شعر رمادي والبقاء جميلة... معادلة ممكنة للمرأة؟
إذا كان علينا أن نصدق الإعلانات التجارية التي تروج لمستحضرات التجميل، فيتعين علينا أن نتجنب مظاهر التقدم في العمر مهما كان الثمن، فهناك العديد من المنتجات التي تطرح في الأسواق وتعد باستعادة الشباب أو على الأقل الاحتفاظ به خاصة بالنسبة للنساء، ومن بينها كريمات مقاومة للتجاعيد وأقراص لإعادة مرونة البشرة ومحاليل لعلاج الهالات السوداء تحت العين وترهلها، وأصباغ لتغطية جذور الشعر التي غزاها الشيب.
غير أنه لحسن الحظ فإن تصورات المجتمع للجمال يتسم بالمرونة والتغير. فقد قررت بعض النساء دحض فكرة أن الشعر الرمادي يعني أنهن تقدمن في العمر، حيث اخترن الاحتفاظ بهذا اللون الذي كان البعض يخفينه بالأصباغ، وذلك مهما كان العمر الحقيقي الذي وصلن إليه.
وبشكل عام يبدو الرجال أقل انزعاجا بتوقعات التقدم في العمر، وبالعكس من ذلك لا يزال من النادر رؤية سيدات بشعر رمادي، غير أن الشيب بالنسبة للرجال يعد علامة على الحكمة والنضج. وتقوم بعض النساء بصبغ شعرهن لفترات طويلة لدرجة أنهن حتى لم يعدن يعرفن ما هو لونه الأصلي.
مبادرة للتخلي عن صبغ الشعر
وعلى موقع "إنستغرام" للتواصل الاجتماعي تنشر سيدات بفخر صورا لهن، بخصلات من الشعر الرمادي اللون تحت هاشتاغ "حركة الشعر الرمادي" وهاشتاغ "غرومبري"، ويقمن بدعوة الأخريات إلى اقتفاء أثرهن في هاتشاغ "تخلي عن الأصباغ"، وهناك أيضا موقع باسم "غرومبري" على إنستغرام تتشارك فيه النساء بنشر صورهن بشعر رمادي، وبنشر قصص حول كيفية تفاعل الناس معها.
وقامت عشرات الآلاف من النساء بنشر صورهن تحت هاشتاغ "حركة الشعر الرمادي" و"غرومبري"، غير أن الاتجاه الجديد لم يعد يقتصر على مواقع الاتصال الاجتماعي، فقد بدأت شخصيات شهيرة تخطوا أيضا بنفس الإتجاه.
وعلى سبيل المثال كان أول ظهور علني مؤخرا يجمع كل من الممثل الكندي كيانو ريفز وصديقته الجديدة الفنانة ألكسندرا جرانت، حيث ارتدت فيه الأخيرة فستانا أزرقا غامقا يتماشى مع ما يبدو أنه شعر رمادي فضي طبيعي. وفي أسبوع برلين للأزياء لعام 2019 ظهرت العارضة إيفيلين هول بشعرها الرمادي بكل رونقه.
وتسبب الاهتمام بنجمة المجتمع الفنانة ألكسندرا غرانت في تجدد الجدل حول مثاليات الجمال الأنثوي، حيث كتب المؤلف علي دراكر في صحيفة "نيويورك تايمز" يقول إن جرانت تبدو ببساطة كما لو أنها تبلغ من العمر 64 عاما وليس كما في "النسخة الهوليودية" التي تبلغ فيها 46 عاما.
الظهور بالشعر الرمادي
ومع ذلك يقول مصفف الشعر الألماني أنطونيو فينيتشيكه إنه لا تزال هناك مقاومة للظهور بالشعر الرمادي وسط النساء الأصغر سنا، ويضيف أنه بينما يوجد مزيد من النساء اللاتي يقررن الظهور بالشعر الرمادي بعد بلوغ سن الستين، فإنه "بعد بلوغ سن الخمسين لا تزال السيدات يشعرن بأنهن لا يردن هذا المظهر". كما أن عدد نجوم المجتمع من السيدات اللاتي يفضلن الظهور بالشعر الرمادي يقل كثيرا جدا عن السيدات اللاتي لا يفضلنه، فمثلا الممثلة جينيفر أنيستون التي تبلغ من العمر 50 عاما قالت لمجلة "إن ستايل" مؤخرا "إنني لن أكذب، فأنا لا أريد الشعر الرمادي".
معايير مزدوجة
وعند التحدث بشكل علمي نجد أن الشعر لا يتحول إلى اللون الرمادي ولكن إلى اللون الأبيض، ويبدو لونه رماديا بسبب أنه يختلط بالشعر الأسود الطبيعي كما يقول فينيتشيكه، وتحدد العناصر الوراثية الموعد الذي تظهر فيه أولى الشعيرات البيضاء، وهي تظهر عند البعض في سن 17 عاما، وتتمتع الشقراوات بميزة نسبية في هذا المجال حيث أن ظهور المشيب لا يبدو واضحا عندهن.
وأعربت الكاتبة تشارلوت روش (41 عاماً) وهي مؤلفة رواية "وتلاندز" عن اعتقادها، بأن النساء يقال لهن على مدار كثير من السنوات أن يكافحوا كل علامة تدل على التقدم في العمر، وهي لديها بعض الشعرات الرمادية على صدغيها، وتقول إنها تحبها.
وفي هذا الصدد، قالت مذيعة التلفاز الألمانية بريغيت شرووانجه، التي توقفت عن صبغ شعرها منذ عامين عندما اقتربت من سن الستين، إنها لم تشعر بالأسف على قرارها بالاستمرار في حياتها بشكل خال من أصباغ الشعر.
وأضافت في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية إن تبنيها هذا الاتجاه الجديد يوفر لها الكثير من الوقت لأنه يفترض أن تصبغ شعرها كل أسبوعين. وأعربت عن اعتقادها بأن رد الفعل إزاء قرارها بالاحتفاظ بالشعر الرمادي يعد مؤشرا واضحا على المعايير المزدوجة، موضحة أن "الناس يأتون لي ويصيحون إنك شجاعة للغاية". ولا يقول أحد نفس الكلمات لزملائها الرجال المذيعين بالتلفاز.
ر.م/ع أ.ج ( د ب أ)