قصة حاتم الطائي والألغاز السبع
قصةٌ تحمل طابعاً جمالياً يمكن التنبؤ بأحداثها، باجتماع حاتم بالناس والحيوانات في الشدائد والقيام بالمهام نيابة عنهم، إلا أنه لم يضر أو يقتل أحداً للدفاع عن نفسه، فهي قصة رومانسية نثرية شعبية كتبت من قبل مؤلف مجهول يعتقد أن اسمه حيدر الحيدري، تتألف القصة من مغامرات خيالية عاشها حاتم في الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، فحظيت بشعبية كبيرة في القرن الـ17 و الـ18 في الهند وانتقلت إلى باقي الدول، أما في الوقت الحاضر لا يوجد سوى نسخة واحدة من هذا الكتاب باللغة الهندية باسم (Haft sayr-e ḥātemi) يعود للقرن الـ16 محفوظ في المتحف الوطني لكراتشي في باكستان.
أُعيد إنتاج القصة في وقت لاحق، فكانت الطبعة الأخيرة عام 2008 والتي حررت من قبل حسين الاسماعيلي في إيران وصدرت بنسختين، الأولى بعنوان (الرحلات السبعة) والثانية بعنوان (الألغاز السبع)، لكن في النسخة الأخيرة يتم تكملة القصة، فبعد موت زوجة حاتم يطلب منه العقلاء الزواج من سيدة تدعى ماريا، فتطلب منه هي الأخرى حل سبعة ألغاز جديدة، فيبدأ المغامرة من جديد ليكشف الأسرار ويتزوجها في النهاية.
قصة ألغاز سبعة يحلها الطائي ليتزوج حُسن البنا
حظيت قصة حاتم الطائي التي تتحدث عن مغامراته وأحداث حياته بشعبية كبيرة في جنوب آسيا، وارتكزت العديد من الأفلام في حبكتها على هذه القصة، فهي تستند على سبعة أسئلة تُطرح من قبل امرأة غنية وجميلة تدعى "حسن البنا" ابنة التاجر برزخ خرسان، الذي حصل على ثروة هائلة من الملك القديم شامشان، فبنى مدينة شهاباد، حسن البنا كانت رافضة لفكرة الزواج خوفاً من أن يفسد أحد الرجال ثروة والدها، لذلك وضعت سبعة ألغاز بمساعدة مربيتها الخاصة، وتعهدت بالزواج ممن يستطيع حل هذه الألغاز السبع.
وذات يوم حين كان حاتم يقود خيله، وجد رجلاً يافعاً يجلس باكياً تحت الشجرة، وعندما اقترب حاتم منه ليسأل عن أحواله؛ علم أنه يدعى منير الشامي أمير خوارزم، كان يبكي لشدة حبه وهيامه بحسن البنا، فيتعهد حاتم بأن يساعده ويجد الحلول، ورغبة من حاتم للمغامرة اصطحب منير إلى قصر حسن البنا وقدم لها طلباً، بأنه سيحل الألغاز بدلاً من منير، وإن استطاع ذلك فستقبل الزواج من منير، فوافقت حسن البنا.
اللغز الأول: "ما رأيته للمرة الأولى، أتوق لرؤيته ثانيةً"
لم يعرف حاتم من أين سيبدأ حل اللغز، لكنه ذهب إلى الغابة، فوجد نفسه في الصحراء ورأى ذئباً على وشك أن ينقض على غزالة حبلى فأوقفه، حين رأى الذئب حاتم أدرك أنه الأمير لأن صفاته كان بالإمكان لأي مخلوق أن يدركها وينسبها له، فقدم حاتم للذئب قطعة من فخذه لترضي جوعه، ثم سأل حاتم الذئب حول اللغز الذي أطلقته حسن البنا، فأجابه الذئب بأنه قد سمع شائعة عن الرجل صاحب المقولة، وهو الآن في صحراء هويدة، إلا أنه لا يعرف المكان بالضبط، فيعطيه الذئب التوجيهات للوصول لهويدة.
يشكر حاتم الذئب ويذهب، لكنه أثناء سيره يقع بسبب ألمٍ في فخذه، فيراه اثنان من الثعالب، ذكراً وأنثى، يدرك الذكر أنه حاتم الطائي، فيطلب من صديقه أن يهتم بالأمير ويذهب بحثاً عن العلاج، يقتل الثعلب طاووساً ويحضر رأسه، فتضع الإناث من دماغه على فخذ حاتم فيشفى على الفور، يتشكر حاتم الثعالب ويمنحه الثعلب الذكر توجيهات إضافية ليسلكها في طريقه.
يدخل بعدها في غابة، فيواجه مجموعة من الدببة حيث تقوم بالقبض عليه، وعلى الرغم من أنه اُستقبل استقبالاً حسناً من ملكهم الذي سمع كثيراً عن حاتم إلا أنه يصر على حاتم بأن يتزوج من ابنته التي هي على شكل إنسان، يرفض حاتم ليسجن ستة أشهر، إلى حين يظهر في منامه رجل عجوز يخبره بأن لا خيار له سوى أن يتزوج ابنة الدب، يوافق حاتم على الزواج مرغماً، ويقضي معها مدة ستة أشهر، ثم يخبرها بأن عليه العودة ليكمل رحلته لكن يعدها بالعودة، توافق الفتاة ويوافق والدها الدب فيطلقوا سراحه، لكن قبل مغادرته، تقدم له زوجته لؤلؤة سحرية لتحميه من النار والسم.
يستأنف حاتم رحلته، إلا أن تنيناً ضخماً يبتلعه، لكنه يبقى حياً بفعل اللؤلؤة، ثم يتعب التنين فيرميه ويذهب، لكن بعدها يُخطف من قبل مجموعة من حوريات البحر، إلا أنهن يطلقن سراحه بعد عشرة أيام ليكمل رحلته، وفي اليوم التالي يصل حاتم لواحة جميلة، فيها بركة ماء باردة، فتخرج منها امرأة عارية، فيغلق عينيه لئلا يقع أسير الشهوة، لكن المرأة تستولي عليه وتسحبه إلى البركة.
وفي لحظة يجد حاتم نفسه في حديقة جميلة تحيطه الآلاف من الفتيات اللواتي يحضرنه إلى قصر رائع، يجلس حاتم على العرش ناظراً إلى الفتيات الجميلات، لكن كل واحدة منهن كانت مغطاة بحجاب، يبقى هناك ثلاثة أيام، لكنه يدرك أن هذا المكان ولو بعد مائة عام سيبقى جميلاً، فأمسك حاتم بيد عذراء جميلة، لكن في تلك اللحظة ظهرن فتيات من الأرض فقامت بقذفه، فانتقل في تلك اللحظة إلى صحراء هويدة، فسمع صوت رجل عجوز يقول: ما رأيته مرة، أتوق لرؤيته ثانيةً، يتكرر الصوت ثلاث مرات ثم يصمت، يتجه حاتم باتجاه الصوت فيرى رجلاً عجوزاً ملقياً على الأرض.
يسأله حاتم عن معنى هذه المقولة، فيخبره بأنه قد انجذب إلى فتاة جميلة في ذلك التجمع، فأزال عنها الحجاب ليرى شدة جمالها الذي لم يراه من قبل، فعندما يمسك يدها تقذفه الفتيات وتوصله للصحراء التي هو فيها، ومنذ ذلك وهو يبكي على تلك الجميلة، يأخذ حاتم الرجل إلى البحيرة ويطلب منه ألا يكشف عن وجه المرأة مرة أخرى كي لا يعود أسير الصحراء.
يذهب حاتم إلى شهاباد حيث يفسر اللغز لحسن البنا، فتخبرها المربية بأن تحليله صحيحٌ تماماً، فتعطي حسن البنا حاتم اللغز الثاني.
اللغز الثاني: "اعمل خيراً، وارمه في الماء"
يأخذ حاتم اللغز الثاني، لكن قبل مغادرته، تخبره المربية بأن الرجل الذي تلفظ هذه الكلمات عاش في مدينة مأدن في مكان ما في الاتجاه الشمالي، يسافر حاتم نحو الشمال، فيلتقي شاباً يدعى نعيم، يخبره بأنه كان تاجراً يعيش في قرية قريبة تدعى سوري، يقع في غرام ابنة تاجر الحارث، فيطلب يدها للزواج، توافق الفتاة بأن تتزوجه، لكن عليه أولاً أن يوقع على عقد ينص على إطاعة الزوجة في كل أمر ومواجهة كل العواقب، وتطلب منه أن يحقق في ثلاث حالات غريبة، لكن إن فشل؛ ستصبح كل ثروته وأملاكه لها.
أولى المهام هي الدخول لكهف قريب من المدينة، لم يدخله أحد في أي وقت مضى، ولم يسبق لأحد أن يكتشفه، فعليه الدخول للكهف، معرفة امتداده، دراسة ما يحتويه، وإخبارها بالمغامرة التي عاشها داخل الكهف، المهمة الثانية، في ليلة الجمعة سُمع صوتٌ صارخ في البرية يقول: "أنا لم أفعل شيئاً أستفيد منه هذه الليلة"، وعليه معرفة من هذا الرجل، ولماذا كان يصرخ، أما المهمة الثالثة، فهناك جنية تدعى مها البارئ، في حوزتها أحجار كريمة تسمى شاه مهرة، عليه معرفة أين تسكن وشراء جواهرها، لكن لعدم قدرة التاجر على فعل هذه الأشياء الثلاثة، يعطي كل ممتلكاته للفتاة على الرغم من أنه لا يزال يعشقها، فيقرر حاتم الشروع بالبحث عن هذه الأمور نيابةً عن الرجل الفقير.
يكتشف حاتم الكهف فيدخل إليه ويصل لنهايته ويقرر العودة، إلا أنه يكتشف أن هناك شيئاً ما غامضاً في الكهف، فيعبر حتى النهاية ليجد نفسه في صحراء، فيستمر بالسير وتطول رحلته ليجد نفسه أمام قلعة غامضة، فيقرر الدخول ليكتشف أن سكانها عبارة عن شياطين ضخمة، فعند رؤيتهم لحاتم يقبلوا لقتله، إلا أن واحداً منهم يوقفهم ويخبرهم بأن زوجة الملك مريضة، وقد أتى الملك رؤيةً بأن شخصاً ما من شأنه أن يعالجها، على الرغم أن هناك أكثر من ألف إنسان رهينة في القلعة، لكن لا أحد منهم ينجح، يلتقي حاتم ملك الشياطين، فيخبره بأن زوجته تعاني من ألم في عينيها.
يعده حاتم بأن يعالجها لكن بشرط ألا يقتله الشياطين، يقسم له الملك الشيطان بأن يكون له ما يريد ثم يأخذه إلى زوجته، يحضر حاتم لؤلؤة سحرية ويغمسها في الماء، ثم يرش على عيني الزوجة المنتفخة ثلاث مرات فتُشفى تماماً، بعد ذلك يقدم الملك الشيطان الطعام لحاتم، وأثناء تواجدهم على المائدة، يقدم الملك حاتم لملك آخر يدعى فاروقاش، يخبره بأنه يعاني من آلام مزمنة في معدته ولم يعثر على أي علاج، فيسأله حاتم إن كان هناك أي خادم كان يقدم له الطعام سابقاً، فيخبره الملك بأن جميعهم موجودون هنا.
عندما يتقدم الملك فاروقاش ليتناول طعامه، يخبره حاتم بأن عليه أن يتوقف عن الطعام لمدة ساعة، يأخذ حاتم قطعة من اللحم من المائدة على مرأى جميع الحاضرين ويغطيها لمدة ساعة، وبعد انقضاء الوقت يكشف حاتم عن الطعام، فيتبين أنه تحول إلى ديدان وهي السبب في أمراض فاروقاش، ويخبره حاتم أن ذلك يرجع إلى عين خبيثة تقع على الطعام، فينصحه بأن يكون طعامه على انفراد، وبعد أن يتبع الوصفة لعدة أيام يعود إلى صحته.
يُسر الملك فاروقاش على ذلك، فيطلق سراح جميع الأسرى البشر من القلعة، ويطلب من حاتم أن يعالج ابنته أيضاً، فيخلط السكر مع الماء، ويضع فيها لؤلؤة قدمتها زوجته لابنتها، فيطلب منها أن تشرب من هذا الشراب وأن تتناول مأكولات خفيفة، وستشفى تدريجياً، يقدم الملك لحاتم ثروة هائلة مقابل ذلك ويطلق سراحه.
بعد ذلك ينطلق حاتم لإنجاز مهمته الثانية، فينتظر ليلة الجمعة، وفي تلك الليلة يسمع الصوت الذي يقول: "أنا لم أفعل شيئاً أستفيد منه هذه الليلة"، يسير نحو الصوت، إلا أنه لا يجد أي مصدر، ثم يعبر بعدها نحو قرية في الوقت الذي يستيقظ فيها سكانها، فيخبروه بأن هناك وحشاً يأتي كل بضعة أيام ليأكل شخصاً، واليوم دور نجل زعيم القرية.
يدرك حاتم أن الوحش العملاق هالوكا يظهر كأنه شبح ضخم، وينفذ ناراً من فمه، فيطلب من القرويين بناء مرآة ضخمة وأن يغطوها، وفي الليل حين أتى العملاق، كشف حاتم عن المرآة، فانعكس للوحش مشهد الرعب الذي يصنعه والذي لم يسبق أن رآه، فيموت من شدة المنظر وينتهي الخطر.
يستأنف حاتم رحلته عبر الصحراء، يرى كومة من الرمل فيصعد عليها، وأثناء تواجده على القمة يرى تمثالاً غامضاً من الجنود بالإضافة لمقبرة، وكل ليلة جمعة تعود الحياة لهؤلاء القتلى وتبدأ الولائم، باستثناء واحداً منهم لا يُقدم له أية أطباق أو ولائم، فيبدأ بالبكاء ويقول: "أنا لم أفعل شيئاً أستفيد منه هذه الليلة"، فيسأل حاتم تلك الروح عن سر هذه المقولة، فيخبره بأنه كان تاجراً يُدعى يوسف، كان جشعاً وبخيلاً وأنانياً، بينما كان خدامه محبين للغير وذوي رأفة في تعاملهم مع الناس، فكان يوسف يعاقبهم ويوبخهم لموقفهم هذا، إلى أن سافروا إلى خوارزم، فيقعوا في طريقهم في كمين للصوص يسرقون كل ما يملكون من ثروة ويقتلون القافلة بأكملها، نتيجة لذلك، يُكافَئ الخدام في آخرتهم بعد الموت بأشهى الطعام وبالراحة والرفاهية، بينما يُعطى ليوسف الخردة والطعام القذر.
يقرر حاتم مساعدة تلك الروح، ويطلب يوسف من حاتم أن يذهب لعاصمة الصين حيث موطنه، وحيث يعيش أحفاده في فقر وعوز، ويطلب منه العثور على كنز كان قد دفنه في مكان ما هناك، ويطلب منه أن يعطي ربع هذا الكنز لأحفاده ويوزع ما تبقى للأعمال الخيرية.
يصل حاتم إلى مشارف الصين، فيرى رجلاً يسحب الماء من البئر، ثم فجأة تخرج أفعى من البئر وتنقض على الرجل وتهبط به، يقفز حاتم داخل البئر فيجد نفسه في حديقة جميلة فيها عملاق نائم، ويجد تلك الأفعى فيقرر الدخول لفمها، يحذره العملاق من فعل ذلك، إلا أن حاتم يدخل إلى معدة الأفعى، فيمزقها بالسكين ويُخرج منها الضحايا بما في ذلك الرجل الذي كان يستقي، فتختفي حينها الحديقة والعملاق، ثم يرشد حاتم السجناء لاتجاهات ديارهم ويذهب باتجاه الصين.
يُمنع حاتم من دخول الصين بأمر من ابنة الحاكم التي تطلب من كل زائر أن يجيب عن ثلاثة أسئلة، وإن فشل فسيُقتل، يذهب حاتم للاستجواب، فتقع ابنة الحاكم في حبه، فتخبره بأن روحاً شريرة تمتلكها وتجعلها شريرة، وفي الليل تسأله عن السؤال الأول فيجيب بشكل صحيح، وحين تسأله عن الثمرة المحبوبة من جميع الناس، فيجيبها بأنها الأطفال، وعندما تسأله عن الشيء الذي يكرهه جميع الناس، يخبرها بأنه الموت، يُخرج حاتم الروح الشريرة إلى أفعى، وباستخدام لؤلؤة سحرية يقوم بترويضها ويدفنها تحت الأرض، وفي اليوم التالي تزوج حاتم من الأميرة، وفي وقت لاحق تلد له ابنه "سالم".
يصل حاتم لوجهته، وينفذ تعليمات يوسف، ثم يعود بعد أن نفذ ما أراده يوسف أن يفعل، وفي طريقه إلى البيت، يُختطف من قبل سبعة أخوة ويقومون برميه في حفرة، يجد حاتم ثروة هائلة في الحفرة، ومن ثم يتم إنقاذه من قبل اثنين من المارة، يعطي حاتم الثروة التي وجدها للصوص بشرط ألا يقوموا بالخطف والسرقة مرة أخرى، بعد ذلك يجد كلباً يتضور جوعاً، فيقوم حاتم بإطعامه، ثم يكتشف حاتم مسماراً موضوعاً في رأس الكلب، وأن الكلب هو تاجر خدعته زوجته ووضعت برأسه مسماراً مسحوراً ليتحول بعدها كلباً ثم قادته بعيداً، يقود حاتم الرجل إلى منزله، فيقوم الرجل بوضع المسمار في رأس زوجته ويقطع رأس عشيقها.
بدأ حاتم بمهمته الثالثة، لكنه لم يكن على علم بالعالم الخرافي، فقرر أن يستعين بالملك فاروقاش ليخبره عن الاتجاهات، يقرر فاروقاش أن يساعده على الرغم من إخبار حاتم بأن هذه الأرض هي الأكثر خطورة، ثم يرسل فاروقاش أدلاء مع حاتم ليوصلوه إلى جبل كاس، وعند وصوله للأرض تأخذه الجنيات وتحرقه ثلاث مرات، إلا أنه ينجو في كل مرة بفضل اللؤلؤة السحرية، ثم يرموه في البحر فيبتلعه ثعبان البحر ثم يرميه ويرجعه لليابسة، تسمح الجنية مها البارئ لحاتم بالدخول لمجالها، لكن واحدة من الجنيات تدعى حسن البارئ تقع في حب حاتم فتختطفه لحديقتها الخاصة، تطالب مها البارئ بالإفراج عنه، وتسأله إن كان يستطيع علاج بصر ابنها، فيستطيع حاتم أن يخفف من ألم ابنها، لكنه يخبرها بأن قطرات من شجرة نادرة من بستان زولمات الذي يحرسه الشياطين ستعيد بصره.
تذهب حسن البارئ لذلك البستان لتحضر الدواء على حساب حياتها الشخصية، فيستطيع حاتم أن يشفي ابن مها البارئ بنجاح، فيطلب منها جوهرة شاه مهرة، فتقدمها له مقابل ما فعل، ثم يعود حاتم محققاً المهام الثلاثة، ويطلب يد ابنة الحارث للشاب نعيم، وبعد عشرة أيام من زواجهما، يعيد الجوهرة لمها البارئ.
يستأنف حاتم رحلته إلى مدينة مأدن، وعند وصوله يرى منزلاً محفوراً عليه عبارة "اعمل خيراً، وارمه في الماء"، فيلتقي حاتم صاحب المنزل، فيكون رجلاً بعمر المائة سنة، فيخبره بأنه كان قاطع طرق، لكن كان كل يوم يلقي رغيفين خبز في النهر ليشكر الله، لكن عند موته، وجد نفسه يذهب للجحيم، فقام ملاكان بإنقاذه وأخبروه بأن الله أمد بعمره ليعيش مئة عام، فأعاده الله إلى الحياة من جديد، وأصبح يلقي كل يوم مائة دينار في النهر، فكان هذا السبب وراء هذه المقولة، يشكره حاتم ويعود، وفي طريقه ينقذ أمير الجن من جن منافس له، فينقله لشهاباد لمعرفة اللغز الثالث.
اللغز الثالث: "لا تفعل الشر، وإن فعلت؛ ستلتقي به"
يلتقي حاتم تاجراً يدعى تميم، كان مرهوناً بجنية تدعى ألاكا، والتي وعدته بالعودة في غصون أسبوع، إلا أنها لم تعد منذ سبع سنين، فوعده حاتم بأن يعيدها له، وفي طريقه يلتقي جندياً شاباً وقع في حب ابنة الساحر موشاهر، فأعطى الشاب ثلاث مهام للقيام بها حتى يتزوج ابنته، أولها أن يحصل على زوجين من الطاووس، ثانيها شراء لؤلؤ من التنين الأحمر الذي يعيش في الصحراء الحمراء، وثالثها أن يبقى على قيد الحياة وهو في وعاء من الزيت المغلي، يوافق حاتم على أداء المهمات الثلاثة سراً ويتوجه إلى مازانديران، يحصل حاتم من جنية هناك على مادة سحرية من شأنها أن تحميه من النار والسحر والسم ويمكنها أن تتحول لقارب، يقود حاتم وحشاً غريباً، مكون من ثلاثة رؤوس أسود ورأس فيل بثلاثة عيون، يصل إلى مازانديران ويحصل على اثنين من الطاووس ويعود للجندي.
يعود حاتم ليكمل تحديه الثاني، وفي طريقه يواجه روحاً شريرة يتغير شكلها من تنين إلى ثعبان، أسد، فتاة شابة، جاموس، فرجل كبير، ويقتل الناس دون أي سبب واضح، يشكك حاتم في تلك الروح، إلا أنها تكون تجسيداً للموت، فيخبره الموت بأنه سيعيش مئتي عام وسيموت في عمر متقدم، إلا أنه سيشهد قليلاً من الألم أثناء موته.
يعود حاتم ليستكمل مهمته، فيصل إلى أراضٍ مظلمة حيث كل شيء فيها مظلم، ثم يعبر أراضٍ بيضاء وخضراء ويواجه أفاعٍ سامة ليصل إلى الصحراء الحمراء، تكون درجة الحرارة قوية جداً فيسقط غائباً عن الوعي، لكن بفضل لؤلؤة ابنة الدب يستطيع أن يحمي نفسه، ثم يواجه التنين الأحمر، يضربه حاتم ويوقعه فاقداً الوعي، فيأخذ اللآلئ ويعود ويعطيها للجندي.
للقيام بالمهمة الثالثة، يعطي حاتم الجندي اللؤلؤة ويطلب منه أن يضعها في فمه أثناء تواجده في الزيت المغلي، يغضب الساحر من ذلك، ويهاجم الشاب لكنه يفشل في إيذائه، ثم يقنعه حاتم بتزويج ابنته للجندي فيوافق.
يصل حاتم إلى الكانبوري حيث يلتقي ألكا، وتكون قد نست تميم، إلا أن هذه الجنية ترسل محبتها إلى حاتم لكنه يغضب، فيجلب حاتم تميم إلى الكانبوري، وصوت الله يرشده بأن يصنع جرعة حب من شأنها أن تجعل ألكا تقع في حب تميم للأبد، فيعطيها حاتم هذا الشراب وينجح.
تنقل ألكا حاتم إلى حميار حيث يدخل في غابة عميقة فيجد رجلاً يقول: "لا تفعل الشر، وإن فعلت؛ ستلتقي به"، والغريب أن الرجل كان بداخل قفص مفتوح، إلا أنه لا يخرج منه، يستفسر حاتم عن هذا الرجل الذي قدم نفسه بأنه عامر، فيخبره بأمره، فقد كان تاجراً ثرياً وكان يمتلك ثروة هائلة، وأنفق والده ثروة هائلة ليبني مدينة حميار، لكن بعد وفاة والده يبذر كل ثروته، وعندما يصبح فقيراً يلتقي بحكيم يستطيع أن يجد الثروات المخفية بقوة رهيبة، فيطلب منه المساعدة، فيوافق الحكيم على أن يأخذ ربع ما يجده.
يصبح بعد ذلك غنياً، إلا أنه لا يفي بوعده تجاه الحكيم، لكن الحكيم يعود إليه وكأن شيئاً لم يكن ويصبحا أصدقاء، وذات مرة يأتي الحكيم بعامر إلى هذه المنطقة بقفص قديم، ثم يطلب عامر من الحكيم أن يعلمه فن إيجاد الثروات المخفية، يخبره الحكيم بأن ذلك بفعل مرهم سحري، فيضع هذا المرهم على عيني عامر فيفقد بصره، ويخبره الحكيم بأنه فعل ذلك ليس من دافع الانتقام، إنما عليه أن يبقى جالساً في القفص ويقول: "لا تفعل الشر، وإن فعلت؛ ستلتقي به"، وعلى الرغم من أن القفص مفتوح إلا أنه لا يستطيع الخروج، كما أن جيده تحمل الكثير من الآلام.
يخبر الرجل حاتم بأن السنوات الثلاث ونصف التي عاشها في العذاب علاجها زهرة مضيئة، فيصف شكلها لحاتم، لكن يخبر حاتم بأنها محروسة من ثعابين شرسة وعقارب وغيرها من المخلوقات السامة، إلا أن حاتم بفضل العناصر السحرية التي تحميه يجلب الزهرة، فيعصرها ويعيد النظر إليه وتنتهي عقوبته، يشكر الرجل حاتم ويعود لحياته، أما حاتم فينتقل إلى شهاباد لحل اللغز الرابع.
اللغز الرابع: "من يتكلم الحقيقة دائماً هادئ"
الدليل الوحيد عن اللغز الرابع هو الرجل الذي قال ذلك، وهو يعيش في مدينة كرم الغامضة، يبدأ حاتم رحلته صوب المدينة، وبعد بضعة أشهر يجد نفسه في بحيرة، وبجانب هذه البحيرة شجرة ضخمة معلق على أغصانها رؤوس جنيات مقطوعة، هذه الجنيات تعود إليها الحياة كل ليلة وفي النهار ترجع إلى وضعها، رجل عجوز هناك يدعى خواج خيزر يخبر حاتم أن ذلك بفعل ساحر غامض يدعى سام أحمر، فالساحر فعل ذلك لكي لا يتزوج أحد من ابنته زارينباش طالما هو حي، الرجل العجوز يعلّم حاتم التلاوة التي تجعل السحر عديم الفائدة، يصعد حاتم إلى جبل الأحمر، ويدخل قلعته، يحاول سام أحمر منعه إلا أنه لا يستطيع، يهزم حاتم الجيوش ويقع أحمر من على حافة الهاوية ويموت، يعود حاتم إلى البحيرة ليرى أن السحر قد بَطُل، يعترف حاتم بحبه للملكة الخرافية زارينباش، فتوافق وتعده بأنها ستبقى معه حين يعود من مهمته.
يصل حاتم مدينة كرم ليلاً، فيخبره السكان عن رجل غريب وعجوز يعيش في الطرف القديم من المدينة، عندما يصل حاتم إلى بيت الرجل يجد على بابه جملة منحوتة تقول: "من يتكلم الحقيقة دائماً هادئ"، الرجل يبدو بعمر الأربعين، يرحب بحاتم ويعده بأن يعطيه الجواب في اليوم التالي.
يخبر الرجل العجوز حاتم بأن مدينة كرم عمرها 700 سنة، وهو على الرغم من مظهره يبلغ عمره 800 سنة، كان مقامراً في السابق، لكنه في يوم واحد يخسر جميع أمواله في لعبة المقامرة، فيقرر الرجل أن يسرق من خزينة الملك، فذات ليلة ينجح في سرقة بعض الأموال ويهرب، لكن في طريقه يعترضه لصوص ويحاولوا قتله، إلا أن هزة أرضية تضرب المكان توقفهم عن ذلك فيذهبوا، فيعترضه رجلاً آخر وينتقده لعمله، فيخبره أن بإمكانه أن يحتفظ بالأموال لكن بشرط أن يقسم بأن يقول الحقيقة، وإن قال الحقيقة فسيعيش 900 سنة، وسيبقى بمظهر شاب، ثم يختفي ذلك الرجل.
في اليوم يعترف الرجل للملك بفعلته، فيكافئه الملك بذلك ويعيش بعدها حياة هادئة وشريفة دون مشاكل، ثم يعود حاتم لشهاباد من أجل اللغز الخامس.
اللغز الخامس: "اجعله يذهب لجبل النداء"
يتوجه حاتم لحل هذا اللغز إلى الهند، إلى أرض هندوستان حيث يقيم شعب الهندوس، وفي طريقه كان يمر بمدن ذات عادات غريبة، كمدينة آكلة للحوم البشر، فالمرضى منهم يُقتلوا ويُؤكلوا من قبل أسرهم، إلى أن وصل في النهاية لأرض الهندوس، فأحسنوا ضيافته وكان قد قتل في طريقه تنيناً منقذاً بذلك الناس.
يصل حاتم أخيراً إلى مدينة النداء على مقربة من جبل النداء، فيرى رجلاً يركض بجنون مسرعاً نحو الجبل ثم يختفي، فيتبعه الناس ويقفزوا من على هوة الجبل، فيقفز حاتم هو الآخر ليجد نفسه في مرجٍ أخضر ويجد الضحية قد سقطت على قطعة سوداء مستطيلة من التربة ومات على الفور، والأرض ابتلعت الجثة وتحولت خضراء.
يتابع حاتم رحلته عبر السهل ويعبر من وراء البحار فيرسل له الله سفينة مهجورة تحتوي على الطعام، يبحر حاتم ليجد نفسه في جزيرة بجبل دم أحمر، حيوانات خضراء وطيور زرقاء، يكتشف الجزيرة ثم يرسل الله له سفينة أخرى ليصل إلى جزيرة من الفضة النقية، فحين كان حاتم يلمس المياه تتحول يده إلى فضة ثم تشفى بعد قليل.
يتسلق حاتم الجبل فيلاحظ أن حجارته من الذهب والمجوهرات الأخرى، فيجمع حاتم الثروة ويصعد للأعلى، فيظهر له اثنان من عبيد الله على شكل وحوش، يخبروه بأن أسفله الكثير من الثروات، لكن عليه أن يرمي ما جمعه، يعطوه الألماس والزمرد والهدايا ويوصلوه إلى شواطئ المحيط الذهبي.
يلتقي حاتم هناك زوجته زارينباش فتخبره بأن تلك المنطقة تعود للجن، يبقى مع زوجته بضعة أيام ثم يذهب من جديد ويصل لجزيرة تلهب ناراً، يظهر له الوحشان من جديد ويمنحوه تعويذة لحمايته من الحر، يعبر حاتم الصحراء ليصل إلى اليمن حيث يرمي التعويذة في البحر ويكتشف وطنه.
يكتشف حاتم أن زوجته زارينباش ترسل بانتظام رسائلاً إلى والد حاتم لتخبره عن العمل الجيد الذي يفعل، ثم يعود حاتم إلى شهاباد ويتلو على حسن البنا مغامرته، فتأكد مربيتها على صدق كلامه، فيذهب لأداء اللغز السادس.
اللغز السادس: "أن يعرف السر للؤلؤاً بحجم بيضة البط"
يبدأ حاتم رحلته لهذه المهمة، وفي طريقه يلتقي زوجين من طيور الجنة، فيخبره الذكر بأن هذه البيوض كانت خاصة بهما، إلا أنهما فقدا القدرة على إنتاجها، يخبره هذا الطير التاريخ الكامل عن هذه اللآلئ، فهناك لؤلؤتان فقط على وجه الأرض، واحدة مع حسن البنا حصلت عليها حين ورثت الكنز عن الملك شامشان، وأخرى مع مهيار السليماني ملك البرزخ، وهو مستعد ليزوج ابنته للشخص الذي يخبره عن لغز اللؤلؤة وسيتخلى عنها كمهر للزواج، تعطي الطيور حاتم بعض الريش وتخبره في حين وصوله لصحراء الشياطين عليه أن يحرق هذا الريش ويحوله لعجينة ويضعها على جسده ليتحول إلى شيطان.
يسير حاتم لمدة طويلة، فيصادف ثعباناً يأخذه إلى مكان ليستريح، ثم يتحول الثعبان إلى شاب، فيخبر حاتم بأنه ملك الجن شمس شاه الذي فُقد منذ زمن، تحول إلى ثعبان حين حاول إطاحة الإمبراطور الجبار سليمان، لكنه شعر بالارتياح مع حاتم وأرسله إلى البرزخ مع بعض من عبيده، وفي طريقهم يقبض على حاتم من قبل عشيرة موركانا الشياطين، وعندما يرون شمس شاه يسخرون منه فيهزمهم شمس شاه ويكمل حاتم رحلته.
وفي الطريق يلتقي حاتم بأمير الجن تومان الذي يرغب بالزواج من ابنة مهيار، فيعده حاتم بالمساعدة، ثم يقبض على حاتم من قبل شياطين آخرين، لكن صديقه الجديد ينقذه ويحميه، يغادروا عبيد شمس شاه حاتم عند صحراء الشياطين، فيتحول حاتم لهيئة شيطان ويعبر مع الأمير الصحراء ليصلوا المحيط الذي يلامس أرض البرزخ، يجمعوا الخيول المجنحة ويذهبوا إلى أرض البرزخ، وعند وصولهم يلتقي حاتم بالملك مهيار السليماني ويتوصل لتفاهم معه، يتلو حاتم قصة اللؤلؤ فيعطيه اللؤلؤة ويزوج ابنته من أمير دومان، ثم يعود حاتم لشهاباد ليحل اللغز السابع والأخير.
اللغز السابع: "أن يعرف سر حمّام بادجارد"
شرع حاتم في رحلته باحثاً عن اللغز الأخير، فأمضى بعض الوقت في زيارة القرى وإنقاذ الأولاد من الجنيات، وفي طريقه رأى رجلاً عجوزاً حذره من مخاطر بادجرد، إذ لم يذهب أحداً وعاد حياً، يخبره الرجل بأن الحمّام يقع بالقرب من مملكة قطان التي يحكمها الملك الحارث، فيواصل حاتم رحلته من مدينة إلى مدينة ليصل قطان، ويخبر الملك عن سبب زيارته.
يدخل حاتم في جدال مع الملك ويقلق بشأن حاتم، لكن في النهاية يسمح لحاتم بزيارة الحمام، وفي اليوم التالي يؤخذ حاتم إلى الجبل حيث يقع باب الحمام المحروس بشدة من قبل الجنود لمنع دخول الغرباء، يعبر حاتم الباب ليجد نفسه في صحراء ثم يختفي الباب، يرحب به خادماً ويأخذه لمبنى ضخم، يجلس حاتم في الحمام ويسكب له الخادم ماءً على رأسه.
وفجأة يتلاشى المكان ويغرق بالماء ليتحول إلى زجاج، فيرتفع حاتم نحو القبة لارتفاع منسوب المياه ثم يخرج منها عائداً إلى الصحراء، يسافر حاتم عبر الصحراء لعدة أيام حتى يجد قصراً مهجوراً محاطاً بحديقة جميلة وتماثيل فيدخل القصر، ويجد مكتوباً على بابه بأن هناك رجلاً ساحراً كان يعيش هنا منذ زمن بعيد، وذات مرة وهو يصطاد يجد ألماسة كبيرة لا مثيل لها، فيخشى من أن يسرقها أحداً ما فيبني الحمام ويضع ثلاثة تماثيل لطيور الببغاء ويضع اللؤلؤة في جسم واحد منها، ولا يمكن الهروب من هذا المكان إلا إذا أطلق السهام على الببغاء وقتلهم، فيمسك حاتم السلاح ويطلقه على الببغاء، فيخترق السهم رأس الطائر وينتهي سحر الملك.
بعد ذلك يختفي القصر، ويلتقي ملك قطان ويُرسل إلى شهاباد، يأخذ حاتم الألماس إلى شهاباد كدليل على مغامرته، فتوافق حسن البنا على الزواج من منير الشامي، وبعد عدة أيام يرسل حاتم الألماس الأسطوري لملك قطان كهدية له.
في النهاية.. تعتبر هذه الحكاية أسطورة خرافية، إلا أنها ذات مغزى تلخص شخصية حاتم وتقدم العبر في الكرم ومساعدة الغير، أُنتج عنها الكثير من الأفلام والمسلسلات منها، فيلم حاتم الطائي عام 1956 من إخراج (Homi Wadia)، فيلم حاتم الطائي عام 1990 إخراج (Babubhai Mistri)، مسلسل هندي بعنوان (حاتم) عُرض عام 2003 على قناة (Star Plus)، ومسلسل هندي آخر بعنوان (مغامرات حاتم) عُرض عام 2013 على قناة (Life OK).