مسؤول دولي يُحذر من خطر كبير قد يواجه مصر بسبب تغيرات المناخ
حذر مارك سميث، المدير العام للمعهد الدولي لإدارة المياه، من مواجهة مصر مشكلة ندرة في المياه بسبب التغير المناخي. مُضيفاً أن التقديرات تُشير إلى احتياج مصر إلى نحو 114 مليار متر مكعب من المياه لتغطية مختلف احتياجاتها واستخداماتها للمياه، في حين أن ما يتوافر لديها هو 60 مليار متر مكعب فقط من المياه.
مؤكداً على أهمية دمج سياسات مواجهة التغير المناخي مع سياسات واستراتيجيات الأمن المائي والأمن الغذائي، بهدف الحدّ من المخاطر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
التغير المناخي وخطره على الأمن المائي
أشار سميث أيضاً إلى أن تغير المناخ يُمثل تحدياً كبيراً وخطراً على الأمن المائي والأمن الغذائي، فالمياه والمناخ والغذاء عناصر متشابكة لا ينفصل أي منها عن الآخر، وإذا تعرضت واحدة من هذه العناصر للاضطراب فإن هذا سيُهدد بدوره بقية العناصر، موضحاً أن كل زيادة في درجات الحرارة تعني زيادة في الآثار الخطيرة على الغذاء والمياه.
يُذكر أن معظم المياه في مصر موجهة للقطاع الزراعي، ما يعني أن الزراعة ربما تتعرض للخطر نتيجة نقص المياه وتغير المناخ، وهذا يؤثر بدوره على الأمن الغذائي، حيث إن تهديد الأمن المائي يؤدي إلى مخاطر على الأمن الغذائي.
أكد سميث على أهمية العمل على الاستفادة من إعادة تدوير المياه ومعالجتها وتحليتها، بهدف الحفاظ عليها.
المياه واحدة من أكبر الأزمات في العالم
تبعاً لتقرير الأخطار العالمية 2016 (Global Risks Report 2016) والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum)، فالمياه واحدة من أكبر 3 أزمات تواجه العالم؛ فقد أكد ذلك صدور دراسة أخرى تُقدّر أن حوالي 4 مليارات إنسان، ما يزيد عن نصف عدد سكان الأرض، يُعانون من نقص المياه. تأتي الدراسة كمفاجأة نظراً لأن التقديرات السابقة حول عدد من يعانون نقص المياه عادة ما كانت تُقدّر عددهم بين 1.7 حتى 3.1 بليون إنسان.
كما تُشير الدراسة أيضاً؛ إلى أن حوالي نصف من يعانون من نقص المياه يعيشون في الهند والصين بالإضافة للمنطقة العربية، كما أنه من أصل 4 مليارات يعانون من نقص المياه، فحوالي نصف مليار يعانون منه على مدار السنة بشكل مستمر؛ إذ يعيش هؤلاء في أماكن تحتاج إلى استهلاك مياه ضعف كمية المياه التي تؤمنها نسبة هطول الأمطار على مدار السنة في تلك المناطق.
وفقاً لتقرير صادر عن الصندوق الدولي للتطوير الزراعي فالوضع المائي العربي يُعاني بشكل كبير بالمقارنة مع باقي العالم؛ فعلى الرغم من أن سكان المنطقة العربية يُشكلون ما يقارب 5% من عدد السكان العالمي فهم يملكون أقل من 1% فقط من مصادر المياه العالمية وهو ما يضع المنطقة في صدارة المناطق المهددة بالتعرّض للأزمات المائية. ومن بعض الحقائق التي توصف الحال المائي العربي:
- الصحارى الواسعة: مساحة المنطقة العربية تُقارب 14 مليون كيلومتر مربع، نسبة 87% منها صحارى؛ لا تتمتع بأي غطاء نباتي كما تتعرض لكميات أمطار قليلة أو معدومة.
- انخفاض حصة الفرد من المياه: انخفضت حصة الفرد العربي من المياه العذبة بشكل كبير من 3300 متر مكعب في السنة؛ في عام 1960 لتصل إلى 1250 متر مكعب في السنة؛ في عام 1999 ومتوقع وصولها إلى 500 متر مكعب في السنة؛ في عام 2025.
- نسب الهطول المطري متباينة: معدل الأمطار السنوي في المنطقة هو 2,148 كيلومتراً مكعباً، نصفها تهطل في السودان وحده. كما تتباين معدلات الهطول المطري بشكل كبير حسب البلد والأقاليم.
- مياه الأمطار مهدورة: أكثر من 90% من مياه الأمطار يتم خسارتها بسبب التبخر مما يؤثر بشكل كبير في إنقاص الحصة العربية من المياه.
- تحلية مياه البحر: نظراً للحاجة الماسة للمياه يتم تحلية حوالي 30 كيلومتراً مكعباً من مياه البحر سنوياً بقصد استهلاكها كمياه عذبة، ومعظم عملية التحلية تتم في منطقة الخليج والجزيرة العربية.
- هدر المياه في الزراعة: تستهلك الزراعة حوالي 83% من إجمالي الاستهلاك المائي، فيما يتزايد الطلب على المياه للمناطق المدنية بشكل مضطرد.
التوتر بين إثيوبيا ومصر والسودان بسبب سد النهضة
من ناحية أخرى، كانت الفترة الماضية قد شهدت ارتفاع حدّة التوتر بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى، بعدما أعلنت أديس أبابا أنها بدأت الملء الثاني لبحيرة سد النهضة، مما أثار قلق بلدتي المصب.
يُذكر أنه خلال سبتمبر الماضي، كان مجلس الأمن، قد اعتمد بياناً رئاسياً يدعو خلاله أطراف سد النهضة الإثيوبي إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك بعدما لجأت مصر والسودان لمجلس الأمن للتحكيم في قضية السد الإثيوبي.
جاء في بيان مجلس الأمن: "مجلس الأمن ليس جهة الاختصاص في النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار". داعياً أطراف سد النهضة إلى استئناف المفاوضات، ومشدداً على ضرورة العودة إلى اتفاق المبادئ الموقع في عام 2015.
رحبت مصر بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بشأن سد النهضة، فيما جدد السودان دعوته لقبول عملية الوساطة المُعززة بقيادة الاتحاد الإفريقي.
بعد أن يُذكر أن الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري المصري، كان قد تلقى سابقاً خطاباً رسمياً من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في عملية الملء الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي. ورد وزير الري المصري من خلال خطاب رسمي إلى الوزير الإثيوبي يُخطره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يُعدّ خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ.
أكد وزير الري المصري أيضاً أن ما تقوم به إثيوبيا يُعدّ انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تُنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تُلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الإضرار بها.
جدير بالذكر أن إثيوبيا بدأت في بناء سد النهضة في عام 2011، دون اتفاق مُسبق مع مصر والسودان، حينها أعلنت الحكومة الإثيوبية عن أن الهدف من بناء هذا السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
أوضحت التقارير أن أكثر الدول تضرراً ببناء سد النهضة الإثيوبي هما مصر والسودان، فمصر تخشى من تأثير هذا السد على حصتها من المياه، والتي تبلغ حوالي 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، والتي تحصل على غالبيتها من النيل الأزرق.
أما السودان، فهي تخشى أيضاً من تأثير السد الجديد على انتظام تدفق المياه إلى أراضيه، وكذلك من تأثيره على السدود السودانية، وقدرتها على توليد الكهرباء.
طالبت مصر والسودان مجلس الأمن الدولي بوضع اتفاق ملزم قانوناً لحل النزاع، بينما أكدت إثيوبيا أن المسألة يمكن حلها من قبل الاتحاد الإفريقي. وقالت القاهرة والخرطوم إن 10 سنوات من المفاوضات مع إثيوبيا باءت بالفشل، وأن سد النهضة بدأ بالفعل عملية ملء ثانية لخزانه، وأضافتا أن هذا لا ينتهك اتفاقية عام 2015 فحسب، بل يشكل تهديداً وجودياً لـ150 مليون شخص في دولتي المصب.