قمة افرست سقف العالم
يُعد بلوغ قمة إفرست حلم لعشاق المغامرة وتسلق الجبال، فما من محترف لرياضة التسلق أو هاوي تقريبًا لم يحلم يومًا أن يوضع اسمه إلى جانب من خلدهم تاريخ المغامرة ممن استطاعوا الوصول إلى قمة جبل افرست، التي يُطلق عليها سقف العالم لكونها أعلى قمة جبلية على كوكب الأرض ويُعد الوصول لها مُغامرة مليئة بالمخاطر، فقد ظلت فكرة صعود قمة إفرست لفترة طويلة من الزمن فكرة مُستحيلة السعي لتحقيقها يُعد من الجنون.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أين تقع قمة إفرست
تقع قمة جبل إفرست أعلى جبل في العالم ضمن سلسلة جبال الهيمالايا جنوب قارة آسيا، تحديدًا على الحدود بين منطقة التبت بالصين ومنطقة سجارماتا بدولة نيبال شمال الهند، وترتفع أعلى قمة في العالم عن سطح البحر بمقدار 9 كيلومتر مربع تقريبًا، حيث يبلغ ارتفاع جبل إفرست8848.86 متر حسب أخر ما أعلنته الصين ونيبال بشكلٍ رسمي في ديسمبر الماضي.
وتتكون قمة إفرست من ثلاثة جوانب تُعطيها شكل هرمي، وتتزين القمة بطبقة ضخمة من الثلوج التي تُعطي منظر جماليًا خلاب عندما تضربها الشمس فتتحول القمة البيضاء إلى اللون الذهبي فيبدو الجبل متوهجًا كأنه مُشتعل.
فيما تتراوح درجة الحرارة على قمة إفرست ما بين 30 إلى أكثر من 50 درجة تحت الصفر حسب أشهر السنة، ويستوطن وديان وسفح جبل إفرست شعب الشيربا وهو من القبائل العرقية التي اعتادت أن تسكن في هذه الأجواء الصعبة بجبال الهيمالايا ويستعين بهم متسلقي افرست غالبًا لمساعدتهم في التسلق وحمل المتاع.
ضحايا قمة إفرست
من بين عشرات الآلاف اللذين حاولوا تسلق قمة إفرست من حول العالم نجح فقط أقل من 5000 متسلق في صعود أعلى قمة في العالم؛ وذلك لما في هذه المغامرة من مخاطر قد تودي بحياة من يحاول خوضها، وحتى ممن نجحوا في الوصول إلى قمة إفرست البعض لقي حتفه عليها أو خلال رحلة النزول إلى سفح الجبل مرة ثانية، ويُقدر عدد الوفيات المُسجلة على جبل إفرست بحوالي 300 حالة وفاة منهم 11 حالة خلال عام 2019، وهذه الأعداد هي ما تم التأكد منها وتسجيلها رسميُا ويُرجح أن العدد يزداد عن ذلك لاختفاء بعض المتسلقين دون العثور على جثثهم أو التأكد من وفاتهم بعد.
مخاطر قمة إفرست
شدة البرودة
إفرست هو جبل جليدي في منطقة ذات أجواء قطبية صعبة يسودها الطقس السيئ والبرد القارس في درجة حرارة دائمًا تحت الصفر، وكلما ارتفع المرء في رحلته لصعود هذا الجبل الشاهق تقل درجات الحرارة بشكلٍ لا يتحمله الجسم البشري الذي لم يعتد هذه الدرجة من البرودة، مما يؤدي إلى إصابة الكثير من الساعين إلى بوغ قمة إفرست بعضة الصقيع التي تنخفض فيها درجة حرارة الجسم بشدة ويُصاب المتسلق بسببها بالإرهاق الشديد وهي حالة شائعة خاصة مع الانتظار لفترات طويلة لصعود أو النزول من إفرست.
حيث يشتهر الطريق إلى إفرست بطوابير المتسلقين الطويلة المزدحمة التي إن استمر فيها متسلق لفترة وهو غير قادر على تحمل الصقيع سيكون من الصعب علاجه وسيتعرض إلى مُضاعفات مثلما حدث للمتسلقة الهندية أميشا شاوهان التي أثر السقيع على وجهها بتشوه واضح بالإضافة إلى تشوهات في أقدامها بسبب شدة البرودة وانتظارها لوقتٍ طويل في طوابير صعود إفرست.
الرياح والثلوج
كلما سعى المتسلق أكثر إلى قمة إفرست وارتفع نحوها واجه ازديادًا في شدة الرياح الثلجية التي تضرب بالمتسلقين من كل اتجاه، كذلك من الممكن أن يواجه خطرًا كبيرًا على حياته ما إن اعترضت طريقه الانهيارات الثلجية التي تُعد أحد مخاطر صعود قمة إفرست الشائعة، وأيضُا تؤدي شدة انحدار جبل إفرست إلى زيادة خطورة التسلق أو النزول من الجبل، وإن كانت تؤثر على إمكانية النزول أكثر فيجد البعض نفسه عالقًا على إفرست لا يستطيع إكمال طريقه.
مشاكل صحية خطيرة
يتعرض متسلقي الجبال التي ترتفع عن 1000 متر إلى بعض الأعراض التي تُسبب لهم المشكلات الصحية المزمنة أو تودي بحياتهم؛ فبداية من داء الجبل الذي يُصيب 77% من المُتسلقين وهو دوار مصحوب بالصداع والقيء والشعور بالإعياء الذي يحيل بين المتسلق وبين استكمال مغامرته إن استمرت الأعراض معه لأكثر من يومين، حتى حالات الاختناق وعدم القدرة على التركيز وفقدان الوعي بسبب قلة الأكسجين على قمة إفرست، ومن المتسلقين من لا يقدر على استكمال التسلق بسبب نقص الأكسجين المتزايد كلما ارتفع أكثر في طريق القمة.
أم الأعراض الأكثر خطورة التي تُصيب 8% من متسلقي الجبال هي تجمع السوائل في الرئتين فيما يُعرف بالوذمة الرئوية، وقد يتطور الأمر إلى ورم في الدماغ ناتج عن تراكم المياه ضمن خلايا المخ وهي حالة مرضية شديدة الخطورة تُسمى بالوذمة الدماغية لكنها تحدث بنسبة 1% فقط.
كما فقد بعض المتسلقين أطرافهم جراء محاولاتهم الوصول إلى قمة إفرست مثلما حدث في عام 2018 للمتسلق الصيني شيا بورو الذي فقد ساقيه في محاولته الأولى لتسلق إفرست، لكن المدهش والغريب أنه نجح في تحقيق حلمه بالوصول إلى قمة العالم عن طريق ساق صناعية بعد فترة قصيرة من فقدانه ساقه.
أول عربي على قمة إفرست
استطاع الكويتي زيد الرفاعي أن يُصبح رسميًا أول عربي يُحقق إنجاز الوصول إلى قمة إفرست في عام 2003، كما أنه أول عربي والمتسلق رقم 46 على مستوى العالم الذي ينجح في تسلق القمم السبع لأعلى جبال العالم في القارات السبع، بعد أن تمكن من الوصول إلى قمة سابع جبل وهو جبل كوسيياسكو أعلى جبال قارة أستراليا في عام 2005، ليختتم مغامرة بدأها منذ عام 1999 أستطاع فيها خلال 6 أعوام التغلب على أصعب الجبال في كل قارات العالم.
أول سعودي على قمة إفرست
يُعد المستكشف والمغامر النيوزيلندي الشهير إدموند هيلاري أول شخص في العالم يصل إلى قمة إفرست رفقة متسلق الجبال النيبالي تينسينغ نورغاي، وذلك في عام 1953 في ثاني محاولة لإدموند لتسلق قمة إفرست، بعد أن أودت أول محاولة بحياة ثلاثة من رفاقه، ومن إموند هيلاري النيوزيلندي إلى إدموند هيلاي السعودي كما أطلقت عليه الصحف العالمية، المغامر ومتسلق الجبال السعودي فاروق سعد الزمان الذي نجح في أن يكون أول سعودي يعتلي قمة إفرست ويرفع علم المملكة فوقها عام 2008، وتبعه أربعة سعوديين نجحووا في تسلق قمة إفرست وهم الأمير بندر بن خالد، وأول فتاة سعودية تبلغ قمة إفرست رها محرق عام 2013، وفي عام 2019 تمكن الثنائي السعودي سعود العيدي ومنى شهاب من رفع علم المملكة من جديد فوق سقف العالم إفرست.
أخيرًا إن كنت تنوي محاولة تسلق قمة إفرست وخوض المغامرة فأعلم أن الوقت الذي يُسمح فيه في بتسلق جبل إفرست يكون ما بين نهاية شهر إبريل وحتى نهاية شهر مايو ضمن رحلات تستغرق 40 إلى 60 يومًا غالبًا، وستواجهك طوابير من مئات المتسلقين الذين دفعوا ما يزيد عن 30 ألف يورو للتمكن من خوض هذه المغامرة عن طريق الجهات المختصة وتحت إشراف خبراء ومستكشفين من خلال طًرق مُجربة وآمنة إلى حدٍ ما لتسلق أعلى جبل في العالم وأحد أصعب بقاع الأرض من حيث الظروف المناخية، كما يجب أن تكون حاصل على شهادة لياقة بدنية تُثبت قدرتك على تسلق الجبال.