لماذا يُنظر إلى ضحكة هاريس كسلاح سري في الانتخابات الأمريكية؟

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الجمعة، 16 أغسطس 2024
مقالات ذات صلة
بيونسيه تعلن دعمها لكامالا هاريس في الانتخابات الأمريكية
سباق هاريس وترامب.. موعد إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية
هاريسون فورد

لم يتمكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من مقاومة إغراء الحديث عن ضحكة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، بعد فترة وجيزة من تقدمها لخوض السباق إلى البيت الأبيض عن الحزب الديمقراطي. وقال ترامب في تجمع حاشد في ميشيغان مؤخرًا: ”أنا أسميها كامالا الضاحكة. هل شاهدتها وهي تضحك؟ إنها مجنونة. يمكنك معرفة الكثير من خلال ضحكتها. لا، إنها مجنونة، إنها مجنونة".

ولا يمل ترامب من تشويه سمعة هاريس التي تنافسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، فهو يسخر من كونها امرأة وشخص ملون. وينضم إلى ترامب في سخريته متابعوه على الإنترنت حيث يتشاركون منشورات مهينة ومقاطع فيديو مزيفة لها. إلا أن هاريس وفريق حملتها الانتخابية تصدوا لهذه الهجمات بقلب الطاولة على ترامب. ويقوم مؤيدون لها على الإنترنت، وخاصة عبر تطبيق تيك توك، بتصميم فيديوهات تقدم كامالا هاريس باعتبارها أيقونة في عالم موسيقى البوب.

ومرة تلو الأخرى، ينصب تركيز المتابعين على صورة كامالا هاريس المرحة التي تضحك من قلبها وتتجاوز الحملات البذيئة ضدها، ولكنها تردّ على تلك الحملات في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، صرحت هاريس موخرا إنها كمدعية عامة كان عليها التعامل مع المجرمين من جميع الأنواع: ”معتدون على النساء. ومحتالون على المستهلكين وغشاشون خالفوا القوانين لتحقيق مكاسبهم الخاصة. لذا اسمعوني عندما أقول أنني أعرف نوع دونالد ترامب".

الفكاهة يمكن أن تكون مزعجة؟

من خلال الإشارة إلى ترامب على أنه ”غريب الأطوار"، فإن هاريس تدفعه إلى الحائط حتى تكرس حملتها على القضايا الصعبة بشكل ”يليق برجل الدولة". وترى الباحثة في مجال الفكاهة إيفا أولمان أنه يمكن لهاريس أن تسجل نقاطًا علي ترامب بهذا التكتيك إلى جانب زميلها المرشح لمنصب نائب الرئيس تيم وولز، والذي لا يقل عنها في روح الدعابة. وتقول أولمان: ”لا تقتصر الحملة الانتخابية الأمريكية على الفكاهة فقط. فالثنائي هاريس وولز لديهما خط سياسي واضح، ويمكنهما تأكيد نفسيهما ولهما مكانة عالية. إنهما ليسا من فناني الكباريهات، ولا يريدان المنافسة على هذا النحو، ولكن فكاهتهما تحمل شيئًا نابعًا من القلب ومتواضعًا للغاية، وهذا أمرٌ جذاب للغاية".

كما تشير أولمان إلى أن الميزة الكبيرة التي يتمتع بها الاثنان من حيث الفكاهة مقارنة مع ترامب هي أنهما ”لا يتسمان بقلة الاحترام. وهذا بالضبط ما يبدو أنه يرتد الآن على ترامب وحاشيته، لأن المجتمع يقول: ”لا، لم نعد نطيق هذا بعد الآن. لقد سئمنا من هذا الاستخفاف والكراهية، لم نعد نريد هذا النوع من الفكاهة (فكاهة ترامب) بعد الآن أيضًا".

الفكاهة لا تعني فقدان السلطة

وتقتنع أولمان، صاحبة كتاب ”Humor ist Chefsache" أي ”الفكاهة مسألة راس السلطة"، بأن ثقافة الفكاهة والضحكآخذة في التغير. وتوضح قائلةً: ”لفترة طويلة جدًا، ارتبط الحس الفكاهي على مستوى المناصب بنوع عدواني من الفكاهة، مثل ذلك الذي يمارسها ترامب". وتضيف أولمان: ”الاكتشاف بأن هناك أيضًا روح الدعابة التي يمكن أن تجعل الآخرين يبدون جيدين ولا تحرج الآخرين، هو في الواقع تطور جديد على مستوى السلطة. غير أن الخوف الأكبر من الفكاهة بين الأشخاص الذين يشغلون مناصب في السلطة يكمن في الخشية من عدم أخذهم على محمل الجد، فهم يخشون أن يجعلوا من أنفسهم أضحوكة، وأن يتحولوا إلى مهرجين".

أن نضحك أو لا نضحك؟

هذا الخوف متجذر بعمق في تاريخ البشرية. علماء السلوكيات مقتنعون بأن الضحك كان موجودًا منذ بداية التواصل بين البشر، فقد كان إنسان ما قبل التاريخ يضحك قبل أن يتمكن من الكلام. ويشرح عالم النفس والباحث في مجال الضحك مايكل تيتزا كيف أن الضحك منذ مئات الآلاف من السنين يمكن أن يتحول إلى تهديد حيث يقول: ”لقد خلق الضحك شعورًا بالتقارب والتضامن والرفاهية داخل المجموعة المرجعية. ولكن بمجرد أن تلتقي عشيرتان، على سبيل المثال لأنهما كانتا تتقاتلان على أرض صيد، فإن ضحك الآخرين يمكن أن يعني أيضًا: تمت هزيمتنا وهم المسيطرون ونحن مضحوك علينا".

وحتى في العصور القديمة، كان الضحك مُسيّسًا. فالفيلسوف اليوناني أفلاطون، على سبيل المثال، كان يرى أن الضحك يشكل تهديدًا للدولة؛ فقد كان يعتقد أن أولئك الذين ينغمسون في الضحك لم يعودوا قادرين على التفكير بعقلانية وسيفقدون السلطة. ومن ناحية أخرى، كان تلميذه أرسطو يحب الضحك ويعتقد أن الضحك يميز الإنسان عن الحيوان. وربما كان تاريخ العالم سيختلف لو اتبع منطق أرسطو.

الضحك في مناطق مختلفة من العالم

لا يزال هناك خوف قديم من فقدان السلطة عبر الضحك، ويطلق الخبراء على هذا الخوف اسم ”الجلوتوفوبيا"، باقٍ في أذهان الكثيرين. مع العلم أن هذا النوع من الخوف يختلف بشكل كبير من مكان إلى أخر حول العالم. فقد وجدت دراسة متعددة الجنسيات تم إجرائها في 73 بلداً بتكليف من جامعة زيوريخ في عام 2009 أنه في بعض الثقافات، كما هو الحال في الشرق الأوسط أو آسيا حيث يتم إيلاء أهمية كبيرة للشرف وحفظ ماء الوجه، يمكن أن يُنظر إلى الضحك بشكل مختلف جداً.

ويقول عالم النفس والباحث في مجال الضحك مايكل تيتزا: ”يمكن أن يؤدي التعرض للسخرية أو الضحك إلى ردود فعل غير متوقعة، بل يمكن أن يؤدي إلى اندلاع الحروب. لهذا السبب فإن الضحك في حد ذاته أمر غامض للغاية".أما بالنسبة إلى كامالا هاريس، يري تيتزا أنه يمكنها ببساطة أن تضحك على الجوانب السلبية لضحك الآخرين عليها حيث يقول: ”يتم انتقادها، فتبدأ في الضحك بحرارة بطريقة تضعف خصومها".

كما يرى تيتزا أن طريقة هاريس المرحة تعتبر أحد أشكال التواصل، وكأنها تقول ”انظروا كيف أقوم بالأمر، وإذا أردتم تعالوا إليّ وسنقوم بالباقي معًا". ويضيف تيتزا: ”عندما يضحك شخص ما، مثل هاريس، بصوت عالٍ، يفرز الدماغ ناقلات عصبية تجعلك تشعر بالرضا. فالأشخاص المبتهجون جذابون".

ومع ذلك، يوضح تيتزا أن الضحك أمر وراثي حيث يقول: ”لا يمكنك تعلم الفكاهة، ولا يمكنك التلاعب بها أو فرضها بالقوة، لأنها ستبدو حينها ضيقة ومحدودة الأفق. فالإمكانية الفردية لتطوير الفكاهة فطرية".

أعده للعربية: دينا البسنلي