مقابلة حصرية مع مخرج فيلم Django Unchained الحائز على الأوسكار كوينتن ترانتينو
قلةٌ هم المخرجون الذين يمكنهم ادعاء احتلال المراتب الأولى مثل "كوينتن ترانتينو". فقد أعاد تصميم ساحة الأفلام في أوائل التسعينيات، ككاتب أنجح الأفلام من "ترو رومانس" (TRUE ROMANCE) إلى "فروم داسك تيل داون" (FROM DUSK TILL DAWN) والكاتب/المخرج وراء "ريزرفوار دوغز" (RESERVOIR DOGS) و "بالب فيكشن" (PULP FICTION) و "جاكي براون" (JACKIE BROWN). أصابت أفلامه الوتر الحساس عند شريحة من المشاهدن لم تلقَ من قبل ما تبحث عنه، وأربحته جائزة الأوسكار عن فئة أفضل سيناريو لفيلم "بالب فيكشن" (PULP FICTION).
كما جلب العقد الأول من القرن الحادي والعشرين باقةً أخرى من الأفلام المؤثرة من الموهوب في تحديث الأسلوب السينمائي. ففي فيلم "كيل بيل" (KILL BILL)، أخذت العروس التي لا تُنتسى، "أوما ثورمن"، ثأرها من الرجل الذي تركها من غير عودة. وفي "ديث بروف" (DEATH PROOF)، تتعرض مجموعة من الفتيات المحبات للسهر والاستمتاع لمطاردة سائق سيارة لا شيء يردعه. وفي "إنغلوريوس باستردز" (INGLOURIOUS BASTERDS)، تذهب مجموعة من جنود الحرب العالمية الثاثية الساعين إلى الانتقام خلف خطوط العدو لينفذوا خطة يقضون بها على "هيتلر".
في "دجانغو آنشايند" (DJANGO UNCHAINED)، يعدنا "ترانتينو" بأن يعيد صياغة قواعد السينما مرةً أخرى. فيلم إثارة مذهل عن الثأر يتناول موضوع عبدٍ أسود البشرة في أقصى الجنوب (جايمي فوكس)، والقابض على الفارّين الألماني الفضولي واللدود الذي يحرره (كريستوف والتز) وتاجر الرقّ عديم الأخلاق (ليوناردو دي كابريو) الذي يحتجز زوجته (كيري واشنطن). يعكس "دجانغو آنشايند" (DJANGO UNCHAINED) صورة "ترانتينو" بالفعل: فهو مبتكر ومسلٍّ ولا حدود له. من موقع التصوير في "إيفرغرين بلانتايشن" في قلب "لويزيانا"، يشاركنا "ترانتينو" نظرته.
لقد استغرقت وقتاً طويلاً لتصوّر فيلم "وسترن" عن الغرب لطالما تكلمت عنه. هل يتحقق حلمك الآن؟
لطالما رغبت في تصوير فيلم عن الغرب. ولكن، بالنسبة إليّ، مجرد أن أقوم بالأفلام هو حلم يتحقق، مهما كان نوعه. عندما كنت أصور "ريزرفوار دوغز" (RESERVOIR DOGS)، كان يتحقق حلمي بأن أصوّر فيلماً عن العصابات. أحب فكرة أن أجرب العمل على أنواع أفلام مختلفة؛ فيلم عن الحرب، وفيلم عن العصابات وفيلم عن الفنون القتالية، والآن فيلم عن الغرب. لطالما أحببت أفلام الغرب وأدخلت عناصر منها في أفلامي الأخرى. لذا من الجيد الآن، بعد أن نكّرت هذه الأفلام بضع مرات – بخاصة في حالة الجزء الثاني من "كيل بيل" (KILL BILL VOL. 2) و "إنغلوريوس باستردز" (INGLOURIOUS BASTERDS) – أن أستطيع تصوير فيلم عن الغرب بالكامل. وحتى في هذه الحالة، ليس الفيلم عن الغرب تماماً، إذ تقع أحداثه في الجنوب. حتى في هذا الخصوص، أنا أعبث بالأمر قليلاً.
ولديك راعي بقر ألماني.
أجل، ولكن، هناك وجه آخر للفيلم مثير للاهتمام، وهو أنّ في الفيلم الأول، لعب الإيطالي "فرانكو نيرو" دور "دجانغو". ثم في فيلم آخر، أدى الممثل "تيرانس هيل" الدور في فيلم "دجانغو، بريبير إيه كوفين" (DJANGO, PREPARE A COFFIN) حيث يبدو من الواضح أنّه أدى الدور نفسه. في الواقع، هناك تسعة وثلاثون فيلماً عن "دجانغو" لا تمتّها صلة فعلية بـ "دجانغو"، ومنها ما لا يحتوي حتى على شخصية تدعى "دجانغو". لذا أعتقد أننا نندرج على قائمة طويلة من تتمّات فيلم "دجانغو" غير الرسمية التي لا يمثل فيها "فرانكو نيرو". ومع ذلك، في الوقت عينه، فإن جعل "دجانغو" عبداً حراً كان أمراً رائعاً ومن ثم إضافة هذا الألماني إلى المزيج بصفته طبيب أسنان وصائد مكافآت للقبض على فارّين كان أمراً مميزاً بالفعل! [ضحك].
كيف اخترت "جايمي فوكس" لأداء الدور؟
اجتمعنا وكان مذهلاً. فقد فهم القصة وسياقها والأهمية التاريخية التي يحملها الفيلم. وهو يمثل من أجلي ومن أجل السينما ومن أجل نفسه، وإنما أيضاً من أجل أجداده. إذ يتسنى له فعل أمور لم يتسنَّ لأجداده فعلها. إنّها لقصة هامة جداً له ولسلالته؛ ولكل الناس وكل الأمريكيين. وقد فهم ذلك. لقد فهم ذلك 100%. إنّه ممثل رائع ويبدو مذهلاً في هذا الدور، ولكن، يجب النظر أيضاً إلى أنّه راعي بقر؛ ففيه ميزة رعاة البقر. عندما التقيت به، رحت أتخيل أنه لو عرضوا على الرجال السود أدواراً في ستينيات القرن العشرين في البرامج التلفزيونية عن الغرب، لكان "جايمي" حاز على برنامجه التلفزيوني الخاص. يليق به ركوب الخيل ويبدو اللباس جيداً عليه.
"ليوناردو دي كابريو" بدور "كاندي"، تاجر الرق، أمرٌ خارج عن المعتاد. كيف حصل ذلك؟
بصراحة، أعلمني أنّه مهتم بالدور. فحاولت ألاّ أكون محدداً جداً للشخصية في النص وحاولت ألا أصفه جداً لأترك مجالاً للتحليل والنقاش. كنت أفكر في ممثل أكبر سناً ربما. لكنّ "ليو" قرأ النص وأحبّه واجتمعنا وبدأنا نناقش الأمر. وبدأت أتخيل كم سيكون أسهل أن أعيد صياغة شخصيته لتشبه "كاليجولا"؛ الامبراطور الشاب. فقد أسّس أب أب أبيه مصنعاً للقطن واستلم العمل بعد ذلك أب أبيه وجعله مربحاً؛ ثم جعله أبوه مربحاً أكثر بعد. والآن هو رابع رجلٍ في سلالة "كاندي" يستلم مصنع القطن وقد ملّ منه. لا يهمّه القطن؛ لذا بات مهتماً جداً بمصارعة العبيد حتى الموت وكل ما يتعلق بذلك. لكنّه أمير شاب رديء الطبع، إنّه "لويس الرابع عشر" في "فرساي". وهناك وجهٌ رائعٌ للقصة، بمجرد التفكير في الأمر؛ فإذا كان لديك مصنع وعمال بيض يعملون لصالحك وكل أولئك العبيد السود وقطعة أرض ضخمة، فالأمر تماماً كما لو كنت ملكاً على أرضك. فيكون المنزل الكبير بمثابة قصرك، وكل الناس فيه خاضعين لك. بالفعل، أنت تتمتع بسلطة الملك. لذا، أردت أن ألعب فعلاً على هذه الفكرة، فكرة الملك "لويس الرابع عشر"، ولكن، في الجنوب. أرض "كاندي" مجتمع محصور فعلاً على أرضٍ تمتد على مسافة 65 ميلاً وهذه إقطاعية . يتمتع بسلطة ملك؛ ويمكنه إعدام الناس أو القيام بما يحلو له بهم.
بعد "جاكي براون" (JACKIE BROWN)، تتطرق مرة أخرى إلى المسائل العنصرية. هل من تردد عادة في التطرق إلى مواضيع كهذه؟
ما من تردد أبداً. أعلم دائماً أنه لا بد أن يتكلّم بعض الناس عنه بالسوء، لكنّ ذلك يزول ويبقى الفيلم هو نفسه. كما أنّني لم أدع قط شيئاً قاله لي أحد يردعني من القيام بما أريده على أي حال. لذا، لا، لا يزعجني ذلك، وكلما تكلم شخصٌ عن الأمر أكثر من اللازم، أقول له: "أجل هذا صحيح، ولكن، في الوقت نفسه، إنّه لفيلم رائع عن الغرب".
ما هي التحديات التي واجهتها في تصوير فيلم عن الغرب؟
الطقس! [ضحك] الطقس كان أكبر المشاكل؛ وهو أمرٌ لا تفكر فيه عادةً عندما تشاهد فيلماً عن الغرب. المطر أو التغير الكامل الذي يطرأ هنا على الإنارة. فالضوء الذي نحصل عليه في بدء النهار مختلف تماماً عما هو الآن. تلك هذه المشكلة الأكبر، لأنّ الضوء يتغيّر، وفجأة لا يعود بإمكانك إنهاء المشهد. هنا ترى المصور السينمائي الحائز على ثلاث جوائز أوسكار يسير أمامنا. هذه هي أكبر التحديات، ولكن، كل ما تبقى أشبه بحلم.
ثمّة تركيز أكبر في هذا الفيلم على شخصية أو اثنتين مما كان في فيلميك الأخيرين. هل سيبدو الأمر وكأنك تجسّد الأحداث فعلاً؟
لا، إنّه فيلم مذهل بالتأكيد. لا أعتبر أفلام الغرب المصورة في إيطاليا أفلاماً تستغل ممثليها. أعتقد أنّها بنفس شرعية الأفلام المصورة في أمريكا وفي الواقع أنا أحبها أكثر قليلاً. وأنا في الحقيقة أحاول ألا أتجه إلى استغلال الطاقم بما أنني أتعامل مع مواضيع حساسة مرتبطة بالاستغلال. لا أريد أن يعتقد أحد أنّه تم استغلال النساء أو شخصيات العبيد في هذا الفيلم على أرض الواقع. أنا فقط أحاول إظهار كيف كانوا يُستغلّون. أنا لا أستغلّهم، إنّما أشهد على أنّ ذلك ما حصل.