مارتن لوثر كينغ.. حلم مستمر
ولادة مارتن لوثر كينغ
الحياة الشخصية مارتن لوثر كينغ
حكاية مارتن لوثر كينغ مع التمييز العنصري
نضال مارتن لوثر كينغ ضد التمييز العنصري
تحويل التمييز العنصري إلى قضية عامة
أزمة جديدة للنضال في قضية التمييز العنصري
خطاب "لدي حلم"
أساطير عن مارتن لوثر كينغ
اغتيال مارتن لوثر كينغ
تكريم مارتن لوثر كينغ
هو أمريكي من أصل أفريقي، عمل وزيراً للكنائس المعمدانية، أصبح ناشطاً في حركة الحقوق المدنية للأميركيين من أصل أفريقي، حارب عدم المساواة العرقية والتمييز ضد السود بالطرق السلمية، دفع حياته ثمناً لمبادئه، إنه مارتن لوثر كينغ.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولادة مارتن لوثر كينغ ودراسته
ولد مارتن لوثر كينغ (Martin Luther King Jr) في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية في الخامس عشر من شهر كانون الثاني/يناير عام 1929، ابن مارتن لوثر كينغ (Martin Luther King, Sr) وهو قس معمداني، وألبرتا وليم كينغ (Alberta Williams King) عازفة على آلة الأرغن وأسست جوقة للغناء، له شقيقة واحدة أكبر منه اسمها كريستين كينغ (Christine King) من مواليد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 1927، وشقيق واحد أصغر منه يُدعى ألفريد دانيال وليامز كينغ (Alfred Daniel Williams King)، وهو من مواليد الثلاثين من شهر تموز/يوليو عام 1930.
دخل مارتن لوثر كينغ المدرسة عام 1935، ثم التحق بمدرسة (بوكر واشنطن) حيث تفوق على أقرانه في المدرسة، فالتحق بالجامعة ودرس في كلية مورهاوس أواخر عام 1942.
عين مارتن لوثر كينغ مساعداً في كنيسة أبيه عام 1947، ثم أصبح وزيراً للمعمدانية، تابع مارتن لوثر كينغ دراسته، فحصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع بكلية الآداب عام 1948، وهو في التاسعة عشر من عمره، ثم حصل على بكالوريوس في اللاهوت من جامعة بوسطن عام 1951، ثم حصل على الدكتوراه في اللاهوت عام 1955.
حياة مارتن لوثر كينغ الشخصية
تزوج من كوريتا سكوت كينغ (Coretta Scott King) وهي فتاة سوداء، من قادة حركة الحقوق المدنية للأمريكيين الأفارقة في الثامن عشر من شهر حزيران/يونيو عام 1953، استمر زواجهما حتى وفاته في الرابع من شهر نيسان/أبريل عام 1968، حيث أنجب منها أربعة أولاد، يولاندا دينيس كينغ (Yolanda Denise Kang) من مواليد عام 1955 وتوفيت في عام 2007، مارتن لوثر كينغ الثالث (Martin Luther King III) من مواليد عام 1957، دكستر سكوت كينغ (Dexter Scott King) من مواليد عام 1961، برنيس ألبرتين كينغ (Bernice Albertine King) من مواليد عام 1963.
حكاية مارتن مع التمييز العنصري
عانى مارتن لوثر كينغ من التمييز العنصري منذ طفولته، وتعرض لعدة مواقف بهذا الخصوص أثرت في نفسيته، ففي هذه أبرز المواقف: سن السادسة من عمره حرمه جيرانه البيض من اللعب مع أطفالهم بسبب لون بشرته الأسود، وفي عام 1942 أثناء ركوبه إحدى الحافلات، طلب السائق منه الوقوف كي يجلس رجلاً أبيض مكانه، لكنه لم ينفذ طلب السائق.
بعد ذلك، بدأ مارتن لوثر كينغ بمحاربة التمييز العنصري، بعد ذهابه مع زوجته إلى مدينة مونتغمري، وذلك إثر اعتقال شرطة مونتغمري روزا باركس (Rosa Parks) ذات البشرة السوداء في الأول من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1955 بسبب رفضها الوقوف في إحدى الحافلات كي يجلس مكانها راكب أبيض.
نضال مارتن لوثر ضد التمييز العنصري
رفض مارتن لوثر كينغ استخدام العنف خلال نضاله للقضاء على التمييز العنصري ضد السود، وتبنى المقاومة السلمية، من خلال الدعوة لمقاطعة شركة الحافلات حيث امتدت المقاطعة عاماً كاملاً مما أثر كثيراً على إيراداتها، فاعتقلته الشرطة بحجة قيادة سيارته بسرعة زائدة، وبعد خروجه من السجن بأربعة أيام، أي في الثلاثين من شهر كانون الثاني/يناير عام 1956، ألقى مارتن لوثر كينغ خطاباً بين أنصاره، فسقطت قنبلة على بيته كادت تفقده زوجته وابنه، فاجتمع عدد من السود وتسلحوا للانتقام من الفاعل، فخاطب أنصاره قائلاً: "دعوا الذعر جانباً، ولا تفعلوا شيئا يمليه عليكم شعور الذعر، إننا لا ندعو إلى العنف"، لكن ذلك لم يمنع الشرطة من إعادة اعتقاله مع مجموعة من زملائه، بتهمة الاشتراك في مؤامرة لتعطيل العمل في المدينة.
واستمر الاعتقال حتى قدمت أربع سيدات من أصول إفريقية طلباً إلى المحكمة الاتحادية تطالب فيها بإلغاء التفرقة في الحافلات في مونتغمري، فأصدرت المحكمة حكمها التاريخي عام 1956، الذي ينص على عدم قانونية هذه التفرقة العنصرية، عندها طالب مارتن لوثر كينغ مناصريه بإلغاء مقاطعة شركة الحافلات في مونتغمري، والعودة لاستخدامها، فأفرجت عنه الشرطة. وبعد شهر، نسف بعض الأمريكيين البيض منزل مارتن لوثر كينغ بالديناميت، فشكّل كينغ مؤتمر القيادة المسيحي الجنوبي لنشر الأسلوب الذي اتبعه سود مونتغمري إلى كل أنحاء الجنوب، أي أسلوب المقاومة السلمية ومقاطعة ممارسي التمييز ضد السود، كما ألقى خطاباً في شهر حزيران/يونيو عام 1957، هاجم فيه الحزبين الجمهوري والديمقراطي قائلاً: "أعطونا حق الانتخاب"، فاستجابت له الحكومة الأمريكية، حيث تم تسجيل خمسة ملايين أمريكي من أصول أفريقية في سجلات الناخبين في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.
مارتن لوثر كينغ يحوّل التمييز العنصري إلى قضية عامة
حاول مارتن لوثر كينغ جعل الحكومة الاتحادية الأمريكية تتدخل لحسم قضية التمييز العنصري، وذلك بعد أن أصبح جون كينيدي رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، لكن الرئيس الأمريكي رفض، فقام مارتن لوثر كينج بتنظيم مظاهرات في برمنغهام تطالب بإلغاء التمييز العنصري ضد السود، وذلك في أواخر صيف عام 1963، فقامت الشرطة باقتحام صفوف المتظاهرين مستخدمة العصي والكلاب البوليسية، فحدث أول صدام بين المتظاهرين السود ورجال الشرطة.
عرض هذا المشهد على شاشات التلفزة الأمريكية التي كانت تغطي المظاهرات فتحولت قضية التمييز العنصري ضد السود من قضية خاصة بالولايات الجنوبية، إلى قضية عامة تخص كل المواطنين الأمريكيين، ومع ذلك استمرت الحكومة باستهداف السود حيث أصدر القضاء قراراً بمنع كل أنواع الاحتجاج والمقاطعة والاعتصام؛ لكن مارتن لوثر كينغ قرر عدم تطبيق القرار القضائي للمرة الأولى في حياته، حيث قاد مظاهرة من ألف شخص، يرددون شعار "حلت الحرية ببرمنغهام"، فألقت الشرطة القبض عليه، ووضعته في السجن الانفرادي، حيث حرر خطاباً أوضح فيه فلسفته في النضال السلمي بعيداً عن العنف.
أزمة جديدة للنضال في قضية التمييز العنصري
خرج مارتن لوثر كينغ من السجن بكفالة، فواصل نضاله ضد التمييز العنصري، حيث خطر بباله سؤالاً مفاده: ماذا أنت صانع بالأطفال؟، ولاسيما أن عدد قليل من الأشخاص مستعدون لتحمل مسؤولية قتل طفل، فقام مارتن لوثر كينغ بتنظيم مظاهرات تصدر خلالها الأطفال الصفوف الأمامية، في مواجهة الشرطة والكلاب البوليسية، هنا وقعت الشرطة في الفخ، حيث استخدمت القوة ضدهم، ما أثار حفيظة ملايين الأمريكيين وامتعاضهم، وبذلك نجح مارتن لوثر كينغ في خلق أزمة جديدة في قضية النضال ضد التمييز العنصري، حيث قال: "إننا على استعداد للتفاوض، ولكنه سيكون تفاوض الأقوياء".
وهذا ما حصل فعلاً فقد بدأت مفاوضات شاقة وطويلة بين السود والبيض، وتوصل الطرفان إلى برنامج ينفذ على مراحل يهدف لإلغاء التفرقة وإقامة نظام عادل وكذلك الإفراج عن المتظاهرين، لكن المتطرفين من البيض رفضوا هذا البرنامج، واعتدوا على منازل الأفارقة السود، فردوا بعض الأفارقة السود غير المنتمين لحركة مارتن لوثر كينغ بمواجهة رجال الشرطة، وتحطيم عشرات السيارات، وإشعال النيران في بعض المتاجر، عندها اضطر الرئيس جون كنيدي لإعلان حالة الطوارئ في القوات المسلحة، كما سارع مارتن لوثر كينج لتهدئة المواطنين الغاضبين، وقام بجولة ناجحة في عدة مدن كشفت عن البركان الذي يغلي في صدور الأفارقة السود تحت تأثير مائة عام من الاضطهاد.
خطاب "لدي حلم"
قام الأفارقة السود بمظاهرة في مدينة واشنطن عام 1963، ألقى خلالها مارتن لوثر كينغ خطاباً بعنوان: (لديّ حلم) (I have a dream)، قال فيها: "لدي حلم بأن يوم من الأيام أطفالي الأربعة سيعيشون في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم" " I have a dream that my four little children will one day live in a nation where they will not be judged by the color of their skin but by the content of their character"، فصدر قانون الحقوق المدنية لعام 1964، وقانون حقوق التصويت في عام 1965.
خمس أساطير عن مارتن لوثر كينغ
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريراً مصوراً عن أبرز خمس أساطير عن مارتن لوثر كينغ، فلنتعرف عليها:
- الأسطورة الأولى، إيمانه بوجود مجتمع لا يفرق بين الأمريكيين البيض والسود، لكنه لم يكن مؤمناً بأن قانون الحقوق المدنية سيمحي التفريق العنصري، وبرأيه مشكلة الفوارق الاقتصادية ستستمر ولن تحل إلا من دون تدخل الحكومة.
- الأسطورة الثانية، لم يكن حلم مارتن لوثر كينغ القضاء على العنصرية في الجنوب فقط، بل القضاء على الفقر ووقف الحروب.
- الأسطورة الثالثة، على الرغم من الخصومة التي جمعت مارتن لوثر كينغ الذي كان يُفضل الاحتجاجات السلمية والناشط السياسي مالكوم إكس الذي كان يفضل الاحتجاجات المسلحة، إلا أنهما كانا يمتلكان قواسماً مشتركة، فقد أيد مالكوم إكس مواقف مارتن لوثر كينغ في حملته للمطالبة بحقوق المشاركة بالتصويت في العام 1965، وفي معارضته للحرب على فيتنام وفي مواقف أخرى عدة.
- الأسطورة الرابعة، أن حركة (حياة السود مهمة) التي بدأت أخيراً في الولايات المتحدة الأمريكية لا تمد بصلة إلى حركة مارتن لوثر كينغ، لكن هدفهما واحد، الحد من الجرائم ضد الأمريكيين السود.
- الأسطورة الخامسة، القول أنه "لولا مارتن لوثر كينغ، لما اشتعلت حركة الدفاع عن الحقوق المدنية في أمريكا"، غير صحيحة، إذ ثمة شخصيات عدة لعبت دوراً أساسياً في تكوينها، ومنهم مالكوم إكس وجيمز فورمان وإيلا بيكر.
اغتيال مارتن لوثر كينغ
وصل مارتن لوثر كينغ إلى مدينة ممفيس في الثالث من شهر نيسان/أبريل عام 1968، للتحضير لمسيرة عمال الصرف الصحي المضربين عن العمل، وأثناء استعداده للقاء جماهيري، أطلق عليه جيمس إرل راي النار في الجانب الأيمن السفلي من وجهه، حيث تم إسعافه إلى المشفى، التي أعلنت وفاته في الرابع من شهر نيسان/أبريل عام 1968، وعمت الاضطرابات مدينة ممفيس بعد حادثة الاغتيال مما أدى إلى وقوع ضحايا، قبل أن تناشد أرملة مارتن لوثر كينغ الناس العودة للهدوء ونبذ العنف.
حكم على القاتل بعد إلقاء القبض عليه بالسجن لمدة تسعة وتسعين عاماً، وذلك عام 1993، لكنه تراجع عن اعترافه وطالب بإعادة محاكمته لكن الحكومة الأمريكية رفضت ذلك، حيث أصرّ المتهم على أن هناك مؤامرة لاغتيال مارتن لوثر كينغ، وحتى عام 2016 لم يحسم الجدل حول من هو القاتل الحقيقي لمارتن لوثر كينغ هل هو الشخص المسجون أم شخص آخر، هل هو مبادرة فردية، أم تقف وراءه جهات ومؤسسات أمريكية.
ونظراً لمكانة مارتن لوثر كينغ بين الجمهور الأمريكي أعلن الرئيس ليندون جونسون يوم السابع من شهر نيسان/أبريل عام 1968 حداداً وطنياً، تغلق فيه المدارس والمكتبات، والمتاحف والمؤسسات.
تكريم مارتن لوثر كينغ
يمكن تصنيف الجوائز التي حصل عليها مارتن لوثر كينغ إلى قسمين؛
- القسم الأول، جوائز حصل عليها خلال حياته، وهي ميدالية (سينجارن) حصل عليها في شهر حزيران/يونيو عام 1957، وهي جائزة تعطى سنوياً للشخص الذي يقدم مساهمات فعّالة في مواجهة العلاقات العنصرية، جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها في الرابع عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1964، وذلك لجهوده في مكافحة عدم المساواة العرقية من خلال المقاومة السلمية البعيدة عن العنف، كما حصل على جائزة نهرو للسلام الدولي في عام 1966 خلال زيارته للهند.
- والقسم الثاني، جوائز منحت له بعد وفاته، جائزة الوسام الرئاسي من الكونغرس الأمريكي في عام 1977، والميدالية الذهبية من الكونغرس الأمريكي في عام 2004.
كرّمت الحكومة الأمريكية الزعيم مارتن لوثر كينغ على طريقتها حيث قررت تخصيص يوم عطلة سنوي لتكريمه، فوقع الرئيس رونالد ريغان مشروع قرار في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1983، حدد فيه العطلة يوم العشرين من كانون الثاني/يناير من كل عام، غير الرئيس جورج بوش الأب يوم العطلة في عام 1992 ليصبح الثالث من كانون الثاني/يناير من كل عام.
في الختام.. تميزت حياة مارتن لوثر كينغ بالنضال المستمر لتحصيل حقوقه وحقوق الأفارقة السود، حيث دفع حياته ثمناً لذلك، لكن صيته وأعماله ومواقفه ما تزال حية حتى يومنا هذا، ولاسيما خطابه الشهير (لدي حلم).