"ليالينا" مع الممثل القدير جمال سليمان في حوار حصري ومميز
كانت ليالينا محظوظة بالجلوس مع الممثل العظيم جمال سليمان، حيث سألناه عن آخر أعماله الحالية والمستقبلية وعن مشاركاته في الأفلام السينمائية، وعن إن كان يخطط بالجلوس على مقعد الإخراج.. إليكم اللقاء:
هنالك فيلمين كان من المفترض إنهما في مرحلة الإنتاج، الأول "ليلة واحدة" والثاني "سحر العشق مع الممثلة ليلى علوي، ماذا حصل بهما؟
فيلم "ليلة واحدة" لم نستطع أن ننتجه لأسباب إنتاجية، صورنا تقريباً 90% من الفيلم ولم نستطيع استكماله، لأنه لم يكن لدى الجهة الإنتاجية كفاءة لتقدم هذا الفيلم، وبالنسبة لفيلم "سحر العشق" كان الأستاذ رأفت الميهي من كتب السيناريو كما أراد أن يكون المخرج، ولكنني أعتقد أنه واجه مشاكل تمويل فلذلك توقف المشروع.
أي أفلام جديدة ستصورها أوتعمل على تصويرها؟
دخلت في تصوير فيلم "الراهب" من تأليف الدكتور مدحت العدل وإخراج هالة خليل، وأعمل فيه على أداء دور الأب دانييال إلى جانب الممثل "هاني سلامة".
ماذا بالنسبة للمسلسلات التلفزيونية؟
هنالك مسلسل "ما يحكمش" وهو مسلسل اجتماعي يتخلله بعض الكوميديا، من تأليف الأستاذ يوسف المعاطي وإخراج الأستاذ أحمد شفيق.
ماذا عن مسلسل "أنا وصدّام" للمخرج الليث حجو؟
في الحقيقة هذا المشروع كان قيد التخطيط لكن لم يُكتب له أن يرى النور لأسباب إنتاجية على ما أعتقد، لذلك صرفنا النظر عن الفكرة.
هنالك العديد من أفلامك ومسلسلاتك التي كان من المفترض إنتاجها أوتصويرها، ولكن معظمها التغى، ما سبب ذلك؟
بمهنة التمثيل دائماً يكون هنالك حديث عن عشرات المشاريع، ويُنفّذ منها عدد محدود، فالناس دائماً عندها أفكار ورغبات ومشاريع، بعض المشاريع تواجه معوّقات بالظهور إلى النور، وبعضها تكون الطرق مفتوحة أمامها، فقليلة هي المشاريع التي ترى النور، ولكن كثيرة التي يتم تداول أخبارها والحديث عنها، فهذه هي حال المهنة.
هل لديك أي علاقة بالإخراج، أو هل سنشاهدك قريباً على مقعد الإخراج؟
أنا أميل في المستقبل إلى أن أخرج فيلماً سينمائياً أكثر من إخراج مسلسل تلفزيوني في الحقيقة، مع العلم أنه لم يكن لدي سوى تجربة محدودة في إخراج الأفلام الوثائقية.
لدينا تصوّر أنه عُرض عليك الكثير في مجال السينما إن كانت السينما السورية أو المصرية، لكن حتى الآن تواجدك في الدراما والتلفزيون أكثر بكثير، رغم أن هنالك شريحة كبيرة من المشاهدن والنقّاد ينتظرون منك تجربة من هذا النوع، ألا ترغب أو أليس لديك فضول أن تواصل بهذا المجال؟
في طبيعة الحال الكثير من الممثلين أو معظمهم لديهم رغبات قوية وصادقة للعمل في مجال السينما، ولكن صناعة السينما في العالم العربي محدودة جداً من حيث الكم، وبالتالي الإنسان لا يستطيع أن يبني حياته المهنية عليها فقط، فمساحات العمل في التلفزيون وخياراته أكبر بشكل
ملحوظ، ونحن منذ أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات استطعنا توسيع خياراتنا بالعمل التلفزيوني، واستطعنا خلال الدراما السورية شد العمل التلفزيوني بإتجاه المفهموم السينمائي أكثر فأكثر، وبالتالي سأكذب عليك إن أخبرتك أنه عُرض علي في السينما شيء بمستوى مسلسل "التغريبة
الفلسطينية" أو مستوى "ذكريات الزمن القادم" أو "صقر قريش"، أو حتى في الدراما الإجتماعية الخفيفة بمستوى مسلسل "الفصول الأربعة" على سبيل المثال، أنا أعتبر أن هذه المسلسلات كانت تشبع طموحي كممثل أكثر بكثير من الأفلام التي عُرضت علي أو التي شاهدتها، فلذلك أنا
شخص بنيت رحلتي المهنية بناءاً على خيارات واقعية وليس بناءاً على أوهام، لأن العمر قصير، ولا يستطيع الإنسان تضييع عمره راكض خلف طواحين الهواء، فأنا قدمت نفسي خلال المسلسلات، وتشرفت لأنني شاركت فيها، هذه المسلسلات أصبحت بذاكرة ملايين الناس في العالم
العربي، وهذا شيء يُشرفني ويُشرف الكثير من الفنانين اللذين خاضوا التجربة ذاتها، فهذا الأمر لا ينطبق علي وحدي، بل ينطبق على مئات الفنانين في العالم العربي الذين كانوا يتمنوا العمل في السينما، لأنها بالطبع لها خصوصية من ناحية الصناعة والعرض والتي أحياناً يفتقد لها العمل التلفزيوني، لكن بالمقابل استطعنا أن نعوّض ذلك بتقديم أعمال تلفزيونية ذات قيمة فكرية وفنية محترمة متجاوزة العديد من الأفلام السينمائية، وآخرها مسلسل "السيد" في مصر.
هذا يجرّنا لسؤال آخر، فأنت معروف في كل الوسط الفني بأنك شخص صاحب مبدأ اجتماعي ومبدأ إنساني، وحتى مبدأ سياسي، وهذا يجرّ لخياراتك لأعمالك، فهل أنت تبحث عن العمل الإنتاجي الجيد، أم تبحث عن مضمون فكرة هذا العمل؟
أبحث عن الإثنين معاً، لأنه العمل الفني ليس بمقالة يكتبها شخص في مقهى أو بمكتب ما وينشرها في اليوم التالي، فالعمل الفني عمل معقّد جداً، له بعد صناعي وتجاري واقتصادي وإداري وفني واجتماعي وبالطبع سياسي، فهذه الأبعاد لا تتحقق كلها إلا إذا كان هنالك جهة إنتاج جاهزة
لأن تتبنى هذه الأفكار وتقدمها بشكل جيد، لذلك الأفكار العظيمة تحتاج لأشخاص عظيمين يتبنونها ويصلوها إلى الناس، إلا إذا كان عندك أفكار مهمة جداً تقدّم بإطار هزيل، برأيي ذلك يصغر الفكرة، ومن هذا المنطلق أجد أن مسلسل "التغريبة الفلسطينية" من أفضل الأعمال الفنية سينمائياً
وتلفزيونياً التي قدمت القضية الفلسطينية، فلماذا حقق هذا العمل النجاح؟ ولماذا تحوّل إلى جزء من ذاكرة الناس؟ ببساطة لأن العمل قائم على فكرة عظيمة، والنص مكتوب بسوية إنسانية عالية جداً ومخرج كبير مثل حاتم علي ومجموعة من الفنانين والفنيين ومهندس الديكور والمصور
ومدير التصوير ومواقع التصوير والجهة الإنتاجية أيضاً، فعندما تتكامل هذه الظروف وهذا الأداء وهذه العناصر، تستطيع أن تخرج إلى الناس بعمل ذو مضمون راقي يمكنه الوصول إليهم، لأنه في العمل الفني لا تكفي المضامين على الإطلاق، بل بالعكس حتى أحياناً المضامين السخيفة
توضع بإطار كبير ومتقن الصنع وتتحوّل من أفكار سخيفة إلى أفكار تشغل الناس في بعض الأحيان، لاحظ السينما الأمريكية، فكثير من إنتاجاتها يتحدث عن مواضيع ضعيفة الأهمية وليست أولويات عند البشر، لكنهم يصنعونها بطريقة يحولونها من قضية بسيطة أو ثانوية إلى قضية تشغل بال الناس، كقضية الإنسان مع كلبه، أو فتاة مع قطتها، وفي النهاية يشاهده ملايين الناس، ويُقدّم بإطار ضخم تتضمن الدعاية والإعلان وعرضه في صالات ضخمة.