قبل المنبه والممحاة.. كيف تغلب القدماء على الواقع؟
عقب سنوات من الآن، ربما يبدأ البعض في كتابة مؤلفات حول مدى الصعوبة التي اختبرناها نحن، لأننا لم نكن نمتلك سيارات تطير على عكسهم، بل فقط كانت لدينا تلك السيارة التي تسهلك الوقود وتسير في الشوارع والطرقات، حقيقة يبدو الأمر مربكا للغاية، فنحن نعتقد حاليا أن التكنولوجيا لم تدع شيئا إلا وبصمت عليه، فهل يمكن أن يتحول كل ذلك إلى تخلف ورجعية مع مرور الوقت؟
الإجابة الصادمة هي نعم، فكل الأشياء والاختراعات من حولنا تم اختراعها بدافع الضرورة، لكن القدماء من سبقونا ولم تكن لديهم أي من تلك الاختراعات، كانت لديهم طرق لتخطي الحاجز الذي وفرته علينا تلك الاختراعات، بداية من المنبه الذي يجعلك تستيقظ في الصباح الباكر وصولا إلى الممحاة التي تمسح بها الكلمات من على الورق، كل ذلك تم اختراعه لسبب، وكذلك استقامت الحياة من دونه بسبب وجود بديل أقل تطورًا،إليك كيف حدث ذلك.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
القدماء وعصر ما قبل المنبه
قبل اختراع الساعة ذات المنبه، كانت هنالك وظيفة ما بالمجتمع، حيث يقوم رجل يعرف بـ«القارع» كل مهمته هي أن يجعل موكله أو عميله يستيقظ في ميعاد محدد سلفا عن طريق طرق شباك منزله بعصا ثقيلة. وحظيت هذه المهنة بتقدير مجتمعي إلى حلول الخمسينيات. على الرغم من أن المنبه كان قد تم اختراعه، لكن يبدو أن الناس آنذاك لم يكونوا يثقون في الآلة ويفضلون الإنسان.
أصحاب هذه المهنة التي اندثرت كانوا من مختلف الأعمار والأجناس، وأحيانا كانت توكل هذه المهمة لبعض رجال الشرطة الذين يرغبون في زيادة دخلهم. كان القارع يحصل على بضعة بنسات كل أسبوع، وكانت تعتبر المناطق الصناعية أحد أكثر الأماكن حاجة لأصحاب هذه المهنة، لأن العمال كانوا غالبًا يفضلون التعاقد مع قارع لكي يتجنبوا الاستيقاظ متأخرين، ما قد يعرضهم لخصم مرتباتهم.
اختبار الحمل
حاليًا؛ اختبار الحمل متواجد بأي صيدلية، تتمكن السيدة بمنتهى السهولة معرفة إذا ما كانت حامل أو لا خلال دقائق معدودة، لكن بالتأكيد الحال لم يكن كذلك في السابق. ففي مصر القديمة، كانت السيدة تتبول على بعض البذور، إذا نمت، إذًا ‑فحسب معتقداتها- هي حامل. تطورت هذه الفكرة بالقرن العاشر الميلادي، ليتم سكب الكبريت على بول المرأة، وإذا نتج عن ذلك ديدان، إذًا هي حامل. بالتأكيد هذه الأفكار تبدو نوعا من أنواع الدجل.
كانت أول طريقة لها نوع من المنطق، هي التي قام بها العالمين «سيلمار أسكيم» و«بيرنارد زونديك» في عام 1927، بأن يتم حقن قارض غير بالغ ببول المرأة، فإذا أظهر تغييرات هرمونية كالتي تحدث عند المرأة، بالتالي هي حامل، بعد ذلك تم استبدال القوارض بالأرانب، وتوالت المحاولات للتطوير إلى أن وصل العلماء للشكل الحالي من اختبارات الحمل بعد حوالي 50 سنة من هذه التجربة.
رادار حجري
كان أول رادار حربي بالشكل المتعارف عليه قد تم اختراعه بعام 1935 على يد السير روبيرت واتسون وات، عن طريق استخدام موجات الراديو النبضية في تحديد موقع طائرات العدو من على بعد 100 ميل. أما قبل الرادار، فقد استخدم الدكتور ويليام سانسوم تاكر مرايا ضخمة قام ببنائها من الخرسانة، لتكون بمثابة علامة تحذيرية للكشف عن طائرات العدو عن طريق صوت المحركات، وكان مدى هذه الرادارات الأولية 15 ميلا فقط.
بينما امتلكت اليابان فكرة مشابهة أيضًا، فخلال الحرب العالمية الأولى، قام اليابانيون بتطوير نظام سماعي أطلق عليه اسم «أنابيب الحرب» والتي تمكن الجنود من تحذير القادة من هجوم وشيك للعدو، وكانت تعمل على مدى بضعة أميال أيضًا.
مشروبات الطاقة
في القرن الـ19 لم تكن قد اخترعت المشروبات الرياضية التي تشحن الطاقة بعد، بذلك الوقت كان متسابقو الماراثون يمتلكون فريقًا من الأفراد الذين يتفرقون على نقاط متباعدة لتوفير الماء و«الكحول» للمتسابق.
في هذه الفترة كان يتم تقديم الخمور للمتسابقين كمصدر للطاقة، كما أن شرب المياة كان يجعل الرياضيون ينظرون لمن يشربها بإزدراء وكأنه مراهق. في السيتينيات من القرن الماضي بدأ العلم في التدخل ليوضح أهمية الترطيب عبر شرب الماء، لكن جعل شرب الماء ممارسة طبيعية داخل سباقات الماراثون استغرق ما يقارب العشر سنوات. حين اخترع فريق من العلماء في 1965 مياة «جاتوراد» الرياضية. ليتغير الحال إلى الأبد.
ممحاة الخبز
قبل أن يخترع المهندس الإنجليزي إدوارد نايرن الممحاة المطاطية في 1770، كان البشر يستخدمون الخبز الطري لمسح الحبر، فقد اعتمد اليابانيون هذه الطريقة حتى العام 1912. على الرغم من تواجد آليات أخرى أكثر تطورًا. والحقيقة هي أن اختراع نايرن للممحاة المطاطية جاءت عن طريق الصدفة من الأساس، فأثناء التقاطه لقطعة من الخبز الذي يستخدم في المسح، التقط قطعة مطاطية دون قصد، ليجد أنها تمتلك نفس الخواص التي يمتلكها الخبز.