صناعة الأفلام فرصة جديدة لرواد الأعمال في المنطقة
"إسميرالدا" Esmeralda، "ثُور" Thor، "الرجل العنكبوت" Spiderman، "ميريدا" Merida أو "أر جي" RJ، وغيرها من الشخصيات التي لا شك أننا جميعنا نتذكّرها من الأفلام التي طبعَت طفولتنا أو مراهقتنا أو حتّى حياتنا الراشدة، كانَت حاضرةً في فعالية "تك فوروم" Tech Forum التي انعقدَت مؤخّراً في 9 من الشهر الجاري، بتنظيمٍ من "واحة السيليكون في دبي" Dubai Silicon Oasis، والتي تميّزَت بالمكان، والموضوع، والحضور.
فللمرّة الأولى منذ بدايات الفعالية، تمّ تنظيمها في "مركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال" The Dubai Technology Entrepreneurship Centre الذي فتح أبوابه مؤخراً لروّاد الأعمال والشركات الناشئة من أجل أن يكون مركزاً للبيئة الحاضنة في دبي والمنطقة. أمّا الحضور، فلم يقتصر على الروّاد والخبراء كالعادة، بل ضمّ أطفالاً ومراهقين يعشقون الأفلام والرسوم المتحرّكة، لاسيّما مع وجود منافسةٍ لاختيار أفضل زيٍّ لشخصيّةٍ معروفة. وبالنسبة للموضوع، اختار المنظّمون "تكنولوجيا الأفلام" Film Tech من أجل الغوص في تطوّر الصورة المتحرّكة motion picture وطرق تصوير الأفلام المتحرّكة، بالإضافة إلى آخر النزعات التكنولوجية في مجال المؤثّرات البصرية visual effects .
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تهدف فعالية "تك فوروم" عادةً إلى "جمع متحدّثين وخبراء في عالم التكنولوجيا للتحدّث عن مختلف المواضيع، في أجواء مريحة وغير جدّية،" حسبما أطلعنا مدير الاستثمار التكنولوجي في "سلطة واحة دبي للسيليكون" DSOA، د. فيليب بوانيه. وحول اختيار "تكنولوجيا الأفلام،" أجاب أنّ "هذا الموضوع كان على لائحة المواضيع التي نريد تناولها، ووجدنا أنّه الوقت المناسب، لاسيّما مع طفرة صالات السينما وصناعة الأفلام في الإمارات. فعلى سبيل المثال، بتنا نشهد تصوير عدد من الأفلام الدولية في أبوظبي، مثل ‘فاست أند فيوريوس‘ Fast & furious أو ‘ستار وارز‘ Starwars، بالإضافة إلى دعم ‘توفور54‘ Twofour54 لعدّة مبادرات في هذا المجال."
أمّا تناوُل الفعالية لموضوعٍ يتعلّق بتكنولوجيا الأفلام والصوَر والرسوم المتحرّكة، فهو، بحسب د.بوانيه، "من أجل أن نكشف لروّاد الأعمال خفايا هذه الصناعة وتكلفتها والمشاكل التي قد يواجهونها، بالإضافة إلى تحفيز عقولهم بطريقةٍ مرحة، وفتح آفاقٍ جديدةٍ لهم." وأضاف أنّه "في المنطقة، قلّما نجد شركاتٍ ناشئةً تختصّ بالرسوم المتحرّكة أو الأفلام، لأنّ الروّاد يركّزون على قطاعاتٍ معيّنةٍ لاسيّما التجارة الإلكترونية أو التطبيقات الخاصّة بالهواتف الذكية. وبالرغم من أنّ الشركات الناشئة لم تسلك طريق قطاع الرسوم المتحرّكة بعد، إلّا أنّنا نسعى للترويج له."
وبعد الإشارة إلى بعض الشركات الناشئة في هذا المجال والتي بدأت تظهر في الأردن ومصر، مثل "بروجريسيف جنريشيون ستوديوز" Progressive Generation Studios أو "شبلول" Shablol، يقول بوانييه: "ما زلنا في بداية بناء بيئةٍ حاضنةٍ هنا، ولكن ينقصنا التعليم المتخصّص. وهذا ضروريّ كي لا نضطرّ في حال أردنا صناعة فيلم رسومٍ متحرّكةٍ أن نلجأ إلى فريقٍ من الخارج يكلّف كثيراً."
وفي سياق الحديث عن تاريخ صناعة الأفلام وتطوُّر الصورة المتحرّكة، حملَت مديرة "متحف دبي للصور المتحركة" Dubai Moving Image Museum، أليزيه سارازين Alizee Sarazin، روّادَ الأعمال في رحلةٍ عبر الزمن، كاشفةً أنّ البداية كانت قبل 30 ألف عامٍ مع رجل الكهوف الذي اعتاد على رسم حياته على جدرانها. كما أشارت إلى أنّ " الناس منذ بداية البشرية أرادوا أن يصوّروا حياتهم."
وطوال عرضها، تطرّقَت سارازين إلى التقنيات التي تطوّرَت لتتحوّل إلى صناعة الأفلام كما نعرفها اليوم، من فنّ الظلّ الذي كان من أوّل تقنيّات نقل الحرّكة إلى الرسوم، مروراً بأوّل صورةٍ التُقِطَت بالكاميرا عام 1865 من قبل نيسيفور نيابس، وصولاً إلى أوّل فيلمٍ سينمائيٍّ تجاريٍّ من توقيع "الأخوين لوميار" عام 1895.
هذه الرحلة تحوّلت فيما بعد إلى سبرٍ لأغوار صناعة الأفلام المتحركة كما نعرفها اليوم، مع رئيس الإنتاج في شركة "أيس أنيمايشن" Ice Animations، محمد بلال الذي شرح عن "اللقطة المتحرّكة" animated shot، ثمّ غاص في تفاصيل مختلف مراحل الإنتاج السبعة. فهذه الأخيرة تبدأ مع النَصّ، ثمّ مع لوحة القصّة المصوّرة storyboard من أجل تخيّل المشهد، يليها تطوير الشخصيات asset development، وبعدها تصوير المشهد المتحرّك animation، فالإضاءة lighting من أجل رؤية المشهد، والتركيب composition لجمع كلّ المكونات مع بعضها البعض، لنصل إلى المشهد الأخير final shot حيث تتمّ إضافة الصوت ونشر مقطع الفيديو المتحرّك.
من جهةٍ أخرى، فإنّ أبرز تقنيةٍ في صناعة الأفلام تتمثّل في المؤثّرات البصرية visual effects التي تطوّرت مع تطوّر هذه الصناعة، وهو ما تناوله في هذه الفعالية، مديرُ المؤثّرات البصرية في "استديو ستارغيت" Stargate Studios، راجي حنا، الذي عمل على مسلسلاتٍ دوليةٍ شهيرة مثل "24" و"واكينغ ديد" Walking Dead، وأخرى عربية مثل "سرايا عابدين".
فهذه المؤثّرات، بحسب حنا، تساعد "على زيادة قيمة الإنتاج وتحسينها،" حتّى أنّها باتَت توفّر الكثير من الوقت والمال خلال تصوير الأفلام أو المسلسلات.
وأشار حنا إلى أنّه بفضل المؤثّرات البصرية، أصبح من المعتاد ابتكارُ مواقع ثلاثية الأبعاد في الاستديوهات. وكمثالٍ على هذه التقنيات، ذكر القصر الذي عُرض في "سرايا عابدين" بالرغم من أنّ التصوير لم يتمّ بداخله لأنّه ممنوع، كما أنّ هذا القصر الموجود فعلاً في القاهرة لا يتّسع لكلّ فريق التصوير والممثّلين. وبالإضافة إلى ذلك، تناول حنا تقنية "باك لوتس" backlots لتصوير الأماكن الحقيقية، مثل ساحة "تايم سكوير" في نيويورك، من كلّ الجهات وبكلّ الحالات، ليلاً ونهاراً، ومن ثمّ إضافتها خلال التصوير الذي يمكن أن يتمّ دون التواجد فيها.
وفي الختام، فإنّ مستقبل المؤثّرات البصرية يكمن في تصوير أفلام "الواقع الافتراضي"، وفقاً لحنّا، لاسيّما أنّ التكنولوجيا والسرعة باتتا متوفّرتَين.