ما هو تأثير الصوم على صحة الإنسان

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الثلاثاء، 28 أبريل 2020 | آخر تحديث: الإثنين، 15 مايو 2023
مقالات ذات صلة
ما تأثير الاحترار العالمي على صحة الإنسان
تأثير التغيرات المناخية على صحة الإنسان
تأثير العواصف الترابية والرملية على صحة الإنسان

شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم القمري الذي يعتمد عليه المسلمون حول العالم ويصوم خلاله المسلمون البالغون الأصحاء ل29 أو 30 يوماً، حيث يمتنعون عن الطعام والشراب والتدخين والممارسات الجنسية وكل ما يؤخذ عن طريق الفم كالأدوية وغيرها، ابتداءً من وجبة السحور أي قبل شروق الشمس إلى غروبها (وجبة الإفطار)، وقد تصل ساعات الصوم في الصيف لـ15 ساعة تقريباً أو أكثر فما الآثار العلمية السلبية والإيجابية للصوم؟ سواء على الأشخاص الأصحاء أم الأشخاص  الذين يعانون من أمراض معينة كالسكري والسرطان.

 

تأثيرات الصوم الإيجابية على الصحة

لا يصوم كل المسلمين في شهر رمضان بل يقتصر الصيام على البالغين والأصحاء ويستثنى منه الأطفال والمسافرون والمرضى وحالات أخرى، ولكن للصيام حسب الدراسات الأخيرة منافع جمة على صحة الإنسان من حيث تحسين إفراز الأنسولين وخفض الكوليسترول وحرق الدهون وغيرها من الفوائد التي سنتعرف عليها الآن:

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

تحسين ضغط الدم وفقدان الوزن

حيث أكد الصحفي البريطاني مايكل موسلي (Michael Mosley) معد ومقدم البرامج الوثائقية والطبية، في كتابه الحمية السريعة (The Fast Diet) أن الصوم المتقطع مع تقييد جيد للسعرات الحرارية من الفجر إلى الغروب بمعدل يصل ل 500 سعرة حرارية للنساء في اليوم و 600 سعرة حرارية للرجال، يساعد على فقدان الوزن وتحسين ضغط الدم وضبط مستويات الكوليسترول وتحسين حساسية الأنسولين في الجسد.

تحسين أداء الجهاز المناعي

في دراسة أخرى أجراها الدكتور فالتر لونغو وبعض تلامذته في جامعة كاليفورنيا الجنوبية (USC) في مقاطعة لوس أنجلوس الأمريكية، توصلت الدراسة إلى أن فترات الصوم المتواصلة أي من 2 إلى 4 أيام تؤدي لإعادة تفعيل الجهاز المناعي للجسم، وذلك بتنظيف الخلايا الميتة الناتجة عن الشيخوخة وهذه العملية أيضا تحمي الخلايا المناعية من التلف الناجم عن العلاج الكيميائي.

انخفاض نسبة الدهون

عملية حرق الدهون اليومية التي يقوم بها الجسد خلال شهر الصوم تؤدي لخفض نسبة الدهون في الجسد وذلك بشكل تتابعي مع كل يوم صيام، إضافة لخفض الكوليسترول.

انخفاض نسبة السكر

ولاسيما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع سكر الدم وليس مرض السكري، سيلاحظ هؤلاء انخفاض نسبة السكر خلال الصوم بسب تغيير النظام الغذائي.

التقليل من خطر التعرض لأمراض القلب

تؤدي السيطرة على التدخين وشرب المنبهات خلال الصيام إلى خفض معدل الإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية.

 

مرضى السكري.. هل يستطيعون الصوم؟

الأخطار التي من الممكن أن يواجهها مرضى السكري خلال فترة الصيام قد تكون نقص سكر الدم أو فرط سكر الدم، ولكن في الحالات الطبيعية يستطيع مرضى السكري الصوم بشكل آمن دون الخوف من تبعات ذلك خلال الشهر الفضيل، وفي هذا الخصوص فإن المسلمين حول العالم يشكلون ما يقارب 23% من سكان الكرة الأرضية وتبعاً لدراسة ديموغرافية أجريت عام 2009 ونشرها الموقع المتخصص بمرض السكر، توصلت الدراسة إلى أنه من عدد المسلمين الذي يقارب 1.57 مليار شخص.. لدينا 6.6% منهم مصابون بداء السكري وتتراوح أعمارهم من 20 إلى 79 سنة، وبالتالي توصلت الدراسة التي شملت 12243 مريض سكري من 13 دولة إسلامية إلى أن حوالي 79% من هؤلاء يصومون الشهر الكريم.

وبالتالي معرفة مخاطر الصوم أمر بالغ الأهمية ويجب على مقدمي الرعاية الصحية لهؤلاء الأشخاص الالتزام بالتوصيات التي نتجت عن آراء المختصين والأطباء، وقد شملت هذه التوصيات لمرضى السكري من النوع الأول الذين يصرون على صيام شهر رمضان فعل ما يلي:

  1. تقييم حالة المريض قبل رمضان وتزويده بقائمة الأغذية التي عليه تناولها وأخرى تجنبها وكيفية تطبيق الإرشادات.
  2. مراقبة ورصد نسب الجلوكوز في دم المريض في فترات متقاربة.
  3. اختيار الدواء المناسب لتجنب نقص سكر الدم.
  4. ضرورة الالتزام بنصائح الشخص الذي يشرف على رعاية المريض صحياً.
 

الصوم إيجابي على مرضى السرطان

نسمع الكثير من الأسئلة حول إمكانية مرضى السرطان من الصوم وهل يؤذيهم أم لا؟ في الحقيقة دائماً يوجد مخاطر محتملة بالنسبة للمرضى وعلينا الحذر أغلب الأحيان نظرا لما ذُكر في مقال أعده كل من الباحثين نيكولا روجي ووايلد بريكي (Nicola Luigi Bragazzi، Walid Briki) إضافة لباحثين آخرين وهما أستاذين في قسم الصحة العامة في جامعة جنوا في إيطاليا (University of Genoa) ونُشر المقال على موقع المكتبة الوطنية الأمريكية للطب، وتضمن نقاشاً حول العلاقة المتينة بين التدين والسرطان وكيف يمكن لبعض الطقوس الدينية كالصوم أن تؤثر على حالة المريض سلباً أو إيجاباً، وقد أوضح المختصون أنه من خلال الفحوص السريرية لمرضى السرطان خلال الصوم تبينت التغييرات التي يحدثها الصوم في الجسم حيث أن نظام تجويع الجسد خلال الصيام يؤدي إلى:

  • تحفيز الأنسولين وتحرير الجلوكوز لإمداد الجسم بالطاقة.
  •  إفراز العديد من الهرمونات التي تساعد في عملية العلاج الكيميائي.
  • كما أن للصيام تأثير مضاد للأوربوغ (Anti-Warburg Effect) وهو مفهوم جديد يدل على تراجع الخلايا السرطانية عن الاعتداء على الخلايا المجاورة أو التغذي عليها، كما يمكن للصوم أن يكون له تأثير إيجابي على العملية الدوائية واستجابة الجسم لها، كما أن الصيام مفيد جداً لتجديد الخلايا الجذعية وتعزيز جهاز المناعة ولاسيما مع وجود الخلايا القاتلة حيث تتحسن عملية الأكسدة في الجسم.

 وقد تم تقييم تأثير الصيام في البحث السابق على أورام سرطانية عدة كالبنكرياس والثدي والرئة والقولون إضافة لأنواع عدة من الأدوية.

 

آثار الصوم على مرضى التصلب المتعدد

مرض التصلب العصبي المتعدد (Multiple Sclerosis) هو مرض غير واضح الأسباب مصاب به حوالي 2.5 مليون شخص حول العالم، يصيب الأنسجة التي تغلف الأعصاب ويؤدي إلى تلفها وفقدانها ولاسيما المادة البيضاء ويؤدي لالتهاب الأعصاب وتكون أعراضه على شكل نوبات متباعدة وتشمل:

  • فقدان التوازن.
  • عدم الرؤية بوضوح.
  • اضطرابات إدراكية وآلام متعددة أخرى.

وعلى الأشخاص المصابين بهذا المرض الانتباه لصحة أجسادهم خلال الصيام ولاسيما خلال فترة الصيف، حيث لاحظ الباحثون ازدياد شدة الأعراض كالتعب والتشنج واختلال التوازن واضطرابات إدراكية، ولكن تجارب قليلة أظهرت أن تقييد السعرات الحرارية للمريض (خلال الصوم المتقطع وليس الدائم) أن هذه الطريقة خففت من شدة الأعراض آنفة الذكر كما خفضت من جرعات مضادات الاختلاج التي يحتاجها المريض، ونُشرت الدراسة على موقع مجلة بيو ميد سنترال الالكترونية (BMC Neurology) المختصة بالأمراض العصبية عام 2014 حيث شملت عملية ضبط الغذاء وتغيير الاستقلاب في الجسم نوعين هما:

تقييد السعرات الحرارية (CR) (Calorie Restriction):

أو ضبط الطاقة وتعني تحديد السعرات الحرارية دون الوصول لسوء التغذية وقد أثبتت هذه الطريقة في التجارب على الحيوانات أهميتها في تأخير الشيخوخة.

بديل يوم الصيام (ADF) (Alternate-Day Fasting):

وتعني تحديد الصيام في يوم أو اثنين ضمن الأسبوع وباقي الأيام يتم فيها تقييد السعرات الحرارية ولكن مع الأطعمة التي يريدها الشخص.

وقد وجد أطباء الأعصاب ضمن نقاشات الندوة التي شارك فيها أطباء أعصاب ومختصي تغذية وصيادلة أن (CR) تقييد السعرات الحرارية هو النظام الأقل الخطورة على المرضى للأسباب التالية:

  1. يحسن عمليات التمثيل الغذائي ووظائف الأعضاء.
  2. يؤخر تصلب الشرايين واعتلال عضلة القلب.
  3. أفضل علاج للصرع وذلك لأن الفحوص والتجارب السريرية أفادت بأن تقييد السعرات الحرارية (CR) يؤدي لزيادة مستوى مصل كيتون هيدروكسي (Body β) وهذا الارتفاع في مستوى المصل يقابله انخفاض في احتمالية انهيار الخلايا العصبية.

نستنتج مما سبق أنه يمكن لمرضى التصلب المتعدد (MC) الصوم ولكن بإشراف ورعاية صحية من أجل إدارة مواعيد الأدوية بشكل جيد والنظام الغذائي لتطبيق تقييد السعرات الحرارية ويلعب الصوم هنا دوراً وقائياً وليس علاجياً.

ولكن لا ينصح بالصوم أثناء النوبات الشديدة لمرضى التصلب المتعدد كما نحتاج لدراسات أكثر في هذا المجال تكون نتائجها أكثر دقة ووضوح.

 

مخاطر عامة قد يواجهها الصائمون في رمضان

تختلف آثار الصيام تبعاً لاختلاف طبيعة الأجسام بين كل شخص وآخر، وهذا الاختلاف مع التغيير في النظام الغذائي والعادات اليومية، يقودنا لمخاطر جسدية ونفسية متنوعة قد يواجهها الصائمون في الشهر الفضيل وتشمل هذه المخاطر ما يلي:

فقدان الوزن

سيؤدي خفض وجبات الطعام في شهر رمضان لفقدان كتلة الجسم والدهون أيضاً، إضافة لانخفاض البروتينات والكربوهيدرات في الجسم، وهذا ما تبين في نتائج دراسة الباحثين هالك ونعماني من جامعة فيرجينيا الأميركية عام 1988 (Hallack & Nomani)، لذا فعلى الصائم اتباع نظام تغذية صحي ومتوازن خلال فترة الإفطار لتجنب فقدان الوزن الزائد بشكل مفرط.

تقلّب المزاج

أثبتت العديد من الدراسات إحداها دراسة شارك فيها كل من الأخضر غزال وحاج خليفة من قسم الصيدلة في جامعة كازبلانكا في المغرب (HajKhlifa R, Lakhdar Ghazal N)، انخفاض مشاعر الانفعال والعصبية واليقظة وزيادة الخمول والكسل خلال ساعات النهار في أيام الصيام، هذه التغيرات في المزاج تؤدي لتغيير في إيقاع الساعة البيولوجية في الجسد تبعاً لتغيير نظام النوم أيضاً، ونتيجة الاستيقاظ من أجل السحور وخفض معدلات الكافيين التي يتناولها الشخص مع تقييد التدخين وخفض السوائل.

الصداع النصفي والتوتر

في دراسة طبقت على العاملين الصائمين في مشفى الملك فهد في الرياض خلال شهر رمضان، توصلت الدراسة التي أجراها كل من عواضة وجمعة من كلية الطب في جامعة الملك فهد عام 1999 (Awada A1, al Jumah M) أنه من 3000 آلاف عامل صائم الذين أجريت عليهم الدراسة 67% منهم يعانون من الصداع النصفي الخفيف والمعتدل خلال شهر رمضان، بينما يعاني 14% منهم من الإجهاد العصبي والتوتر والسبب الرئيسي لذلك كان قلة النوم ونقص السكر والكافيين نتيجة الصيام.

زيادة الحوادث الطارئة

في إحصائية للحوادث المرورية والإصابات العامة في مستشفى مدينة العين الإماراتية ومستشفى اس تي ماري (St Mary"s Hospital) في لندن، تبين زيادة الإصابات لدى المسلمين ولاسيما في شهر رمضان وتنوعت الإصابات بين الحوادث المرورية الخفيفة والمتوسطة وإصابات العمل، وقد يكون السبب هو انخفاض الإدراك المعرفي نتيجة التغيير الذي يحدث في النظام الغذائي للصائم.

الإجهاد الحراري المهني

أجريت دراسة على تأثير الصوم على الحالة الصحية للعمال في الأماكن الصناعية والمعامل، وقد أجريت الدراسة عام 1983 على عمال مصنع كيميائي خلال شهر رمضان في ألمانيا، وتبين زيادة حجم الإجهاد والتعب إضافة لخسارة العمال لحوالي 3.6 كغ من وزنهم مع نهاية شهر رمضان ونسبة قليلة منهم توقفوا عن العمل بسبب عدم إمكانية المتابعة مع الصوم.

وبذلك استنتجنا خلاصة المخاطر المثبتة علمياً والتي قد يتعرض لها الصائم خلال الشهر الكريم، ووجدنا أن العلم يواكب الطقوس الدينية من خلال توصيات الأطباء والمختصين بإمكانية الصوم ولكن مع ضرورة اتباع توصياتهم واستشارتهم قبل الشروع في الصوم.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على ليالينا. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا