عيد العمال: تاريخ من الكفاح يحتفل به العالم في 1 مايو من كل عام
يحتفل العالم في بداية شهر مايو في كل عام بعيد العمال أو يوم العمال العالمي وبالإنجليزية International Workers" Day كمناسبة خاصة يتم فيها تكريم الأيدي العاملة والتأكيد على أهمية العمل والاجتهاد في حياتنا، كذلك عيد العمال يُعتبر عطلة رسمية في العديد من الدول ويوم حافل بالمسيرات العمالية والتظاهرات في بعض المدن.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فما سر أن تُجمع مختلف الدول بمختلف ثقافاتها على أن يكون يوم عيد العمال هو الـ 1 من مايو وليس يوماً آخر؟ ولمن يرجع الفضل في أول احتفال بيوم العمال العالمي شهده العالم؟
لماذا سمي عيد العمال؟
عيد العمال هو مناسبة تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر اشترك فيها عمال العديد من دول العالم في النضال وراء حقوقهم البسيطة في وضع قوانين عمل إنسانية وتحديد مواعيد وساعات العمل، حيث كان من قبل الوضع شبه استعبادي للعمال، وصحيح أننا اليوم نحتفل جميعاً بعيد العمال كعيداً للقوى العاملة بمختلف فئاتها ووظائفها إلا أن هذا العيد بدأ كمناسبة خاصة بعمال المصانع الذين ثاروا على الظلم والظروف الغير أدمية وتظاهروا في مختلف بقاع الأرض لنيل أبسط حقوقهم، سواء بدأت من شيكاغو في أمريكا كما هو شائع أو بدأها عمال أستراليا فما يهم أن عيد العمال مسمى طبيعي لنتاج سنوات من النضال لعمال العالم للوصول إلى قوانين تنظيم العمل التي نعمل بها حالياً ولولا هذا التاريخ المُشرف من النضال العمالي لكان أي فرد من القوى العاملة في أي بلد يعمل الآن بدون حقوق واضحة وبدون حد أقصى لساعات العمل.
لماذا 1 مايو عيد العمال؟
خرجت فكرة عيد العمال من رحم معاناة ظلت لقرون من الزمن لقي فيها عمال المصانع في أمريكا وأوروبا في عصورها المظلمة أسوأ معاملة من أرباب العمل لا نُبالغ لو وصفناها بأنها أشبه بعبودية مدفوعة الأجر لكنه حتى أجر لا يستحق كل العناء الذي كان يتحمله العامل فبالكاد كانت أجور العمال حينها تُكفي ثمن طعماهم هم وأسرهم ومن أردأ وأرخص أنواع الطعام، ففي كل عام يُخلد عيد العمال العالمي ذكرى لنضال الطبقة العاملة لعقود طويلة مهدت لنا الطريق نحو حياة كريمة وأوضاع إنسانية ننعم بها الآن.
وهناك اختلاف حول الشرارة الحقيقية لبداية النضال العمالي الذي أدى إلى تخصيص يوم الأول من مايو للاحتفال بالعمال وقيمة العمل، حيث يُرجع البعض سبب اختيار 1 مايو عيداً للعمال إلى الثاني من أكتوبر عام 1884 اليوم الذي تم فيه لأول مرة تحديد الحد الأقصى لساعات العمل اليومية بـ 8 ساعات وهو القانون الذي يعمل به العالم الآن، حيث اجتمع الاتحاد الوطني الأمريكي لنقابات العمال والتجار وحددوا الأول من مايو لعام 1886 بداية العمل لمدة 8 ساعات فقط، وهو ما أغضب بالطبع أصحاب المصانع وأرباب العمل وقُبل بالتعنت والرفض منهم، فما كان من نقابات العمال الأمريكية مع اقتراب الأول من مايو لعام 1886 أن تقوم بتنظيم إضراب عام لدعم تحديد ساعات العمل بـ 8 ساعات فقط، وبالفعل بدأ العمال في إضراب عام بداية من يوم 1 مايو 1886 في جميع المدن الأمريكية بالإضافة إلى مشاركة آلاف العمال في مسيرات منادية بتحديد 8 ساعات للعمل فقط دون خصم أو اقتطاع شيء من الأجور.
وقابلت الحكومة الأمريكية هذا الحراك العمالي بعنف شديد ضد المتظاهرين من العمال المضربين عن العمل فاعتقلت بعضهم وتعدت على البعض الآخر، إلى أن احتدت الأمور في يوم الرابع من مايو لعام الانتفاضة العمالية انتهكت السلطات الأمريكية حقوق العمال في واحدة من أشهر الحوادث التي شهدها تاريخ النضال العمالي تُعرف بحادثة هايماركت؛ حين انفجرت قنبلة يدوية الصنع بين حشود العمال والشرطة التي تُحاول فض تجمعهم مما أدى إلى سقوط نحو 12 قتيل من بينهم أفراد من الشرطة الأمريكية التي قابلت هذا التفجير بحملات اعتقال كبيرة للعمال من مشكوك به ومن ليس له دخل، وتم الحكم على 7 من العمال بالإعدام، وتضامن مع حادثة هايماركت العديد من النقابات والحركات العمالية في أوروبا وتجاوزت الشرارة أمريكا وأشعلت نيران الثورة العمالية في كل مكان بحشود من المتظاهرين.
وفي عام 1890 أعلن مجلس النواب الاشتراكيين الدولي خلال مؤتمره الأول أن يوم 1 مايو حدث سنوي عالمي، وتبعته في العام 1904 دعوة لعدم العمل في يوم الأول من مايو خلال اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام ومن هذه المحاولة تحول يوم العمال عطلة رسمية في العديد من دول العالم، فيما باركت الكنيسة الكاثوليكية في عام 1955 يوم 1 مايو عيداً للعمال.