابه الأخير قبل أن يتوفى في عام 1882م،  وإلى الآن لايزال داروين من أكثر الشخصيات تأثيراً على العالم.

أدلة استعملتها نظرية التطور كأساس متين لها

لم تحظَ نظرية التطور بكل هذه الشهرة عن عبث، بل امتلكت حقائق هامة اعتمدت عليها لتثبيت أساساتها في الأوساط العلمية، وهذه الحقائق هي:

  • في كل جيل يولد عدد كبير أكثر مما تستطيع البيئة تحمله؛ مما يؤدي إلى نجاة قسم من الأفراد الذين يستطيعون التكيف مع البيئة والبلوغ فيها، في حين باقي الأفراد لا يستطيعون إكمال رحلتهم في الحياة.
  • تختلف كل الأفراد عن بعضها البعض بسبب الجينات (التي تعطي كل فرد صفاته)؛ مما يؤدي لعدم وجود فردين متطابقين بشكل كلي مهما بلغت نسبة التشابه.
  • الأفراد الذين تساعدهم صفاتهم على التكيف والبقاء في البيئة لديهم فرص أكبر للنجاة من الأفراد الذين لا يستطيعون التكيف مع البيئة المتواجدين فيها.

هل تعلم ما هو التطور؟

يواجه الكثير من الأشخاص مشاكلاً في فهم نظرية التطور وما يدور حولها من غموض، وتعرف هذه النظرية بأنها شرح ما يحدث من تغيرات في الصفات الوراثية للكائنات الحية، مما يسمح بإنتاج أفراد جديدة أكثر تعقيداً أو تغيرات في صفات أفراد النوع الواحد، أي إنتاج أفراد مختلفي الأشكال أو الصفات عن أمثالهم من الأفراد الآخرين، ومن المهم التأكيد على أن التطور لا يمكن أن يتم إلا بشكل جماعي فتطور فرد واحد لن يسمح بتوريث الصفة المتطورة إلى الجيل الجديد كله.

ما هي نظرية الاصطفاء الطبيعي؟

نتيجة الأعداد الكبيرة للكائنات الحية التي تتكاثر بشكل مستمر؛ فلابد من حدوث خلافات وصراعات على مصادر الأغذية بالإضافة إلى الصراعات على المكان، دفع الفضول "داروين" إلى دراسة هذا الصراع وأطلق عليه اسم "الاصطفاء الطبيعي".

والمقصود بهذا المصطلح أنه العملية التي تسمح للأفراد بالبقاء على قيد الحياة في حين الظروف المحيطة والصفات الوراثية للكائنات الأخرى لا تسمح لهم بذلك، بالتالي تختار الطبيعة قسماً من الكائنات الحية التي تمتلك الصفات الملائمة للنجاة من أجل إكمال حياتها والتكاثر والحصول على نسلٍ جديدٍ منها، وتعتمد هذه النظرية بشكل  رئيسي على أمرين رئيسيين:

  1. "الصراع من أجل البقاء": كما ذكرنا سابقاً في هذه الفقرة فإن الصراعات التي تحدث من أجل الغذاء والمكان تؤدي إلى نجاة قسمٍ من الكائنات الحية، في حين تتخلص من القسم الآخر منها.
  2. "التكيّف": إن الكائنات التي تمتلك الصفات المناسبة من أجل البقاء على قيد الحياة والتكيف في البيئة الموجودة فيها هي الأصلح من أجل البقاء.

الإنسان حسب نظرية التطور "نظرية داروين"

تأتي الأهمية الرئيسية لنظرية التطور كونها ساعدت العلم في فهم طبيعة الإنسان ومكنت العلماء من دراسة البشر بشكل أفضل؛ من أجل التقدم في مجال العلاج والمداواة، كما ساعدت على التقليل من العلاج باستخدام الأعشاب حيث أنها أتاحت آفاق جديدة لدراسة جسم الإنسان ومعرفة خصائصه وطبيعة أعضائه.

مما فتح مجال صناعة الأدوية الكيميائية المفيدة لجسم الإنسان، وزادت من تقدم الاكتشافات الدوائية التي تساعد على تحسين صحة الإنسان، فحسب نظرية التطور إن أصل الإنسان هو "القرد"، وفسر داروين ذلك بأن جميع الكائنات الحية تكاثرت وتوالدت من بعضها البعض في مرحلة سابقة قبل أن تتطور أجسام الكائنات الحية ويصبح التكاثر حكراً على أفراد النوع الواحد.

لماذا أصل الإنسان هو القرد؟

يوجد العديد من الأدلة لتفسير صلة القرابة بين الإنسان والقرد بحسب نظرية التطور، حيث يوجد تشابهات مذهلة بين الحمض النووي للإنسان والحمض النووي للشمبانزي –الذي يعد أكثر الكائنات الحية شبهاً بالبشر- حيث وصلت نسبة التشابه إلى 98.5%.

إضافة إلى الكثير من الفيروسات التي تصيب الإنسان والشمبانزي معاً وتؤثر فيهما، حيث يوجد أكثر من 16 فيروساً تؤثر في كل منهما وجاء ذلك بعد الكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت على الجنسين كما جاء في مقال نشر على موقع (Answers In Genesis) المختص بعلم الوراثة، ولاتزال العلماء يسعون للوصول إلى إجابات أكثر دقة ومعلومات إضافية عن هذه النظرية دون كلل أو ملل.

لازلت غير مؤمنٍ بنظرية التطور؟ إليك هذه الأدلة..

إن كنت غير مؤمنٍ بنظرية التطور فبالتأكيد أنت لست وحيداً، لكن لا بد من إعادة النظر والتفكير من جديد بعد ما قدمه العلم الحديث من أدلة كثيرة ومتنوعة ومتدرجة في التعقيد، حيث قدم العلم في السنوات الأخيرة الكثير من الأدلة التي تدعم نظرية التطور منها البسيط ومنها المعقد، وإليك أهم الأدلة الرئيسية التي تدعم نظرية التطور:

  • وجود الكثير من الأحافير والهياكل العظمية لكائنات موجودة حالياً ولكن مع اختلافات بسيطة، حيث تم اكتشاف أعضاء كانت موجودة قديماً عند هذه الكائنات وليست موجودة اليوم؛ وذلك بسبب اختلاف ظروف الحياة مما جعل هذه الأعضاء لا قيمة لها ولا حاجة لاستعمالها، فبدأت بالضمور والزوال حتى وصلت الكائنات هذه إلى شكلها الحالي.
  • التشابه في بنية بعض الأعضاء عند كائنات مختلفة بشكل كلي حتى في أيامنا هذه، حيث تملك الحيتان زعانف تتشابه بشكل كبير في الشكل مع أيدي الإنسان مع اختلاف الحجم فقط نظراً للاستعمالات المختلفة لكل منها.
  • "البيئة الحيوية" والمقصود بها امتلاك الكائنات المختلفة لصفات متماثلة نتيجة وظيفة مشتركة بينها بسبب عيشها في نفس البيئة، وكمثال بسيط جداً عن هذه الفكرة معظم الكائنات البحرية باختلاف أشكالها وأنواعها تملك "غلاصم" بديلاً عن الرئة عند الكائنات الفقارية البرية تساعدها على التنفس تحت الماء.
  • "علم الأجنة"، هل رأيت يوماً صورة لجنين قرد أو كلب أو حتى قط؟ إن كنت قد رأيت مثل هذه الصورة فستلاحظ الشبه الكبير بين أجنة هذه الحيوانات فيما بينها من جهة، وبينها وبين أجنة الإنسان من جهة أخرى، فجميع الكائنات الفقارية تتشابه أجنتها في رحم أمهاتها في الشهور الأولى.

لا يمكن ملاحظة التطور بهذه البساطة

إن كل ما سبق وذكرناه هو مجرد شرح مبسط للنظرية الجدلية التي نتكلم عنها، وللأسف لا يمكننا ملاحظة التطور بهذه البساطة، فالأمر لا يتم بكل يسر وسهولة إذ يحتاج التطور آلاف وملايين السنين في بعض الأحيان، لذلك عمر الإنسان القصير لا يسمح بملاحظة التطورات التي تطرأ، فيتم الاعتماد على الأحافير والبقايا المتحجرة للكائنات التي انقرضت منذ زمن بعيد.

وتم الاعتماد على دراسة هذه الأحافير والهياكل العظمية والبقايا المدفونة في الطبقات الصخرية لمدة طويلة قبل اكتشاف طريقة أكثر فاعلية وأهم بكثير من سابقتها وهي "علم الوراثة" (العلم الذي يدرس الصفات الوراثية التي تمتلكها الكائنات الحية ضمن حمضها النووي)؛ وبذلك تقتصر معرفتنا الحالية بهذه النظرية بأحدث الاكتشافات العلمية والدراسات التي تنتشر بالوسط العلمي مع الشرح الذي يرافق هذه الاكتشافات.

هل تعتقد أن نظرية التطور تتضارب مع الأديان؟

تعرضت نظرية التطور في البداية للكثير من العقبات وتمت محاربتها في الأوساط الدينية بشكل عام وخاصة اليهود الذين رفضوها بشكل قاطع كونها لا تتفق مع أصل الإنسان حسب الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وحتى يومنا هذا تتعرض النظرية للرفض والاستنكار من قبل جميع الناطقين باسم الأديان تقريباً.

لكن مع مرور الوقت والتقدم في الأبحاث العلمية والأدلة الدامغة التي قدمها لنا العلماء أصبح تصديق النظرية أكثر سهولة من قبل، وفي عام 2014م قام بابا الفاتيكان "البابا فرانسيس" بإلقاء خطاب مثير للجدل لدرجة أنه احتل الصفحات الرئيسية لكافة الصحف العالمية.

وجاء في خطابه هذا أن الله ليس ساحراً، وأنه لا يمكن أن يكون الإله قد خلق هذا العالم بشكل عشوائي وباستخدام الأمور التي لا يصدقها العقل، وأكد على أن نظرية التطور صحيحة ومقبولة بالنسبة للمسيحيين حيث أن الله خلق الكون بشكل منتظم وبطريقة تتفق مع نظرية التطور، وقد تأثر الكثيرون ممن كانوا يحاربون هذه النظرية بخطاب البابا فرانسيس؛ بتصديقها وحتى دعمها ومتابعة أخبارها بشكل مستمر

في النهاية، لا يمكن للإنسان التسليم بكل ما ينتشر في هذا العالم، إنما لابد من التأكد والبحث عن مصادر تقدم هذه المعلومات بشكل علمي وموثق، فالمؤتمرات العلمية والأبحاث التي تجري بشكل مستمر في مجال نظرية التطور تحرز في كل سنة تقدماً ملحوظاً لا يمكن إنكاره، فهذه النظرية توضح لنا أسباب تواجدنا في الحياة على أشكالنا هذه باستخدام المنطق والأدلة العلمية الحديثة التي لا تقبل الدحض، فإذا كنت من غير المؤمنين بهذه النظرية حاول أن تعطيها فرصة.