عندما تُغضب ملكة جمال بنات جنسها!
أثارت تغريدات لشابة تحمل لقب ملكة جمال المغرب، جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي. كلمات كتبتها ابتسام مومني دفاعا عن الفنان المغربي سعد المجرد، بعد تعرضه لحملة افتراضية كبيرة، تدعو لعدم إقامة حفل فني له كان مقررا الشهر المقبل بمصر، شنتها ناشطات مصريات، على خلفية متابعة الفنان المغربي في قضايا تحرش واغتصاب لم تتم تبرئته منها بعد.
تصريحات ابتسام مومني أثارت ردود فعل غاضبة في مصر، إذ أنها وصفت المرأة المصرية بـ "شبيهة الرجال". فقد كتبت على حسابها على انستغرام "يعني إنتو مفكرين الفنان سعد لمجرد رح ينزل الحفل يتحرش ببناتكم وهم مثل الرجال؟".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ليتحول الموضوع من تضامن مع فنان إلى "إساءة" رفضها المصريون وشنوا ضدها حملة رد اعتبار، كما تفاعل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة أيضا مع المسألة وأبدى عدد كبير منهم رفضه الإساءة لنساء مصريات.
وفي تصريحات لابتسام مومني لموقع DW عربية، أوضحت أن دفاعها عن سعد لمجرد يأتي لكونه "فنانا مغربيا وعربيا وعالميا، وأنه متهم بريء إلى أن تثبت إدانته". معتبرة أن "قرار الحملة كان خاطئا، إذ خلط بين الفن والأمور الشخصية".
وفي تعليقها على تفاعل رواد مواقع تواصل مصريين مع الموضوع وانزعاجهم الشديد من الوصف الذي استعملته اتجاه النساء المصريات، عقبت ابتسام مومني بالقول "إن مصر بلد شقيق وعزيز هو ونساؤه علي قلوبنا، وكلامي لم يكن عاماً، بل قصدت به من شنوا الحملة ضد الفنان سعد لمجرد، واتهموه بأشياء لم يحكم القضاء بعد بكونه قد ارتكبها فعلا"، حسب تعبيرها.
جميلات عربيات مسيئات للمرأة
ابتسام مومني ليست أولى مشاهير العالم العربي من النساء اللواتي يقمن بخرجات إعلامية تصنف في خانة المسيئة للمرأة، إذ تابع الجمهور العربي أمثلة أخرى لملكات جمال أدلين بتصريحات مسيئة لبنات جنسهن وتسببن في ردود فعل رافضة.
فقد أثارت ملكة جمال لبنان السابقة، الممثلة نادين نسيب نجيم الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي سنة 2016، بعد انتشار فيديو ظهرت فيه على قناة "المستقبل" اللبنانية، تعبر فيه عن موقفها اتجاه ممارسة الجنس قبل الزواج. وأوضحت حينها أنها ستسمح لابنها بعلاقة جنسية قبل الزواج بل ستشجعه كي ينضح، لكنها ستمنع ذلك عن ابنتها، قائلة إن "ما ينطبق على الفتاة لا ينطبق على الرجل".
تلت تصريحات الفنانة اللبنانية، حملة شنها ناشطون وناشطات داخل البلد، معتبرين أن تصريحاتها تكرّس التمييز بين النساء والرجال في المجتمع، وتبرّر القمع الذي تتعرض له النساء في لبنان، والذي يصل أحياناً إلى حدّ القتل، تحت ذريعة "الشرف".
وانطلقت حملة مشابهة ضدّ نجوى كرم في السنة نفسها، عندما قالت في لقاء تلفزيوني على قناة MBC، إن "المساواة بين المرأة والرجل تفقد الرجل سيادته، وأن وراء كل رجل عظيم امرأة، لكن ليس أمامه". تصريح أغضب محبي النجمة اللبنانية ذات الصيت الذائع بالعالم العربي، وأشعل فتيل الانتقادات ضدها.
الجمال ليس شكلا فقط!
مثل هذه الخرجات الإعلامية للحاصلات على ألقاب ملكات الجمال في العالم العربي أو المنتسبات لعالم الفن عموما، تثير نقاشا حول المعايير التي يتم أخذها بعين الاعتبار في مرحلة الانتقاء والتتويج. فغالبا ما يطرح نقاش حول هيمنة الجوانب الجمالية من الناحية الشكلية على حساب البعد الثقافي والوعي والقيم التي يفترض أن تشكل ركنا أساسيا من جمالية شخصية المشاركات أو حاملات الألقاب
في هذا الصدد، اعتبرت فوزية الحرشاوي، الحاملة للقب ملكة جمال مهرجان حب الملوك المغربي لسنة 2015، في تصريحات لـ DW عربية، أن مسابقات الجمال في المغرب والعالم العربي عموما، "يهيمن فيها الشكل والجمال الخارجي على اختيار المتوجات"، معتبرة أن "المسابقات في المغرب تشارك بها فتيات جميلات جدا على مستوى الشكل، لكن المستوى الثقافي يكون متواضعا في غالب الأحيان"، حسب تعبيرها.
فوزية الحرشاوي التي تشغل منصب عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (يسار) المغربي، أكدت أن مشاركتها في مسابقة ملكة جمال حب الملوك، "كانت بتشجيع من الأصدقاء ومن أجل اكتشاف هذا المجال عن قرب. خاصة أنه مهرجان مغربي عريق صنفته اليونسكو تراثا ثقافيا لا ماديا عالميا". واستنتجت الحرشاوي بعد هذه المشاركة أن "مجال مسابقات الجمال بالمغرب مزال غير منظم عكس الدول المتقدمة، ويحتاج عملا دؤوبا من أجل النهوض به"، حسب تعبيرها.
وتضيف السياسية المغربية الشابة، "تتويجي سنة 2015 بلقب ملكة جمال حب الملوك، كان مفاجئا وتم ربطه بعملي السياسي، إذ كان الأمر صادما وغريبا على المجتمع، وكان الأمر سببا في إثارة نقاش حول ضرورة إضافة المستوى الثقافي لمعايير الاختيار ضمن هذه المسابقات في المغرب"، تضيف الحرشاوي.
وواصلت فوزية الحرشاوي حديثها قائلة "أتأسف عندما أرى الفراغ الفكري مستشريا ضمن المتسابقات في هذا المجال، وأظن أن على المنظمين الانتباه لمواكبة هذه الفتيات ليكنّ نموذجا يمثل البلد داخليا وخارجيا أحسن تمثيل. كما يجب الحرص على توعيتهن على أساس ألا يقتصر الحلم على لقب أو مسيرة في مسابقات الجمال والألقاب، بل على مستقبل امرأة نموذجية واعية ومثقفة ومستقلة".
لقب الجمال.. ماذا بعد؟
ويلاحظ متتبعون بأن برامج تأهيل المرشحات لنيل ألقاب ملكات الجمال في المجالات الثقافية والحقوقية في العالم العربي، لا تحتل مركز اهتمام ضمن مخططات وبرمجة هذا النوع من المسابقات. وفي هذا الصدد، ترى فوزية الحرشاوي أن "مواكبة الشابات اللواتي يردن رسم مستقبل في هذا المجال تبقى ضرورة حتمية، حتى لا يتم استغلالهن بطريقة سلبية".
وشددت الحرشاوي على ضرورة الاهتمام بتكوين المرشحات للقب ملكة جمال في أفق "جعلهن نساءاً خارج سرب التفكير الجماعي الرجعي، الذي يجعل من الجمال الخارجي المعيار الوحيد في التتويج. وأن يتجاوزن النظرة الشكلية للمرأة التي تحط من قيمتها كإنسان، لكونهن يصبحن صوتا يتحدث بلسان نساء بلدا برمته".
وحول العلاقة بين معايير الجمال وحقوق المرأة ترى حاملة لقب ملكة جمال المغربية(2015) أن إهمال الجانب القيمي والحقوقي"تضرب حقوق المرأة وكرامتها في الصميم، وتعود بنساء المغرب، اللواتي قطعن أشواطا في الدفاع عن حقوقهن وحرياتهن وانتزاع احترام المجتمع ككل، خطوات إلى الخلف". مذكرة أن "القوانين المغربية في هذا الجانب قد تطورت بشكل كبير، ولا يزال أمامنا سوى كيفية تطبيقها على أرض الواقع وكيفية جعل المجتمع يتبناها".
الكاتبة: ماجدة بوعزة