"طيور الشمس"- درّاجون بساق واحدة في غزة يلهمون الآخرين
علاء الدالي، أحد راكبي الدراجات من ذوي الهمم، حيث فقد إحدى ساقيه نتيجة إطلاق نار قناص إسرائيلي، يروي تجربته المؤلمة لـ DW. ويتذكر جيدا اليوم الذي أصيب فيه برصاصة خلال مسيرات الاحتجاج في غزة في مارس/آذار 2018، حيث قال: "كنت أرتدي قميص ركوب الدراجات وكانت معي دراجتي". وأضاف أنه كان على بعد 300 متر من السياج عندما أصيب.
ذهب علاء الدالي خصيصا للاحتجاج بعد رفض السلطات الإسرائيلية طلباته لمغادرة غزة، الشريط الضيق من الأرض الذي يبلغ طوله 41 كيلومترا (46 ميلا) وعرضه 12 كيلومترا، بغرض المنافسة كدراج في مصر والجزائر وأماكن أخرى. يتذكر اليوم الذي أصيب فيه برصاصة خلال مسيرات الاحتجاج، حيث يقول: "كنت على بعد 300 متر من السياج، ممسكا بدراجتي في إحدى يدي، وأصبت برصاصة في ساقي. نظرت إلى الأسفل وكان الدخان يتصاعد منها".
بعد الحادث، سأله الأطباء عما إذا كان قد أصيب برصاصة أم بقنبلة. وأضاف: "لا يوجد الكثير من المضادات الحيوية أو المعدات الجراحية في غزة". وبعد ثمانية أو تسعة أيام، أعطاه الأطباء خيارا صعبا: إما أن يحتفظ بساقه أو أن ينقذ حياته.
كانت تلك بداية رحلة طويلة وشاقة بالنسبة للعضو السابق في فريق الدراجات الفلسطيني، لكنه عاد إلى ركوب الدراجة وأصبح أيضا أحد مؤسسي فريق "طيور الشمس في غزة". يقول: "جاءت فكرة هذا الفريق من لقاء أشخاص بترت أرجلهم في غزة. لقد وُلدت الفكرة من رغبتنا في تمثيل فلسطين وأن نكون مثل طائر حر. عندما تعيش في غزة، فإنك تتعرض للحصار من جميع الاتجاهات، لذا فهي بالنسبة لنا رمز للحرية".
رحلة راكبي الدراجات في غزة
قال كريم علي، أحد مؤسسي منظمة "طيور الشمس" ومديرها، إن هناك 25 راكبا تتراوح أعمارهم بين 12 و49 عاما. "كنا ننظم خمس حصص أسبوعيا، وكان الهدف هو تمكين الأفراد من استعادة حركتهم وامتلاك روايتهم الخاصة من خلال ركوب الدراجات".
لكن بعد أن شنت حركة حماس هجوما على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص، وتبع ذلك رد عسكري إسرائيلي، لم يعد بإمكان الراكبين مواصلة تدريباتهم في غزة. فقد دمرت القنابل المنطقة التي يسكنها أكثر من مليوني شخص، مما أدى إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وإصابة الكثيرين، وتشريد آخرين.
وأضاف علي أن المنظمة في البداية ركزت على المتاجر الكبرى والمستودعات التي تعرضت للقصف، حيث كان الطعام يضيع. ثم انتقلوا إلى التعامل مباشرة مع المزارعين. وأوضح: "عندما غزت إسرائيل النصف الجنوبي من غزة، لم يتمكن المزارعون من جمع خضرواتهم".
إن محاولة العمل في غزة أمر بالغ الصعوبة. وواصل كريم حديثه قائلا: "يتعرض الفريق للقصف، والمناطق الآمنة تتعرض للهجوم. اضطررنا إلى الانتقال بعد غزو رفح". كما أن هناك أزمة كهرباء في غزة تؤثر أيضًا على الإنترنت. فقال: "من الصعب التواصل، وهناك موجة مستمرة من النزوح. هناك ثقب أسود في الخدمات اللوجستية، وثقب أسود في الحياة".
على الرغم من كل التحديات، فإن منظمة "طيور الشمس"، التي تعتمد على التبرعات وأقامت أيضا شراكات مع منظمات أخرى، أحدثت فرقا. ووفقا للمنظمة، فقد وزعت مساعدات بقيمة حوالي 300 ألف دولار (269 ألف يورو). ويشمل ذلك 72 ألف كيلوغرام من الغذاء، و7000 وجبة ساخنة، وأكثر من 225 مأوى، على الرغم من أن بعض الخيام التي تم طلبها لا تزال عالقة في مصر.
رحلة المعرفة حول العالم
بينما لجأ فريق "طيور الشمس" إلى توزيع المساعدات على زملائهم الفلسطينيين في ظل الظروف الصعبة، لا يزال علاء الدالي يطمح إلى المنافسة على المستوى الدولي. قال كريم: "قررنا أن لدينا فرصة أخيرة للمشاركة في الألعاب البارالمبية، وكان ذلك من خلال تقديم طلب للحصول على بطاقة جامحة".
"كنا نعلم أن هناك فرصة بنسبة 5% للفوز، لكننا اعتقدنا أننا نستطيع التغلب على كل عقبة، ثم الانتقال إلى العقبة التالية. لقد كان مجرد التمكن من التقدم بطلب للحصول على البطاقة إنجازًا بحد ذاته".
على الرغم من عدم نجاح الطلب، لا تزال الرغبة مشتعلة بقوة. وأضاف علي: "الألعاب البارالمبية هي نجم الشمال بالنسبة لنا وستظل كذلك دائمًا. ترقبونا في عامي 2028 و2032".
من باريس إلى زيوريخ
وقال علي: "الحقيقة هي أن علاء سيواجه أفضل اللاعبين، أشخاصًا يتدربون منذ ثلاث أو أربع سنوات ولا يفعلون شيئًا سوى التدريب".
علاوة على ذلك، ستقام بطولة العالم في زيوريخ من 21 إلى 29 سبتمبر/أيلول، حيث سيتنافس الدالي. الوصول إلى المراكز الخمسة عشر أو العشرين الأولى سيكون بمثابة نجاح هائل.
رغم أن الدالي أصبح الآن أكثر لياقة مما كان عليه في أي وقت مضى، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات لا يواجهها كثيرون غيره. وأضاف علي: "حصلنا على تأشيراتنا في اللحظة الأخيرة. كما تعلمون، نحن دائمًا في انتظار طلبات التأشيرة والتمديد".
"نحن نعاني من نقص حاد في الاستقرار، وليس لدينا قاعدة رئيسية ولا مكان نذهب إليه بين المواسم والمسابقات. السباق لا يتوقف بالنسبة لنا".
كما أن هناك نقصا في الاستقرار والأمان للعائلة والأصدقاء في الأراضي الفلسطينية، وهو ما يشغل بال الدالي دائما. ولكن هذا أيضا يحفزه على الاستمرار.
وقال الدالي: "لن نحصل على ميدالية، لكننا سنظهر ونثبت قوة ما نقوم به". "يتطلب الأمر أمة لتطوير رياضي، لكن أمتنا ممزقة وتتعرض للهجوم وليس لديها أموال. لكننا نحظى بالحب من فلسطين ومن كل مكان في العالم".
أعدته للعربية: ندى فاروق