مستقبل التجارة الإلكترونية.. خطوات النجاح في العصر الرقمي

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 01 أكتوبر 2024
مقالات ذات صلة
كيف ستؤثر العملات الرقمية على مستقبل التجارة الإلكترونية؟
معوقات التجارة الإلكترونية.. أبرز المشكلات وحلولها
ما هي مخاطر التجارة الإلكترونية.. تجنبها بخطوات منظمة

في عصر يتسارع فيه التحول الرقمي بوتيرة غير مسبوقة، تواجه التجارة الإلكترونية مفترق طرق حاسم،  فرغم النمو الهائل الذي شهده القطاع خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الواقع يكشف عن تحديات عميقة تهدد بإعاقة تطوره، وتحد من قدرته على تلبية تطلعات المستهلكين المتزايدة

أزمة التجارة الإلكترونية الحالية

وتكشف الأرقام عن حقيقة مقلقة، ففي حين تحقق المتاجر التقليدية معدلات تحويل تتراوح بين 20% و40%، تكافح المتاجر الإلكترونية للوصول إلى نسبة متواضعة لا تتجاوز 3%.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

هذا التفاوت الصارخ يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل التجارة الإلكترونية وقدرتها على منافسة نظيرتها التقليدية.

فتعاني التجارة الإلكترونية من فجوة عميقة بين توقعات المستهلكين والواقع الذي تقدمه المنصات الحالية، فبينما يتوقع المتسوقون تجربة سلسة وشخصية، يواجهون في الواقع:

1. تحديات في تجربة المستخدم: فيجدون أنفسهم أمام واجهات مستخدم معقدة وغير بديهية وعملية تصفح متعبة تتطلب وقتاً طويلاً وصعوبة في مقارنة المنتجات بشكل فعال.

2. مشكلات في جودة المعلومات: وصف غير دقيق للمنتجات وصور محدودة لا تعكس الواقع بشكل كافٍ وتقييمات ومراجعات متضاربة.

ولعل أبرز مثال على ذلك قصة سارة، وهي مهندسة برمجيات تبلغ من العمر 34 عاماً، تجسد بوضوح المعاناة التي يواجهها المتسوقون عبر الإنترنت، فقد قضت سارة شهرين كاملين في محاولة شراء سجادة لمنزلها الجديد، بدأت رحلتها بزيارة العديد من المواقع الإلكترونية المتخصصة في الأثاث المنزلي، حيث قضت ساعات طويلة في تصفح مئات الخيارات، وحفظ الروابط، وطلب العينات.

وبعد كل هذا الجهد، وجدت نفسها تعود إلى المتاجر التقليدية، حيث واجهت تحديات أخرى تمثلت في ضعف خدمة العملاء وعدم توفر المنتجات المطلوبة.

وتمثل تجربة سارة نموذجاً لما يواجهه الملايين من المتسوقين يومياً، فالمواقع الإلكترونية، في معظمها، لا تزال تعتمد على هيكل ثنائي الأبعاد بسيط، يجبر المستخدمون على التنقل بين الصفحات في رحلة متعبة من النقر والعودة والتصفية والقراءة المتكررة للمراجعات.

الأرقام تتحدث: إحصائيات مقلقة حول التجارة الإلكترونية

وتؤكد الإحصائيات حجم الأزمة، حيث يتم هجر 70% من عربات التسوق الإلكترونية قبل إتمام عملية الشراء، هذا الرقم المرتفع يمثل تحدياً كبيراً لشركات التجارة الإلكترونية، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء، والتي تصل إلى 70 دولاراً للعميل الواحد.

وحتى عندما تنجح الشركات في إقناع المستهلك بالشراء، تواجه تحدياً آخر يتمثل في المرتجعات، والتي كلفت تجار التجزئة الأمريكيين 248 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 16% عن العام السابق.

وفي ظل هذه التحديات، تواجه شركات التجارة الإلكترونية صعوبات متزايدة في جذب المتسوقين، فمنذ عام 2019، ارتفعت تكلفة النقرة في إعلانات جوجل للتجار بنسبة تتراوح بين 40% و50%.

كما أن سيطرة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون وميتا وآبل على البيانات يحد من قدرة تجار التجزئة على فهم عملائهم وتقديم تجارب تسوق مخصصة.

استراتيجيات الشركات

وفي محاولة لمواجهة هذه التحديات، لجأت الشركات إلى استراتيجيات مختلفة مثل الاستبيانات والصفحات المخصصة والنوافذ المنبثقة التي تقدم خصومات مقابل عناوين البريد الإلكتروني، لكن هذه الحلول، رغم أهميتها، تبقى قاصرة عن معالجة المشكلة من جذورها.

لكن الأمل يلوح في الأفق مع ظهور تقنيات جديدة واعدة، فمن المتوقع أن يقضي ربع سكان العالم ساعة يومياً على الأقل في بيئات افتراضية بحلول عام 2026.

هذا التحول يفتح آفاقاً جديدة أمام العلامات التجارية لتبني تقنيات غامرة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة المكانية والواقع الممتد، بما يشمل الواقع المعزز والافتراضي والمختلط.

وتظهر الدراسات فعالية هذه التقنيات في تحسين تجربة التسوق، فقد أشارت الإحصائيات إلى أن 71% من المتسوقين سيزورون المتاجر بشكل متكرر إذا استخدمت تقنيات الواقع المعزز.

كما أن استخدام العرض ثلاثي الأبعاد والواقع المعزز يمكن أن يزيد وقت البقاء على الموقع بمقدار خمسة أضعاف، ويرفع معدلات التحويل بنسبة تصل إلى 94%.

وتكتسب هذه التقنيات أهمية خاصة في استهداف جيل Z، الذي يعتبر 90% من أفراده من محبي ألعاب الفيديو، ومن المتوقع أن يشكلوا النسبة الأكبر من نمو الإنفاق الاستهلاكي بين الآن وعام 2035.

التقنيات الواعدة في التجارة الإلكترونية

وللاستفادة من هذه التقنيات، يتعين على الشركات اتباع استراتيجية متكاملة تشمل عدة محاور:

أولاً، تبني عنصر التلعيب في تجربة التسوق، مع توقع وصول عدد مستخدمي ألعاب الفيديو عالمياً إلى أكثر من 3 مليارات بحلول عام 2029، يمكن للتجارة الإلكترونية الاستفادة من هذا التوجه لخلق تجارب تسوق أكثر جاذبية وتفاعلية.

ثانياً، الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مخصصة، والإجابة على استفسارات العملاء بشكل أسرع، وتحسين كفاءة الإنفاق التسويقي.

ثالثاً، التحول نحو العرض ثلاثي الأبعاد، حيث يمكن للمنصات تمكين العلامات التجارية من تصميم صالات عرض رقمية ثلاثية الأبعاد للتعبير عن هويتها بشكل مكاني.

رابعاً، تبني تقنيات التجربة الافتراضية، فمع تحسن كاميرات الهواتف، يتزايد استخدام تطبيقات "التجربة الافتراضية" و"رؤية المنتج في مساحتي"، مما يمكن العملاء من تصور كيفية ملاءمة المنتج لاحتياجاتهم بدقة أكبر.

خطوات لنجاح التجارة الإلكترونية

ولضمان نجاح تطبيق هذه التقنيات، يجب على الشركات اتخاذ عدة خطوات أساسية:

بداية، يجب دمج تغذية راجعة من فريق متنوع من الخبراء، والاستفادة من المعرفة المؤسسية للفريق الأوسع، كما يجب إشراك أقسام مختلفة مثل المبيعات في عصف ذهني لابتكار ميزات جديدة تضمن تقديم قيمة للعملاء المحتملين.

كما يجب التركيز على سهولة الوصول، من خلال إنشاء حملات تعتمد على المتصفح بدلاً من التطبيقات المستقلة على منصات جديدة، مما يتيح للمستخدمين الوصول إلى المحتوى عبر الأجهزة المختلفة دون الحاجة إلى أجهزة خاصة.

وأخيراً، يجب توفير دعم شامل للمستخدمين. فحتى مع التركيز على تجربة المستخدم، سيظل هناك منحنى تعلم لبعض العملاء. لذا يجب استخدام قنوات متنوعة (مثل روبوتات الدردشة ووسائل التواصل الاجتماعي) لتقديم إجابات سريعة على الأسئلة الشائعة، مع ضمان توفر الموارد الداخلية للرد على المخاوف المعقدة.

ورغم أن التقنيات الغامرة لم تصبح بعد جزءاً من حياتنا اليومية، إلا أن التاريخ يعلمنا أن التغيير التكنولوجي، وإن كان تدريجياً، فهو حتمي.

فكما لم نكن نتخيل قبل 20 عاماً أن تصبح هواتفنا المحمولة كاميراتنا الافتراضية، قد لا نستطيع اليوم تصور مدى تأثير التقنيات الغامرة على مستقبل التسوق الإلكتروني.