'نتفليكس' في السعودية، عن أي شيء تتحدثون؟!
أعلنت شبكة "نتفليكس" Netflix الأمريكية خلال معرض "سي إي إس" CES الأخير عن إطلاق خدماتها في 130 بلداً حول العالم، وشمل هذا الدعم السعودية، فيما رحّب حساب "نتفليكس الشرق الأوسط" بمستخدمي المنطقة، وحصل الخبر على ترحيب من متابعي المسلسلات والأفلام الأجنبية في السعودية، ووصل الأمر بهم إلى تبادل التهاني!
وفي بلد لا تتوفّر فيه خيارات كثيرة لمشاهدة الأفلام، حيث تُمنع صالات السينما، دعونا نتساءل عن مستقبل هذه الخدمة في السعودية؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
"نتفليكس" ليست أوّل الوافدين
لم تكن شبكة "نتفليكس" أوّل الشبكات التي أعلنت دخولها منطقة الشرق الأوسط، فقد سبقتها شبكة "ستارز بلاي" Starz play التي تعود ملكيتها إلى شركة "ستارز" Starz الأميركية، وكانت قد أعلنت دخولها المنطقة بسلسلة من الإعلانات الضخمة. ثم تبعها شبكة "ماتش تيفي" Much TV التي تعود ملكيتها إلى شركة "هواوي" Huawei الصينية. أمّا الاستثمار العربي فكان من قبَل شركة "آي سي فليكس" ICFlix ومقرها دبي، التي ركّزت على المحتوى العربي مع بعض المحتوى الأجنبي.
علاوة على هذه الخدمات، من أبرز اللاعبين المحليين في هذا السوق شبكة "أو إس إن" OSN للأفلام التي أطلقت خدمة البث المرئي عبر الإنترنت "جو أو إس إن" go osn، ,والتي تم إعادة إطلاقها بإسم وافو wavo في آب 2017، كما أطلقت شبكة "أم بي سي" MBC خدمة "شاهد" Shahid وهي أرشيف لكلّ برامجها التي تعرضها على سلسلة قنواتها، بالإضافة إلى قنوات أخرى.
إلا أن الشبكة التي تملك أكبر محتوى من الأفلام العربية ظلّت غائبة عن هذا القطاع، وأعني هنا "روتانا" Rotana التي أعلنت عام 2013 عن خدمة "روتانا سينما كوم" RotanaCinema وكانت ستضم ألف ساعة من المحتوى الترفيهي، ومنذ ذلك الحين لم يحدث شيء!
ليس هذا كلّ شيء؛ فالشركات الناشئة في المنطقة كانت سباقة. عام 2011، انطلقت شركة "سينموز" Cinemoz التي تمتلك محتوى جيداً من الأفلام العربية القديمة، ثم منافستها الأخرى الشركة الأردنية "استكانة" istikana التي تملك عدة شراكات عززت من محتواها، وأخيرًا خدمة "تيلي" telly.
كما قامت شركات الاتصالات في السعودية بتقديم خدماتها، حيث أطلقت "شركة الاتصالات السعودية " STC خدمة "إن فجن" INvision، فيما أطلقت الشركة المنافسة لها "موبايلي" Mobily خدمة "اي لايف" eLife.
وفي شهر رمضان من العام الماضي، أطلقت "جوجل" Google قناة على "يوتيوب" مخصّصة لعرض المسلسلات العربية في نفس وقت عرضها على قنوات التلفزيون العربي، كما أعلنت "يوتيوب" في نهاية عام 2015 عن إطلاق قناة عربية متخصّصة في بث الافلام العربية الكلاسيكية حيث تقوم القناة بعرض أكثر من 1500 فيلم عربي.
وبحسب ما ورد في مؤتمر "فكر مع جوجل" Think with Google الأخير في الرياض، "ارتفعت نسبة مشاهدة الفيديو على الإنترنت عبر الهواتف الذكية لتصل إلى أكثر من 85% على أساس سنوي، فيما يملك الأفراد في المملكة أعلى معدل ساعات مشاهدة للفرد الواحد، كما أنّ أكثر من 60% من نسبة المشاهدات في المملكة تتم عن طريق الهواتف المتحركة."
إضافة إلى ذلك، أطلقت "جوجل" خدمة "يوتيوب رد" YouTube Red المدفوعة لكنها لا تعمل في السعودية حالياً، وبحسب "جوجل" قد تملك هذه الخدمة محتوى حصرياً من المسلسلات والأفلام مستقبلاً، ما سينعكس على حضور "يوتيوب" القوي في السعودية.
تُتيح آبل شراء واستئجار الأفلام والمسلسلات من خلال متجر "آي تونز" iTunes السعودي والذي يتمّ تحديثه باستمرار. وبالإضافة إلى كل هذه الخدمات، ثمة الكثير من المواقع العربية التي توفر خيار مشاهدة الأفلام، وتحظى بمعدلات زيارة مرتفعة جداً؛ ونذكر منها "فشار" Fushaar، و"الدار دراكم" DarDarkom، و"سينما ليك" CinemaLek، و"سيما ميكس" CimaMix.
لم يتوقف الأمر هنا، فما زال الباعة الجوالون في جدة يعرضون عليك بضاعتهم من الأفلام والمسلسلات المنسوخة على أقراص مدمجة وبسعر 10 ريال غالباً، وقد تطوّر هذا البيع ليصل إلى فتح حسابات على "تويتر" لتسويق بضاعتهم.
كل الخدمات أعلاه تدور ضمن فلك واحد وهو قطاع الترفيه وتحديداً الأفلام والمسلسلات، لذلك ستكون "نتفليكس" في مواجهة مع شركات تعمل ضمن نموذجها التجاري، وخدمات تملك أرشيفًا ضخمًا، وخدمات تعمل تحت غطاء غير شرعي.
لديكم تورنت مجانيّ!
لماذا تفرحون بوجود "نتفليكس" ولديكم تورنت مجاني؟! كان ولا يزال التورنت هو أحد الخيارات المتاحة لتحميل ومشاهدة الأفلام في السعودية، إلّا أنّ مواقع التورنت في الفترة الأخيرة بدأت تتهاوى الواحد تلو الآخر. فبعد الملاحقات الأمنية لمُؤسسي موقع "ذي بايرت باي" thepiratebay الثلاثة، بيتر ساندي وفريدريك نيج وجودفريد سفرتولم، تمّ إغلاق موقعهم، بعدما كان قد أغلق قبله موقع "أيزو هانت" isohunt وتطبيق "بوبكورن تايم" Popcorn Time، ثم تبعهم في نهاية عام 2015 إغلاق موقع "واي تي إس" yts والذي جاء تحت ضغط من "جمعية الفيلم الأمريكي "MPAA.
على الرغم من ذلك، ما زال يستطيع بعض المستخدمين من الوصول إلى محتوى تلك المواقع حتى بعد إغلاقها، ولكن ليس الجميع يمكنه ذلك.
عام 2013، ظهر وسم #هيئة_الاتصالات_تحجب_التورنت على "تويتر" وحظي بتفاعل كبير جداً، ما يعكس اعتماد الكثير من السعوديين على خيار التورنت لمشاهدة الأفلام، وأنّ الخبر كان صادماً بالنسبة لهم، إلا أن هيئة الاتصالات نفت الخبر في اليوم التالي.
دون الدخول في تعقيدات شرعية التحميل عبر التورنت من عدمه، ندعوكم لمشاهدة هذه الأفلام الوثائقية التالية TPB AFK: The Pirate Bay Away from Keyboard و The Internet's Own Boy: The Story of Aaron Swartz، والتي طرحت الفكرة بشكل مختلف؛ كما يمكنك العودة لقراءة اللقاء الذي تمّ مع بيتر ساندى.
يبدو أن قتل تقنية التورنت هو شيء أشبه بالمستحيل!
الجيران الأذكياء
تنبهت دبي لشغف السعوديين بالترفيه، فكانت مُستثمرة على الدوام في خلق أجواء عائلية للأسر السعودية. وبحسب عصام كاظم، الرئيس التنفيذي لمؤسّسة "دبي للتسويق السياحي والتجاري"، تعتبر السعودية من أهمّ الأسواق المصدرة للسياح إلى دبي. فقد ارتفع عدد الزوار من السعودية منذ بداية عام 2015 وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بنسبة 18%، ليصل إلى 1.31 مليون زائر. فيما احتل السعوديون المركز الثالث بعد الروس والصينيين كأكثر الجنسيات شعبية في دبي.
ليس كلّ السياح هدفهم صالات السينما بالطبع، غير أنّ صالات السينما في دبي تعتبر الأعلى دخلاً في منطقة الشرق الأوسط.
من جهةٍ ثانية، دخلت دبي وأبوظبي في مجال صناعة الأفلام، واجتذبت دبي مثلاً أفلاماً مثل فيلم توم كروز "المهمة المستحيلة"Mission Impossible Ghost Protocol، وفيلم "جيوستورم" Geostorm، ثمّ أفلام "ما وراء ستار تريك" Star Trek Beyond و"يوغا الكونغ فو" Kung Fu Yoga؛ وبدورها، دخلت أبوظبي على الخطّ من خلال فيلم "فاست أند فيورس" 7 Fast and Furious، وفيلم براد بيت "وور ماشين" War Machine. حتى أنّ إمارة العين كانت حاضرة بعدد من الأفلام الهندية، منها فيلم "ويلكم باك" Welcome Back.
وليس بعيداً عن المنطقة، حققت مملكة المغرب عائدات عام 2014 بلغت 1.16 مليار درهم من تصوير 38 من الأفلام السينمائية الأجنبية، وهي التي كانت سباقة في هذا النوع من الإنتاج عربياً.
كلّ هذه الأعمال تخلق فرص عمل وتعزّز من صناعة السينما في هذه الدول، فضلاً عن أنها تعتبر تسويقًا عالميًّا لهذه المدن.
أما مملكة البحرين فكانت للسعوديين الخيار الأمثل لقضاء عطلة الأسبوع ومشاهدة الأفلام؛ فبحسب العميد يوسف بن أحمد الغتم، الوكيل المساعد للمنافذ في مملكة البحرين، عَبَر 23 مليون مسافر خلال عام 2015 عبر جسر الملك فهد، الذي يربط السعودية مع مملكة البحرين.
بالإضافة إلى ذلك، يشكّل السائح السعودي رقمًا صعبًا في اقتصادات دول المنطقة، التي بدورها تعمل على تصميم برامج سياحيه تتوافق مع متطلباته.
ما سبب ولع السعوديين بمشاهدة الأفلام؟
الإجابة على هذا السؤال تتطلب الانتباه لعدّة أرقام عن "الإنترنت في السعودية". فبحسب "هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات"، يُقدر عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حالياً بحوالي 21 مليون مُستخدم، بنسبة انتشار تقدر بحوالي 67.3% على مستوى السكان.
قد لا توجد صناعة حقيقة للأفلام في السعودية، إلّا أنّ جيل الشباب السعودي يصنفون الآن كروّاد عربياً في صناعة الأفلام عبر "يوتيوب"، حيث برزت قنوات مثل "يوتيرن" و"سين" و"تلفاز11" و"صاحي"، كشركات ناشئة استثمرت في هذا القطاع واستغلت حركة الإنترنت الناشطة في السعودية. وبالتالي، لا عجب أن يحقق أحد فيديوهات هذه القنوات مليون مشاهدة خلال يوم واحد من عرضه.
قد يكون دخول "نتفليكس" المنطقة حافزًا لإطلاق مشاريع أخرى مماثلة، أو حتى عقد تحالفات للحفاظ على الحصص في السوق. لنرى ماذا سيخبئ لنا عام 2016 في هذا القطاع الضخم.