ما هي دراسة الجدوى الاقتصادية وكيف يتم تنفيذها؟
على سبيل المثال، قد تقوم مدرسة صغيرة تتطلع لتوسيع حرمھا بإجراء دراسة جدوى؛ لتحديد ما إذا كان ينبغي عليها متابعة ذلك أم لا، مع الأخذ في الاعتبار التكاليف المادية، كم من الوقت سيعطل المشروع الطلاب، الرأي العام للتوسع، القوانين التي قد يكون لها تأثير على هذا التوسع، فكل هذه الأمور وأكثر يمكن الكشف عنها من خلال دراسة الجدوى.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ماهيَة الجدوى الإقتصادية
تعد دراسة الجدوى تحليلاً لكيفية إنجاز المشروع بنجاح، مع مراعاة العوامل التي تؤثر عليه كالعوامل الاقتصادية والتكنولوجية والقانونية والجدول الزمني، حيث يستخدم مدراء المشاريع دراسات الجدوى لتحديد النتائج الإيجابية والسلبية المحتملة للمشروع قبل استثمار قدر كبير من الوقت والمال فيه.
يمكن القول بأن دراسة الجدوى هي اختبار جدوى فكرة أو مشروع أو عمل جديد، فالهدف منها هو التركيز على المشاكل المحتملة التي يمكن أن تحدث في حالة متابعة المشروع، وتحديد ما إذا كان ينبغي متابعة المشروع بعد معرفة العوامل المؤثرة أم لا، إذ تسمح دراسات الجدوى للأعمال التجارية بتحديد أين وكيف ستعمل، العقبات المحتملة، المنافسة المتوقعة، التمويل اللازم لتشغيل الأعمال التجارية.
كما تهدف إلى الكشف بشكل موضوعي وعقلاني عن نقاط القوة والضعف في الأعمال التجارية القائمة أو المشروع المقترح، والفرص والتهديدات الموجودة في بيئة العمل، كذلك الموارد اللازمة للقيام بها، وفي نهاية المطاف آفاق النجاح.
وينبغي أن توفر دراسة الجدوى المصممة تصميماً جيداً وخلفية تاريخية للأعمال أو المشاريع المشابهة، وصفاً للمنتج أو الخدمة، تفاصيل العمليات والإدارة، بحوثاً عن السياسات التسويقية، البيانات المالية، المتطلبات القانونية، الالتزامات الضريبية.
وكما ذكرنا تقوم بتقييم إمكانيات المشروع للنجاح، بالتالي فإن التصور الموضوعي للفكرة هو عامل مهم في مصداقية الدراسة بالنسبة للمستثمرين ومؤسسات الإقراض المالي التي من الممكن أن تمول المشروع، لذلك يجب أن تتم الدراسة بنهج موضوعي وغير متحيز لتقديم المعلومات الصحيحة التي يمكن أن تستند إليها القرارات ويبنى على أساسها العمل.
أهمية دراسة الجدوى
تسمح دراسات الجدوى للشركات بتحديد وتنظيم جميع التفاصيل اللازمة للقيام بأي عمل تجاري، إذ تساعد على تحديد المشاكل اللوجستية، ومعظم المشاكل المتعلقة بالأعمال التجارية، جنباً إلى جنب مع تقديم حلول للتخفيف منها، فدراسات الجدوى يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تطوير استراتيجيات التسويق التي تقنع المستثمرين أو البنك أن الاستثمار في الأعمال التجارية هو خيار حكيم، فيمكن القول بأن دراسة الجدوى هي التي يمكن من خلالها اتخاذ القرار ببدء العمل.
عناصر دراسة الجدوى
تقسم عناصر أو مجالات دراسة الجدوى إلى عدة مجالات تشمل:
- الجدوى التنظيمية: تعني التعريف بالهيكل المؤسسي والقانوني للشركة، أي توفير معلومات عن المؤسسين وخلفيتهم المهنية والمهارات التي يمتلكونها، فهذه معلومات ضرورية لإبقاء العمل قيد التشغيل، من خلال معرفة مدى تناسب القائمين على العمل مع الفكرة ذاتها، وإمكانية دعمها من خلال خبراتهم السابقة.
- الجدوى المالية: أي تحديد مبلغ التمويل أو رأس المال المستثمر المطلوب، ومصادر رأس المال التي يمكن استخدامها بالإضافة إلى نوع العائد الذي يمكن توقعه من الاستثمار، حيث يمكن الحكم على الجدوى المالية من خلال التكلفة التقديرية الإجمالية للمشروع، رأس المال، الأرباح مستقبلاً.
- الجدوى التقنية: يستند هذا التقييم إلى معرفة متطلبات النظام التقنية، لتحديد ما إذا كانت الشركة لديها الخبرة التقنية (الفنية) الكافية للتعامل مع المشروع بعد الانتهاء من التقييم، مع تبيان العوائق المتوقعة من الناحية الفنية، إضافة إلى تقديم تفاصيل عن كيفية تقديم سلعة أو خدمة، بما في ذلك النقل وموقع العمل والتكنولوجيا اللازمة، إذ يركز تقييم الجدوى التقنية على فهم الموارد التقنية الحالية للمنظمة، وإمكانية تطبيقها على الاحتياجات المتوقعة للمشروع المقترح، أي تقييم للأجهزة والبرمجيات وكيفية تلبيتها لحاجة النظام المقترح.
- الجدوى القانونية: تحدد ما إذا كان النظام المقترح يتوافق أو يتعارض مع المتطلبات القانونية، فعلى سبيل المثال، يجب أن يتوافق نظام معالجة البيانات لأي شركة مع اللوائح والضوابط المحلية لحماية البيانات، حيث توضح الجدوى القانونية إذا كان المشروع المقترح مقبولاً وفقاً لقوانين المنطقة أم لا.
- الجدوى التشغيلية: هي مقياس يتمثّل في تقييم قدرة المشروع على مواجهة المشاكل المتوقعة التي ستواجهه، ومدى نجاح النظام المقترح في حل المشاكل، ومدى قدرة المشروع على استغلال الفرص المتاحة لتحقيق كفاءة تشغيلية أكبر، إضافة إلى دراسة مدى مواءمة المشروع للبيئة الاستثمارية المحيطة به.
- الجدوى الزمنية: يفشل المشروع إذا استغرق إنجازه وقتاً طويلاً قبل أن يكون مفيداً، عادةً ما يعني ذلك تقدير المدة التي سيستغرقها النظام أو العمل للبروز والتطور، فالجدوى الزمنية هي مقياس لمعرفة إن كانت المواعيد النهائية للمشروع معقولة.
- جدوى السوق: تتضمن دراسات الجدوى السوقية اختبار المواقع الجغرافية للمشروع، فغالباً ما يتم إجراء دراسات السوق لتحديد أفضل موقع داخل المنطقة، كما تصف إمكانات السوق الحالية والمستقبلية، والمنافسة المتوقعة، وتقديرات المبيعات والمشتريات المحتملة.
- جدوى الموارد: وهذا ينطوي على أسئلة مثل: كم من الوقت متاح لبناء النظام الجديد عندما يمكن بناؤه؟ هل يتعارض مع العمليات التجارية العادية؟ ما نوع وكمية الموارد المطلوبة للبدء بالعمل؟
تستخدم دراسة الجدوى في مجالات ونواحٍ كثيرة
يمكن استخدام دراسات الجدوى في نواح كثيرة، لكن التركيز في المقام الأول على المشاريع التجارية المقترحة، ويمكن أن يكون المقترح إما بدء عمل تجاري، أو شراء عمل تجاري قائم، أو توسع في العمليات التجارية الحالية لمؤسسة ما، كما ينبغي على من لديهم فكرة تجارية إجراء دراسة جدوى لتحديد جدوى فكرتهم قبل المضي قدماً في تطوير الأعمال التجارية، وتوفير الوقت والمال والتعب عند اكتشاف أن الفكرة لا تصلح منذ البداية.
أي مشروع تجاري هو واحد من حيث الأعمال، التمويل، الأرباح، تحمل المخاطر، تحقيق أهداف المؤسسين، فيتم وضع مخطط لدراسة الجدوى لإعطاء التوجيه حول كيفية المضي قدماً في الدراسة وما يجب القيام به، وكيفية استخدامها ومتى، فذلك سوف يساعد في الحصول على معرفة وتوقع كل ما سيجري مستقبلاً.
يتم إجراء دراسة الجدوى عادة بعد أن يناقش المنتجون سلسلة من الأفكار أو السيناريوهات التجارية، إلا أنها أشبه برحلة استكشافية قد تأخذ عدة مسارات قبل أن تصل إلى وجهتك، لكن إن كان التحليل الأولي سلبي؛ فهذا لا يعني أن الاقتراح ليس له ميزة إيجابية، ففي بعض الأحيان يمكن تصحيح العيوب في الاقتراح.
يمكن إجراء دراسة جدوى أولية للمساعدة في فرز السيناريوهات ذات الصلة قبل الشروع في إجراء دراسة جدوى كاملة، فإذا وجدت في وقت مبكر أن فكرة العمل المقترحة ليست ممكنة، فإن عدم وضع دراسة جدوى سيوفر عليك الوقت والمال، لكن إذا كانت النتائج تقودك إلى المضي قدماً في دراسة الجدوى، فعملك الأولي قد يحل بعض القضايا الأساسية، ويمكن أن يتم ذلك بمساعدة خبير استشاري في دراسة ما قبل الجدوى، لكن يجب إشراكك في ذلك، فهذه فرصة لفهم قضايا تطوير الأعمال.
وفي ذات السياق من الأفضل تنفيذ تقييم السوق قبل البدء بدراسة الجدوى، ذلك من شأنه أن يساعد في تحديد جدوى المنتج المقترح في السوق، كما يساعد هذا التقييم على تحديد الفرص المتاحة في السوق، فإذا لم يتم العثور على فرص، فلن يكون هناك أي سبب لتنفيذ دراسة الجدوى، إذا تم العثور على الفرص، يمكن أن يعطي تقييم السوق التركيز والتوجيه لبناء سيناريوهات الأعمال المناسبة، إذ يوفر تقييم السوق الكثير من المعلومات لقسم الجدوى التسويقية في دراسة الجدوى.
ما هي النتائج والاستنتاجات المتوقع الحصول عليها بعد دراسة الجدوى الاقتصادية؟
ينبغي أن تتضمن استنتاجات دراسة الجدوى عرضاً متعمقاً لمختلف السيناريوهات التي جرى بحثها والآثار المترتبة عليها ونقاط القوة والضعف فيها، ويحتاج قادة المشروع إلى دراسة جدوى متكاملة دون فروض أو تأويلات، فلا يوجد وقت بعد الدراسة للتشكيك.
كما يجب ألا يوضع بديلٌ واحدٌ للسيناريو المقترح باعتباره أفضل سيناريو، بل يجب وضع أكثر من بديل، فغالباً ما يكون قرار المضي نحو التنفيذ غير واضح، لذلك يمكن تجميع المعلومات والتحقيق في البدائل، كما قد تظهر عقبات رئيسية تعطل المشروع كتغير قوانين معينة على سبيل المثال، ففي بعض الأحيان يمكن التغلب على نقاط الضعف هذه، لكن وجود بدائل يساعدك على اختيار الأفضل ومواجهة أي عقبات.
كما أن قرار الذهاب أو عدم الذهاب هو واحد من أكثر الأمور أهمية في تطوير الأعمال، فهي نقطة لا تسمح بالعودة، فالقرار يُتخذ مرة واحدة ولا يكون هناك أي عودة إلى الوراء، وستكون دراسة الجدوى مصدراً رئيسياً للمعلومات في اتخاذ هذا القرار، هذا يدل على أهمية دراسة الجدوى المطورة بشكل صحيح.
ما هي الأسباب التي تدفع رجال الأعمال لإجراء دراسة الجدوى؟ وما الذي يمنعهم؟
قد يجد قادة المشروع أنفسهم تحت الضغط المالي أو الزمني، فيتجاهلون خطوة تحليل أو دراسة الجدوى، ويفضلون الذهاب مباشرةً إلى بناء الأعمال التجارية، كما أن هناك عدة أسباب لعدم إجراء تحليل الجدوى تشمل:
- وجود نشاط تجاري قائم بالفعل، والاعتقاد بعدم الفائدة من إجراء دراسة جدوى تم القيام بها قبل بضع سنوات فقط.
- اعتبار دراسات الجدوى مجرد وسيلة للاستشاريين لكسب المال.
- الاعتقاد بأن دراسات الجدوى مضيعة للوقت والمال، فيمكن استغلال الوقت أو المال المصروف عليها في شراء المبنى أو البحث عن الموقع الأنسب، والبحث عن أفضل المعدات.
فيما يعتبر البعض الآخر بأن إجراء دراسة الجدوى ممارسة تجارية جيدة، يمكن أن يتحقق منها أي جزء من الفائدة إذا تم العمل بها بشكل جيد، إضافة إلى أن هناك عدة أسباب أخرى لإجراء دراسة الجدوى تشمل:
- تركز دراسة الجدوى على المشروع الأنسب وتحدد البدائل.
- تحدد الفرص الجديدة من خلال عملية البحث والتحقيق.
- توضح وتحدد أسباب الشروع في تنفيذ الخطة.
- تعزز احتمالية النجاح من خلال معالجة العوائق في وقت مبكر والتي يمكن أن تؤثر على المشروع.
- توفر معلومات عالية الجودة لصنع القرار عن كل ما يتعلق بالخطة.
- تقدم الوثائق التي تم التحقيق فيها بدقة.
- تساعد في تأمين التمويل من مؤسسات الإقراض والمصادر التمويلية الأخرى.
مميزات دراسة الجدوى
دراسة الجدوى ليست خطة عمل، وكثيراً ما يُساء فهم الأدوار المنفصلة لكل من دراسة الجدوى وخطة العمل، حيث توفر دراسة الجدوى وظيفة التحقيق أو الاستكشاف، وتجيب عن سؤال: هل هذا المشروع التجاري قابل للتطبيق؟ بينما توفر خطة العمل وظيفة التخطيط، وتحدد الإجراءات اللازمة لنقل المقترح من مجرد فكرة إلى واقع، أي تطبيقها.
كما تحدد دراسة الجدوى وتحلل عدة بدائل أو طرق لتحقيق نجاح الفكرة، فتساعد على تضييق نطاق المشروع لتحديد أكثر من سيناريو، من ثم تحديد أفضل السيناريوهات، بينما تتعامل خطة العمل مع بديل أو سيناريو واحد فقط، يمكن للشخص أو الشركة التي تجري دراسة الجدوى تحديد البديل الأفضل ليصبح الأساس لخطة العمل.
يتم إجراء دراسة الجدوى قبل خطة العمل، ولا تُعد خطة العمل إلا بعد أن يعتبر المشروع التجاري مجدياً بناءً على ما وصلت إليه دراسة الجدوى، فإذا اُعتبر مشروع تجاري مقترح قابل للتطبيق، يتم عادة وضع خطة عمل أشبه بخارطة طريق توضح كيفية إنشاء الأعمال وتطويرها، وإذا اعتبر أن المشروع غير ممكن، يتم تصحيح أوجه القصور فيه، أو استكشاف بدائل أخرى، أو إسقاط الفكرة.
في النهاية.. أي مشروع تجارياً كان أم غير ذلك لا بد من حصر التفكير فيه ملياً، ومعرفة كل ما ينجم عن التنفيذ، ولعلها عملية معقدة عند أي شخص قليل الخبرة في السوق، حينها تصبح دراسة الجدوى أمر لا غنى عنه، لتوضيح حقيقة الأشياء، والوصول إلى القرار الأنسب.