صلاح يواصل الصمت وسط معارك ساخنة حول ضمه للدوري السعودي
يثير صمت نجم ليفربول محمد صلاح الكثير من التساؤلات وسط معارك إعلامية متعددة الأطراف في مصر والسعودية وبريطانيا وحتى دول أخرى.
وحتى اللحظة لم تتوقف المحاولات السعودية الحثيثة لإقناع صلاح وليفربول بالانتقال إلى أحد أندية الدوري السعودي مهما كان الثمن، حتى وصل العرض إلى مبلغ خرافي غير مسبوق في التاريخ يدور في حدود (200 مليون جنيه إسترليني / 234 مليون يورو) بحسب ما نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية، وهو الأمر الذي إذا حدث فلن يجعل صلاح صاحب أعلى دخل فحسب، بل سيكون أيضًا صاحب أغلى صفقة انتقال في العالم.
ويشير موقع ليفربول دوت كوم إلى إن وفداً من نادي الاتحاد السعودي وصل بريطانيا لإتمام صفقة انتقال محمد صلاح حيث حصل ليفربول على عرض بديل بقيمة أعلى، لكن الموقع أكد أن ليفربول ليس لديه نية لخسارة صلاح وفي الوقت نفسه، تم طرح اسم بول ميرسون بديلاً لصلاح.
ليفربول: صلاح ليس للبيع
كان يورغن كلوب المدير الفني لليفربول قد صرح بأن صلاح باقٍ مع ناديه حتى نهاية عقده. وقال مدرب ليفربول لشبكة سكاي سبورتس بعد الفوز 3-0 على أستون فيلا: "لم تكن لدي أي شكوك قط بشأن مستقبله مع النادي وتفانيه في هذا النادي". وتابع يقول: "إنه لاعبنا، يريد اللعب هنا وهذا كل شيء"، بحسب ما نشر موقع فوسبال ترانسفير الألماني، الأمر الذي أكدته أكثر من وسيلة إعلامية أوروبية:
أيضاً، أكد مدير أعمال محمد صلاح (رامي عباس) الأمر نفسه، وكتب على موقع اكس (تويتر سابقا) إنه إذا كان هناك تفكير في مغادرة صلاح للفيربول هذا العام لما كان اللاعب جدد تعاقده:
ويقول موقع النادي إن لاعب خط وسط ليفربول دومينيك زوبوسزلاي ذكر أن صلاح أخبر زملائه في الفريق أنه يريد البقاء في أنفيلد. ومع ذلك لم يصدر عن صلاح أي شيء يؤكد قبوله أو رفضه حتى فتح باب التفاوض مع السعوديين.
يذكر أنه في الصيف الماضي، وقّع صلاح عقداً جديداً مع ليفربول مدته ثلاثة أعوام تنتهي في يونيو/حزيران 2025.
ويرى خبراء ومحللون رياضيون أنه إذا غادر محمد صلاح ليفربول في هذا التوقيت فإن النادي سيتحطم تماماً، خاصة مع رحيل نجوم كبار مثل ساديو ماني وهندرسون. وتضيف وسائل إعلام أخرى أنه من الصعب للغاية أن ينضم صلاح للدوري السعودي في هذا الوقت بالنظر إلى ضيق الوقت المتبقي للانتقالات في أوروبا، وأن الانتقال – إن حدث – فسيكون في العام المقبل.
ويرى إيلي نصار الصحفي والمحلل الرياضي ورئيس تحرير موقع ملاعب الإلكتروني من بيروت أن ليفربول إذا استغنى عن صلاح فسيكون قد استغنى عن آماله في المنافسة على البطولات الأوروبية أو حتى الإنجليزية "لأن اللاعب يعتبر السلاح الفتاك للنادي الإنجليزي".
لماذا كل هذا الإصرار السعودي؟
ومع تقديم نادي الاتحاد السعودي عرضاً جديداً في كل مرة يرفض فيها ليفربول التفريط في صلاح، يبدو واضحا حجم إصرار القائمين على الكرة السعودية في ضم صلاح للمشهد الكروي بأي ثمن.
ويقول ايلي نصار الخبير الرياضي اللبناني في حواره مع DW عربية إن هناك عدة عوامل خلف هذا السعي المحموم أبرزها نجومية صلاح وشعبيته الجارفة في مصر و السعودية وبريطانيا والعالم، "إضافة إلى أنه من أفضل من أنجبتهم الملاعب العربية ووجوده سيزين مشهد الدوري السعودي إلى جانب النجوم الكبار الذين انتقلوا للسعودية".
ويضيف نصار أن "صلاح يعد رمزاً للكثير من الشباب في المنطقة العربية كما أن رمزية اسمه وتدينه واسم ابنته مكة لهم دلالات هامة وكبيرة لدى السعوديين"
وعن السبب الثالث يقول المحلل الرياضي اللبناني إن "الأندية السعودية اليوم لم تعد تتنافس فقط على إحراز الألقاب المحلية والدولية، بل أيضاً على ضم اللاعبين ذوي الأسماء الكبيرة".
ولا يُخفي الإعلام السعودي مدى أهمية ضم صلاح للمشهد الرياضي الكروي وما قد يحققه ذلك من نجاحات كبيرة في ظل رؤية 2030 للملكة وأيضاً ضمان عدد هائل من المتابعين المصريين للدوري السعودي:
"المال ليس كل شيء"
لم يصمد أمام المحاولات السعودية لضم نجوم الكرة الكبار إلا عدد ضئيل للغاية، منهم محمد صلاح وميسى الذي فضل الذهاب إلى الولايات المتحدة.
يقول محللون إن اللاعبين الذين انتقلوا إلى السعودية كان دافعهم الأول بالطبع هو المال، ولم تكن المبالغ المعروضة على اللاعبين داخل الحدود الطبيعية مقارنة بأعمارهم وخبراتهم وإنما فاقت ذلك بمراحل.
وينتقد البعض حجم الإنفاق السعودي الهائل على ضم اللاعبين، لكن على جانب آخر هناك من يرى أن الدوري السعودي بهذا الشكل يخطو خطوات متسارعة ليصبح الأهم والأكبر في آسيا وربما أحد أكبر الدوريات العالمية بعد فترة وجيزة وأن العائدات المالية الكبيرة التي يمكن أن تتحقق من وجود هؤلاء النجوم قد لا توازي قيمة ما دفع لضمهم، إلا أن وضع السعودية على الخريطة العالمية لكرة القدم وكونها أصبحت مكاناً لاجتذاب النجوم وارتفاع مستوى الدوري السعودي مع الوقت كلها أمور لا تقدر بثمن.
وهنا يبرز السؤال: لماذا يمكن ان يرفض صلاح عرضاً بمبلغ كبير كالذي عرضه عليه نادي الاتحاد السعودي؟ في هذا السياق يقول إيلي نصار الخبير الرياضي اللبناني إن "محمد صلاح عانى كثيراً في مسيرته حتى وصل إلى ما أصبح عليه اليوم، وبعد أن رفضه الزمالك يوماً ما أصبح العالم كله يشاهده".
يضيف نصار: "أعتقد أن هدف صلاح ليس المال فهو قد حقق الكثير من الأرباح بالفعل لكني أرى أن هدف صلاح الفعلي هو النجومية وتحقيق البطولات والألقاب العالمية، أما عن المال فلا مانع أبداً من الحصول على المزيد منه وربما يوقع عقداً مع السعوديين في وقت لاحق، فلم يكن أحد يتصور أن تقوم السعودية بعرض هذه الملايين على لاعبين مثل كريم بنزيما أو كريستيانو رونالدو أو غيرهم وهم في أواخر خر مسيرتهم لكن أمر صلاح مختلف عنهم".
وجهة النظر نفسها أشار إليها مغردون بصور مختلفة من أن صلاح سيخفت نجمه كثيراً ليصبح لاعب "محلي" إن هو انتقل للدوري السعودي:
في هذا السياق أشارت عدة صحف أوروبية إلى أن صلاح يسعى بشدة لحصد ألقاب دولية كبرى سواء فردية أو مع ناديه، وبالتالي فإن غيابه عن المشهد الأوروبي قد يحرمه من هذه الفرصة، كما يشير خبراء إلى أنه قد يتردد كثيراً في اتخاذ قرار الانتقال إلى دوري منخفض الجودة بشكل كبير عن المنافسات الأوروبية - على الأقل في الوقت الراهن.
كرامة وطنية مصرية؟
على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب الكثير من المغردين والمدونين المصريين يطالبون صلاح برفض الانتقال للسعودية أياً كانت الاغراءات، بل إن بعضهم اعتبر الأمر ماساً بالكرامة الوطنية وأن شراء السعودية لصلاح "المصري" يتعدى فكرة ضم لاعب عالمي إلى الدوري السعودي إلى فكرة أن المال يشتري كل شيء مهما كانت قيمته، ويرى البعض أن رفض صلاح للعروض السعودية قد يكون في أحد جوانبه نابع من هذا الأحساس وعدم رغبته في إثارة غضب مشاعر ملايين المصريين.
ولم يتوقف الأمر عند المصريين فحسب بل انضم أيضاً إلى حملة الرفض مغردون من دول عربية مختلفة:
لكن الأمير عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الشاعر السعودي ورئيس نادي الهلال السابق رد على المنتقدين بتغريدة طويلة أكد فيها أن السعودية لا تسعى لشراء صلاح بل لشراء عقده الذي بيع لأكثر من نادي منذ أن كان في نادي المقاولون إلى أن وصل لليفربول وأصبح من أهم لاعبي العالم:
يقول إيلي نصار الصحفي الرياضي اللبناني إن "صلاح من وجهة نظر الجمهور المصري أصبح أيقونة ويجب يبقى محلقاً في أمكنة يعتبرها مهد كرة القدم في العالم .. هذا رأي الجمهور اليوم وربما يتغير في الغد لأسباب أخرى".
عماد حسن