فقدان التنوع البيولوجي .. أزمة حقيقية تهدد الحياة على الأرض
يُعد التنوع البيولوجي أمرًا أساسيًا لصحة ومرونة النظم البيئية، بما في ذلك قدرتها على الصمود والتعافي من تأثيرات الطقس المتطرف المرتبطة بشكل متزايد بتغير المناخ. توفر النظم الإيكولوجية الغنية بالتنوع البيولوجي مجموعة واسعة من "الخدمات" الحيوية، مثل تلقيح المحاصيل، ودورة المغذيات، وتنظيم المناخ، والتي تعد ضرورية لبقاء جميع أشكال الحياة.
يساهم غنى الأنواع النباتية المختلفة في تحسين خصوبة التربة من خلال تعزيز دورة الكربون والنيتروجين، مما يعزز بدوره الأمن الغذائي للبشر والحيوانات. علاوة على ذلك، يمتد التنوع البيولوجي إلى التنوع الجيني داخل الأنواع، مما يعزز قدرتها على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، بما في ذلك مقاومة الأمراض الجديدة والتعامل مع الظواهر المناخية المتطرفة.
ويساعد التنوع الجيني في المحاصيل والثروة الحيوانية على مقاومة الآفات وتحمل الجفاف وزيادة الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد العديد من الأدوية التي نستخدمها في العلاجات على أنواع نباتية متنوعة بيولوجيًا، تتطلب نظمًا إيكولوجية صحية لاستمرار وجودها.
كيف يؤثر فقدان التنوع البيولوجي على كوكبنا؟
يبلغ معدل الانقراض الطبيعي حوالي نوع واحد لكل مليون سنويًا، لكن النشاط البشري يتسبب في زوال عشرات الآلاف من الأنواع سنويًا.
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لقادة العالم في عام 2022: "نحن خارج الانسجام مع الطبيعة، حيث أصبحت البشرية سلاحًا للانقراض الشامل." حوالي 30% من 150 ألف نوع من النباتات والحيوانات المعروفة معرضة لخطر الانقراض نتيجة تدمير الإنسان، والتسمم بالمبيدات الحشرية، والصيد لأغراض الربح والترفيه".
وفقًا لتقرير "الكوكب الحي" لعام 2024، انخفضت أعداد الفقاريات في العالم بنسبة 73% منذ عام 1970، حيث تضررت أنظمة المياه العذبة بنسبة 85%، تليها الأراضي بنسبة 69%، والمحيطات بنسبة 56%.
تاريخيًا، كانت آخر مرة شهد فيها العالم انقراضًا كبيرًا للنباتات والحيوانات قبل 66 مليون عام بسبب كويكب، مما أدى إلى انقراض 75% من الأنواع. كما شهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا أسوأ الانخفاضات.
حذر الصندوق العالمي للحياة البرية من أن نقاط التحول البيئية الخطيرة تقترب، وأنه لا يمكن العودة عنها ما لم يتم وقف تدهور التنوع البيولوجي.
في البرازيل وحدها، قد تؤدي إزالة الغابات في الأمازون إلى انقراض أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات والحيوانات، حيث تُعتبر هذه المنطقة نقطة حيوية للتنوع البيولوجي العالمي، موطنًا لما لا يقل عن 10% من الأنواع المعروفة في العالم.
في الوقت نفسه، تشغل المحاصيل الأحادية وإنتاج الماشية أكثر من ثلث سطح الأرض، وتستنزف حوالي 75% من موارد المياه العذبة.
ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية التنوع البيولوجي؟
في جزيرة بورنيو، الغنية بالتنوع البيولوجي في جنوب شرق آسيا، يتعرض العديد من الحيوانات والنباتات، بما في ذلك أكثر من 1400 نوع من الحيوانات و 15 ألف نوع من النباتات، للتهديد بسبب التعدين وإزالة الغابات.
ومن بين هذه الأنواع، يُعتبر إنسان الغاب الشهير و المهدد بالانقراض من أبرز الضحايا، حيث فقدت 50% من أعداد إنسان الغاب خلال العقدين الماضيين.
تتضمن الأسباب وراء تدمير هذه المنطقة الحيوية للتنوع البيولوجي بسبب إزالة الغابات بهدف زراعة المطاط، بالإضافة إلى قطع الأشجار الصلبة وتعدين المعادن الثمينة. ومع ذلك، يشير الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن التنوع البيولوجي يمتلك القدرة على التعافي بسرعة، إذا تم توفير الدعم المناسب.
تتضمن الاستراتيجية المقترحة، ليس فقط في بورنيو ولكن أيضًا في النقاط الساخنة الأخرى المهددة مثل غابه الأمازون، إلى إنهاء إزالة الغابات غير القانونية من خلال حماية الأراضي وضمان أن تقوم الشركات بالاستفادة بشكل مسؤول من الأخشاب ومنتجات الأغذية، مما يساعد على تقليل تأثير استخراج الموارد المدمرة في هذه المناطق.
تقول كيرستن شويت، المديرة العامة للصندوق العالمي للطبيعة: "إن الطبيعة تطلق نداء استغاثة". وأضافت أن "على الرغم من أن الوضع يائس، إلا أننا لم نتجاوز بعد نقطة اللاعودة". ودعت شويت إلى تحقيق تقدم عاجل في الاتفاقيات والحلول العالمية القائمة لحماية الطبيعة.