في زمن كورونا.. تذكارات السفر تشعل الحنين للسياحة
تتنوع التذكارات بين قبعات مكسيكية ذات حواف عريضة، وخيوط تضم حبات خرز ملونة. وتمنح الأيام الحالية التي يسودها الهدوء كثيراً من محبي السفر، فرصة لإعادة اكتشاف لحظات جميلة واستعادة ذكريات سعيدة، تتعلق بالأماكن التي اشتروا منها هذه التذكارات. وكثيراً ما يحدث أن يعود المسافرون إلى بيوتهم ويقومون على عجل بتفريغ حقائبهم، ثم ينظفون ملابسهم التي كانوا يرتدونها وقت الرحلة ويستأنفون حياتهم اليومية مرة أخرى كالمعتاد.
وهذه التذكارات التي كانوا يساومون على أسعارها في الأسواق، سواء كانت مفروشات منسوجة يدوياً أو دمى صغيرة تكسوها ملابس تقليدية، أو فناجين من الخزف قام بتزيينها فنانون محليون، تفقد بالتدريج بهاءها تحت طبقة من الأتربة، والآن تكتسب مثل هذه التحف أهمية جديدة بعد أن أدى حظر التجوال لأن يقبع أولئك الذين يتوقون للسفر في بيوتهم. وهذه الهدايا التذكارية التي تم شراؤها أثناء عطلات سابقة وخلال رحلات إلى الخارج، تتحول الآن إلى قطع فنية تذكرنا بأوقات كانت أفضل وبأن الأمور ستسير نحو الأحسن.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يوضح فولفغانغ كاشوبا عالم الأعراق البشرية قائلاً: "إننا أصبحنا نلحظ ونلتفت بدرجة أكبر لكل شيء، كما لو كنا ننظر حولنا بطريقة التصوير البطيء، لأن كل الأمور صارت تسير بمعدلات بطيئة، حيث بتنا نجلس على نفس المقعد بينما نفعل كل شيء ممكن من المنزل، ومن هنا تمر نظراتنا لتتأمل تذكاراتنا، وفِي وقت تتقلص أمامنا الآفاق والمساحات الخاصة بنا، بحيث لم نعد نرى أي مشهد إلا من خلال نوافذنا، وبالتالي نعطي لهذه التذكارات مزيداً من الأهمية".
لماذا نجلب هدايا تذكارية معنا؟
ولكن لماذا نجلب هدايا تذكارية معنا؟ وماذا تعني لنا خاصة الآن عندما لم نعد نستطيع السفر؟
تقول مؤرخة الفن كاترينا كوبنفالنر، التي تبيع منسوجات من مختلف أنحاء العالم في متجرها المسمى "الخزانة الدولية"، إن "الهدايا التذكارية تعد أكثر من مجرد تذكارات، فهي تكون غالباً بقايا ملموسة من عالم اختفى بالنسبة لنا"، وكمثال على ذلك تعرض أقمشة منسوجة يدوياً من الهند لم تعد تجد لها مثيلاً في أوروبا.
وتضيف كوبنفالنر أن "التذكارات فقدت اعتبارها لأن كل شخص أصبح يعتقد أنها مجرد شيء فلكلوري لا قيمة له، غير أنه في كل حضارة توجد ثقافة تعبر عن نفسها في أشكال مادية يمكن استكشافها، ومن هنا ينفتح أمامك تاريخ مثير للاهتمام للغاية".
ولكن ليس من الضروري أن يكون التذكار قطعة فنية أو شيئا للاستخدام اليومي، وفِي هذا الصدد تقول كوبنفالنر "أعتقد أن قمصان الـ "تي شيرت" المطبوع عليها عبارة أنا أحب نيويورك جيدة أيضاً، كما أن التذكارات التي يعتبرها البعض تافهة أو مثيرة للتندر يمكنها أن تعبر عن حكايات شعبية من البلد الذي يقصده الزوار، وبالتالي يجب أن نعطيها التقدير المستحق".
بينما يقول كاشوبا "التذكارات غالباً ما تكون أشياء تافهة وأحيانا ذات قيمة فنية، ولكنها دائماً ما تكون مشحونة بالعواطف كما أنها بمثابة تأريخ لوقائع الحياة الذاتية للمسافر، كما لو كانت نوعاً من المفكرة التي تذكرنا بأحداث الماضي!"
وغالباً ما يشتري الزوار هدايا تذكارية للآخرين وليس لأنفسهم، وهي هدية ربما تبعث مشاعر الود وتعبر عن الصداقة مثل تقديم نوع من الحلوى أو مشروب محلي.
يقول كاشوبا، إن الناس يستخرجون تذكاراتهم من الخزانات، مما يوقد مشاعر الشوق للسفر، وتحفز الانتظار بأمل لمستقبل ما بعد الجائحة.
ر.ض/ أ.ح (د ب أ)