طريقا البلقان وشرق المتوسط .. عودة الأضواء إلى مسارات خطرة للهجرة
يتصاعد القلق في أوروبا وعلى وجه الخصوص دول جنوب أوروبا المطلة على البحر المتوسط مع ورود تقارير مختلفة عن تزايد أعداد من يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة شديدة الخطورة للوصول إلى السواحل الأوروبية. وكان الأكثر مدعاة للقلق هو عودة طرق ومسارات للعمل بشكل فعال إلى جانب طرق جديدة بدأ مهربوا البشر في اللجوء إليها.
على سبيل المثال، شهدت اليونان زيادة في حركة المهاجرين هذا العام، إذ يسلك المهربون في كثير من الأحيان أطول وأخطر طريق في جنوب البلاد. ولم تعد القوارب المتهالكة تبحر من تركيا بل من لبنان للالتفاف على الدوريات في بحر إيجه ومحاولة الوصول إلى إيطاليا. وقال خفر السواحل اليوناني إنه أنقذ حوالي 1500 شخص في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، مقابل أقل من 600 في 2021.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
والعبور الخطير لبضعة أميال بحرية بين السواحل التركية في بحر إيجه في شرق البحر الأبيض المتوسط، والجزر اليونانية بوابة الاتحاد الأوروبي، يتسبب في فقدان أرواح الكثير من المهاجرين واللاجئين في محاولتهم الفرار من الحروب والبؤس.
وغالبا ما تحمل القوارب والزوارق التي تقل المهاجرين أعداداً أكبر من حمولتها المصرح بها إضافة الى سوء حالتها بوجه عام وافتقادها لوسائل الأمان والإنقاذ ما يجعلها أشبه بمقبرة متحركة ورغم ذلك يقدم عدد غير قليل على المخاطرة بأرواحهم للوصول الى الشواطئ الأوروبية.
يذكر أنه في عام 2021 سجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكثر من ثلاثة آلاف حالة وفاة في البحر المتوسط خلال هذا العام وحده. ومنذ كانون الثاني/يناير 2022، لقي 64 شخصًا حتفهم أثناء محاولتهم العبور إلى أوروبا من السواحل التركية القريبة، مقابل 111 في العام 2021 بأكمله، حسب بيانات منظمة الهجرة الدولية.
مسار شرق المتوسط.. مصدر قلق متجدد
انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار غرق العشرات من المهاجرين الذين كانوا يستقلون قوارب انطلقت من لبنان وفي أحيان أخرى من سوريا وهو ما عرف باسم مسار شرق المتوسط، الأمر الذي أثار مزيد من القلق لدى الدول الأوروبية.
يقول محمد الكاشف الباحث والاستشاري في مجال الهجرة واللجوء بمنظمة Migreurop إن هذا المسار كان قد توقف لفترة ولم يكن عليه رقابة لكن الأمن السوري مؤخراً وبشكل ما قرر قبل عامين وبدلاً من القبضة الحديدية المفروضة على هذا المسار أن يرفع يده عن الحدود البحرية
وأضاف الكاشف: "ومع عملي في Watch the Med كنا نتلقى اتصالات على فترات متباعدة بوجود رحلات تمر من نيقوسيا (قبرص) غرب الساحل السوري ولم يكن الاتحاد الأوروبي يهتم كثيراً بالأمر لانخفاض الأعداد وقتها لكن مع تصاعد وتيرة وصول المهاجرين بدأ القلق الأوروبي يتزايد.
يذكر أن وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس قال في سبتمبر/أيلول من هذا العام إن سلطات بلاده تمكنت من إعادة 3500 مهاجر غير نظامي في النصف الأول من عام 2022، ما يجعل قبرص الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد المهاجرين الذين تمت إعادتهم مقارنة بعدد سكانها، وأشار إلى أنه خلال الأشهر الستة نفسها، بلغ عدد طالبي اللجوء الوافدين 12 ألفا، ما يمثل رقماً قياسياً، حيث أنه يعادل العدد المسجل في العام الماضي بأكمله.
يضيف الكاشف أن شبكات التهريب التي عادت لاستخدام هذا المسار ضاعفت من إمكانياتها بشكل كبير ما أدى لتزايد الاعداد المارة من هذا المسار مشيراً لتصاعد الأعداد القادمة من لبنان على وجه الخصوص منذ واقعة انفجار ميناء بيروت، في الوقت الذي لم تتطور فيه إمكانيات الأجهزة الأمنية في كل من سوريا ولبنان بالقدر نفسه إضافة لافتقاد تلك الأجهزة للخبرات الكافية للتعامل مع الأمر.
مسار البلقان.. ابتعاد الأضواء يسمح بالانتهاكات
منذ اندلاع أزمة الهجرة واللجوء في 2015 كان طريق غرب البلقان أحد أهم المحاور المستخدمة للعبور إلى الاتحاد الاوروبي. هذا المسار شهد فترات صعود وهبوط ولم تتوقف موجات المهاجرين عن استخدامه، وأخذت أعداد العابرين لهذا المسار بالارتفاع، وسجّل المهاجرون الأفغان النسب الأعلى، لتعود الأضواء مؤخراً لتسلط على هذا المسار مجدداً بعد انحسارها عنه لفترة من الزمن.
يقول محمد الكاشف الخبير في ملف الهجرة واللجوء إن "مسار البلقان لم يغلق فعلياً لكن عين الميديا نامت عنه قليلاً رغم الحراسات وعمل فرونتكس من تركيا لبلغاريا عبر البر أو تركيا ثم اليونان عبر الجزر ومنها لطريق البلقان". وأضاف الكاشف أن اعداد التي كانت تستخدم هذا المسار قلت الى حد ما من آلاف إلى عشرات فكان الأمر لا يمثل ظاهرة وكل العيون كانت متركزة على البحر المتوسط والأوضاع في ليبيا وخط وسط البحر المتوسط خاصة مع وجود سفن الإنقاذ الأوروبية والتغطية الإعلامية لعملها.
وقال إنه في الوقت الحالي بدأت الأعداد التي تستخدم هذا المسار تتزايد مؤكدا أن ابتعاد الإعلام عن تغطية ما يحدث في هذا المسار أمر ضار للغاية بالمهاجرين خاصة وأنهم يتعرضون لانتهاكات شديدة ولا يعرف عنها أحد ومنها أزمة المهاجرين على حدود بيلاروسيا وأغلبهم من دول ليست أوروبية كأفغانستان والعراق على الرغم فتح حدود الكثير من الدول للقادمين من أوكرانيا
ويضيف الكاشف أن هذه المناطق التي يمر بها مسار البلقان تحفل بأماكن احتجاز ضخمة لأشخاص غير أوكرانيين أو غير أوروبيين والذين لا يتم التسامح معهم أبدا، بل إن حتى الطلبة العرب وغير الأوروبيين فضلوا العودة لبلادهم ليأسهم من إمكانية استقبالهم في دول أوروبا لاستكمال دراساتهم بعد ما وجدوه من تعنت شديد معهم في مقابل تساهل شديد مع اللاجئين الأوكرانيين.