في ظل انتشار كورونا.. انتعاش سوق العطارين في تونس
تتنوع النباتات الطبية والبرية في أكشاك سوق الأعشاب بالمدينة القديمة في تونس، حيث تسعى بيّة إلى التزود ببعضها والاستفسار عن الخلطات التقليدية لدى أحد العطّارين بغية اتقاءفيروس كورونا المستجد الذي لا يزال بلا لقاح مضاد. تقول مرأة أربعينية لفرانس برس "أخشى على والدي المسن والمريض، لذلك جئت إلى هنا للبحث عن نباتات تعزز مناعته".
وبينما لم تعلن تونس حتى اليوم الأحد (15 مارس/ آذار 2020) سوى عن 18 إصابة بالفيروس وسط إقرار السلطات تدابير صارمة، تبدو الأزقة المرصوفة في المدينة القديمة أقل ازدحاما مقارنة بالأيام السابقة. ورغم ذلك، لا يزال التونسيون يأتون إلى سوق الأعشاب في وسط العاصمة، المعروف بسوق البلاط والذي يمكن الاستدلال إليه من خلال الروائح العطرية المنبعثة منه وأكشاكه المميزة حيث تصطف قوارير وحزم من النباتات المختلفة.
وعادة ما يتم وصف الأعشاب الطبية المحلية والمستوردة للوقاية من الإنفلونزا العادية التي تتشابه أعراضها مع أعراض فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من ستة آلاف شخص حول العالم.
وبالإضافة إلى اندفاع المستهلكين نحو شراء الثوم الذي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 25 دينارا (نحو 8 يورو)، فإن معظم الزبائن يبحثون عن خلطات ونباتات "فعالة" ولكن أيضا "رخيصة الثمن". ويقول الهادي الوسلاتي المدير العام للصحة في تونس: "أستطيع أن أفهم أن السكان يعودون إلى التقاليد". ويضيف "في الواقع ليس هناك أدوية ولا أعشاب سحرية يمكنها القضاء على فيروس كورونا". ويتابع المسؤول التونسي "ليس هناك أي ضرر في تناول وصفات من الجدة... لكن عليك أن تكون حذرا وألا تغرق في الشعوذة". ويحذّر من أن الناس يستغلون القلق العام "لبيع خلطات لا نعرف حتى مكوناتها".
تسأل حنين الوسلاتي، وهي واحدة من الزبائن ولا تقرب إلى الهادي الوسلاتي، أحد التجار "ما الذي يجب أن آخذه من أجل الوقاية من هذا الفيروس؟". وأمام كشك لبيع إكليل الجبل والأوريغانو الطازج، تقول هذه المرأة البالغة من العمر 38 عاما "أريد نباتات لتعقيم المنزل وأخرى يمكن تناولها كمشروب". وتؤكد أن "الهدف حماية أنفسنا لا أكثر ولا أقل خصوصا أنه ليس هناك أدوية لمكافحة هذا الفيروس".
خطر عدم الالتزام بقواعد النظافة
ويعتبر خبير الأعشاب فتحي بن موسى (61 عاما) أن "التونسيين يحبون كل شيء تقليدي وطبيعي: إنهم يثقون، خصوصا في أوقات مماثلة، بوصفات أجدادنا". ويقول "يطلب الناس أعشابا لتحضير خلطات طبيعية في المنزل مثل الزعتر والزنجبيل والمورينغا وكلها تعتبر جيدة جدا لتقوية الجهاز المناعي ومكافحة الفيروسات".
وينصح هذا الرجل زبائنه بتعطير منازلهم بالحرمل، وهو نبات متواجد بكثرة، ويُزعم أنه يطهر حتى ضد فيروس كورونا المستجد رغم أن ليس ثمة إثبات على ذلك.
وفي متجره المظلم حيث تتراكم النباتات الغريبة، يقدم الحاج محمد خلطة "فعالة 100 % ضد الفيروسات" مكونة من الزنجبيل والعسل والكركم.
ويشير الطبيب شكري حمودة، مدير عام الرعاية الصحية في تونس، إلى أن "كل ما هو طبيعي، هو ليس تافها"، ولكنه ينبه من أن "ثمة مشكلة لناحية عدم احترام قواعد النظافة في الأسواق التقليدية خصوصا وفي البلد عموما".
ويقول فتحي بن موسى "نحن لا ندعي أنه يمكننا استبدال الأدوية ومعالجة الناس، لكننا خبراء في أسرار النباتات. نحن نساعد الزبائن على تعلم الاستخدام السليم لعجائب الطبيعة".
وما لم يتم التوصل إلى دواء فعل للوقاية من فيروس كورونا وشفاء المصابين، سيلجأ الناس سواء في تونس أو أي بلد آخر إلى كل الوسائل والمواد الطبيعية وغير الطبيعية الممكنة، لتجنب خطر هذا الفيروس الذي أودى بحياة الآلاف حول العالم حتى الآن.
ع.ج/ أ.ح (أ ف ب)