طرفا الصراع في السودان يستخدمان الجوع كسلاح في حرب طاحنة

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الأربعاء، 28 أغسطس 2024
مقالات ذات صلة
موت خفافيش أستراليا بسبب الجوع
لماذا يشعر بعض الناس بالجوع طول الوقت
معركة طاحنة بالأيدي بين لاعب وحكم في مباراة إفريقية

لم تسفر محادثات السلام لوضع حد للحرب الأهلية في السودان عن نتائج تذكر مؤخراً، إذ ما تزال الأزمة الإنسانية المتفشية في البلاد تشكل أكبر أزمة نزوح في العالم مع نزوح ما يقرب من 11 مليون سوداني داخل البلد وفرار نحو 2.3 مليون شخص إلى خارجه.

بدأ الصراع في أبريل/ نيسان 2023 كصراع على السلطة بين "قوات الدعم السريع" ، وهي مجموعة شبه عسكرية والجيش السوداني للسيطرة على الدولة ومواردها، فكانت نتيجتها فظائع لا تُحصى في حق المدنيين وتفاقم المجاعة بشكل يهدد حياة السودانيين.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

التجويع كسلاح حرب

في الوقت ذاته، أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات في الأسابيع الأخيرة إلى تفاقم الوضع، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية. ففي الشهر الماضي فقط، أسفرت المعارك العنيفة في مدينة الفاشر بدارفور وولاية سنار عن نزوح أكثر من 700 ألف شخص، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.

بعد أن كانت السودان تُعرف ذات يوم بأنها "سلة خبز عالمية"، أصبحت الآن على شفا المجاعة، حيث تُتهم كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية باستخدام الجوع كسلاح في الحرب. في هذا السياق وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو في حديثه لصحيفة "الغارديان"، كلا الجانبين بـ "الجبن" بسبب استمرار استخدامهما لاستراتيجيات مثل هذه.

وقال بيرييلو للصحيفة البريطانية: "من المثير للصدمة أن نرى الافتقار إلى الشجاعة والشرف، خاصة عندما يكون هناك أشخاص لا يبدو أنهم يريدون القتال عسكريًا، بل يفضلون استخدام النساء والأطفال الذين يتضورون جوعًا كأداة ضغط."

في الشهر الماضي، أكد خبراء عالميون أن المجاعة في مخيم كبير للنازحين في دارفور قد تطورت إلى حالة مجاعة شاملة. وحذر خبراء من لجنة مراجعة المجاعة من أن أكثر من 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، سيواجهون جوعًا حادًا نتيجةً للصراع. هذا الوضع كان أحد الأسباب وراء فرار العديد من اللاجئين السودانيين إلى البلدان المجاورة. ومع ذلك، تواجه هذه الدول أيضًا تحدياتها الخاصة بسبب قدرتها ومواردها المحدودة لاستضافة أعداد كبير من اللاجئين، خاصة في ظل عجز الدعم الدولي عن تلبية الاحتياجات الأساسية.

نقطة انهيار كارثية ومدمرة

في هذا الإطار قال عثمان بلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، إن الظروف ستزداد سوءًا إذا استمرت الحرب واستمرت القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية. وحذر بلبيسي من أنه "بدون استجابة عالمية فورية وواسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بمشاهدة عشرات الآلاف من الوفيات التي لا يمكن تجنبها في الأشهر المقبلة"، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي يشكّل "نقطة انهيار كارثية."

بدوره قال محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، الثلاثاء الماضي، "إن 73 ألف شخص في 11 ولاية من أصل 18 ولاية في السودان تأثروا أيضًا بالفيضانات الموسمية". وأوضح رفعت أن "الأسر تفقد آخر ما تبقى لديها من ممتلكات، حيث جرفت الفيضانات البنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية الضرورية."

في أثناء ذلك تواصل الولايات المتحدة محادثاتها في جنيف لوقف إطلاق النار في السودان، رغم أن الأطراف المتنازعة لم تلتزم بعد بالشروط المتفق عليها.

وتُعقد آمال كبيرة على محادثات السلام التي تسعى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى رعايتها، بمشاركة هيئات أخرى مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي كمراقبين. ومع ذلك، أعربت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، عن أملها في أن تفضي هذه المحادثات إلى اتفاقات تتيح فتح قنوات المساعدات الإنسانية وتوفير الدعم للمجتمعات الضعيفة المتزايدة في السودان. في هذا السياق دعت سبولياريتش إلى "اتخاذ خطوات إنسانية ملموسة تسهم في بناء الثقة وإزالة بعض العقبات الفورية التي تعيق التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، في ظل استمرار النزوح الواسع النطاق.

سياسات أوروبية تفاقم أزمة السودان

في المقابل، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأوروبية بالتواطؤ في الأزمة المتفاقمة، مشيرةً إلى أن السلطات في مختلف دول الاتحاد الأوروبي تُعطي الأولوية لاتفاقيات مراقبة الهجرة مع حكومات شمال إفريقيا على حساب تقديم الدعم الإنساني اللازم للاجئين السودانيين. كما ساهمت سياسات مثل قانون الهجرة غير النظامية في المملكة المتحدة في تفاقم الوضع، من خلال تقليص الوصول إلى اللجوء والاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الهجرة في مناطق ذات سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان.

تُشير تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى زيادة قدرها حوالي ستة أضعاف في عدد اللاجئين السودانيين الذين يصلون إلى أوروبا، حيث وصل 6000 شخص إلى إيطاليا عبر تونس وليبيا في عام 2023. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، لا يزال السودانيون يمثلون نسبة صغيرة من جميع الوافدين.

وفي تونس، ارتفعت أعداد اللاجئين السودانيين من 513 شخصًا في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي إلى 5866 شخصًا بحلول ديسمبر/ كانون الأول، بينما شهدت ليبيا زيادة قدرها 10,000 شخص بين مارس/ آذار وديسمبر/ كانون الثاني 2023.

ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، استخدمت السلطات المصرية قوات الأمن الممولة من الاتحاد الأوروبي لترحيل حوالي 800 لاجئ سوداني قسريًا بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار 2024، مما حرمهم من فرصة طلب اللجوء في البلاد. كما ساهمت حملة الاعتقالات الجماعية في المدن المصرية مثل القاهرة والجيزة وأسوان في خلق أجواء من الخوف الواسع النطاق داخل مجتمع اللاجئين السودانيين.

ويوجد حاليًا أكثر من مليون لاجئ سوداني في تشاد التي تعاني من نقص حاد في الموارد بسبب عدم الاستقرار. يواجه هؤلاء اللاجئون صعوبات كبيرة منها الجوع والمرض ونقص المأوى.

حاجة عاجلة إلى المساعدات الإنسانية

يواجه السودان نقصًا كبيرًا في المساعدات الإنسانية بسبب قلة التمويل وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة. فقد تلقت المنظمة الدولية للهجرة 21 بالمئة فقط من التمويل المطلوب لتقديم الدعم للسكان السودانيين، ما يكشف حجم النقص الحاد في الدعم الدولي.

وحذر فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أن الأزمة في السودان قد تتفاقم في الأشهر المقبلة إذا استمر القتال وظلت القيود على وصول المساعدات الإنسانية قائمة. وفي أبريل/ نيسان، قال غراندي لوكالة رويترز: "أدعو إلى تقديم المزيد من الدعم للنازحين في السودان أو في الدول المجاورة مباشرة، لأن عدم القيام بذلك قد يتسبب في تحولهم إلى لاجئين على طرق الهجرة."

نتاشا ميليرش مهاجر نيوز 2024

أعدته للعربية: ندى فاروق