قرار مفاجئ من الرئيس الأمريكي يخص تطورات الأزمة الأوكرانية
نقلت تقارير صحفية أمريكية، أمس الأربعاء، عن مسؤولين أمريكيين، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وافق على نشر أكثر من 3 آلاف جندي أمريكي في الدول الحليفة شرق أوروبا، في أول تحرك كبير للقوات الأمريكية، وسط التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشأن أوكرانيا.
أوضح المسؤولون أن نشر القوات يأتي لإظهار الدعم للحلفاء بحلف شمال الأطلسي، الذين يشعرون بأنهم مهددون بالتحركات العسكرية الروسية قرب أوكرانيا. نقلت التقارير أيضاً أنه من المتوقع أن تعلن وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات ستنشر خلال الأيام المقبلة.
رد فعل موسكو على قرار الرئيس الأمريكي
من ناحيتها، ندّدت روسيا بقرار الولايات المتحدة بإرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي الى أوروبا الشرقية واصفة القرار بأنّه قرار مدمّر.
اعتبر إلكسندر غروشكو، نائب وزير الخارجية الروسي، أن القرار الأمريكي غير مُبرر ومدمر ويُزيد من التوترات العسكرية ويقلّص المجال أمام القرارات السياسية.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن عن إنه سيدرس فرض عقوبات على نظيره الروسي فلاديمير بوتين مباشرة إذا غزت روسيا أوكرانيا. وذلك خلال زيارة قام بها الرئيس الأمريكي إلى متجر صغير في واشنطن، وسألته صحافية عمّا إذا كان وارداً بالنسبة إليه أن يفرض عقوبات على بوتين شخصياً، فأجاب بايدن عن السؤال بـ "نعم. يمكن أن أنظر في ذلك".
يُذكر أن الولايات المتحدة كانت قد وضعت سابقاً نحو 8500 جندي في حالة تأهب لتعزيز الحلف العسكري الغربي، مؤكدة عدم وجود نية لإرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، لكنها قد حذرت روسيا مجدداً من عقوبات مشددة في حال أمرت موسكو بمهاجمة جارتها.
خلال تصريحات سابقة قال بايدن: "إذا غزت روسيا البلد بأكمله أو أقل بكثير من ذلك، فستكون هناك عواقب وخيمة، ليس فقط بالنسبة لها ولكن في العالم بأسره". مُضيفاً أنه سيكون أكبر غزو منذ الحرب العالمية الثانية. من شأن ذلك أن يغيِّر العالم.
يُذكر أن روسيا رفضت الاتهامات الغربية والأوكرانية بشأن التحضير لأي هجوم على أوكرانيا، ونفت وجود مثل هذه الخطط لديها.
رد فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس النواب الروسي، مؤخراً على تصريحات الرئيس الأمريكي بأن واشنطن بعد أن أعلنت عن استعدادها لفرض عقوبات جديدة على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين كشفت بوضوح عن أنها تسعى لرئيس روسي مخلص لها وواقع تحت سيطرتها.
كتب فولودين على قناته عبر موقع تليغرام: "تبين كل شيء.. أخيراً، قالت القيادة الأمريكية علانية ما تريد: تريد واشنطن رئيسا مخلصا/ مواليا لها، ومُسيطراً عليه". مُضيفاً أنه حسب فهم الروس، فإن هذه العقوبات ليست ضد بوتين، بل ضد اختيار شعب البلاد، ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة ليست سعيدة بأن الاتحاد الروسي أصبح في عهد الرئيس بوتين قوياً ومستقلاً.
التوترات بين أوكرانيا وروسيا
بدأت التوترات بين روسيا وأوكرانيا منذ 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم ودعمت تمرداً انفصالياً في شرق أوكرانيا، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص منذ ذلك الحين، لتوجه أوكرانيا والغرب اتهامات لروسيا بإرسال قواتها وأسلحتها لدعم الانفصاليين، وهو ما نفته موسكو في مرات عديدة، فقد أصرّ الكرملين خلال تصريحاته على أن روسيا ليست طرفاً في الصراع.
يُذكر أنه سابقاً كانت السلطات الأوكرانية قد اتهمت روسيا بإرسال دبابات وقناصة إلى خط التماس في شرقي أوكرانيا الذي مزقته الحرب في محاولة وصفتها بأنها "استفزاز القوات الأوكرانية".
وهي الاتهامات التي تأتي وسط مخاوف من حشد أعداد ضخمة من القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية في مؤشر على خطط روسية لغزو أوكرانيا. لتُصدر وزارة الدفاع الأوكرانية البيان قبل ساعات فقط من المكالمة التي أُجريت عبر الفيديو بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي ناقش خلالها الزعيمان التوترات بشأن أوكرانيا.
زعمت وزارة الدفاع الأوكرانية خلال بيانها أن روسيا تُقيم "معسكرات تدريب تحت قيادة الجنود النظاميين الروس وتدفع بتعزيزات للوحدات القريبة من خط التماس، مع مركبات مدفعية ذاتية الدفع عيار 122 ملم ودبابات ومشاة ومدرعات قتالية". بالإضافة إلى زيادة عدد فرق القناصة في المنطقة.
من جانبه، رفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف التعليق على المزاعم الأوكرانية، وأعاد توجيه الأسئلة إلى وزارة الدفاع الروسية التي لم تُعلق بعد على البيان.
بينما صرّح وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أمام البرلمان، بأن روسيا حشدت أكثر من 94 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، وربما تستعد لهجوم عسكري واسع النطاق في نهاية يناير. وأوضح ريزنيكوف أن أوكرانيا لن تُقدم على أي تصرف استفزازي، لكنها مستعدة للرد إذا شنت روسيا هجوماً.
العقوبات التي يتوعد بها الغرب روسيا
أول سيناريو محتمل هو معاقبة فلاديمير بوتن شخصياً، وفريقه الرئاسي وشخصيات عسكرية وتجميد أصولهم وحظرهم من المعاملات المصرفية الأجنبية، أيضاً قد تلجأ واشنطن والدول الأوروبية إلى منع مسؤولين وشخصيات روسية من دخول أراضيها.
من العقوبات أيضاً التي قد تقوم بها أمريكا، أن تلجأ واشنطن إلى منع روسيا من التعامل بالدولار الأمريكي، وهو القرار الذي من شأنه تقييد حركة المشتريات والصادرات الروسية حول العالم، كما سيؤثر بشكل كبير على مبيعاتها من النفط والغاز بالدولار.
ضمن ما يدور من مناقشات غربية إجراء عزل موسكو من شبكة الاتصالات المصرفية العالمية المعروفة بنظام "سويفت"، كما يمكن للقوى الغربية أن تتخذ إجراءات لمنع وصول روسيا إلى أسواق الديون الدولية. وهذا قد يحرم روسيا من تمويلات لتنمية اقتصادها، وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في البلاد وتنخفض قيمة الروبل.
قد يقوم الغرب أيضاً بمنع تصدير سلع معينة لروسيا مثل التكنولوجيا والبرامج أو المعدات الأمريكية. وقد يشمل أشباه الموصلات الدقيقة المستخدمة بالسيارات والهواتف الذكية، والأدوات الآلية، والإلكترونيات الاستهلاكية. وخطورته تكمن في استهداف قطاعي الدفاع والفضاء الروسيين وقد يمتد لقطاعات اقتصادية. وكان البيت الأبيض طلب بالفعل من مصنعي الرقائق الإلكترونية الاستعداد لقيود جديدة على الصادرات الأمريكية لموسكو.
كذلك من المتوقع، زيادة محاصرة العملة الروسية، فسبق لواشنطن منع تحويل الروبل إلى الدولار، ما يعني عزل روسيا عن نظام الصرف العالمي. بالإضافة إلى تشديد القيود القائمة على السندات الروسية من خلال حظر المشاركة في السوق الثانوية، ومن شأن هذا منع حصول موسكو على أي تمويلات لمشاريعها المستقبلية ما يضعف نموها الاقتصادي.
بحسب تقارير صحفية أمريكية، العقوبات الغربية قد تشمل قطاعات الصناعة والطيران والبحرية وأجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية ووزارة الدفاع الروسية.
يُذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي، أيضاً، كانت قد أعلنت عن عزمها استخدام خط "نورد ستريم 2" كورقة ضغط لمنع روسيا من تكرار غزوها لأوكرانيا، وهو الخط الذي يُشكل الشريان الحيوي لمبيعات الغاز الروسي نحو أوروبا. استخدام هذا الخط كورقة ضغط على موسكو، هو ما أكده جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، خلال تصريحات صحفية.
خط نورد ستريم 2 هو خط الغاز الذي يربط بين روسيا وأوروبا، فهو يمتد من روسيا إلى أوروبا عبر بحر البلطيق، ويُمثل رابطاً مباشراً بين موسكو المنتجة للغاز والمستهلكين الأوروبيين، فيمتد على مسافة 1200 كيلومتر من فيبورغ في روسيا إلى لوبمين في ألمانيا، عبر بحر البلطيق متجاوزاً أوكرانيا وبولندا.
انتهت أعمال بناء الخط بشكل كامل قبل أشهر، لكنه ينتظر موافقة الحكومة الألمانية ليبدأ في نقل الغاز. ومن المتوقع أن يوفر هذا الخط 55 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي إلى أوروبا كل عام.