موسكو تُعبر عن غضبها بعد انتهاك مدمرة أمريكية حدود مياهها الإقليمية
قالت وزارة الدفاع الروسية إن سفينة حربية روسية منعت أمس الجمعة مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية من اقتحام المياه الإقليمية لروسيا في بحر اليابان. يأتي الحادث في الوقت الذي أجرت فيه روسيا والصين مناورات بحرية مشتركة في المنطقة، وهو ما يعكس نية موسكو في زيادة المخاطرة لردع الولايات المتحدة وحلفائها عن إرسال سفنهم في مهام بالقرب من المياه الروسية، حيث وصلت العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها بعد الحرب الباردة.
بينما لم يكن هناك رد فوري من واشنطن، قالت وزارة الدفاع الروسية إن مدمرة أميرال تريبوتس التابعة للبحرية الروسية اقتربت عن كثب من المدمرة الأمريكية يو إس إس تشافي لإخراجها من المنطقة القريبة من المياه الروسية، بسبب تدريبات المدفعية هناك كجزء من مناورات روسية صينية.
وأضافت إن السفينة الروسية اقتربت من السفينة الحربية الأمريكية بعد أن تجاهلت التحذيرات المتكررة بمغادرة المنطقة في خليج بطرس الأكبر. أوضحت الوزارة الروسية أنه بعد قيام السفينة الحربية الأمريكية بمحاولة عبور الحدود البحرية الروسية، غيرت مسارها عندما كانت السفينتان على بعد 60 متراً، ما يُعادل 66 ياردة، من بعضهما البعض وانطلقت مسرعة.
نددت وزارة الدفاع الروسية بمناورات المدمرة الأمريكية ووصفتها بـ "الانتهاك الفظ" للقواعد الدولية الخاصة بتجنب اصطدام السفن واتفاقية عام 1972 بين موسكو وواشنطن بشأن منع الحوادث الجوية والبحرية، واستدعت الملحق العسكري الأمريكي للاحتجاج على ما وصفته بكونه "عمل غير احترافي".
اتهامات سابقة بين روسيا وأمريكا
كثيراً ما اتهمت روسيا والولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو بعضهم البعض بمناورات خطيرة واستفزازية في البحر والجو، حيث تضررت العلاقات بين روسيا والغرب بسبب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، واتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات، وهجمات القرصنة وغيرها من التوترات.
في يونيو الماضي، قالت روسيا إن إحدى سفنها الحربية أطلقت طلقات تحذيرية وألقت طائرة حربية قنابل في طريق المدمرة البريطانية ديفندر لإبعادها عن مياه البحر الأسود بالقرب من مدينة سيفاستوبول في القرم. ونفت بريطانيا تلك الرواية وأصرت على أن سفينتها لم يتم إطلاق النار عليها وقالت إنها كانت تبحر في المياه الأوكرانية.
تعترف بريطانيا، مثل معظم دول العالم، بشبه جزيرة القرم كجزء من أوكرانيا على الرغم من ضم شبه الجزيرة إلى روسيا عام 2014. كانت حادثة يونيو هذه هي المرة الأولى منذ الحرب الباردة التي اعترفت فيها موسكو باستخدام الذخيرة الحية لردع سفينة حربية تابعة لحلف شمال الأطلسي، مما يؤكد التهديد المتزايد بحدوث تصادمات عسكرية وسط التوترات بين روسيا والغرب.
في أعقاب الحادث، حذرت موسكو من استعدادها لاستهداف السفن الحربية المتطفلة إذا لم تستجيب للتحذيرات. وفي حوادث بحرية أخرى حدثت مؤخراً، قال الجيش الروسي إن المدمرة البريطانية إتش إم إس دراجون اقتحمت المياه الروسية بالقرب من شبه جزيرة القرم في أكتوبر عام 2020 ، وزُعم أن المدمرة الأمريكية يو إس إس جون ماكين انتهكت الحدود الروسية في خليج بطرس الأكبر في بحر اليابان. في نوفمبر.
في أعقاب تلك الحوادث، رفضت روسيا الحجج الأمريكية والبريطانية بأن سفنها الحربية كانت تمارس حق ما يسمى "بالمرور البريء" بموجب القانون البحري الدولي.
وقال الأدميرال المتقاعد فيكتور كرافشينكو، رئيس أركان البحرية الروسية السابق، إن حادثة يوم الجمعة يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عنه قوله: "يبدو أن الأمريكيين أرادوا اختبار قوتنا".
الصين تُحذر من حرب عالمية ثالثة
يُذكر أن الصين كانت قد حذرت مؤخراً من اندلاع الحرب العالمية الثالثة، في أي وقت ودون سابق إنذار، بعدما اخترقت الصين المجال الجوي لتايوان عبر عشرات المقاتلات الحربية.
وفقاً لما ذكرته تقارير صحافية، فقد اخترقت ما يقرب من 150 طائرة حربية صينية المجال الجوي لتايوان، في بدايات أكتوبر الجاري، بما في ذلك 56 طائرة، في تصعيد دراماتيكي بين الصين وتايوان.
حرب إلكترونية منذ يوليو الماضي
ذكر تقرير نشرته cnn في يوليو الماضي أنه للرد تصعيد الصين للضغط العسكري على تايوان، تستعد الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي لحدود الحرب الكبيرة التالية: الهجمات الإلكترونية المعطلة.
صرح رئيس الأمن السيبراني في تايوان لشبكة CNN Business حينها، أن تايوان تستخدم تدابير دراماتيكية للحماية من نقاط الضعف التكنولوجية، بما في ذلك توظيف ما يقرب من عشرين خبيراً في الكمبيوتر لمهاجمة أنظمة الحكومة عمداً ومساعدتها في الدفاع ضد ما تُقدّره السلطات التايوانية بحوالي 20 إلى 40 مليوناً من الهجمات الإلكترونية كل شهر.
وتقول تايوان إنها تمكنت من الدفاع ضد الغالبية العظمى من الهجمات. ويبلغ عدد الخروقات الناجحة بالمئات، في حين أن عدداً قليلاً فقط هو ما تصنفه الحكومة على أنه "خطير". أضاف رئيس الأمن السيبراني التايواني أنه بناءً على إجراءات ومنهجية المهاجمين، فإنهم لديهم درجة عالية من الثقة في أن العديد من الهجمات آتية لهم من الصين.
أضاف رئيس الأمن السيبراني قائلاً: "إن عمل حكومتنا يعتمد بشكل كبير على الإنترنت. البنية التحتية الحيوية لدينا، مثل الغاز والمياه والكهرباء رقمية بدرجة عالية، لذلك يمكننا بسهولة أن نكون فريسة سهلة إذا لم يكن أمن شبكتنا قوياً بما يكفي."
تُشكل الهجمات الإلكترونية تهديداً عالمياً متزايداً. وفي حين أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي اتُهمت بتدبير مثل هذه الهجمات، تواجه بكين تدقيقاً شديداً من الغرب بشأن هذه القضية. اتهمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرون وزارة أمن الدولة الصينية باستخدام "قراصنة متعاقدين إجراميين" لتنفيذ أنشطة ضارة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حملة ضد خدمة البريد الإلكتروني الخاصة بـ Microsoft Exchange في مارس الماضي.
أوضح رئيس الأمن السيبراني التايواني إن تايوان تشتبه في أن قراصنة مدعومين من الدولة الصينية كانوا وراء هجوم رئيسي واحد على الأقل ببرامج ضارة على الجزيرة العام الماضي. في مايو 2020 ، تم اختراق شركة CPC Corporation - وهي شركة تكرير مملوكة للحكومة في تايوان، أسفر الاختراق عن جعل الشركة غير قادرة على معالجة المدفوعات الإلكترونية من العملاء.
فيما انتقدت الدولة الصينية هذه المزاعم ووصفتها بأنها "لا أساس لها من الصحة"، وقال تشاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: "نحث بشدة الولايات المتحدة وحلفائها على التوقف عن صب المياه القذرة على الصين بشأن قضايا الأمن السيبراني. تُعارض الصين بشدة الهجمات الإلكترونية من أي نوع وتتصدى لها، ناهيك عن تشجيعها أو دعمها أو الانغماس فيها".
التوترات بين تايوان والصين
تخضع تايوان والبر الرئيسي للصين لحكم منفصل منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية قبل أكثر من 70 عاماً. بينما لم يحكم الحزب الشيوعي الصيني تايوان أبداً، لكن تعتبر بكين أن الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وهددت مراراً باستخدام القوة إذا لزم الأمر لمنع الجزيرة من إعلان الاستقلال رسمياً.
في السنوات الأخيرة، صعدت الصين من ضغوطها العسكرية على تايوان. في يونيو، أرسلت البلاد أكثر من عشرين طائرة حربية بالقرب من الجزيرة، مما دفع تايوان إلى تنبيه دفاعاتها الجوية. كان هذا أكبر عدد من الطائرات الحربية التي يتم إرسالها إلى تلك المنطقة منذ أن بدأت تايوان في الاحتفاظ بسجلات لمثل هذه الغارات العام الماضي.
من ناحية أخرى، أصدرت بكين دعاية عسكرية تحذر تايبيه من "الاستعداد للحرب" لأنها تقيم علاقات أقوى مع الولايات المتحدة.
فيما أكدت تقارير صحفية أن الولايات المتحدة تدعم تايوان في مواجهة الصين، حيث أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالاً هاتفياً بنظيره الصيني، حيث دعا إلى الالتزام باتفاقية تايوان المبرمة، والتي تجرم اختراق المجال الجوي لتايوان . يأتي ذلك في الوقت الذي تحركت فيه حاملة الطائرات البريطانية "الملكة إليزابيث" نحو بحر الفلبين في تدريب مشترك مع حاملتين أمريكيتين، وحاملة لطائرات الهليكوباتر.
الأمين العام للأمم المتحدة يُحذر: الإنسانية قريبة من الإبادة النووية
في تحذير من حرب باردة جديدة محتملة، ناشد، سابقاً، رئيس الأمم المتحدة الصين والولايات المتحدة لإصلاح علاقتهما التي وصفها بأنها "مختلة تماماً" قبل أن تمتد المشاكل بين الدولتين الكبيرتين وذات النفوذ إلى أبعد من ذلك إلى بقية الدول.
خلال تصريحات صحفية قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن القوتين الاقتصاديتين الرئيسيتين في العالم يجب أن تتعاونا بشأن المناخ وأن تتفاوضا بقوة أكبر بشأن التجارة والتكنولوجيا حتى في ظل الانقسامات السياسية المستمرة حول حقوق الإنسان والاقتصاد والأمن عبر الإنترنت والسيادة في بحر الصين الجنوبي.
مُضيفاً: "نحن بحاجة إلى إعادة تأسيس علاقة وظيفية بين القوتين"، داعياً إلى أن ذلك "ضروري لمعالجة مشاكل التطعيم، ومشاكل تغير المناخ والعديد من التحديات العالمية الأخرى التي لا يمكن حلها بدون علاقات بناءة داخل المجتمع الدولي، وخاصة بين القوى العظمى".
قبل عامين، حذر غوتيريش زعماء العالم من خطر انقسام العالم إلى قسمين، مع قيام الولايات المتحدة والصين بإنشاء قواعد داخلية، وعملات، وقواعد تجارية، ومالية منافسة بخلاف استراتيجياتهم الجيوسياسية والعسكرية الصفرية.
وكرر هذا التحذير حالياً، مضيفًا أن الاستراتيجيتين الجيوسياسية والعسكرية المتنافستين ستشكلان "مخاطر" وتقسم العالم. وبالتالي، يجب إصلاح العلاقة المتدهورة وسريعاً.
أكد غوتيريس: "نحتاج إلى تجنب حرب باردة بأي ثمن، لأنها رُبما ستكون أكثر خطورة وأكثر صعوبة في إدارتها من الحرب السابقة".