طبيب الفقراء أبو القاسم الزهراوي

  • تاريخ النشر: الإثنين، 21 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
الدكتور محمد غنيم.. طبيب الفقراء رحلة 40 عامًا من العطاء
نجوى قاسم
كريم قاسم

كان للأطباء والفلاسفة المسلمين دور هام في مجال العلوم الطبية، ولكن يعد أبو القاسم الزهراوي من أطباء الأندلس التي كانت لتجربته الطبية أثرًا كبيرًا في دراسة الأوروبيين للطب والجراحة العربية، بل إنه فتح العديد من الأبواب الموصدة في مجال الطب، فكانت حياته عبارة عن إنجاز وثورة علمية.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

من هو أبو القاسم الزهراوي؟

هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأنصاري، ولد في سنة 325 هـ\ 936 م، في مدينة الزهراء –عاصمة الدولة الأندلسية- والتي كانت على مقربة من مدينة قرطبة.

من اللافت للنظر في سيرة الزهراوي أنه وعلى الرغم من تفوقه العلمي لم تكن سيرته بالأهمية التي يتحدث عنها الكثير، وعلى الرغم من خبرته الكبيرة لم يكن من حاشية البلاط الأموي في الأندلس، وإنما فضل أن يكون طبيب الفقراء.

وهذا ما جعل شهرته الحقيقة تظهر بعد قرن أو أكثر من وفاته، وبدأ اسمه يقال على آلسنة العالم العربي والإسلامي من الأندلس إلى المشرق.

أما الإشارة الأولى له جاءت عن طريق الفيسلوف والعلامة "ابن  حزم الأندلسي" حيث رأى الزهراوي في آخر حياته، وكان حينها شاب يافع، ولاحظ عبقريته الطبية.

وذكر ابن حزم في كتابه "التصريف": قد أدركناه وشاهدناه، ولئن قلنا إنه لم يؤلف في الطب أجمع منه، ولا أحسن للقول والعمل في الطبائع لنصدقن"

وقال فيه مؤرخ الأطباء ابن أبي أصيبعة: "كان طبيبًا فاضلًا خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج، وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب وأفضلها كتابة المعروف بالزهراوي، وكتاب التصريف لمن عجز عن التأليف هو كتاب تام في معناه وأشهر التصانيف في الطب".

حياة أبو القاسم الزهراوي كانت حياة فقر، فقد عاش متقشفًا ومحبًا للعلم وصنعته، وبذل وقته وجهده لمساعدة الفقراء والمرضى.

كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف"

أمدنا الزهراوي بالعديد من المقالات الطبية جمعها في كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف" وفيها تجد 30 مقالة في العلوم الطبية والتشريح وصناعة الأدوية.

وكانت للزهراوي فلسفة خاصة به، إذ كان يرى أن الطبيب الماهر لا يكون طبيبًا إلا بعد معرفة مطولة وتامة، ودراسة جيدة لعلم التشريح.

ويقول في كتابه: لأن صناعة الطب طويلة، وينبغي لصاحبها أن يرتاض قبل ذلك في علم التشريح؛ لأنه من لم يكن عالمًا بما ذكرنا من التشريح، لم يخلُ أن يقع في خطأ يقتل الناس به".

ولهذا السبب نجد أن اهتمامه بعلم التشريح كان السبب في الفتح الكبير في علم الجراحة الذي تحقق على يديه، فضلًا عن اختراعته للأدوات الجراحية.

وكان للزهراوي دور هام في أن يبدد فكرة "احتقار علم التشريح" الذي كان سائدًا حينها، فكان من أوائل من أجرى العمليات الجراحية بأيديهم، في حين الأطباء من قبله كانوا يوكلون هذه المهمة إلى العبيد والإماء.

شاهد أيضًا: جابر بن حيان أبو الكيمياء

أعمال أبو القاسم الزهراوي في الطب

  • تخصص الزهراوي في علاج الأمراض بالكي، واخترع أدوات جراحة جديدة، ومنها الأداة التي يفحص بها الإحليل الداخلي، والأداة التي يخرج أو يدخل الأجسام الغريبة، والأداة التي تفحص الأذن.
  • أول من وضح أنواع أنابيب البذل المختلف، وأول من عالج مرض الثؤلول مستخدمًا الأنبابيب الحديدية والمادة الكاوية.
  • أيضًا هو أول من استخدام الخطافات المزدوجة واستخدمها في العمليات الجراحية.
  • أول من توصل لطريقة وقف النزيف عن طريق ربط الشرايين الكبيرة.
  • وصف الحقنة العادية والحقنة الشرجية، وملاعق خفض اللسان وفحص الفم، واللوزتين، وخلع الأسنان، ومناشير العظام والمشاريط، والمكاوي.
  • وهو أول صاحب فكرة القسطرة ومبتكر أدواتها ووصف طريقة العملية وأجرى عمليات صعبة في القصة الهوائية.
  • من إنجازاته في الطب تمكنه من ابتكار آلة دقيقة يعالج من خلالها انسداد فتحة البول عند الأطفال حديثي الولادة.
  • أيضًا نجح في إزالة الدم من تجويف الصدر ومن الجروح الغائرة. 
  • صنع أبو القاسم الزهراوي الخيوط المستخدمة في العمليات من أمعاء الماشية والقطط، واستخدم تقنية الخياطة الداخلية بإبرتين وخيط.
  • بالإضافة إلى ذلك له إضافات مذهلة في علم الطب والأسنان، فكتب عن تشوهات الفم والفكين، وفي كتابه أفرد لهذا التخصص فصلًا خاصًا به.
  • كما تحدث عن كسور الفك وطريقة قلع الأسنان واستخدام جذو الأضراس، وتحدث عن طرق تنظيف الأسنان وعلاج الفكين وعلاج الأضراس النابتة في غير مكانها.
  • أما في التوليد والجراحة كان أول من وصف وضعية "فالشر" للولادة، وأيضًا وصف طرق التوليد للولادات العسيرة، ووصف في كتابه طرق إخراج المشيمة الملتصقة، وقدم علاجات للحمل خارج الرحم.
  • أيضًا قدم طرق علاج الإجهاض، وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت من رحم الأم، وابتكر آلة مخصصة لتوسيع عنق الرحم لتسهيل الولادة.
  • كما ابتكر طريقة لتفتيت حصوات المثانة عن طريق المهبل، وأول من بحث في أمراض التهاب المفاصل والسل، وهو من أشار لاستخدام النساء في التمريض.
  • كان أيضًا أول من استخدم القطن لوقف النزيف وصنع اللاصق الطبي الذي يستخدم حتى الآن في كل مكان.

شاهد أيضًا: أبو بكر الرازي أول من جرب الأدوية على الحيوانات

إنجازاته في علم الصيدلة

  • أما في علم الصيدلة كان رائدًا في تصنيع الأدوية واستخدم طرقًا جديدة في تصنيعها، ومنها التقطير، والتسامي.
  • كما أنه اقتنى مخطوطة أندلسية مرتبة كتب فيها أسماء العقاقير والأدوية بلغات مختلفة، مثل الأعجمية، واليونانية، والسريانية، والفارسية ورتبها من الألف للياء.

معارضته لآراء القدماء

  • كان له رأي خاص في موضوع الكي، حيث عارض رأي القدماء في أن الكي لا يصلح إلا في فصل الربيع، وأوضح صلاحيته للقيام به طوال العام.
  • أيضًا عارض رأي القدماء في تفضيل الذهب لعملية الكي، حيث رأى أن الحديد هو الأفضل لأداء هذه المهمة، وأنجح في هذه الممارسة.
  • أيضًا عارض الزهراوي أن يتم كي ذات الجنب بالحديد المحمى حتى الاحمرار، ورأى أن ذلك خطير ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة أو يظهر الخراج مرة أخرى في المكان نفسه.

على الرغم من وفاة أبي القاسم الزهراوي في عام 400 هـ إلا أن كتب الطب لم تتحدث عنه إلا بعد قرن أو أكثر من وفاته، فتتسع شهرته وتكون لجهوده الفضل في تطور علم الجراحة الآن.