لاجئات سوريات في الأردن يقتحمن مهنة السباكة وينافسن الرجال
تخوض السورية صفاء سكرية (45 عاما، إلى جانب 19 لاجئة سورية و4 سيدات أردنيات غمار مهنة السباكة بما تحويه من تصليح للتمديدات الصحية في المنازل والمباني السكنية، بعد أن حصلن عام 2015 على دورة تدريبية كمنحة مقدمة من المركز الألماني للتعاون الدولي.
محض صدفة
تقول صفاء لمهاجر نيوز، إن دخولها عالم السباكة كان محض صدفة، فحين قدمت من سوريا عام 2012 إلى الأردن إبان الأزمة السورية، تقدمت لمركز التدريب المهني تحت اسم "سباكة" اعتقادا منها أن كلمة سباكة تعني صياغة المجوهرات التي هي بالأساس كانت مهنتها في سوريا، فدخلت تدريب السباكة وتعلمتها كمهنة تعيش منها.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
التحقت صفاء بدورة في صيانة التمديدات الصحية بغرض خدمة نفسها ومنزلها، لكن الفكرة تطورت لاحقا لإنشاء ورشة نسائية لخدمة السيدات اللواتي يسكن وحيدات وخصوصا السوريات اللواتي فقدن أزواجهن في الحرب.
فحسب تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين توجد أكثر من 145 ألف عائلة سورية لاجئة في دول الجوار السوري تتحمل المرأة بمفردها مسؤولية ربع تلك العائلات، وتخوض بمفردها صعاب الحياة من أجل إعالة أسرتها بعد أن فقدت زوجها في الحرب، أو بسبب عدم تمكنه من الالتحاق بها، ويشكل نقص المال الصعوبة الأولى أمام اللاجئات.
أكاديمية للسباكة
طموح صفاء لم يتقوف عند ممارسة المهنة وتحصيل لقمة عيشها منها، إذ افتتحت مؤخرا أكاديمية إلى جانب ورشة إصلاح تعنى بتدريب اللاجئات السوريات المقيمات في الأردن على مهنة السباكة. وتقول إن ورشتها تضم 5 لاجئات سوريات وفي الأكاديمية تدرب مجانا 14 لاجئة سورية الى جانب 4 سيدات أردنيات التحقن أيضا بالأكاديمية ليعملن في تصليح المواسير وصيانة خزانات المياه والتمديدات الصحية. متحديات بذلك رفض المجتمع وعائلاتهن تقبل فكرة عملهن في مهنة احتكرها الرجال، وتتابع صفاء لمهاجر نيوز "إن الفكرة لم تجد قبولا في البداية من أهالي السيدات، إلا أنها استطاعت مع مرور الوقت إثبات أنهن قادرات على خوض مهنة يحتكرها الرجال ومنافستهم فيها!".
تحديات مهنية واجتماعية
تقول صفاء، التي تحمل الجنسية زوجها الأردني أيضا، إن الصعوبات ما زالت موجودة رغم مضي أكثر من 4 سنوات على عملها في هذه المهنة، من أبرزها "ثقافة العيب، وعدم الثقة في عمل المرأة خصوصا من جانب الرجال" في الوقت الذي تقوم فيه بعقد دورات توعية للمجتمع في محاولة لمحو ثقافة العيب في عمل المرأة ببعض المجالات.
ولم تمنع هذه الثقافة صفاء ومن معها من خلق ثقة بينهن وبين زبائنهن بعد اتقانهن للعمل، الأمر الذي شجع الكثيرين للإقبال على الورشة النسائية طلبا لصيانة التمديدات الصحية في المنزل خصوصا من قبل العائلات التي تضم نساء فقط.
لكن رغم تحفظ المجتمع ونظرته إلى عمل صفاء ومهنتها، فإنها تجد دعما من زوجها الذي يرى أن المرأة أثبتت نفسها في مجالات عديدة كالطب والمحاماة، الأمر الذي يشجعها على خوض مهنة يمارسها الرجال.
وعلى صعيد آخر فإن السورية صفاء تشكو من استغلال بعض السيدات لاسمها ولسمعتها في السباكة، "للظهور في وسائل الاعلام وعلى أجندات منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية بهدف كسب المال" كما تشكو من بعض الأشخاص الذين يعملون في منظمات داعمة للنساء الرائدات ويقومون باستغلال قصتها لجلب دعم مادي يصلها منه بقدر "جناح بعوضة!".
وفي الوقت الذي تدرب فيه صفاء لاجئات سوريات وسيدات أردنيات على مهنة السباكة لتمكينهن في المجتمع اقتصاديا ومعنويا، تعاني من قلة الدعم المادي من قبل الجهات الرسمية والمنظمات الدولية في الأردن.
وحسب تقارير اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في الأردن، لا تزال "ثقافة العيب" تسيطر على نظرة المجتمع لعمل المرأة في الأردن، مما جعل مساهمتها في سوق العمل لا تتعدى21%.
وتجدر الإشارة إلى أن اقتحام المرأة في الأردن لمجالات احتكرها الرجال لا يزال عبارة عن حالات فردية في مجتمع يعاني من ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة التي تشكل 48% من سكان الأردن حسب الإحصاء السكاني الأخير الذي أجرته السلطات الأردنية عام 2017.
حمزة الشوابكي
المصدر: مهاجر نيوز