صباح فخري: ملك القدود الحلبية وأيقونة الطرب الأصيل
-
1 / 12
رحل عن عالمنا، صباح اليوم، الفنان السوري الكبير صباح فخري، عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد مسيرة فنية طويلة مليئة بالتميز والعطاء، أثرى خلالها الفن العربي الأصيل بالكثير من الأعمال الخالدة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
والفنان القدير، الذي منحه الجمهور لقب ملك القدود الحلبية، عاصر الكثير من نجوم الغناء والفن العربي، وأحيا حفلات وأمسيات موسيقية في معظم البلدان العربية والعديد من دول العالم، وترك وراءه إرثاً فنياً كبيراً، من خلال مسيرة تجاوزت النصف قرن.
وفي هذا الموضوع، نتعرف سوياً على أهم المحطات في حياة الفنان السوري الكبير الراحل صباح فخري:
عائلة صباح فخري ونشأته
وُلد صباح فخري، واسمه الحقيقي هو صبحي أبو قوس، في الثاني من مايو عام 1933، في مدينة حلب السورية، وبرزت موهبته الغنائية منذ طفولته.
تأثر صباح فخري في طفولته كثيراً بعائلته، حيث كان والده قارئاً للقرآن الكريم ومنشداً صوفياً، أما والدته فكانت من أسرة دينية تقيم حلقات الذكر الصوفي، وكان لنشأته في هذا المنزل دوراً كبيراً في حبه للفن والغناء.
صباح فخري موهبة منذ الصغر
التحق فخري بالمدرسة القرآنية في حلب، وتعلم فيها أسس ومبادئ اللغة وعلم البيان والتجويد، وذلك قبل أن يبلغ الـ 15 من عمره، وكان في صغره يؤذن في جامع الروضة، ثم بدأ بعدها في الغناء في الموالد والمآتم، خاصة أنه كان حافظاً للقرآن الكريم.
وفي هذه المرحلة العمرية الصغيرة، أدى فخري أول موال في حياته، وهو موال "غرد يا بلبل وسلّ الناس بتغريدك"، والذي علمته إياه واحدة من صديقات والدته، وقد أحب الفتى هذا، فتكررت جلساته مع صديقات والدته، وتعلم منهن العديد من الأغاني والمواويل.
سبب تسمية صباح فخري
وفي سن المراهقة، التقى الفنان الراحل مع فخري البارودي، مؤسس المعهد الشرقي في دمشق، والذي أبدى إعجابه الشديد بصوت الفتى المراهق، ونصحه بتنمية موهبته، والدراسة بشكل أكاديمي، ولاحقاً، قام بمنحه لقبه، كونه الأب الروحي له، ليشتهر الفنان السوري بعدها باسم صباح فخري.
كما قابل صباح فخري أحد عازفي الكمان في مدينة حلب، وذهب الاثنان في عدة جولات موسيقية وغنائية في عدة مدن سورية، مثل دمشق وحمص وحماه وحلب، وذلك خلال عام 1947.
دراسة صباح فخري وأساتذته
درس الفنان الراحل في أكاديمية الموسيقى العربية في حلب ودمشق، وتخرج في المعهد الموسيقي الشرقي في عام 1948، كما أنهى دراسة الموشحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود، على يد شيوخ الفن، مثل الشيخ علي الدرويش والشيخ عمر البطش ومجدي العقيلي ونديم وإبراهيم الدرويش ومحمد رجب وعزيز غنام.
أشهر أعمال صباح فخري
وكانت أولى الحفلات التي قام صباح فخري بإحيائها في عام 1948، وذلك في القصر الرئاسي في دمشق، وكان ذلك في عهد الرئيس الراحل شكري القوتلي.
وأدى صباح فخري العديد من أغاني حلب التراثية في العديد من المهرجانات العربية والدولية التي شارك فيها، كما قام بغناء أغان من قصائد أشهر شعراء العرب القدامى، مثل أبو فراس الحمداني والمتنبي، كما غنى لابن الفارض والرواس وابن زيدون وابن زهر الأندلسي ولسان الدين الخطيب، بالإضافة إلى قيامه بتلحين قصائد لشعراء معاصرين مثل فؤاد اليازجي.
ومن أشهر الأغاني التي قدمها الراحل صباح فخري: مالك يا حلوة مالك، خمرة الحب اسقينيها، يا طيرة طيري، قدك المياس، يا مال الشام، أنا في سكرين من خمر وعين، وموشحات مثل: يا شادي الألحان، ابعتلي جواب، آه يا حلو، وغيرها من الأغاني والموشحات والمواويل التي حققت شعبية واسعة في الوطن العربي.
ألقاب صباح فخري
ترك صباح فخري للعالم العربي إرثاً فنياً لا يُمكن نسيانه، من موشحات ومقامات وقدود حلبية، حيث تميز الراحل بصوته وأدائه الفريد على خشبة المسرح.
وقد منح الجمهور الفنان القدير العديد من الألقاب خلال مسيرته الطويلة، ومن أبرزها: ملك الطرب والفن الأصيل، الكروان، بلبل الشرق، أمير الطرب، وغيرها.
أرقام قياسية حققها صباح فخري
اشتهر صباح فخري بقدرته على الحفاظ على تفاعل الجمهور معه أثناء الغناء على المسرح لساعات طويلة، حيث قال في عدة مناسبات أن تفاعل الجمهور معه يلعب دوراً مهماً في إبداعه الفني.
وبسبب هذا الأمر، فقد دخل اسمه إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بعدما غنى في كاراكاس، عاصمة فنزويلا، لمدة 10 ساعات متواصلة دون توقف، وذلك في عام 1968.
حفلات وأمسيات أحياها صباح فخري
وعلى مدار مسيرته الفنية الطويلة، قام صباح فخري بالغناء في العديد من المهرجانات والمناسبات الهامة في الوطن العربي والعالم، ومن ضمنها:
- قام بجولة فنية ثقافية في بريطانيا، حيث قدم حفلات غنائية ومحاضرات عن الموسيقى والآلات العربية في كل من: لندن، يورك، كاردف، بيرمنغهام، شيستر فيلد، مانشستر، ديربي شاير، كوفينتوري.
- غنى في قاعة نوبل للسلام في السويد، وفي قاعة بيتهوفن في بون في ألمانيا، وفي قاعة قصر المؤتمرات في باريس في فرنسا.
- أقام عدة حفلات على مسرح العالم العربي في باريس، وعلى مسرح الأماندييه في نانتير.
حياة صباح فخري الشخصية
تزوج الفنان صباح فخري في حياته مرتين، حيث أنجب من زوجته الأولى 3 أبناء، هم: محمد، عمر، طريف، وقد توفيت هذه الزوجة لاحقاً.
أما زوجته الثانية، فقد أنجب منها ابناً واحداً، هو المطرب أنس صباح فخري.
أعمال سينمائية وتليفزيونية شارك فيها صباح فخري
وإلى جانب الغناء والتلحين، شارك الفنان الراحل صباح فخري في عدة أعمال سينمائية شهيرة، مثل فيلم الوادي الكبير مع الفنانة الراحلة وردة الجزائرية، وفيلم الصعاليك مع الفنانين دريد لحام ومريم فخر الدين.
كما شارك في عدة أعمال تليفزيونية، مثل مسلسل أسماء الله الحسنى، مع الفنانين عبدالرحمن آل رشي ومنى واصف، ومسلسل نغم الأمس مع الفنانين رفيق سبيعي وصباح الجزائري.
تكريم صباح فخري
نال الفنان الراحل صباح فخري العديد من الجوائز وشهادات التقدير خلال مسيرته الفنية الطويلة، ومن أبرزها:
- قدم له سلطان عمان الراحل، السلطان قابوس، وسام التكريم في عام 2000 تقديراً لعطاءاته وإسهاماته الفنية خلال نصف قرن من الزمن، وجهوده وفضله في المحافظة على التراث الغنائي العربي.
- نال شهادة تقديرية من عمدة مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا مع مفتاح المدينة، تقديراً لفنه وجهوده المبذولة لإثراء الحركة الفنية التراثية العربية.
- قُلد مفتاح مدينة ديترويت في ولاية ميشيغان، ومفتاح مدينة ميامي في ولاية فلوريدا مع شهادة تقديرية.
- كرمته وزارة السياحة المصرية بجائزة مهرجان القاهرة الدولي للأغنية، تقديراً لعطائه الفني الذي أثري ساحة الغناء العربي.
- نال الميدالية الذهبية في مهرجان الأغنية العربية في دمشق في عام 1978.
- نال جائزة الغناء العربي من دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتباره أحد أهم الرواد الذين يغنون التراث الغنائي العربي الأصيل.
- قلده الرئيس السوري بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة في عام 2007 في دمشق، وذلك تقديراً لفنه وجهده في الحفاظ على الفن العربي الأصيل.
- أقام له الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة حفل تكريم، وقلده وسام تونس الثقافي في عام 1975.
- كرمه مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في مصر، وقدمت له كتب الشكر لمشاركته ومساهمته لعدة سنوات في المهرجانات التي أقيمت على مسرح دار الأوبرا الكبير، ومسرح الجمهورية في القاهرة، ومسرح قصر المؤتمرات في الإسكندرية.
- قدمت له المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في عام 2004 الجائزة التقديرية مع درع المنظمة ووثيقة الأسباب الموجبة لمنح الجائزة، لحفاظه على الموسيقى العربية ونشرها.