مكة كما لم ترها من قبل.. كيف سُمح لمصور إيطالي بزيارة العاصمة المقدسة؟
-
1 / 22
تعتبر مكة المكرمة بمثابة القلب النابض للعالم الإسلامي، وكان الناس في الماضي قبل عصر الطيران والنقل البحري السريع، يأخذون وقتا طويلا للسفر إليها، حيث كانت المسافة تستغرق شهورا، وخاصة لبعد هذه المدينة عن المدن الإسلامية الكبرى كإسطنبول بتركيا، دلهي بالهند وأصفهان بإيران.
وكان المسلمون يحجون إليها من بلاد بعيدة، سيرا على الأقدام أو بواسطة الخيل والجمال وكانت القبائل البدوية طوال الرحلة يقومون بالسطو على قوافل الحجيج، ومثل ذلك مصدر دخل أساسي لهم في هذه الصحراء القاحلة، وفقال لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
السفر في ساعات قليلة
ولكن الأمر الآن اختلف تماما، حيث مكن السفر بواسطة الطائرات زوار هذه المدينة من الذهاب إليه في بضع ساعات، وخاصة مع رغبة فئات كثيرة من المسلمين في زيارتها للحج والعمر وبخاصة الطبقة المتوسطة القادرة على تدبير تكاليف هذه الرحلة، ووصل عدد الحجيج في العام الماضي إلى نحو 3 ملايين شخص وهي الفريضة الواجب على كل مسلم قادر وبالغ أدائها على الأقل مرة واحدة في العمر، إضافة إلى 5 ملايين معتمر قاموا بأداء الفرائض المقدسة العام الماضي.
وقام المصور الإيطالي، لوكا لوكاتيلي، بزيارة مكة هذا العام خلال فترة العمرة ورصد التغيير الجذري الذي طرأ على المدينة والنمو المتزايد، لاستيعاب التدفق الكبير في أعداد الحجاج والمعتمرين.
حافة مكة
وحتى النصف الأول من القرن العشرين، كانت مكة مدينة صغيرة مشهورة بمنازلها الحجرية الواسعة التي اشتهرت بالمشربيات التي كانت تزين نوافذها، وكان يحيط بالكعبة المشرفة، خمسة تلال كانت تعرف باسم «حافة مكة» أما اليوم، فكل ما تبقى من المدينة القديمة هو القباب في المسجد الحرام والمآذن والكعبة، أما التلال والمنازل القديمة وحتى بعض الآثار التي كانت تنسب لحياة النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، تم هدمها ليحل محلها مراكز تسوق عملاقة وفنادق شاهقة ومجمعات سكنية.
وشهدت مكة المكرمة حركة إعمار ضخمة منذ اواخر حقبة السبعينات، بالتزامن مع ازدياد عائدات البترول والتي أتاحت لملوك السعودية إقامة التوسعات التي بلغت كلفتها نحو 26 مليار دولار، وتضمنت التوسعات إضافة قاعات جديدة للصلاة وسلالم كهربائية ومئات المرافق الصحية ودورات المياه.
التوسعات
وقبل وفاة الملك عبد الله في عام 2015 أمر باقامة أكبر المظلات القابلة للطي في العالم لكي تحمي المصلين شدة أشعة الشمس أثناء التواجد في المسجد الحرام، كما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من بعده مشروعاً لتنمية مكة ببناء طريق دائري خامس وشبكة قطارات تحت الأرض وفوقها لخدمة ملايين الحجاج وبذلت مجموعة بن لادن جهدا كبيرا لرفع القدرة الإستيعابية للحرم المكي.
وتظهر إحدى صور لوكاتيللي وكأنها قد التقطت من الطائرة، ولكنها في الحقيقة تم إلتقاطها من واحدة من أعلى النقاط في مكة المكرمة وهو برج الساعة، الذي يشمل فندقاً ومجمعا تجارياً ويبعد عن بوابات الحرم بضع مئات من الأمتار فقط ويبلغ ارتفاع البرج نحو 46 ضعفاً ارتفاع الكعبة، وساعته أكبر من ساعة بيج بن البريطانية الشهيرة بخمس مرات ولم يقم أي حاكم ببناء أية مباني بهذا القرب من الكعبة المشرفة على مر التاريخ الإسلامي.
اعتناق الإسلام
واستطاع المصور الإيطالي -المولود في أسرة مسيحية-، زيارة مكة المكرمة بعد أن أعلن اعتناقه الإسلام، وزواجه من سيدة إندونيسية مسلمة ونبت لديه شعور كبير بالتعاطف مع دينه الجديد، وفي صوره الرائعة تستطيع أن ترى لطقات مألوفة لأداء الشعائر والمناسك الدينية، بالإضافة إلى خليط من النزعة التجارية الشديدة والإيمان الخالص في هذه البقعة المقدسة من العالم.