طومان باي آخر سلاطين المماليك: حارب ببسالة والخيانة هزمته
من طفل صغير يختطفه الجود ليصبح رقيقاً مملوكاً إلى حاكم على ملايين الأحرار، حارب ببسالة وشجاعة لكن الخيانة هزمته قبل أن تهزمه المدافع، شُنق وبقيت جثته معلقة لثلاث ليال، إنه طومان باي آخر سلاطين المماليك، نتعرف على قصته اليوم في السطور التالية.
طومان باي وقنصوة الغوري:
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يرجح المؤرخون أن أصله جركسي، اشتراه الأمير قنصوة الغوري ورعاه. وميزه عن غيره من الرقيق بسبب ما ظهر عليه من علامات النبوغ والتميز.
عندما شب طومان باي أخذه قنصوة الغوري إلى السلطان الأشرف قايتباي، الذي أمر أن يلتحق طومان باي بالطباق وهي شكل من أشكال المدارس العسكرية في هذا الوقت.
في طباق القلعة تعلم الكتابة وفنون الحرب، وبرع في فنون الخطّ، وحفظ القرآن، وتعلّم الشرع، وفنون الحرب من ضرب السيف ورمي السهم والفروسية. كان مولعاً بركوب الفرس بدون سرج، ولعب الكرة على ظهور الخيل، يضربها بالصولجان. وكان فارساً لا يشق له غبار.
تعلّم وتثقف وتهذّب في الطبق، ثم أُعتِق مع أترابه من المماليك، وظلّ لمدة عشرين عاماً يترقّى في المناصب.
أمير العشرة:
عندما تولى السلطنة قنصوه الغوري، رقاه إلى رتبة أمير العشرة، فأصبح تحت إمرته عشرة مماليك على الأقل، وما لايقل عن ألف جندي. وظل يترقى في المناصب بعدها.
نائب الغيبة:
عند سفر قنصوة الغوري لمحاربة العثمانيين في الشام، أضاف إليه منصب نائب الغيبة والذي يقوم مقام السلطان خلال غيبته عن البلاد، وأثبت أنه على مستوى المسؤولية.
مرج دابق:
هُزِم قُنصُوَة الغوري هزيمة نكراء في معركة مرج دابق أمام جيوش السلطان سليم الأول، طويت رايته وأسلم الروح. عُرضت السلطنة على طومان من قبل أمراء المماليك، الذين لم يخرجوا مع الغوري في حربه ضدّ العثمانيين. فقالوا لطومان باي: "وما عندنا سلطان إلا أنت".
امتنع طومان باي في البداية، خشية غدر المماليك، واعتيادهم على العصيان، فقد تمنّع طومان باي عن قبول السلطنة مدة خمسين يوماً، إلا أنّه قبلها بعد ذلك، تحت ضغط رجال الدين في مصر.
مبايعة طومان باي:
بويع طومان باي بالسلطنة يوم الجمعة 11 تشرين الأول (أكتوبر) 1516، لم يجد طومان باي في الخزينة مالاً. ولم يعد بمقدوره أن ينفق على الجند، امتنع الفلاحون بعد الهزيمة عن دفع الضرائب. أراد أن يذهب لقتال العثمانيين في الصحراء، ألا ينتظر قدومهم إلى مصر، لكنه أُجبر على انتظار مجيء العثمانيين الذين لم يجدوا مقاومة في زحفهم على مصر.
الخيانة:
كانت المدافع مع جيشه قليلة لم تتعدّ المئة، بينما زحف العثمانيون ومعهم حوالي ستمئة مدفع، كما تعرض للخيانة فقد قام أحد رجاله بطمر المدافع بالرمال مدعيا أن ذلك إمعانا في إخفائها.
هجم طومان باي بنفسه، قصد معه شجعان المماليك إلى معسكر سليم، فوقعت موقعة مهولة أبدى فيها شجاعة هائلة. وعلى الرغم من هذا فقد انهزم في معركة الريدانية ودخل العثمانيون القاهرة يوم الجمعة 30 من ذي الحجة سنة 922 هـ الموافق 23 يناير 1517 م.
النهاية:
وفي يوم الاثنين 21 ربيع الأول سنة 923 هـ الموافق 23 أبريل 1517 م أمر السلطان سليم بأن يعبروا بطومان باي إلى القاهرة، حتى وصلوا إلى باب زويلة، حيث شُنق أمام الناس، وبقي مصلوباً ثلاثة أيام ثم أنزل ودفن خلف مدرسة الغوري.
أطلق المصريون على هذه البوابة بوابة المُتولي، تكريماً لطومان باي، الذي كان يحمل هذا اللقب أيام كان قائماً بأعمال السلطان الغوري.
وبموت طومان باي انتهت دولة المماليك في مصر وسقطت الخلافة العباسية وأصبحت مصر ولاية عثمانية.