موسى حجازين شخصياتي تبحث عن الضحكة بين الدموع في زمن أغبر
يرحب بك وكأنك صديقه القديم، تجد في سلامه وتعامله وحديثه أصالة الرجل ابن البلد الذي تمسك بالجانب الإيجابي من قيمنا وتقاليدنا. أحبه الجمهور الأردني وأحب فنه، وحظيت شخصياته البسيطة بشعبية واسعة. اختلاف كبير قدمه الفنان موسى حجازين في مكنون شخصياته، لكنه حافظ على أن تكون مرآة تعكس هم الوطن والمواطن البسيط في مختلف المواقف والظروف. خلال التصوير في وسط البلد أمام كشك أبو علي “كشك الثقافة العربية” وفي الشارع وبين الأزقة وعلى الأدراج وصولاً لشرفة مقهى بلاط الرشيد تعددت الهتافات المرحبة بالفنان من المارة والبائعين وسائقي السيارات والتكاسي لإلقاء التحية على العم سمعة أو أبو صقر، أو الأستاذ موسى كما فضل البعض مناداته. ليالينا التقت الفنان موسى حجازين في حوار صريح تحدث فيه عن الماضي والمستقبل، الحالة الفنية في الأردن، جديد شخصياته وجديد أعماله.
عرفك الجمهور الأردني من خلال شخصية سمعة ومؤخراً عدت بقوة مع شخصية أبو صقر حدثنا عن القاسم المشترك بينهما؟
أولاً اسمحي لي ان أشكر الله على ما ألمسه من محبة وقبول في عيون الناس وهي نعمة من الله تعالى. أما شخصية سمعة وشخصية أبو صقر فهما شخصيتان من القلب وبالقلب وكلتاهما تبحثان عن الضحكة بين الدموع في هذا الزمن الأغبر وما يحمله من صعوبات تتصل بالنواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
شخصية سمعة تتسم بالبعد الانساني وذات طابع ونكهة عربية عامة وتمثل شريحة كبيرة بالمجتمع العربي، ومن خلال شخصية سمعه يمكن إرسال رسائل حساسة وجريئة ولكن ببساطة وبراءة لأن شخصية سمعة شخصية يتعاطف معها الناس.
أما أبو صقر فهو إنسان مكافح تقاعد من الجيش ويتصرف مع من حوله بأسلوب عسكري وهو جاهز للتصدي لكل خطر يحيط بالوطن والمواطن، ونلاحظ أنه في حراك مستمر ضد الظلم والفساد في مجتمعه يتصرف كقدوة لأن الجندي يبقى قدوة حتى خارج الوظيفة. وعلى خلاف سمعة يوصل أبو صقر يوصل رسائله بجرأة وثقة وبصريح العبارة دون أي محاباة أو نفاق أو مجاملة. ويجمع الشخصيتان حبهم وفداءهم للوطن.
مسيرتك الفنية غنية جداً على صعيد التمثيل والكوميديا إلى جانب الموسيقى والغناء كيف جمعت بين كل هذه المواهب؟
الموسيقى والعزف والغناء هما نتاج لدراستي وحصولي على البكالوريوس بالموسيقى من القاهرة بفضل الله، أما التمثيل لازمني منذ طفولتي وكنت أعشقه، وبما أني لم أجد سبيل لدراسة التمثيل فحاولت بفضل الله تعالى أن أجمع بين الهوايتين من خلال أعمالي التلفزيونية والمسرحية واكرمني الله بجمهور كان شريكي بايصالي لمرادي ولنجاحات أفتخر وأعتز بها.
مررت بفترة ابتعدت فيها عن جمهورك وذلك في مرحلة سابقة لعودتك القوية موخراً إلى ماذا ترجع هذا الغياب؟
غياب النص وغياب كاتب النص المعني بالقضايا الوطنية كانت أهم الاسباب لغيابي الفني إلى جانب غياب الأحداث الكبيرة ومع حدث (الربيع العربي ) وجدت ما استفزني أنا والكاتب أحمد حسن الزعبي الذي تفوق على نفسه بمسرحية الآن فهمتكم لأني فهمته وفهمني وكان هذا النجاح المكلل بتوفيق الله.
عادت شخصية سمعة التي أحبها الجمهور في الثمانينات للظهور في فيديوهات كرتونية ورسومات كاريكاتيرية حدثنا أكثر عن هذه العودة؟
التجربه التي خضتها بعالم الرسوم الكرتونية كانت أول عمل درامي كرتوني في الأردن وكان الانتاج في حينها لشركة تقارب والتنفيذ لشركة سكتش ان موشن، وجاءت بهدف مواكبة الثورة التكنولوجية في صناعة الدراما. وارى ان فيديوهات الرسوم الكرتونية فيها مساحة من الخيال تساهم في ايصال أي فكرة قد يصعب ايصالها في اسكيتش حقيقي. والآن أجد أن هذه الفيديوهات تسهم في تحقيق انتشار لشخصية سمعة وشخصية أبوصقر بصورة عصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبما يحقق مشاهدة من أكبر عدد من الناس وخاصة الشباب الذين عاصروا عالم الكرتون. ومؤخراً لاقى برنامج (شوفت عينك) الذي كتبه الاستاذ أحمد حسن الزعبي وأخرجه مؤيد زيدان نجاحاً وانتشاراً سريعاً بحمد الله.
حققت مسرحية الآن فهمتكم نجاحاً كبيراً طيلة فترة عرضها، إلى ماذا ترجع هذا النجاح وهل تجد أن نجاحها مرتبط بتعطش الجمهور الأردني للمسرح؟
أحمد الله في البداية على هذا النجاح واعتقد ان سبب نجاحها يعود للنص المميز للكاتب الأستاذ أحمد حسن الزعبي وإضافة إلى الإخراج الرائع للمخرج الأستاذ محمد الضمور ولفريق العمل من خيرة نجوم الفن الأردني، وكل هذه العوامل اجتمعت مع وجود جمهور متعطش لعمل مسرحي صادق يعبر عن الهم العام للوطن والمواطن، ولعب توقيت عرض المسرحية دور مهم في نجاحها إذ تزامنت مع الربيع العربي.
بعد نجاح الآن فهمتكم هل هناك نية لتكرار تجربة العمل المسرحي خلال الفترة القادمة؟
النجاح الكبير للمسرحية يشكل حافزا وحاجزا..! حافزا لأنها كانت بمثابة برهان أن الجمهور الأردني والعربي متعطش للمسرح، وكان الجمهور جزء مهم ومؤثر وشريك بنجاح المسرحية وأثبت أن ما يحترم عقل المتلقي يجد قبولاً واحتراماً ودعماً منه. أما الحاجز الذي شكله النجاح فهو يرتبط بالحفاظ على هذا النجاح وما يفرضه من مسؤولية كبيرة في المحافظة على تقديم الأفضل.
خلال حديثنا معك للترتيب اللقاء بدا واضحاً انشغالك بالعديد من الالتزامات الفنية حدثنا عن جديدك ؟
اذا شاء الرب وعشنا، هناك عمل اسمه شوفت عينك الجزء الثاني للكاتب الأستاذ أحمد حسن الزعبي نحن الآن بحلقات الثلت الأخير من العمل وهو عمل كرتوني من ثلاثين حلقة، وهناك أيضاً عمل كوميدي آخر بصدد العمل والترتيب له وسأوافيكم لاحقاً بالتفاصيل حين تتضح بعض البنود.
موسى حجازين للجيل الجديد: أنتم المرآة الحقيقية لمجتمعكم
في حياتي الخاصة والدي هو قدوتي، أما على الصعيد العام قدوتي مجلس النواب الأردني!!
تستعد الآن لعمل تلفزيوني يتوقع عرضه على رؤيا حدثنا أكثر عن هذا العمل؟
هذا العمل اقترب الآن من اللمسات الاخيرة وهو أيضاً للكاتب أحمد حسن الزعبي ويتكون من 15 حلقة، ولكن هناك بعض المعوقات ليكون جاهز للتصوير وسنعلن عنه رسمياً بعد ان تكتمل الترتيبات النهائية مع الجهة الممولة وهناك اتفاق ضمني مسبق ليعرض على الفضائية الأردنية رؤيا.
تتعاون الآن مع الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي وتربطك علاقة قوية به وكذلك مع رسام الكاريكاتير أسامة حجاج، حدثنا عن العلاقة التي تربطك بكل منهما وعن التعاون المشترك؟
علاقتي مع الأخ أحمد الزعبي ليست علاقة عمل وانما علاقة أخوية، فنحن أشقاء ننظر للأحداث بمنظور واحد ونحمل يد بيد الهم العام ونتناوب على رصد كل ما يهدد الوطن ونسيجنا الوطني، لنعبر عنه بكاريكاتير أو بحلقة كرتونية أو كليب أو جملة غنائية لتسليط الضوء عليه. أما الأستاذ المبدع أسامة حجاج ابن العائلة الخلاقة وشقيقه الحبيب عماد حجاج فهم ثروة وطنية مع زملائهم المبدعين الأردنيين بفن الكاريكاتير.
تجمعنا أنا والأخ أحمد حسن الزعبي وأسامة حجاج علاقة صداقة وعمل وتشجيع متبادل لبعضنا البعض مبني على محبة صادقه للوطن تحتم علينا الجرأة وعدم المحاباة في طرح القضايا التي تهم الناس، وانا محظوظ بعلاقتي بهذه القامات التي احترمها.
أين تصنف الدراما الأردنية على الخارطة الفنية عربياً؟
الدراما الأردنية كانت منارة واسعة الانتشار بالعالم العربي وخاصة الأعمال البدوية التي اشتهرت وكانت الأردن من الأقوى عربياً في الإنتاج البدوي وهناك العديد من الأعمال الخالدة مثل راس غليص، الخنساء، عروه بن الورد، شجرة الدر، حارة ابو عواد، العلم نور وغيرها الكثير. فاذا أردنا المقارنة بما نحن عليه الآن نشعر بالإحباط ولا نستطيع المنافسة ليكون لنا موقع مضيء على خارطة الدراما العربية. أما بداية تراجع الدراما الأردنية فكانت بالتسعينيات عندما قاطعت دول الخليج الأعمال الأردنية بعد أن كانت تحتل المركز الأول في فضائياتها. ومن أسباب التراجع أيضاً تخلي التلفزيون الأردني عن دوره في انتاج هذه الأعمال التي تعكس صورة الأردن، وسعي بعض المنتجين للتوفير بالمصروفات على أعمالهم الفنيه لجني الأرباح السريعة، وانهيار الشركه الأردنيه للإنتاج، لذا لابد من جهات رسمية تقوم بدعم الفن الأردني ودعم فنانيه.
مع موجة الأعمال الكوميدية التي برزت محلياً في الفترة الأخيرة هل تجد ان الكوميديا الأردنية في مكان أفضل؟
باعتقدي اذا تكاتفت الجهود بين الجيل والدم الجديد من الشباب وبتعاون مع أصحاب الخبرات من الجيل القديم والجهات الرسمية والقطاع الخاص ستتجه الكوميديا الأردنية والدراما بشكل عام إلى الأفضل فهناك طاقات وابداعات يجب الأخذ بيدها ودعمها وتوجيهها لأنها تبشر بالخير.
بماذا تنصح الجيل الجديد (من الكوميديين)؟
أولاً دعوني أتوجه بتحية للجيل الجديد من الشابات والشباب وأقول لهم استلموا الشعلة واجعلوا من أعمالكم منارة تجسد معاني الوطن. وتفاعلوا مع نبض الشارع .لأنكم أنتم المرآة الحقيقية لمجتمعكم، واحسنوا الاختيار بالموضوعات والطروحات. لقد انعم الله عليكم بزمن توفرت فيه التكنولوجيا ووسائل الاتصال لتساعدكم على الانتشار السريع لأفكاركم ومفاهيمكم، كما تساعدكم للاطلاع على ما حولكم من خبرات وكل ما هو جديد ومفيد لمسيرتكم الفنية.
انتقدوا انفسكم قبل ان ينتقدكم الآخرين لتكونوا على يقين وثقة بما تختارون وتقدمون من أعمال ولا تنسوا الأخلاقيات العامة للفنان اي قبل أن تكون فنان يجب أن تكون انسان لتدخل قلوب محبيك. وبالختام التواضع التواضع التواضع.
أخبرنا أكثر عن عائلتك وطريقة تلقيهم لما تقدمه من أعمال؟
اشكر الله الذي انعم علي بزوجة متعاونة ومتفانية لأولادنا وبيتنا، فقد كانت لي خير رفيق في حياتي الفنية فكانت الأم والأب لأولادنا. تحملت مسؤولية متابعة دروسهم وحياتهم لكي اتفرغ كلياً لاعمالي الفنية حفظها الله ورعاها. أما أولادي فقد تأثروا بما قدمته خاصة بالأعمال السياسية الوطنية فأحياناً توجه اسئلة لابني الأكبر خليل الذي يعمل بالجمعيات الغير ربحية حول ما يتمتع به من حس الوطني فيجيب: لقد تربينا بالبيت على هذا النهج. أما ابنتي البكر هزار فقد انعكس حس المواطنة عندها بأن تتجند لتخدم وطننا من خلال عملها بالخدمات الطبية الملكية كصيدلانية برتبة نقيب. أما آخر العنقود خلدون فهو بنظري سفيراً بفنه المرسوم بألوان أردننا الغالي حيث يدرس حالياً في الولايات المتحدة للحصول على درجة الماجستير بالفنون البصرية، كما شاركني خلدون على خشبة المسرح بدور بطولي في مسرحية الآن فهمتكم واشكر الله اخيرا على أني تركت إرثا وطنياً بقلوب أبنائي وابنائهم بإذنه تعالى.
كيف تصف لنا علاقتك بالموسيقى وتحديداً آلة العود؟
العزف على العود لايكتمل إلا بإحتضانه. فاحتضنه كما احتضن أبنائي الذين أرى بهم المستقبل. كما العود الذي أرى به تألق الماضي بفنه الجميل العظيم.
نلاحظ ان العود رفيقك في كثير من السكيتشات والأعمال التي قدمتها، حدثنا عن تجربتك في الغناء؟
الجانب الغنائي بأعمالي ليس تجربة، بل كان وسيلة لاثراء العمل الفني.
هل لديك نية للتوجه إلى عالم السينما؟
اسمحوا لي أن أجيب هذا السؤال بتساؤل آخر إلى متى سنبقى نتمنى أن تصبح السينما بالأردن واقع ملموس، بعيداً عن الجهود الفردية. علماً أننا نحظى بطاقات وقدرات خلاقة من خيرة الشباب وعلى أعلى المستويات العلمية الفنية التي تؤهل الأردن ليكون منتجاً لسينما ننافس بها العالمين الشرقي والغربي ولا سيما أن أردننا بطبيعته الخلابة وتضاريسه المختلفة عنصر لا يستهان به لانجاح العمل السينمائي والدليل ان كثير من الأعمال السينمائية العالمية تم تصويرها بالأردن.
في حارة أبو عواد قدمت دوراً مميزاً ولا زالت بعض المقاطع تعاد مشاهدتها عبر يوتيوب لا سيما تلك المقاطع الثنائية (سمعة ومرزوق) التي جمعتك مع رفيقك المرحوم حسن ابراهيم حدثنا عن هذه التجربة؟
حارة أبو عواد كانت نقطة انطلاقتي الفنية بعد ان تمت استضافتي كضيف بحلقة (زوار الصيف) من الاستاذ نبيل المشيني والمخرج الانسان روفائيل بقيلي ولا انسى الأخ الكبير الكاتب محمود الزيودي الذي عرفني على الأستاذ نيبل المشيني ومن خلال استمراي بالحارة كممثل بشخصية (سمعه) اكتشفت انني شق توأم للفنان حسن ابراهيم (مرزوق) رحمه الله. فقد كان مميز بأسلوبه وبقدراته ومفاجئاته الكوميدية فكل الأشعار التي كنت أغنيها بحارة أبو عواد من تأليفه، كان معطاءاً يحب الخير لزملائه لايبخل علي بأي معلومة لأني كنت ببداية مشواري الفني كما تتلمذت في حينها على أيدي زملائي ربيع شهاب وعبير عيسى ورشيده الدجاني والأستاذ غسان المشيني.
من أكثر من شجعك على التوجه الفني؟
موهبتي التي وهبني إياها الله كانت وراء إصراري على دخول عالم الفن وكذلك أبناء جيلي وحارتي وأهل قريتي وأقربائي ما عدا والدي الذي كان يردد (بدي ياك زلمة) رحمه الله، وكان لاساتذتي بكل المراحل الدراسية دور مشجع لأني كنت طالباً ملتزماً بالمشاغبات والمشاكسات اليومية مع سبق الاصرار والترصد.
من قدوتك في حياتك.. سواء الحياة الخاصة أو العامة؟
بالأمور الحياتية كان والدي رحمة الله قدوة لي أعتز وافتخر به وقدوتي على الصعيد العام مجلس النواب الاردني.
ما هي أكثر شخصية تفضلها من الشخصيات التي قدمتها؟
أفضل شخصية سمعه وشخصية أبو صقر على حد سواء، لأن كلتا الشخصيتين يجمعهما قاسم مشترك وهو موسى حجازين الذي يؤمن بأن لديه رسالة وطنية سامية يرسلها من خلال أثير سمعه وأبو صقر.
اشترك في نشرة ليالينا الإلكترونية لتصلك آخر مقابلات المشاهير العرب والعالميين على بريدك الإلكتروني.