قتيبة بن مسلم الباهلي.. فاتح الصين العظيم

  • بواسطة: Qallwdall تاريخ النشر: الأربعاء، 30 سبتمبر 2020 | آخر تحديث: الأحد، 31 أكتوبر 2021
مقالات ذات صلة
الصين أكثر من مجرد سور عظيم
يمشي كالإنسان.. أول روبوت يتحدى تضاريس سور الصين العظيم
حجاج عبد العظيم

في سنة 48 هجريا، ولد أحد أبرز القادة المسلمين في التاريخ، حيث عرف عنه الإقدام والشجاعة وكذلك الذكاء والدهاء، ما ظهر جليا عبر فتوحاته العظيمة في سمرقند وخوارزم وغيرها من المناطق، إنه فاتح الصين قتيبة بن مسلم الباهلي.

نشأة قتيبة بن مسلم الباهلي

نشأ قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن الأمير أبي حفص، في مدينة البصرة العراقية التي تعد مقر ولادته، حيث ترعرع داخل منزل أحد القادة هناك، وهو عمرو بن مسلم الذي كان من بين أصحاب والي العراق في هذا الوقت، مصعب بن الزبير.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

تعلم قتيبة منذ الصغر القرآن الكريم والفقه والحديث، قبل أن يبدأ في اكتساب مهارات وفنون الحرب والقتال وتعلم الفروسية، ليصبح واحدا من الفتية الأشداء والأذكياء في النفس الوقت، والذين يشار إليهم بالبنان في العراق، أرض الفتن والثورات آنذاك.

أمل ولاة العراق أن يستفيدوا من طاقات الشباب الثورية في نشر الإسلام، لذا كان من المعتاد أن تخرج الحملات الإسلامية من أرض العراق، كما من المتوقع أن يكون قتيبة بن مسلم الباهلي أحد أفراد تلك الحملات، ليبدأ في مرحلة الشباب غزو مناطق بعيدة، أشهرها الآن هي الصين.

فتوحات قتيبة بن مسلم الباهلي

خضع قتيبة في البداية للاختبار على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو والي العراق الذي سمع الإشادات عن قتيبة من طرف القائد المسلم المهلب بن أبي صفرة، لذا بدأ الحجاج في تولية قتيبة بعضا من المهام البسيطة التي تدرجت حتى صار قتيبة بن مسلم أحد أبرز القادة كما توقع الحجاج نفسه.

عين قتيبة في البداية واليا على خراسان، وصار قائدا للمجاهدين هناك، لكنه كان متميزا عن غيره بخلاف شجاعته وإقدامه، بأنه كان شديد الذكاء، قادرا على وضع الخطط بدهاء قبل أن ينفذها ببسالة يحسد عليها.

نجح قتيبة بن مسلم الباهلي في قيادة الكثير من الفتوحات الإسلامية، من بينها الحملة التي قادها على منطقة طخارستان السفلى التي تعد الآن جزءا من باكستان وأفغانستان، قبل أن ينجح في السيطرة على بخارى، التي تعد من أصعب حصون بلاد ما وراء النهر.

اقتحم قتيبة كذلك إيران وتحديدا إقليم سجستان، قبل السيطرة على خوارزم، التي تشكل الآن إحدى المناطق الواقعة بين دول إيران وباكستان وأفغانستان، إلا أن كذلك ذلك كان بمثابة المقدمة للفتح العظيم، الذي تمثل في سمرقند والصين.

قتيبة بن مسلم وفتح سمرقند

تعتبر سمرقند هي العاصمة التاريخية لبلاد ما وراء النهر، حيث تقع في أوزبكستان الآن، فيما كانت من بين أبرز أهداف القادة المسلمين في سنة 93هـ، لذا تولى قتيبة بن مسلم قيادة الجيوش أملا في فتحها.

نجح قتيبة في السيطرة على نهر سيحون في البداية، لتأتي له فرصة وضع سمرقند تحت الحصار لفترة من الوقت، الأمر الذي أمن له السيطرة عليها لاحقا، وهو الإنجاز البطولي العظيم نظرا لأهمية سمرقند الواقعة في قلب آسيا، والتي انضمت إلى دولة الإسلام لتفتح الباب من أجل دخول الصين فيما بعد.

تمكن قتيبة في الفترة بين أعوام 94 و96 هجريا من دخول الأرض التي تعرف الآن بالصين، حيث وصل لمدينة كاشغر، معتبرا إياها القاعدة الإسلامية في تلك المنطقة، ليصل قتيبة بن مسلم الباهلي بذلك إلى أبعد ما نجح المسلمون يوما في تحقيقه، فيما يخص السيطرة على بلاد شرق آسيا البعيدة.

مقتل قتيبة بن مسلم

بينما كان قتيبة يعتبر من بين أفضل القادة التابعين للحجاج بن يوسف الثقفي، فإن العداء الذي كان بين الحجاج وبين الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، تحول بالتبعية لكراهية بين سليمان وبين قتيبة، وخاصة وأن الثاني قد دعم الوليد بن عبد الملك في نزاعه ضد أخيه سليمان على الولاية.

أمل قتيبة في أن يقود رجاله وأهل بيته من أجل القضاء على سليمان بن عبد الملك قبل أن يبادره بذلك، الأمر الذي لم يكلل بالنجاح وانتهى بقيام الفارس الشهير وكيع بن حسان التميمي بقتل قتيبة في عام 96 هجريا، إلا أن بعض الروايات الأخرى تؤكد أن قتيبة لم يرغب فعليا في قتل سليمان بن عبد الملك، وأن الأمر كله لا يزيد عن كونه مؤامرة حيكت بذكاء ضد قتيبة.

ضريح قتيبة بن مسلم الباهلي

يقع ضريح قتيبة في القرية التي تعرض فيها للقتل، وهي قرية باختاكور وتحديدا وادي فرغانة التابع الآن لأوزباكستان، فيما يعتبر ضريح قتيبة من المباني البسيطة المبنية على الطراز الإسلامي، الذي تتواجد به من الأعلى قبة محززة.

في الختام، رحل قتيبة بن مسلم الباهلي، عن عالمنا عن عمر صغير لا يتجاوز الـ48، ولكن بعد أن شهد له الجميع بأنه كان البطل المغوار، الذي شارك في الكثير من الفتوحات الإسلامية الجليلة، ليعرف تاريخيا حتى وقتنا هذا باسم فاتح الصين العظيم.